U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

الصحة النفسية ، مفهوم ، أهمية ، مظاهر ، أهداف ، معايير ، مستويات ( بحث كامل )

بحث عن الصحة النفسية
بحث عن الصحة النفسية 

الصحة النفسية : 

محتويات البحث : 

(1) مقدمة عن الصحة النفسية . 
(2) مفهوم الصحة النفسية . 
(3) تعريف الصحة النفسية . 
(4) مستويات الصحة النفسية . 
(5) أهمية الصحة النفسية . 
(6) مظاهر الصحة النفسية . 
(7) معايير الصحة النفسية . 
(8) مؤشرات الصحة النفسية . 
(9)  خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية . 
(10) العوامل المؤثرة في الصحة النفسية . 
(11) عوامل تدهور الصحة النفسية . 
(12) أهداف ومناهج الصحة النفسية . 
(13) وجهات نظر في تفسير الصحة النفسية . 

مقدمة عن الصحة النفسية : 

الصحة النفسية للفرد هي الحالة النفسية العامة للفرد ، والصحة النفسية السليمة هي حالة تكامل طاقات الفرد المختلفة بما يؤدى الي احسن استثمار لها ، وتحقيق وجوده اي تحقيق انسانيته ، فالصحة النفسية ذات مفهوم واسع ، غير محدد وهو " مفهوم ثقافي ، ونسبي بطبيعته ، وهو متغير بتغير ما يجد عليه من معلومات عن الحياة وما ينبغي ان تكون عليه ، كما انه يتغير بما نكتشفه عن انفسنا وسلوكنا وما يجب ان نصل اليه في حياتنا . ( عبد الغفار ، 1996 : 25 ) 
هذا وما زال الغموض والقصور ، وعدم الجدية سائد الي الآن في نظرة المجتمع للصحة النفسية وعلم النفس بشكل عام ، فعدم قدرة الافراد في الافصاح عن حاجاتهم النفسية ، ومع صعوبة التعرف عليها احيانا ، يدفع المجتمع الي التركيز علي اشباع الجوانب الجسيدة والمادية للأفراد أكثر من اشباعه لحاجاتهم النفسية ، فالحب والتقدير والصداقة ، والتعبير عن النفس ، ومعرفة الذات ، والاحترام والقبول ، والكرامة ، والاستقلال يأتي في المرتبة الثانية في سلم اولويات المجتمع .
 اذ لم تكن في عالم النسيان وتشير الصحة النفسية الي قدرة الفرد علي التغلب علي التحديات اليومية ، ومواجهة التفاعلات الاجتماعية دون ان يشعر او يجرب عجزا انفعاليا ، او سلوكيا ، او غير مناسب . 
والصحة النفسية اكثر من مجرد غياب الاضطرابات العقلية ، ويمكن ان تتأثر بعوامل كثيرة تمتد من الضغوط الخارجية ، التي يصعب التعامل معها الي العلل البيولوجية ، او الامراض العضوية ، التي تعوق وظيفة المخ . ( Kahn & Fawcett , 2001 : 243 )
موضوع الصحة النفسية ، موضوع يهم الصغير والكبير على السواء ، وهذا يعني الفرد والمجتمع ، وهي تخص عالم النفس والطبيب وعالم التربية والباحث في ميادين الخدمة الاجتماعية وغيرها ، وهي تهم المسؤول في كل من الأسرة والمدرسة ، وهي تشغل بال الكثيرين وخاصة من يحتل مركز الإدارة في المجتمع وتنظيمه . 

مفهوم الصحة النفسية : 

قد تعددت تعريفات الصحة النفسية واختلف الباحثون حول مفهومها اختلافا نسبيا وفق منظور الباحثين وأهداف كل باحث ، وكذلك باختلاف التخصص ، فظهر اتجاهان في تعريف الصحة النفسية أحدهما سلبي والآخر إيجابي ، حيث يرى أصحاب الاتجاه السلبي أن الصحة النفسية هي خلو المرء من أعراض المرض النفسي أو العقلي ويغلب هذا الاتجاه في التعريف على الأطباء ، بينما يرى أصحاب الاتجاه الإيجابي أنها توافق الفرد مع ذاته ومع مجتمعه والقدرة على مواجهة الأزمات والصعوبات والإحساس بالسعادة والرضا . 

