U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

التسرب المدرسي ، مفهومه ، أسبابه ، أنواعه ، والآثار المترتبة عليه ( بحث كامل )

بحث عن التسرب الدراسي doc
ما هي ظاهرة التسرب الدراسي ؟ وما هي أسبابها ؟ 

بحث عن التسرب المدرسي : 

محتويات البحث : 

(1) مفهوم التسرب المدرسي . 
(2) أسباب التسرب المدرسي . 
(3) أنواع التسرب المدرسي . 
(4) فئات التلاميذ المتسربين . 
(5) الآثار المترتبة علي التسرب المدرسي . 
(6) الأدوار العلاجية للفاعلين التربويين للحد من ظاهرة التسرب المدرسي . 
(7) خاتمة عن التسرب المدرسي . 

مفهوم التسرب المدرسي :

يقصد بالتسرب الدراسي أن يترك التلميذ المدرسة قبل إتمامه المرحلة التعليمية ، وينجم عن هذا عدم انتفاع المتعلم بالمعارف والخبرات والمهارات التي تؤثر في نضجه الجسمي والعقلي والاجتماعي والوجداني ، وفي نضج شخصيته وقدرته بما يؤهل تواصله في الحياة ، وتسبب مشكلة التسرب ضياعاً وخسارة للمتعلمين أنفسهم ، لأن هذه المشكلة تترك آثاراً سلبية في نفس المتعلم وتعطل مشاركته المنتجة في المجتمع . 

اسباب التسرب المدرسي :

إن الاسباب الكامنة وراء هذه المشكلة عديدة تندرج ضمن المجالات التربوية والاجتماعية والاقتصادية أو الصحية للمتعلم . 

ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى التسرب الدراسي لدي المتعلمين ما يلي : 

(1) أسباب تعود إلى المدرسة : 

مما لا شك فيه أن للمدرسة تأثيراً قوياً في تشكيل مفهوم الذات لدي الفرد ( من هو ) ، فمنذ السنة السادسة من العمر توفر المدرسة للناشئ فرصاً لاختبار قواه واكتشاف قدراته وجوانب عجزه وقصوره ، وفي المدرسة قد يتعرض الناشئ للإخفاق أو النجاح ، وقد يتقبل شخصيته أو يرفضها علي الرغم ما لها من خصال وسمات . 

ولا شك أن نتائج العمل المدرسي تنعكس علي مجمل حياة الناشئ ، وقد تجعله يشعر بالاعتزاز بنمو قدراته ومهاراته ونجاحه ، كما قد تشعره بمرارة الهزيمة بسبب فشله ، وقد تخلق لديه إحساساً بالخجل من نفسه ومن الآخرين ، لعجزه عن استغلال فرص العمل المتاحة له في المدرسة . 

إن للمدرسة دوراً كبيراً في إشاعة الفشل والتسرف منها نتيجة الظروف السيئة التي توفرها للمتعلمين ، ويظهر تأثير المدرسة من خلال ما يلي : 

1- النفور من المدرسة : 

ويظهر في عدم الرغبة والميل في الحضور إلى المدرسة والنفور منها ، فالجو المدرسي الذي لا يوفر العطف والاحترام ، وطرق التدريس المعقدة ، والعلاقات الاجتماعية غير المتينة والسعيدة بين المتعلمين والمدرسين وإدارة المدرسة ، يشعر المتعلم بعدم الانتماء للمجتمع المدرسي والنفور منه . 

2- الاستخدام المفرط للعقاب المعنوي والبدني من قبل المعلمين : 

من الواضح أن للمعلمين بعض التأثير علي شخصيات المتعلمين وعلي سلوكهم الاجتماعي ، فالمعلمون يلعبون دوراً هاماً في عملية التطبيع الاجتماعي ، وتنمية السلوك المرغوب وأحياناً غير  المرغوب ، عن طريق استخدام السلطة المخولة لهم ، وغالباً ما تكون ذات طابع استدادي وتتميز بالصرامة وتوقيع الجزاء وإنزال العقاب باعتبارها وسيلة ناجعة لإدارة الصف . 

ويستخدم الكثير من المربين العقاب كوسيلة لضبط السلوك في المدرسة ، إذ يفرض من خلاله المعلم سيطرته وتدريس مادته علي المتعلمين ، من منطلق أن العقاب وسيلة فعالة وناجحة في العلاقة المتبادلة بين المعلم ومتعلمه ، فيعد بعض المعلمين العقاب من أقصر الطرق في التعامل مع جميع المواقف ، ولكن من الطبيعي أن لا يكون للعقاب المفرط مكان في العلاقات التي تقوم بين المعلم ومتعلمه ، ومن الخطأ أن يبدأ المعلم علاقته بالمتعلم عن طريق إظهار السلطة والنقد أو التجاهل ، لأن هذا الأسلوب يثير وبكل تأكيد الخصومة ويدفع المتعلمين إلى أن يسلكوا مسلكاً عدائياً نحو المدرسة والتسرب منها . 

3- العلاقات ما بين التلاميذ : 

تنعكس علاقات التلاميذ مع بعضهم البعض في تفاعلهم داخل الأنشطة التعليمية المختلفة سواء كان داخل الفصل أو خارجه وقد يكون تفاعلاص إيجابياً بأخذ مظاهر الود والإخاء والتعاون ، والمشاركة والمنافسة الشريفة والعمل المنتج ، وقد يكون تفاعلاً سلبياً بأخذ مظاهر الكراهية والفرقة والمشاحنات والمنافسة الهدامة وهذا ما يؤثر سلباً علي التوافق والانسجام المدرسي للمتعلم ، ومن بين أسبابه الصف المزدحم الذي لا يسمح للمتعلم بالتعبير عن قدراته وإمكاناته مما يؤدى إلى عدم قدرته علي التوافق ، وبالتالي التسرب من المدرسة . 

