U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

مفهوم التخطيط الاستراتيجي والفرق بينه بين المصطلحات القريبة منه

مفهوم التخطيط الاستراتيجي
ما هو مفهوم التخطيط الاستراتيجي ؟ 

ماهية التخطيط الاستراتيجي : 

في ظل مستجدات وتحديات البيئة المعاصر أصبح من الضروري علي مؤسسات الأعمال توفير متطلبات التخطيط الاستراتيجي كأسلوب حديث من أساليب التخطيط ، الذي يمكن المؤسسة من النظر للمستقبل ليس كمجال يفرض عليها تهديدات يجب تفاديها وإنما كمسار يدر فرص يمكن استثمارها والتطور من خلالها ، وكذا تحويل العديد من نقاط الضعف إلى نقاط قوة يتم توظيفها للتعامل مع مستجدات وتحديات بيئة الأعمال المعاصرة . وفيما يلي توضيح لمفهوم التخطيط الاستراتيجي . 

مفاهيم أساسية حول التخطيط الاستراتيجي :

إن اهتمام المؤسسات بمستقبلها الإستراتيجي يستدعي منها القيام بعملية التخطيط الإستراتيجي لتحسين أدائها علي المدى البعيد ، لذلك سنحاول من خلال ما يلي توضيح مفهوم التخطيط الاستراتيجي من خلال مختلف التعاريف المقدمة له بدءاً بالتخطيط وصولاً إلى الاستراتيجية والانتهاء إلى التخطيط الاستراتيجي ومن ثم الفرق بينه وبين المصطلحات الأخرى . 

أولا :  مفهوم التخطيط : 

لقد قدمت للتخطيط عدة تعاريف انطلاقاً من وجهات نظر مختلفة وفي أزمنة مختلفة ، وفيما يلي بعض هذه التعريفات : 

1- التخطيط يعني التوقع بما سيكون عليه الوضع في المستقبل مع الاستعداد لهذا المستقبل . 

2- التخطيط هو التقرير المقدم بما يجب عمله ، وكيف يمكن عمله ، ومن الذي يقوم بالعمل ، فهو يغطي الفجوة بين ما نحن فيه وما نرغب في الوصول إليه . 

3- هو رسم الأنشطة المستقبلية بالاستناد إلى الحقائق الخاصة بالمواقف ، وبناء علي تجميع وتحليل تلك الحقائق . 

4- هو عملية مستمرة تتضمن تحديد طريقة سير الأمور للإجابة عن الأسئلة مثل ماذا يجب أن نفعل ، ومن يقوم به ، وأين ، ومتي ، وكيف . 

من خلال هذه التعريفات نصل إلى تعريف شامل للتخطيط وهو كما يلي : 

هو عملية اتخاذ القرارات والإجراءات العلمية لتحديد اتجاه المستقبل وتحقيق أهدافه المنشودة من خلال تحديد ووضع السياسات المرغوب تحقيقها في المستقبل . 

ثانيا : مفهوم الإستراتيجية : 

تعود جذور مصطلح الإستراتيجية إلى الأصل الإغريقي وهو يعني الجنرال ، كما يعني قيادة " فن الحرب " عند هذا الجنرال ، لذلك فإن نقل المصطلح إلى حقل الإدارة سيعني بصورة واضحة أنه " فن القيادة أو الإدارة " ، ومن هنا أصبحت الإستراتيجية موضع اهتمام الكثير من الباحثين في مجال الإدارة عموماً لا بل إنها أصبحت تحتل اليوم المواقع الأولي من الأهمية منذ دخولها المنهجي في إطار منظمات الأعمال . 

تعرف الإستراتيجية بالعديد من التعريفات ومنها : 

1- هي إعداد الأهداف والغايات الأساسية طويلة الأجل للمؤسسة ، واختيار خطط العمل وتخصيص الموارد الضرورية لبلوغ هذه الغايات . 

2- هي مجموعة الخطط الموجهة التي تساعد الإدارة علي تحقيق المسار الذي اختارته والاستفادة من الفرص المحيطة بها ، ومواجهة القيود والتهديدات والمخاطر التي تتعرض لها لتحقيق أهدافها الإستراتيجية ، مع التأكد من تنفيذ الخطط والبرامج المحددة . 

3- هي خطط وأنشطة المؤسسة التي يتم وضعها بطريقة تضمن خلق درجة من التوافق والتطابق بين رسالة المؤسسة وأهدافها . 

وهي تقوم بتحديد أفضل مستقبل للمؤسسة ومتابعته وذلك من خلال وضع منهج لتحقيق التواصل بوضوح في خطواتها . 

ونستخلص من هذه التعريفات أربعة جوانب : 

- الإستراتيجية تؤدى إلى تحقيق مستقبل أفضل . 

- يجب أن تكون قابلة للتحقيق . 

- يجب أن يكون هناك طريق واضح ومنطقي لتحقيق ذلك . 

- أخيراً ، لابد من إبلاغ المؤسسة من أجل أن تصبح حقيقة واقعة . 