تعريف الصحة النفسية : 

هناك العديد من التعريفات للصحة النفسية ومنها  : 
(1) حالة من التوازن بين البيئة والجسد والذات ، أي بين متطلبات البيئة المادية ، والاجتماعية ، وتحديدها وبين إمكانيات الفرد الجسدية والاجتماعية . ( رضوان ، 2002)
(2) حالة من الراحة الجسمية والنفسية والاجتماعية وليست عدم وجود المرض . (القذافي ، 1998) . 
(3) حالة عقلية انفعالية إيجابية ، مستقرة نسبيا ، تعبر عن تكامل طاقات الفرد ووظائفه المختلفة ، وتوازن القوى الداخلية والخارجية الموجهة السلوكه في مجتمع ، ووقت ما ، ومرحلة نمو معينة ، وتمتعه بالعافية النفسية والفاعلية الاجتماعية .  ( القريطي ، 2003 : 28 )
(4) قدرة الفرد على أداء وظيفته في الحياة بنجاح من خلال أهدافه وإمكانياته والفرص المكفوله له وفي إطار بيئته الاجتماعية والإقتصادية  . ( مرسي وعبد السلام ، 1984 : 12 ) 
(5) التوافق التام أو التكامل بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ عادة على الإنسان ، ومع الإحساس الإيجابي بالسعادة والكفاية . ( القوصي ، 1970 : 6 ) 
(6) حالة الفرد النفسية العامة والصحة النفسية السليمة هي حالة تكامل طاقات الفرد المختلفة بما يؤدي إلى تحقيق وجوده أي تحقيق إنسانيته . ( عبد الغفار ، 2007 : 213 ) 
(7) حالة عقلية انفعالية سلوكية إيجابية (وليست مجرد الخلو من الاضطراب النفسي ) دائمة نسبيا ، تبدو في أعلى مستوى من التكيف النفسي والاجتماعي والبيولوجي حين يتفاعل الفرد مع محيطه الداخلي (ذاته) ومحيطه الخارجي ( الاجتماعي والفيزيقي ) وحين تقوم وظائفه النفسية بمهماتها بشكل متناسق ومتكامل ضمن وحدة الشخصية  .( عبدالله ، 2009 : 22 ) . 

تعقيب على تعاريف الصحة النفسية : 

هناك اختلاف بين العلماء في تعريف الصحة النفسية ، فقد يعود ذلك إلى تباين مدارسهم النفسية التي ينتمون إليها ، وكذلك إلى اختلافهم في تفسير وتحديد معايير ومؤشرات الصحة النفسية ، فمنهم من أشار إلى أنها اكتمال الجوانب الجسمية والعقلية والاجتماعية وليست مجرد غياب المرض ، ومنهم من يرى أنها حالة من التوافق بين كل جوانب الشخصية وكذلك مع المجتمع .
ويصفها آخرين بأنها حالة من الشعور الايجابي لدى الفرد يساعده و يمكنه من أداء وظائفه بنجاح ، ومنهم من يرى الصحة النفسية تبدو في مجموعة من شروط تحيط بالوظائف النفسية التي تنطوي عليها الشخصية ، وبعضهم يرى بأنها نوع من التكامل بين الطاقات ، وعليه يمكننا التوصل إلى حقيقة مؤداها أن هذه الخصائص مترابطة ومكملة لبعضها ، فتكامل الطاقات يؤدي إلى حدوث التوافق في جميع جوانب شخصية الفرد ومع المجتمع الذي يعيش فيه ، مما يؤدي إلى تمكن الفرد من أداء وظائفه بشكل ناجح . 
ونظرا لتعدد تعريفات الصحة النفسية ، فاننا نجد من الصعوبة بمكان الخروج منها بتعريف واحد وتفضيله على غيره من التعريفات ، فكل التعريفات التي تناولت مفهوم الصحة النفسية مفيدة ، إلا أنه لا يوجد تعريف من بينها يعطينا معنی ومفهوم متكامل للصحة النفسية ، فتعدد تلك التعريفات يرجع إلى الطبيعة الإنسانية ، وإلى تفرد شخصية عن أخرى .
فالصحة النفسية للشخصية الإنسانية تحددها مؤثرات ومتغيرات وعوامل عديدة متداخلة مه بعضها البعض ، لذا يمكن اعتبار التعريفات التي تناولت الصحة النفسية باعتبارها نوع من التفاعل والعلاقة التي تحدث بين الفرد وذاته ، وعلاقته بالعالم الذي يحيط به ، قد تعد من أفضل التعاريف للصحة النفسية . 