4- المادة الدراسية وطريقة تعليمها : 

لا تزال لبعض المواد الدراسية وطريقة تعليمها دوراً خطيراً في حياة المتعلم ، إذ تستعمل كسلاح يتحكم في مستقبله ، فأسلوب التعليم يساعد الطالب علي التفاعل الإيجابي وعلي فهم المعلومة وإدخالها في ذهن الطالب ، كذلك الحال بالنسبة إلى المواد الدراسية ، فكلما أصبحت المواد سهلة في تنظيمها وواضحة في طرق شرحها وسهولة استيعابها أصبح من الممتع دراستها واكتسابها . 

أما في حالة صعوبة المناهج الدراسية وضعف تحقيق أهدافها الحقيقية ، التي تخلق في الشباب قوة التفكير ونوايا الإبداع والإبتكار ، فإنها ستؤدي إلى سطحية العلاقة بين المتعلم ومدرسه ، وتجعل من المتعلم لا يقبل علي التعلم بدافع من نفسه بل كارهاً له متسرباً منه ، لأن المدرسة قد أغفلت ميوله ولم تزرع في داخله حب التعليم . 

5- تغيب المعلمين بسبب عدم الرضا المهني والاقتصادي : 

حيث في بعض الأحيان لا يكون المعلم المناسب في المكان المناسب ولا يعطي الفرصة للعمل في مجال تخصصه ، مما يشعره بعدم الرضا ويدفعه إلى التغيب عن المدرسة ، هذا بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المتدني للمعلمين بصورة عامة ، وعدم وصول الرواتب في الوقت المحدد ، ودفع العلاوات المستحقة له ، مما يدفع المعلمين إلى التغيب والإضراب في بعض الأحيان أو التفتيش عن عمل إضافي لكي يضمنوا الدخل المناسب الذي يساعدهم في التغلب علي المشاكل الاقتصادية الأسرية . 

6- عدد طلاب الصف : 

إن لعدد طلاب الصف التأثير علي التوافق المدرسي للمتعلم ، فإن الصف المزدحم والذي يحتوي علي أعداد كبيرة من التلاميذ ، لا يسمح للمتعلم بالتعبير عن قدراته وإمكاناته وإظهار مواهبه لأنه لا يمكن أن تتاح له الفرصة لذلك ، ولا تسمح للمعلم كذلك بالاهتمام وتدريس كل التلاميذ ، إضافة إلى انها تحد من استعماله لطرق التدريس المختلفة ، مما يؤدى إلى عدم قدرته علي التوافق ، بالتالي التسرب من المدرسة . 

7- عدم وجود المرشدين التربويين : 

تعد مرحلة البلوغ وبعدها المراهقة مرحلة هامة من مراحل حياة الشخص ، إذ أن لها مطالب نمو معينة مثل نمو المهارات الحسية الحركية ، وتعلم المهارات العقلية والمعرفية التي يحتاجها في حياته اليومية ، وتعلم المهارات الاجتماعية ، والرغبة في الاستقلالية ، وزيادة الوعي الخلقي والديني ، والشخص في ذلك يواجه عدة متطلبات أساسية وعليه أن يحل المشكلات التي تعترضه وخاصة في المدرسة ، فهو بحاجة إلى الرعاية الكاملة ، وخاصة أنه يمر بمرحلة تغيرات سريعة مفاجئة تزيد من اضطرابه وتوتره ، وقد لا يجد المتعلم الرعاية في البيت أو جو من العطف والاحترام ، لذا هو في احتياج تام إلى مرشد أو مستشار يسانده ويدعمه ويقف بجانبه ويحل مشاكله في جو المدرسة ، وقد يكون هذا الشخص المعلم أو المرشد . 

(2) أسباب تعود إلى الاسرة في تسرب أبنائها : 

تلعب الأسرة دوراً كبيراً في تواجد الأبناء في المدرسة وفي مستوي تحصيلهم ، من خلال طبيعة البيئة التي توفرها لهم ، إذ يؤدى البيت دوراً كبيراً في تنمية قدرات المتعلم ، حيث وجد بأن كثيراً من الأطفال الذين تحصلوا علي مستويات عالية ، بالمقارنة مع زملائهم كان وراءهم آباء يبدون الكثير من الحب والاهتمام اتجاههم ، ويدفعون بهم إلى التميز من خلال المثابرة ومضاعفة الجهد والتشجيع ، أما الأطفال الذين يعيشون في أسر تكثر فيها أجواء الصراعات ويغلب عليها الاضطرابات والتفكك فإنهم عادة ما يواجهون مصاعب كبيرة تنعكس علي مستواهم . 

ويحدث في كثير من الأحيان أن تكون مشكلات المتعلم المدرسية ناجمة عن مشكلات نابعة من الأسرة ، ومن الممكن أن نلخص تأثير الأسرة في تسرب أبنائها إلى عدد منم النقاط ، وهي كما يلي : 

1- عدم اهتمام الأسرة بالتعليم : 

ويتضح ذلك في إهمال الآباء وانشغالهم بالأعمال الأخرى ، مما يحول دون مراقبة الأبناء وتشجيعهم ، هذا وقد يحقق بعض الآباء نجاحاً اقتصادياً واضحاً علي الرغم من جهلهم بالقراءة والكتابة ، وبهذا لا تمثل المدرسة قيمة في نظرهم ، فسرعان ما يمتص الأبناء هذه الاتجاهات السلبية وينعكس أثرها علي تحصيلهم . 

وهو ما يراه وانغ وآخرون بأن للآباء التأثير الأقوي علي أداء أبنائهم في المدارس ، وأن هذا التأثير علي مستوي أبنائهم يزيد أو يقل تبعاً لزيادة مستوي الترابط الأسري . 