وفي ضوء ما سبق فإن الإستراتيجية تمثل الخطة أو العملية التي تتضمن وضع وتصميم ومن ثم تنفيذ وتحقيق أهداف طويلة الأجل ، والتي تؤدى إلى بلوغ المؤسسة أهدافها المنشودة . 

ثالثا : مفهوم التخطيط الإستراتيجي : 

تناول العديد من الباحثين والمفكرين مفهوم التخطيط الإستراتيجي ومن بين هذه التعريفات نذكر : 

1- هو عملية توضيح الأهداف التي تسعي المؤسسة إلى نشوئها . 

2- هو عملية إدارة خاصة بوضع وإدامة العلاقة بين أهداف المؤسسة وتطلعاتها ، وإعادة ترتيب الأنشطة بالشكل الصحيح الذي يحقق النمو الأرباح في المستقبل . 

3- هو القدرة علي التوقع والتوافق بين القدرات الذاتية للمؤسسة والفرص المتاحة أو التهديدات الناشئة عن البيئة الخارجية

4- هو عملية اتخاذ القرارات فيما يتعلق بأهداف المؤسسة ، واستخدام الموارد وتطبيق السياسات من أجل تحقيق هذه الأهداف . 

5- هو عملية متواصلة ونظامية يقوم بها الأعضاء من القادة في المؤسسة باتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل تلك المؤسسة وتطورها ، بالإضافة إلى الإجراءات والعمليات المطلوبة لتحقيق ذلك المستقبل المنشود وتحديد الكيفية التي يتم فيها قياس مستوي النجاح في تحقيقه . 

وبالتالي يمكننا تعريف التخطيط الإستراتيجي بأنه : 

هو أسلوب أو طريقة تنتقل بالمؤسسة إلى وضع أفضل بالمستقبل ، تتبناه للوصول إلى تحقيق غاياتها وأهدافها النهائية بأعلي درجة من الكفاءة والفعالية . 

التمييز بين التخطيط الاستراتيجي والمصطلحات القريبة منه : 

هناك عدد من المفاهيم والمصطلحات الأساسية التي يشتمل عليها التخطيط الإستراتيجي ، التي تساهم في مجملها في صياغة الإستراتيجية الخاصة بمؤسسات الأعمال والتي تمكنها من إنشاء ميزة تنافسية تضمن لها البقاء في السوق لأطول فترة زمنية وتمنع تهديدات منافسيها ، وتتمثل هذه المصطلحات في : التخطيط بعيد المدى ، التفكير الإستراتيجي ، الإدارة الاستراتيجية

(1) التخطيط بعيد المدي :

حتى نهاية عقد الستينات من القرن العشرين لم يكن هناك تمييز واضح بين مفهوم التخطيط الطويل المدى والتخطيط الإستراتيجي ، ولوضع حدود فاصلة بين هذين المفهومين ، فإن من المفيد أن نذكر أن التخطيط الإستراتيجي يقوم علي أربعة عناصر مهمة هي

- المستقبلية في اتخاذ القرارات : 

أي أنها عملية مؤسسة لتحديد الفرص والمخاطر المستقبلية والتي من خلال امتزاجها مع المعلومات ذات العلاقة تعطي المؤسسة الأرضية الملائمة لاتخاذ القرارات المتعلقة باستكشاف وتجنب المخاطر ، وبذلك فإن هذا العنصر يمثل تحديد الأهداف المستقبلية وكيفية تحقيقها . 

- العملية : 

فالتخطيط الاستراتيجي هو العملية التي تتضمن التحديد المسبق لأنواع الجهود التنظيمية المطلوبة ، متي يتم اتخاذها ، ومن يقوم بها ، والعملية مستمرة نظراً للتغيرات المستمرة في البيئة الداخلية والخارجية . 

- الفلسفة : 

فالتخطيط الإستراتيجي هو اتجاه وطريقة في الحياة ، وثقافة واقتناع ينبغي توفره لدي القائمين عليه . 

- الهيكلية : 

فالتخطيط الاستراتيجي يربط ثلاثة أنواع من الخطط مع بعضها وهي الخطط الإستراتيجية والخطط أو البرامج متوسطة المدى ، والخطط أو البرامج قصيرة المدى وهذا يتطلب إيجاد علاقة هيكلية تربط الأنواع الثلاث ، وهذه الهيكلية تساعد الإدارة العليا علي تحويل خططها الرئيسة إلى قرارات محددة باتجاه تحقيق الأهداف النهائية . 

فالبرغم من استخدام المصطلحين بنفس المعني ، إلا أنهما يختلفان في تأكيدهما علي البيئة المفترضة ، فالتخطيط بعيد المدي يعني بتطوير خطة لتحقيق مجموعة من الأهداف علي مدى عدة سنوات مع افتراض أن المعرفة الحالية حول ظروف المستقبل ثابتة بما فيه الكفاية لتأكيد ثبات الخطة خلال تنفيذها . 