مستويات الصحة النفسية : 

بالرغم من قابلية الصحة النفسية للزيادة والنقصان ، فهي تبقي حالة نفسية ثابتة نسبيا عند الفرد ، ويمكن تقسيم الناس بحسب مستوياتهم في الصحة النفسية الي خمسة فئات هي : 

(1) الأصحاء نفسيا بدرجة عالية : 

عددهم قليل وتبلغ نسبتهم في المجمع حوالي 2.5% وهم الذين تبدو عليهم علامات الصحة النفسية المرتفعة ، وتندر اخطاؤهم ،واعتبرهم علماء التحليل النفسي اصحاب انا قوية قادرة علي تحقيق التوازن بين مطالب الأنا العليا والهو والواقع ، واعتبرهم علماء السلوكية اصحاب سلوكيات حسنة مكنتهم من تحقيق التوافق الجيد مع الجتمع الذي يعيشون فيه ، ووصفهم علماء المذهب الانساني الكامل الذي نجح ذاته ، وفي اثبات كفاءته وفي التعبير عن نفسه بصدق . 

(2) الأصحاء نفسيا بدرجة فوق المتوسط : 

تبلغ نسبتهم في المجتمع حوالي 13.5% وهم اصحاء نفسيا ايضا حيث ترتفع عندهم درجة الصحة النفسية وتنخفض درجة الوهن ، وينطبق عليهم ما قاله الغزالي وبن تميمة وابن القيم عن الفئة الاولي ، لكن بدرجة اقل منها ، فقلوبهم سليمة عامرة بالتقوي ، وتندرج سلوكياتهم في فئة السلوك الجيد جدا في مقاس A.P.A وينطبق عليهم ايضا ما قاله علماء النفس عن الفئة الاولي ولكن بدرجة اقل منها . 

(3) العاديون في الصحة النفسية : 

تبلغ نسبتهم في المجتمع حوالي 68% وهم اصحاء نفسيا بدرجة متوسطة او قريبة من المتوسط ، واخاؤهم محتملة وانحرافاتهم ليست فجة ، لا تعوق توافقهم ، ولا تمنعهم من تحمل مسؤولياتهم نحو انفسهم ونحو الآخرين . 

وتظهر عليهم علامات الصحة النفسية في السراء ومظاهر الوهن في الضراء ، حيث يشعرون بالشقاء والتوتر والقلق كلما اصابتهم مصيبة او تعرضوا لبلاء ، ولكن بدرجة محتملة ، يمكن تديلها او تغييرها بالارشاد والتوجيه والنصح من المتخصصين وغير المتخصصين . 

(4) الواهنون نفسيا بدرجة ملحوظة : 

تبلغ نسبتهم في المجتمع حوالي 13.5% وهم الذين تنخفض عندهم الصحة النفسية وتزداد علامات وهنها ، فتكثر الاخطاء ، وتتعدد الآثام الباطنة والظاهرة ، او تظهر الانحرافات النفسية بدرجة تؤثر علي صلتهم بالله وبالناس وبأنفسهم ، ويسوء توافقهم في مواقف كثيرة ، مما يجعلهم في حالة الي الرعاية والعلاج علي ايدي المتخصصين ، وقد يعالجون وهم يعيشون في المجتمع او في اماكن متخصصة في علاج مشاكلهم وانحرافاتهم . 