إن عدم شعور أولياء الأمور بالمسؤولية التربوية علي مستقبل أبنائهم ، وبأهمية تشجيعهم علي متابعة الدروس بانتظام وعدم متابعة تحصيلهم الدراسي ، وغيابهم المتكرر ، أمر وسبب يدعوا ويساعد علي التسرب ، ويؤثر بشكل سلبي علي السياسة التعليمية . 

2- المشاكل الأسرية : 

وجود بعض المشاكل الاجتماعية أو حدوثها في الأسرة ، التي تؤدي إلى إهمال الطفل أو الأبناء ، وعدم رعايتهم اللازمة ، وفقدانهم للحنان اللازم والضروري بسبب الخلافات بين الأبوين ، أو غياب الأب لفترة زمنية طويلة ومتكررة عن الأسرة لسبب من الأسباب ، بالإضافة إلى كون الرعاية الزائدة التي يراعي فيها ويعامل بها الطفل تسبب نوعاً من التساهل بانتظامه في الذهاب إلى المدرسة والدوام فيها ، والتزامه بالانضباط المدرسي ، مما يساعده علي التسرب كلياً أو جزئياً . 

3- سوء الوضع الاقتصادي للأسرة : 

يمارس الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعاني منه الأسر أمراً سلبياً علي انتظام الطلاب في الدراسة ، وعلي التفكير في مواصلتها ، حيث أن قصور الإمكانيات الاقتصادية عن الوفاء بمتطلبات الحياة يدفع بأولياء الأمور في الاستفادة من أبنائهم اقتصادياً ، وذلك بإشراكهم فيما يقومون به من أعمال ، أو القيام بأعمال أخرى تعود عليهم بالنفع المادي ، أي أنهم يفرضون علي الصغار حياة الكبار ، فيستخدمونهم في شؤون العمل ، ويمنعونهم من استكمال دراستهم ، وهذا بدوره يؤدى إلى انحطاط قيمة العلم وأهميته ، مما يدفع إلى التسرب وترك المدرسة . 

حيث وجد أن مستوي انتظام التلاميذ القادمين من أسر ذات مستوي متوسط في الحضور إلى المدرسة كان أعلى من مستوي حضور التلاميذ القادمين من أسر ذات مستوي متدني من الناحية الاقتصادية . 

4- المساعدة في أعمال المنزل : 

تدفع بعض الأسر أبنائها إلى التسرب من المدرسة للمساعدة في أعمال المنزل ، وهذا ما نجده عن الإناث خاصة للعناية بإخوانهن الصغار والمساعدة في أعمال البيت من تنظيف وطبخ وترتيب أمور البيت ، وقد يدفع الأمر أحياناً وفاة أحد الأبوين وخاصة الأم إلى ترك المدرسة ، لتحل البنت مكان والدتها ، أو الولد مكان أبيه . 

5- عدم وجود شخص داخل الأسرة يساعد المتعلم علي مواصلة الدراسة : 

إن عدم اهتمام الأسرة بمساعدة أبنائها في تجاوز الصعوبات التعليمية في المدرسة ، وتجاهل واجباتهم اتجاه أبنائهم التربوية ، سببا في ترسب الأطفال وتركهم للمدرسة . 

لأن الأطفال في هذه المرحلة بحاجة ماسة للمساعدة ، بسبب قلة إدراكهم للأمور والأشياء ، وضعف قدراتهم العقلية ومؤهلاتهم العلمية وعجزهم عن الاستدلال والاستنتاج . 

6- تغيير مكان الإقامة : 

عملية التغيير المستمر في مكان السكن تؤثر بصورة مباشرة وسلبية علي الأولاد بشكل عام وعلي التلاميذ بشكل خاص إذا حدثت في فترة التعليم الابتدائي ، لأنها تؤدى إلى عدم الاستقرار الذي يؤدى بدوره إلى التوتر والقلق والإحباط والاكتئاب وعدم التكيف الاجتماعي في الكثير من الحالات ، والتي بدورها تنعكس علي الطالب وتعلمه وتحصيله في النهاية . 

لأن تغيير السكن يجبر الأهالي علي تغيير المدرسة التي يتعلم بها أولادهم ، لذلك عندما يغير الأولاد معلمين ورفاقاً اعتادوا عليهم يشعرون باليأس والإحباط ، ومثل هذا الوضع يؤثر علي تحصيلهم الدراسي وبالتالي يؤدى إلى تسربهم من المدرسة كرد فعل مباشر للمعاناة والضغوطات النفسية التي يمرون بها . 

(3) أسباب تعود للمتعلم نفسه :

تتعلق هذه الاسباب بتكيف المتعلم وتوافقه في دراسته ، سواء من الناحية العقلية أو الانفعالية ، وهي مشكلات قد تقف حجر عثرة وعقبة في سبيل استمرار المتعلم في دراسته ، أو نجاحه فيها . 

ويمكن أن نتدرج الأسباب التي تقع ضمن المتعلم نفسه إلى ما يلي : 

1- تدني التحصيل الدراسي وصعوبات التعلم : 

يشير الكثير من الباحثين إلى ارتباط ظاهرة التسرب المدرسي بإنحطاط القدرة العقلية العامة ، ويعولون علي معامل الذكاء المنخفض بوصفه واحد من العوامل الهامة في ترك المتعلم للمدرسة قبل تخرجه منها . 

كما ويدخل تدني التحصيل الدراسي وصعوبة التعلم ضمن المشكلات المتعلقة بعادات الاستذكار أو الطرق السليمة للدراسة ، ومشكلات التحصيل وعلاقتها باستعداد المتعلم وقدراته ، لأن هذه المشكلات تؤدي بالمتعلم إلى التأخر في دراسته ، والتغيب عن المدرسة وعدم الانتظام في الدراسة ، وهذا ما بينته بعض الدراسات أن نسبة الغياب ترتفع بين الطلبة الأقل ذكاء وأنها تزداد بين الراسبين ومن أعادوا صفاً دراسياً ومن الممكن أن تنعكس علي سلوكه في منزله ، إذ تعمل علي عزل المتعلم ، وتدني شعوره وثقته بذاته . 

