U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

ماهي القيم ؟ وما هي خصائصها ؟

ماهي القيم
ما هي القيم ؟ وما هي علاقتها بالتربية ؟ 

ماهي القيم ؟ 

التعريف اللغوي والاصطلاحي للقيم : 

أما القيم لغةً : 

فهي من الفعل الثلاثي " قوم " وقد تعددت معاني القيمة لغوية ، في ثلاث معانٍ : منها الديمومة والثبات : يقال قيمة لاشئ : قدره ، وقيمة المتاع ثمنه .... ويقال : ما لفلان قيمة : ماله ثبات ودوام علي الأمر ، والسياسة والرعاية والقيم : السد وسائس الأمر ، ومن يتولي أمر المحجور عليه ، وقيم القوم الذي يقوم بشأنهم ويسوس أمرهم ، والصلاح والاستقامة : وأمر قيم : مستقيم ، والأمة القيمة المسقيمة المعتدلة ، وقومته فقام أي استقام ، والقوام ، العدل . 

أما القيم اصطلاحاً : 

فقد اختلف في تحديد معني القيم ، ويعود ذلك إلى ما تتسم به القضية القيمية من عمق معرفي وثقافي وأيديولوجي فكل فيلسوف أو تربوي ينطلق من توجه معين نحو القيم إنما يصدر في حقيقته عن ثقافته ومعتقداته وتصوراته التي يحملها . 

من العرض السابق لمفهوم القيم يتضح أن :

1- القيم لها العديد من المفاهيم والمصطلحات ، فهناك من ينظر إليها علي أنها اهتمامات أو معتقدات أو أحكام أو معايير أو مبادئ أو اتجاهات وكل ذلك يمثل بعداً مهماً في القيم وفي إصدار الحكم القيمي . 

2- القيم ليست رغبة فردية أو تفضيلاً شخصياً ولكنها وفق معايير وأطر مرجعية تعلمها الفرد من الجماعة . 

3- القيم مستويات معيارية تتأثر بها الجماعات البشرية في اختيارها من بين مسارات بديلة . 

4- إن الإنسان يعيش في مجتمع تحدث في إطاره عمليات من التفاعل بين الأفراد والجماعات ويربط بين الأفراد نمط ثقافي معين كما أنهم يتصرفون وفقاً لمجموعة من النظم والعادات والقيم والمبادئ التي يخضعون لها وهذا ما يعرف باسم ( عملية التطبيع الاجتماعي ) والتي تتم في نطاق الالتزام بأخلاقيات المجتمع والامتثال لقواعد الضبط والتفاعل الاجتماعي

5- القيم تمثل أطراً مرجعية للسلوك المرغوب فيه للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد . 

أهمية القيم بالنسبة للفرد والمجتمع : 

تعد القيم من المفهومات الأساسية والمهمة في مختلف ميادين الحياة فهي تمس العلاقات الإنسانية بكافة صورها ومن ثم فهي ضرورة اجتماعية ومعايير وأهداف لأبدان توجد في كل مجتمع فهي تتغلغل في حياة الناس أفراداً وجماعات في شكل اتجاهات ودوافع وتطلعات وتظهر في السلوك الظاهري الشعوري واللاشعوري للفرد . 

كما ترتبط القيم بمعني الحياة ذاتها مما جعل البعض ينظر إليها علي أنها نواصية من خصائص النوع البشري ، وتكون القيم جزءاً من الإطار المرجعي للسلوك وفي التوجيه والإرشاد

كما تتضح أهميتها في انتقاء الأفراد الصالحين لبعض المهن كما أن لها دوراً في العلاج النفسي وتحقيق الصحة النفسية للافراد . 

القيم والعلاج النفسي : 

يسعي الناس أحياناً للإبقاء علي أوضاع معينة يحسون نحوها بالالتزام الخلقي أو يحاولون الوصول إليها ويبذلون في سبيل ذلك الشئ الكثير من تلقاء أنفسهم . 

وقد يكونون في سعيهم هذا وفق ما تمليه عليهم قيمهم غير أنهم في مواقف أخرى قد يسلكون عكس ما يعتقدون تحت تأثير بعض الظروف والدوافع العارضة . 

ولا شك أنهم في هذه الحالة يعانون قدراً من الصراع بين ما ينزعون إليه وما يرجون تحقيقه بوازع من التزامهم الخلقي أو من القيم التي يؤمنون بها . 

وعندما تلتقي قيم الفرد مع رغباته يتلاشي عنده الصراع بين ما يعتقد وما يرغب فيه وتعد هذه الحالة نموذجاً مثالياً يجب أن يعمل المربون علي هديه ومن ثم كانت أهمية القيم في العلاج النفسي وتحقيق الصحة النفسية للأفراد . 

القيم دعامة لتفكير الفرد : 

حيث تشير القيم إلى الكيفية التي سيسلك بها الإنسان في المواقف المستقبلية كما تضع معايير للنظر في المشاكل اليومية وتساعد الإنسان علي التفكير فيما ينبغي عليه أن يفعله والأساليب والوسائل التي يختارها الفرد من الموقف المشكل هذا فضلاً عن كونها معينة علي تفسير السلوك العقلي للإنسان . 

القيم وحدة المجتمع وتماسكه : 

حيث يتوقف تماسك المجتمع ووحدته إلى حد كبير علي وحدة قيمه ، بمعني عدم وجود التناقضات الأساسية فيها ، وبقدر وحدة القيم في المجتمع يكون تماسكه ، وبقدر تفاوت القيم وتباينها يكون تفكك المجتمع . 