(5) الواهنون نفسيا بدرجة كبيرة : 

تبلغ نسبتهم في المجتمع حوالي 2.5% وهم الذين تنخفض صحتهم النفسية بدرجة كبيرة ، وتزداد مشكلاتهم وانحرافاتهم ، ويسوء توافقهم ، وقد يفقدوا صلتهم بالواقع ، ولا يقدرون علي تحمل مسؤولية افعالهم ، ويصبح وجودهم مع الناس خطرا عليهم وعلي غيرهم ، وتنطبق عليهم صفات الفئة السابقة ، ولكن بدرجة اشد ، فانحرافتهم فجة ، مشكلاتهم معقدة ، واضطراباتهم شديدة ، وجرائمهم شنيعة ليس لها ما يبررها ، وقلوبهم ميتة وعقولهم مختلة ، فقدت القدرة علي الادراك المميز ، والاختيار المسئول . ( ابو حويج والصفدي ، 2001 ، 62-65 ) 

أهمية الصحة النفسية : 

اهمية الصحة النفسية للفرد : 

الفرد المتمتع بصحة نفسية جيدة ، قادر علي فهم ذاته ، وأهدافها وحاجاتها وبالتالي تساعده علي انسياب حياته النفسية ، وجعلها خالية من التوترات والصراعات ، مما يجعله يعيش في طمأنينة وسعادة ، وشعوره بالسعادة مع النفس  والآخرين ، كما يكون بمقدوره حل مشكلاته التي يواجهها ، حيث يقوم بحل المشكلات التي تواجهه في ضوء ما يتناسب مع تعاليمه الاسلامية وقيمه ، كما بإستطاعته التحكم في انفعالاته ، وعواطفه ، ورغباته ، مما يجعله يتجنب السلوك الخاطئ ، والقدرة علي مواجهة مطالب الحياة والعيش في سلامة وأمان .

اهمية الصحة النفسية للمجتمع : 

تظهر اهمية الصحة النفسية للمجتمع ، لأنها تهتم بدراسة المشكلات الاجتماعية التي تؤثر علي نمو الفرد ، لذا تكمن في تحقيق اكبر نسبة من الأفراد الأسوياء حيث تجعلهم قادرين علي التعاون والمحبة . 

اهمية الصحة النفسية في التعليم : 

للصحة النفسية اهمية كبيرة في مجال التعليم وخاصة في المدرسة حيث العلاقات السوية بين الادارة والطالب تؤدى الي نموهم التربوي والنفسي السليم والعلاقة الجيدة بين المدرسة والبيت تساعد علي رعاية النمو النفسي للطالب . 

اهمية الصحة النفسية في مكان العمل : 

 ان الصحة النفسية ضرورية في مكان العمل لأنها تساعد علي تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، فمن اهداف الصحة النفسية بناء شخصية متكاملة بحيث يقبل الفرد علي تحمل المسؤولية مستغلا طاقاته الي اقصي حد ممكن ولكي يتحقق ذلك يجب تحقيق التوافق النفسي والشخصي والاجتماعي . 

مظاهرالصحة النفسية 

لكي يمكن القول أن الفرد يتمتع بصحة نفسية سليمة يجب توافر بعض العلامات او السمات وهي : 

1. غياب الصراع النفسي الحاد ( الصراع الخارجي والداخلي ) . 

2. النضج الانفعالي ، بحيث يعبر الفرد عن انفعالاته بصورة متزنة بعيدة عن التعبيرات البدائية والطفلية . 

3. الدافعية الايجابية للإنجاز التي تدفع الفرد للقيام بأعمال تحقيق له النجاح . 

4. التوافق النفسي المتمثل في العلاقة المتجانسة مع البيئة ، بحيث يستطيع الفرد الحصول علي الاشباع اللازم لحياته مع مراعاة ما يوجد في البيئة المحيطة من متغيرات . ( ربيع ، 2000 ، 92-99 ) 