2- عدم الاهتمام بالدراسة وانخفاض قيمة التعليم : 

من المهم والضروري أن تشبع المدرسة والعمل المدرسي في نفس الطفل حاجات حقيقية ، كأن تشبع الحاجة إلى الأمن ، وأن تعطي المتعلم الفرصة في فهم أسرار العالم المادي والوسط الاجتماعي الذي يحتك به ، أي أن الحياة هي الشئ الأساس في التعلم فهو يأتي عن طريق علاقته بالحياة وخلالها ، وأن تهيئ للمتعلم فرصة التعبير الحر عن نزعاته المختلفة ، تعبيراً يساعد علي زيادة نموه وكسبه للمهارات العقلية واللغوية والاجتماعية ، وغير ذلك من المهارات العديدة التي يشعر معها المتعلم بأهمية المدرسة وبكسب حقيقي بالنسبة لعقليته وشخصيته ، وبخلاف ذلك سيفقد المتعلم ما يتطلع إليه ونتخفض لديه قيمة المدرسة والتعليم ، فيتهرب ليشبع حاجاته النفسية والعاطفية الملحة وإلى ما يتطلع ويهتم به وينتبه إليه في منافذ وقنوات أخرى تسهل له ذلك . 

وغالباً ما ينتج عن عدم الاهتمام بالدراسة وانخفاض قيمة التعليم ما يلي : 

- أن الطرق المتبعة غالباً ما لا تكون مشوقة وتجعل الطالب يقبل علي دروسه في حماس . 

- أن الكتب الدراسية والمناهج التربوية ترتبط إلى حد كبير بالامتحانات التقليدية وترتبط بالنجاح والفشل ، وهذا يثير قلق المتعلم ويشتت انتباهه . 

- قد يكره المتعلم مادة معينة أو عدة مواد لارتباطها بكرهه لمدرس معين ، وكراهية التلميذ للمدرس قد تنتقل إلى المادة التي يدرسها ، وقد تنفره من المدرسة . 

- تراكم الدروس وعدم استذكارها أولاً بأول وعدم تكون عادة صحيحة للقراءة . 

- فتور المدرسة وقلة النشاطات التي تجذب المتعلم إليها . 

3- الغياب الكثير والمتكرر للتلاميذ عن الدوام في المدرسة : 

يساهم الغياب بصورة واضحة في تسرب الأعداد الكثيرة من الطلاب وخصوصاً بعد أن يروا بأن الأهل في البيت غير مهتمين بما يحدث معهم من أحداث بل علي العكس في بعض الأحيان فإن بعض الأهل يرضون عن ذلك خصوصاً إذا ذهب الولد للعمل وأحضر المال ، وفي بعض الأحيان لا يسأل الأهل من أين جاءت هذه الأموال ألا بعد فوات الوقت ، ووقوع الولد في مشاكل كبيرة تؤثر بصورة مباشرة علي مجرى حياته الحالية والمستقبلية . 

4- ضعف الحالة الصحية : 

إن الطالب الذي يعاني من اعتلال في صحته وعدم قدرته علي التركيز في الدرس والتغيب المستمر نتيجة الحالة الصحية تؤدي إلى سوء التوافق في المدرسة . 

ويظهر ضعف الحالة الصحية والجسمية فيما يلي : 

- ضعف البنية العامة : 

لقد اتضح أن ضعف البنية يحول دون قدرة المتعلم علي الانتباه والتركيز والمتابعة ، ويصبح المتعلم أكثر قابلية للتعلب والإصابة بالأمراض المختلفة ، وهذا بالتالي يترك أثراً واضحاً في التأخر عن الدراسة . 

- الإعاقة الحسية : 

ويتضح ذلك في ضعف السمع أو البصر الجزئي ، فذلك يحول دون إدراك ومتابعة الدرس باستمرار ، إضافة إلى ذلك الأثر النفسي الذي قد تحدثه هذه الإعاقة عند المتعلم خاصة إذا قارن نفسه بالآخرين ، مما يشعره بالاختلاف عنهم . 

- العاهة : 

إن بعض العاهات مثل صعوبة النطق وعيوب الكلام الأخرى تحول دون قدرة المتعلم علي التعبير الصحيح ، كما أن العاهات الجسمية قد تشعر الفرد بالنقص فيعتقد أنه موضع تفحص الآخرين وتقييمهم ، وهذا يسيبب له مضايقات متعددة تحول بينه وبين التركيز علي الدراسة . 

5- الرسوم المتكرر للمتعلم : 

إن من أهم الأسباب التي تؤدي غلى التسرب ، هو الرسوم المتكرر للمتعلم حيث أن المتعلمين المتأخرين دراسياً ، يجدون أنفسهم في وسط أكاديمي غير مشجع علي مواصلة الدراسة ، حيث أنهم يجلسون في الصف مع أقران أصغر منهم سناً علي الأقل ( 2 - 3 ) سنوات ، وهذا مما يؤدى لشعورهم بخيبة الأمل ، والدونية والإحراج ، لأنهم يدرسون مع جيل غير جيلهم ، وقد يفشلون في التوفيق معهم دراسياً ، ولتجنب الشعور بخيبة الأمل والإحراج ، يحاول المتعلم عدم الحضور للمدرسة ، ومن ثم تركها . 

(4) الأسباب التي ترجع إلى رفاق السوء :

مما لا شك فيه أن رفاق السوء لهم الأثر الكبير في التسرب من المدرسة ، وغالباً ما يظهر تأثير هذا العامل في المراحل الأخيرة في المدرسة الابتدائية وبداية المرحلة الثانوية . 