أما التخطيط الإستراتيجي فإنه يفترض بأن المؤسسة يجب أن تستجيب للبيئة الديناميكية المتغيرة وليس البيئة الأكثر ثباتا المفترضة للتخطيط بعيد المدى ، وبالتالي فإن التخطيط الإستراتيجي يؤكد أهمية اتخاذ القرارات التي تؤكد قدرة المؤسسة علي الاستجابة الناجحة للتغيرات في البيئة التي تعمل فيها المؤسسة . 

(2) التفكير الاستراتيجي : 

يعرفه هينز Haines بأنه أوسع وأكثر طريقة مبتكرة للتفكير علي أساس يومي حول الأهداف العامة للعمل والتنظيم . 

ويعرف أيضا بأنه " هو تفكير يستشرف المستقبل ويحدد اتجاهاً يقود المؤسسة لاستغلال الفرص والمتغيرات المستقبلية ، كما يقودها لإستنباط الإستراتيجيات ورسم الخطوات المناسبة التي تحول رؤيتها إلى واقع ويحاول التأثير لجعل ذلك يقع . 

وتأخذ العلاقة بين مفهومي التخطيط الإستراتيجي والتفكير الإستراتيجي الاتجاهات التالية : 

- الاتجاه الأول : 

يري منتربرغ Mintzberg أن التخطيط الإستراتيجي يختلف عن التفكير الاستراتيجي : 

فالأول عملية تحليلية بينما الثاني هو معالجة للبصيرة . أي أن التخطيط الاستراتيجي هو عملية عقلانية تتطلب مهارات التحليل في التخطيط لكيفية إنجاز الاستراتيجية بينما التفكير الاستراتيجي يعتمد علي الحدس والإبداع في خلق آفاق جديدة ورؤية لمستقبل المؤسسة . 

كما أن التفكير الإستراتيجي هو عملية مستمرة من أجل إيجاد التفاعل بين حاضر المؤسسة ومستقبلها وليس مجرد خطة سنوية . 

وعليه فإن التخطيط الاستراتيجي يحقق ويدعم الاستراتيجيات التي وضعت في عملية التفكير الإستراتيجي ، فهو يحتاج إلى تفكير عميق ونظرة شاملة للأمور وإشراك مختلف القوي الفاعلة في المؤسسة في عملية التفكير والذي يشكل جوهر التخطيط الإستراتيجي . لكن رغم هذا الاختلاف بين هذين المصطلحين إلا أنهما مفهومين متكاملين يشكلان أساس الإدارة الإستراتيجية الفعالة . 

- الاتجاه الثاني : 

يشير بون Bonn إلى أن التفكير الإستراتيجي يستخدم كمرادف للتخطيط الإستراتيجي . هذا الأخير الذي يعرف بأنه عملية تفكيرية تبين المسارات أو التوجهات الأساسية ، أي أن التخطيط الإستراتيجي يعني التفكير بطريقة استراتيجية . 

ويعتبر الاتجاه الأول هو الاتجاه الأكثر صحة فالتخطيط الإستراتيجي الناجح يتطلب التفكير بطريقة استراتيجية ، حيث نجد أن هناك مؤسسات حققت فشلاً ذريعاً في بلوغ أهدافها وعجزاً واضحاً في الوفاء بوعودها سواء لموظيفها أو لعملائها رغم ما وضعته من خطط دقيقة ، مفصلة وشاملة ورغم ما بذلت من جهد ومال ووقت في إعدادها . 

وفي المقابل نجد أن هناك مؤسسات حققت إنجازات واستطاعت أن تحقق ما أعلنته من أهداف وأن تفي بما وعدت به من منافع لموظفيها وعملائها علي الرغم من وجود نقص فيما وضعته من خطط . فتعلم وممارسة التفكير الإستراتيجي لابد أن تسبق وضع الخطط الإستراتيجية . 

(3) الإدارة الإستراتيجية : 

وهذا يعني أن التخطيط الاستراتيجي هو أحد مراحل الإدارة الاستراتيجية ، والإدارة الاستراتيجية ثمرة لتطور مفهوم التخطيط الإستراتيجي ، وهذا الرأي يؤيد ما ذهب إليه بعض الكتاب من أن التخطيط الاستراتيجي عنصر مهم من عناصر الإدارة الإستراتيجية وليس الإدارة الاستراتيجية بعينها لأن الإدارة الاستراتيجية تعني أيضاً إداة التغيير التنظيمي وإداة الثقافة التنظيمية وإدارة الموارد وإدارة البيئة في نفس الوقت . 

الإدارة الاستراتيجية تهتم بالحاضر والمستقبل في آن واحد فهي نظرة داخلية إلى الخارج ونظرة تحليل لحاضر المؤسسة من منظور مستقبلي ، أي أن الإدارة الاستراتيجية هي في الواقع عملية خلق هادفة في حين أن التخطيط الإستراتيجي هو عملية تنبؤ لفترة طويلة الأجل وتوقع ما سيحدث وتخصيص الموارد والإمكانات الحالية لكن في نطاق الزمن الذي تحدده الخطة . 

تعليقات