ويأخذ التفكك الاجتماعي الناجم علي التناقض أو التباين القيمي صوراً شتى منها : اللامبالاة ، أو لامبالاة طبقة معينة بأمور تعتبرها غيرها من الطبقات مهمة في حياة المجتمع وأمنه واستقراره ، ومنها تبني مواقف معارضة أو مخالفة قد تصل إلى حد العداء أحياناً ، ومن ثم فإن وجود انساق مشتركة من القيم داخل المجتمع تعمل بوصفها إطاراً مرجعياً مشتركاً سائداً لأفراد هذا المجتمع . 

خصائص القيم : 

1- القيم ظاهرة إنسانية تاريخية اجتماعية ثقافية : 

فهي إنسانية لأنها تبدو دائما حاضرة في سلوك الإنسان وهي التي تحدد اتجاه هذا السلوك وترسم مقوماته وتعين بنيته ولا يمكن أن تخلو لحظة من الرجوع إلى جملة القيم الشخصية والاجتماعية . 

وهي تاريخية لأنها نشأت مع ميلاد المجتمع الإنساني وصاحبته في كل مراحل تطوره المختلفة وسوف تظل قائمة علي امتداد التاريخ . 

وهي اجتماعية بحكم وجودها في المجتمع ولكونها مؤثرة في الظواهر الاجتماعية الأخرى ومتأثرة بها فهي عبارة عن مجموع أنظمة المجتمع وسلوكيات الناس فيه . 

والقيم ثقافية ، حيث إنها صفات يرغب فيها الناس في إطار ثقافاتهم ، ومن ثم فهي عنصر من عناصر الثقافة في كل مجتمع ، وربما كانت من أهم تلك العناصر ، فحامل الثقافة الذي يتوحد مع ثقافته ، إنما يقيم كل أو معظم مظاهر الثقافة . 

ومن ناحية أخرى تكمن الثقافة في توقعات ما هو مرغوب فيه وما هو مرغوب عنه وربما كان هذا دليلاً علي التداخل الشديد بين القيم والثقافة ، وهذه الخاصية بشمولها تشير إلى مدى تغلغل القيم في حياة الإنسان بل أنها قد تكون منطوية علي قيم الخصائص الأخرى التي تميز القيم . 

2- القيم ظاهرة نسبية : 

ويقصد بنسبية إن معناها لا يتحدد ولا يتضح من النظر إليها والحكم عليها في حد ذاتها مجردة عن كل شئ ، بل لابد من النظر إليها من خلال الوسط الذي تنشأ فيه والحكم عليها ليس حكماً مطلقاً بل حكماً ظرفياً وموقفياً وذلك بنسبتها إلى المعايير التي يضعها المجتمع في زمن معين ، وبإرجاعها دائما إلى الظروف المحيطة بثقافة المجتمع . 

3- موضوعية القيم وشموليتها : 

ويقصد بموضوعية القيم أنها لها وجوداً موضوعياً مستقلاً عن الإنسان الذي يحكم بمقتضي تلك القيم ، وإذا حكمنا علي شئ ما بأنه جميل فإن ذلك يرجع إلى الصفات المحددة والثابتة والموجودة في هذا الشئ وعلي ذلك فإن الإنسان في حكمه علي الجمال إنما هو يكتشف ما هو موجود فقط . 

كما أن القيم مكتسبة وذلك بناء علي ما يتلقاه الفرد من خبرات وما يعايش من مواقف أثناء تنشئته الاجتماعية من خلال احتكاكه بأفراد أسرته وجماعة الرفاق وتتضمن القيمة توجيهاً للفعل الإنسان داخل موقف الخبرة . 

وشمولية القيم تعني استيعابها لكل جزئيات الحياة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية فالصدق والعدل والأمانة وبر الوالدين وإتقان العمل والانتماء وحب الآخرين كلها قيم تشمل جميع مجالات الحياة . 

4- التربية وقضايا القيم : 

لا ريب في أن أزمة العالم في هذا العصر هي أزمة قيم حيث أن ما يدور حولنا من قضايا سياسية واجتماعية ناتجة في المقام الأول عن ضعف القيم أو تباينها لدي الكثيرين ممن يهمهم شأن إصلاح هذه القضايا بمختلف أنواعها .

وبعض القيم والأفكار القديمة لها جذورها القوية التي يصعب اقتلاعها من عقول الناس فهي قيم وأفكار تم اكتسابها خلال مرحلة التنشئة الأولي كما أن عملية بناء قيم جديدة ليست عملية سهلة حيث أن عقول الناس ليست أوعية فارغة يمكن أن تحمل ما يلقي إليها من أفكار دون إرادة أو تحليل أو مقاومة فالقيم والأفكار القديمة عادة ما تعاكس وتقاوم دخول القيم والأفكار الجديدة . 

العلاقة بين القيم والتربية : 

علاقة وثيقة بين القيم والتربية ، حيث ترتبط القيم بالتربية ، ويظهر هذا من خلال أهمية القيم في صياغة الأهداف التربوية المبنية علي فلسفة التربية ، التي تنبثق أصلاً عن فلسفة المجتمع وثقافته في تعبيرها عن فلسفة مجتمع ما ، وإطار حياته وتوجيهه للتربية وأهدافها التي تعتمد في بلورتها وصياغتها علي وضوح القيم .

ويمكن تفسير العلاقة الوثيقة بين القيم والتربية ، في أن التربية عملية قيمية تعبر عن أهدافها بطريقة صريحة أو ضمنية في حدود الإطار الثقافي الذي يعيش فيه الأفراد ، ومن خلاله تسعي إلى بناء القيم في المجالات الخلقية والنفسية والاجتماعية والفكرية والسلوكية . 

تعليقات