إن مرافقة المتعلم لبعض رفاق السوء ، ومرافقته للطلبة الفاشلين في المدرسة ، له أثر كبير ، حيث نجدهم يعملون علي إغراء الرفاق بوسائل مختلفة ، منها التسكع في الشوارع ، والتنزه في الحدائق ، أو ممارسة بعض العادات السيئة كالسرقة مثلاً ، ومما يساعد علي الانسياق وراء ذلك عدم وجود قدر كاف من الرقابة والضبط ، سواء من أجهزة المجتمع الرسمية ، أو من الأسرة ، وعدم إتاحة الفرصة الملائمة والمشروعة لأبنائهم للقيام ببعض النشاطات الترفيهية في الأوقات المناسبة ، وتحت إشرافهم . 

(5) الأسباب التي ترجع إلى الظروف الأمنية : 

إن لعدم استقرار الأوضاع والظروف الأمنية أثر واضح في تسرب الكثير من المتعلمين من مدارسهم ، ونجد أن بعض الأسر قد تمتنع علي إرسال أبنائها إلى المدارس ، وتضيع عليهم سنة دراسية كاملة . 

إضافة إلى الوضع السياسي الذي يسود المنطقة في بعض الأحيان ، يلعب دوراص أساسياً وهاما في التأثير علي عدم الاستقرار والراحة النفسية لدي الأسرة والطالب والمجتمع بشكل عام ، مثل هذا الوضع يؤدى إلى حالة من عدم الاستقرار والهدوء النفسي والقلق والتوتر والخوف ، مما يمكن حدوثه . الأمر الذين ينعكس سلباً علي الأطفال والأبناء كرد فعل من الآباء والأمهات وما يحدث لديهم من أحداث . 

(6) الاسباب القانونية : 

عدم وجود تشريعات قضائية صارمة تعاقب أولياء الأمور الذين يخرجون أبنائهم من المدرسة لأي سبب من الأسباب ن أو يهملونهم ولا يعملون علي توفير حاجاتهم الأساسية مما يجبرهم علي التسرب أو الانقطاع عن المدرسة . وفي الحالات التي توجد فيها مثل هذه التشريعات فهي مهملة وغير معمول بها كما هو مطلوب . 

أنواع التسرب المدرسي :

إن أي نظام تعليمي مهما حاولنا أن نصل به إلى درجة الكمال إلا أنه ستعتريه بعض الثغرات لاسيما التسرب حيث تتخذ هذه الظاهرة صوراً مختلفة وأشكالاً متعددة ، منها : 

1- تسرب التلاميذ من الالتحاق بالمدرسة الابتدائية : 

هو من أخطر أنواع التسرب لأنه يعني الجهل والأمية لاسيما في ظل غياب تطبيق قانون إلزامية التعليم . 

وهو يعني تدني معدلات التحاق الأطفال الذين بلغوا السن القانونية للالتحاق بالصف الأول الأساسي وذلك حسب عوامل اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها . 

وعلي الرغم من الجهود التي تبذل من قبل الدول النامية للحد من هذا النوع من التسرب الدراسي إلا أن هذه الجهود تصطدم بواقع الأعداد البشرية الهائلة التي تتسرب قبل التحاقها بالمدرسة ، فقد أصدرت اليونسكو تقريراً يشير إلى مجموع عدد الطلبة الذين تقع أعمارهم ما بين ( 6-11 ) سنة ، تسرب منهم في العالم الدراسي 1980 ما يقدر بـ 114 مليون طالب ، في حين يقدر عدد الطلبة المتوقع تسربهم عند بلوغ العام 2000 بـ 103 مليون طالب . 

2- تسرب التلاميذ من المدرسة قبل وصولهم إلى نهاية مرحلة التعليم الأساسي : 

ويعتبر هذا النوع من التسرب الأكثر انتشاراً والسائد في جميع النظم التعليمية وهذا النوع لا يقتصر علي البلدان النامية بل وتعاني منه حتى البلدان المتقدمة . 

وهذا النوع الأكثر انتشاراً في النظام التعليمي لأي بلد من البلدان ، ويرتبط هذا النوع بمشكلة الرسوب ، فالرسوب قد يكون سبباً في التسرب ، وهناك ترابط إحصائي بينهما ، فنحن لا نستطيع أن نحسب التسرب بشكل دقيق قبل أن نحسب الرسوب ، ولهذه العلاقة أثر كبير في الهدر الذي يصيب التدفق الطلابي أثناء المراحل التعليمية وخاصة أثناء المرحلة الابتدائية . 

3- التسرب المرحلي : 

وهو النوع الثالث من أنواع التسرب والذي يظهر في نهاية كل مرحلة من المراحل التعليمية حيث لا يتقدم بعض الطلاب لامتحان إتمام شهادة المرحلة العامة وكذلك الذين يرسبون في هذا الامتحان ، ويمكن تناول هذا النوع حسب كل مرحلة تعليمية كالتالي : 

أ- التسرب في المرحلة الابتدائية : 

حسب ما يشير إليه تقرير منظمة اليونسكو لعام 1995 فإن معدلات عدم البقاء علي مقاعد الدراسة يعكس نتائج التسرب الدراسي الذي لا يزال يشكل عقبة تربوية كبيرة متواجدة في جميع الأقاليم النامية ، خاصة في إفريقيا وجنوب الصحراء الكبري وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا ، حيث يقدر عدد التلاميذ الذين يصلون السنة الرابعة الابتدائية أقل من ثلثي عدد التلاميذ الذين يبدؤون السنة الأول . 

كذلك ترتفع نسب التسرب الدراسي لدي الطلبة الإناث عن الذكور في بعض بلدان جنوب افريقيا والصحراء الكبري والدول العربية وجنوب آسيا مما يزيد من التعاون في فرص التعليم والتحصيل المدرسي بينهما . 

ب- التسرب في المرحلة المتوسطة : 

إن المتتبع لظاهرة التسرب يعلم أن العبرة ليست بأعداد الطلبة المسجلين في بداية كل مرحلة تعليمية بل العبرة في مقدرة هؤلاء الطلبة في اجتياز المرحلة المسجلين فيها . 

بالنسبة للتسرب الدراسي في المرحلة الإعدادية المتوسط ، تؤكد الإحصاءات علي ضعف مقدرة الأقطار العربية في تحقيق الاستيعاب الكامل عند الوصول لعام 2000 وذلك للطلبة التي تقع أعمارهم ما بين ( 12-17 ) سنة . 

ج- التسرب من المرحلة الثانوية : 

تعد المرحلة الثانوية مرحلة هامة بالنسبة للتلاميذ ، حيث تكون نهايتها مقترنة بإمتحان الباكالوريا الذي يحدد مصير الطلبة ، إما التوجه إلى الجامعة ، ومواصلة مشوارهم الدراسي في حالة النجاح ، وإما التوجه إلى العمل والانقطاع عن الدراسة في حالة الفشل ، وهناك من التلاميذ من ينقطع قبل نهاية المرحلة ويتوجه إلى سوق العمل باعتبار أنه أصبح قادراً علي العمل ليلبي حاجاته الشخصية . 

فئات التلاميذ المتسربين : 

ما دمنا نتحدث عن الطلبة المتسربين فلا بد من أنهم يتمتعون بصفات تميزهم عن الآخرين سواء أكان من الناحية النفسية أم التربوية أم الاجتماعية أم الاقتصادية ، من أجل تشخيص هذه الحالات وعلاجها والحد بقدر المستطاع من انتشار هذه الظاهرة ، مع العلم أن هذه السمات قد لا تنطبق جميعاص علي المتسرب الواحد ، فلربما يحمل المتسرب الواحد منها سمة واحدة وقد يكون أكثر من سمة ومن هذه السمات : 

1- ذوو القدرات العقلية المحدودة : 

حيث تعاني هذه الفئة من صعوبات في الفهم والتعلم وهذا إما أن يكون وراثياً أو مرضياً . 

وتتصف هذه الفئة من الطلبة بتقدير ذاتي متدني وغير قادرين علي المشاركة الوجدانية ، ويتصفون بالفشل المتكرر والإحباط كسمة مميزة لكل أعمالهم وأنشطتهم . 

ويتم التعرف إليهم من خلال درجاتهم المتدنية في التحصيل الدراسي المنخفض أو من خلال رسوبهم ، وبالتالي علي القائمين علي التعليم متابعة مثل هذه الحالات وإعارتهم مزيداً من الاهتمام من خلال إيجاد مراكز خاصة بهم . 

2- ذوو الظروف الاقتصادية الصعبة : 

إن السبب الرئيس في ترك معظم المتسربين من التلاميذ لمقاعد الدراسة هو الوضع الاقتصادي السيئ والذي يشمل الفقر الشديد أو عدم وجود فرص عمل للوالدين أو ضيق السكن وكثرة عدد ساكنيه ، مما يضطر كثيراً من الطلاب لترك مقاعد المدرسة والبحث عن فرص عمل سهلة مثل البائع الجوال أو بعض ورش السيارات وغيرها مما يعيقهم عن إكمال دراستهم . 

3- ذوو الفئة المجبرة علي التسرب : 

وتشمل هذه الفئة الأفراد الذين تركوا المدرسة نتيجة لبعض الأزمات أو المشكلات الشخصية أو الأسرية كالمرض أو فقر الأسرة المفاجئ نتيجة لتعرضها لكارثة معينة ، أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما . 

4- ذوو الأسر المفككة اجتماعياً : 

من المعلوم أن الأسرة تلعب دوراً أساسياً في تقدم الطالب نحو العمل المدرسي ، فالطالب الذي لا يجد المناخ الأسري الملائم يكون دائما مشغولاص بالجو المشحون بين أفراد أسرته فيتسم أداؤه بالقلق والتوتر ، فحاجة الطالب للأب والأم من ضروريات الحياة وتراكم القلق لدي الطفل الناتج عن شعوره بالحرمان يؤثر بدوره علي التحصيل الدراسي بصفة عامة . 

5- ذوو الكفاءة : 

هؤلاء الطلاب يمتلكون المقدرة علي التحصيل الدراسي والنجاح الأكاديمي إلا أن بعضهم يتسرب من المدرسة ، ولكنهم تخلو عن الدراسة لأسباب تتعلق بميولاتهم الشخصية خارج مجال الدراسة . 

6- ذوو السلوك الخاص : 

تنعكس الظروف النفسية والاجتماعية والاقتصادية سلباً علي الطلاب ، فنجد أن البعض منهم قد اكتسب سمات سلوكية سيئة تنعكس علي التزامه المدرسي ومنها عدوانية كلامية ، عنف جسدي تجاه الآخرين أو تجاه المعلمين ، صعوبات في التركيز ، اضطرابات عاطفية . 

الآثار المترتبة علي التسرب الدراسي : 

إن ظاهرة الانقطاع عن المدرسة والتسرب منها ، واتجاه أعداد من التلاميذ والطلاب إلى الشارع أو إلى مجالات العمل المختلفة ، تعد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتي لا تؤثر سلبا علي الفرد فقط مثلما تري النظرة القاصرة للبعض ، بل حتى علي المجتمع ككل ، ومن بين الآثار المترتبة علي التسرب ما يلي : 

1- إهدار الطاقات والقدرات والأهداف التربوية والغايات والمرامي التي سطرتها الدولة ، ويؤثر تأثيراً كبيراً وواضحاً علي جميع نواحي المجتمع وتكوينه لأنه يؤدى إلى زيادة نسبة الأمية والبطالة ويسبب ضعف الاقتصاد والناتج الاجتماعي ، ويزيد من اتكالية الفرد واعتماده علي غيره من الأفراد في العمل علي توفير الاحتياجات الأساسية مما يجعل الفرد عالة علي غيره من أفراد المجتمع .

2- زيادة حجم المشاكل الاجتماعية ، وانحراف الأحداث والجنوح وتعاطي المخدرات والسرقة والاعتداء علي الآخرين وممتلكاتهم ، كما يؤدى التسرب إلى تحول اهتمام المجتمع من البناء والإعمار والتطور والازدهار إلى الاهتمام بمراكز الإصلاح والعلاج والإرشاد ، وزيادة عدد السجون والمستشفيات ونفقاتها ، ونفقات الناية الصحية العلاجية . 

3- تقف هذه المشكلة كحجر عثرة ، وعائق كبير وفعلي أمام الإصلاحات التي يحاول رجالات التربية القيام بها ، وذلك خلال تطوير البرامج والمناهج والخطط التربوية القصيرة  والمتوسطة ، والطويلة المدى . بالإضافة لكون انعكاساتها تواجه رجال الأمن والقانون والإصلاح وتزيد في أعبائهم الوظيفية . 

4- التأثير السلبي علي القدرة والكفاية الإنتاجية القومية ن وذلك ما دلت عليه الدراسات في مجال اقتصاديات التربية ، حيث أكدت علي وجود تناسب بين الكفاية الإنتاجية والدخل الاقتصادي المادي ، وبين المستوي التعليمي الذي وصل إليه الفرد ، لأن التعليم يعتبر بمثابة الاستثمار الأصلي للقوي البشرية التي تعد رأس المال والدعامة الحقيقية في مجال التنمية الشاملة . 

وهذا ما أكدته الدراسة التي قام بها ستروملين strowmilin علي أن إنتاجية عمل المتعلمين قد زادت عن انتاجية الأميين بحوالي 43% ، كما وأثبتت بعض الدراسات التي أجريت في بعض الدول الغربية لتحديد الكفاءة الإنتاجية أن العمال الذين تلقوا قسطاً من التعليم زادت إنتاجيتهم بدرجة ملحوظة عن زملائهم الأميين بحوالي 14% . 

وقد بين شولتز scholtz أن أكثر من 50% من الارتفاع الذي طرأ علي الدخل القومي الأمريكي خلال خمسينيات القرن العشرين إنما يرجع إلى ما طرأ علي التعليم من تقدم أدى بدوره إلى تقدم إنتاجية العمل . 

5- من آثاره اختلال البنية الاجتماعية ، وتباين الطبقات الاجتماعية وعدم تكافؤ الفرص التي يحظي بها افراد المجتمع ، وبالتالي يصبح معها المجتمع مكوناً من أجزاء متفاوتة ، قسم منها متعلم ناجح في دراسته وحياته ، وقسم فاشل في دراسته لن يحقق حياة كريمة لنفسه ويصبح عالة علي مجتمعه . 

6- إن للمدرسة أثراً علي صحة الطالب النفسية بوصفها قوة تعمل علي صقل شخصية المتعلم وإنمائها ، ولها القدرة علي كذلك علي الحد من المشكلات اليومية التي تواجهه وتعمل علي تخفيفها . 

إلا أن التلميذ حينما يتسرب من المدرسة يفقد هذا السند والدعم الذي يقدمه له المحيط المدرسي ، وقد يؤدى به التوافق الشخصي والاجتماعي . 

7- عدم انتفاع المتعلم بالمعارف والخبرات والمهارات التي تؤثر في نضجه الجسمي والعقلي والاجتماعي والوجداني ، وفي نضج شخصيته وقدرته بما يؤهل تواصله في الحياة . 

وتسبب مشكلة التسرب ضياعاً وخسارة للمتعلمين أنفسهم ، لأن هذه المشكلة تترك آثاراً سلبية في نفس المتعلم وتعطل مشاركته المنتجة في المجتمع . 

8- إن المتسربين لا يحققون حراكاً وظيفياً ملموساً أو بالأحرى لا يحققون حراكاً اجتماعياً صاعداً لأنفسهم وعائلاتهم في المستقبل ، أي أن كلا من الأبناء والآباء يشغل نفس المستوي المتواضع في السلم الوظيفي وهذا يعني الثبات الوظيفي ، ومن ثم عدم الحراك الاجتماعي الصاعد الذي ينبغي أن يسود المجتمع الديمقراطي ، الذي يقوم علي تكافؤ الفرص والنظام الطبقي المفتوح ، هذا الأمر قد يحدث خللاً في التركيب الطبقي للمجتمع . 

9- إن التسرب يؤدى إلى خروج أعداد كبيرة من الصغار إلى الحياة أن يكتسبوا الحد الادني للمواطنة ، فالتعليم الأساسي يمثل في بعض المجتمعات العربية الحد اللازمة للمواطنة ، إذ أن الهدف من هذه المرحلة بصفة عامة هو اكتساب قاعدة مقبولة من القيم والأخلاق والاتجاهات ، وتنمية الأطفال عقلياً وخلقياً واجتماعياً وقومياً ، وتزويدهم بالقدر الأساسي من المعارف البشرية والمهارات الفنية والعلمية التي لا غني عنها للمواطن المستنير لشق طريقه في الحياة بنجاح . 

10- إن التسرب دراسياً قد يعوق جزئياً ما ترمي إليه المدرسة من إصلاح وتجديد اجتماعي وتغير مرغوب فيه فمن المعروف أن وظيفة التربية لا تقتصر علي نقل التراث الثقافي بل تتعداه إلى إحداث تغيرات واتجاهات مقصودة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وفكرياً وتمثل مراحل التعليم العام القاعدة الأساسية بالنسبة لمراحل التعليم ولكل مرحلة تعليمية أهميتها الخاصة فهي المدخل الأول الضروري لكل حركة إصلاح وتجديد اجتماعي . 

11- إن انقطاع الطالب عن المدرسة وتسربه من الدراسة ، قد يؤدى إلى ارتداده إلى الأمية من ناحية ، والتحاقه بسوق العمالة من ناحية أخرى وهذا ما يؤدى من ناحية ثالثة إلى انحرافه . كذلك يؤدى التسرب إلى حدوث فاقد في التعليم ، يترتب عليه ارتفاع تكلفة التعليم بالنسبة للطالب ، أو الفصل ، أو المدرسة ، مع التأثير علي كفاءة التعليم في الوقت نفسه ، كما أن زيادة الأمية ، أو وجود الفرد الأمي ، يعتبران في حد ذاتها عاملين محبطين ومعيقين لعملية الإنتاج والتنمية الشاملة اجتماعياً واقتصادياً . 

12- يؤدى استمرار التسرب إلى استمرار الجهل والتخلف وبالتالي سيطرة العادات والتقاليد البالية التي تمنع من تطور المجتمع مثل ( الزواج المبكر ، سيطرة الأبوية المطلقة ، النظرة إلى تعليم الفتاة ) وبالتالي حرمان المجتمع من ممارسة الديمقراطية ، وحرمان أفراده من حقوقهم ، لأنه لا يمكن أن تجتمع سيادة مجتمع وحريته مع الجهل وعدم الوعي في الوقت نفسه ، فتسوده العنصرية والتحيز والانغلاق والتخلف . 

الأدوار العلاجية للفاعلين التربويين للحد من التسرب المدرسي : 

1- دور المعلم العلاجي لظاهرة التسرب : 

للمعلم دوراً في علاج مشكلة التسرب ، فمعاملة المعلم للتلاميذ وعلاقتهم به إذا قامت علي أساس من الحب والاحترام المتبادل ، وعلي أساس علاقات أبوية تكون من عوامل جذب التلاميذ إلى البقاء في المدرسة وعدم تركها ، وقد تفرض البيئة علي المعلم أن يقوم بدور مزدوج يشمل ودور المعلم ودور الأسرة . 

وحين يقدم المعلم والإدارة المدرسية للتلاميذ الرعاية النفسية والاجتماعية والخلقية والجسمية ، ويقدم لهم التوجيه والإرشاد ، كل ذلك يشعرهم بأهمية المدرسة وجعل ولي الأمر يدرك أثر ذلك فلا يجعل ابنه يتركها . 

ولا شك أن مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ ، يسهل الاستمرار في عملية التعليم ، وبالتالي إلى عدم ترك المدرسة ، فهذا أحياناً قد يكون لعدم قدرة بعض التلاميذ علي منافسة زملائهم أو لكثرة الواجبات المنزلية التي يعرضها المعلم علي تلاميذه . 

كما أن المعلم يجب أن يستعمل في التدريس طرقاً مرنة يتجاوب معها التلميذ التي تعتمد علي الوسائل التعليمية المناسبة الدافعة إلى حب التعليم ، وأيضاً إلمام المعلم بمادته الإلمام الكافي وعرضها بشكل ملائم ، يدفع التلميذ للاهتمام بالمادة وحبه لها . 

إضافة لاستخدام المعلم أسلوب المكافئة والثناء علي التلميذ النجباء ، والأخذ بأيدي التلاميذ الضعفاء وحثهم علي بذل مجهودات أكبر ، ومحاولات أكثر للتغلب علي الصعاب ، وعدم محاولة إهانتهم والانتقاص من قيمتهم أمام زملائهم ، هذا ما يؤدى إلى ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذواتهم والتمسك بدراستهم . 

2- دور الأسرة في علاج ظاهرة التسرب : 

للأسرة دور كبير في بناء الفرد ، فهي المجتمع الصغير الذي ينشأ فيه الطفل ويتربي علي قيمه ، ويطرح فيه ما يتعرض له من مشكلات لتكون آراء الأسرة واقتراحاتها وما تقوم به من خطوات بمثابة حلول لما يتعرض له الطفل من مشكلات ، لربما تؤثر علي مستقبله ومن هذه المشكلات التسرب المدرسي ، ويتجلي دور الأسرة في علاج مشكلة التسرب المدرسي في الحرص علي ما يلي : 

1- تشجيع مظاهر الفرحة والانشراح التي يشعر بها الطفل عند بدء الدراسة . 

2- تجنب إصدار الأحكام العاجلة وغير المدروسة عن المدرسة والمعلم أمام الطفل . 

3- تعزيز رغبة الطفل في إثبات الذات وتأكيدها وسط الآخرين . 

4- تشجيع الرغبة في الدخول في مجتمع جديد والرغبة المستمرة بالوجود داخل الجماعة . 

5- تشجيع الرغبة في القراءة والكتابة بتوفير الوسائل والمعدات اللازمة لذلك . 

6- تنويع المطالعات في الكتب والمجلات وإشباع الفضول قبل فترة من بداية المدرسة . 

7- توثيق الصلة بين البيت والمدرسة . 

خاتمة عن التسرب المدرسي : 

تعد مشكلة التسرب المدرسي معضلة من المعضلات التي تواجه كل المجتمعات علي وجه العموم ، والأنظمة التبوية علي وجه الخصوص ، والتي تؤثر سلباً علي المجتمع والفرد علي حد سواء ، من ناحية تطوره وتنميته وازدهاره ، وبالتالي وجب علي كل الجهات المسؤولة والفاعلين والفاعلين أن يتعاونوا من أجل القضاء عليها أو الحد منها ، وذلك بالقضاء علي أسبابها والعوامل المساعدة لها ، وإيجاد الحلول الممكنة للخلاص منها . 

تعليقات