معاييرالصحة النفسية 

برزت اتجاهات مختلفة لوضع معايير لتحديد السواء وغير السواء في الصحة النفسية نتيجة تعدد النظريات النفسية ومن هذه المعايير  : 
(1) الاتجاه الذاتي : 
وفيه يتخذ الفرد من ذاته إطارا مرجعيا يرجع إليه في الحكم على السلوك السوي أو غير السوي . 
(2) الاتجاه المثالي : 
الذي يعد الشخصية السوية بأنها مثالية أو ما يقرب منها وان اللاسوية هي انحراف عن المثل العليا ، لهذا فان الحكم عليها هو مدى اقترب أو ابتعاد الفرد عن الكمال . يتميز هذا المعيار بالقيمية حيث أنه يطلق أحكاما خلقية على السلوك ، ومقدار الحكم حسب هذا المعيار هو مدى اقتراب الفرد أو ابتعاده عن الكمال أو عما هو مثالي . 
(3) الاتجاه الاجتماعي :
ويعتمد فيه على تحديد السواء وغير السواء بمدى الالتزام بالمعايير والقيم الاجتماعية والثقافية والدينية ، أي التركيز على ضرورة إعطاء المكانة الأولى للأسس الاجتماعية ، فإذا خرج الفرد بسلوكه عن معايير المجتمع ، اعتبر هذا السلوك غير مقبول . 
(4) الاتجاه الإحصائي : 
يحصل فيه توزيع السوي واللا سوي من خلال الانحراف عن المتوسط إذ تتركز معظم التشابهات بين الأفراد في منتصف هذا التوزيع ، فالشخص السوي لا ينحرف كثيرا عن المتوسط أو الشائع . 
(5) الاتجاه الطبي : 
يحدد بعض المنظرين في الطب النفسي إن اللاسوية تعود إلى صراعات نفسية لا شعورية وان السوية هي الخلو من الاضطرابات . (الزبيدي ، 2007 : 12 ) ، ( بوشلالق ، د.ت : 5-7 ) . 
وبالتالي فإن الصحة النفسية تتضمن 5 معايير هي كالآتي :  
(1) سلامة العمليات الذهنية . 
(2) سلوك سوي مقبول .
(3) تكامل الشخصية وتوحدها . 
(4) إدراك صحيح لواقع الحياة ومتطلباتها . 
(5) توافق مع البيئة وتكيف ناجح إيجابي . 

مؤشرات الصحة النفسية 

وتعني تمتع الفرد ببعض الخصائص الإيجابية التي تساعده على حسن التوافق مع نفسه وبيئته ( الاجتماعية والمادية ) وكذلك تحرره من الصفات السلبية أو الأعراض المرضية التي تعوق هذا التوافق . ويمكن إجمال هذه المؤشرات فيما يلي : 
(1) الشعور بالكفاءة والثقة في النفس : 
ويعني إحساس الفرد بقيمته ، وتوفر ما لديه من إمكانات تجعله قادرا على العطاء ومواجهة الصعاب والتحديات . 
(2) القدرة على التفاعل الاجتماعي : 
ويقصد به مقدرة الفرد على عقد الصدقات وتبادل الزيارات وتكوين علاقات إنسانية مشبعة والإسهام بدور إيجابي في المناسبات والأنشطة . 
(3) النضج الانفعالي والمقدرة على ضبط النفس : 
 ويعني المقدرة على مواجهة الصراعات النفسية والسيطرة على الانفعالات والتعبير عنها بصورة مناسبة ومقبولة اجتماعيا . 
(4) القدرة على توظيف الطاقات والإمكانات في أعمال مشبعة : 
ويعني سعي الفرد إلى تحقيق ما لديه من طاقات والاستفادة مما لديه من إمكانات في أعمال مثمرة لا تتعارض مع مصالح الآخرين وتشعره بالرضا والإشباع . 
(5) التحرر من الأعراض العصابية : 
ويعني خلو المرء من الأنماط السلوكية الشاذة المصاحبة للاضطرابات والأمراض النفسية والعقلية وانتفاء كل ما يعوق مشاركته في الحياة الاجتماعية ويحد من تفاعله مع الآخرين . 
(6) البعد الإنساني والقيمي : 
ويقصد به تبني المرء لإطار قيمي يهتدي به ويوجه سلوكه ويراعي فيه مشاعر الآخرين ، ويحترم مصالحهم وحقوقهم . 
(7) تقبل الذات وأوجه القصور العضوية : 
أي تقبل الفرد لذاته كما هي على حقيقتها ورضاؤه عنها بما تشتمل عليه ، وعدم النفور أو الخجل مما تنطوي عليه من معوقات جسمية . (القريطي والشخص ،1992 : 9 ) . 

خصائص الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية :

تتميز الشخصية المتمتعة بالصحة النفسية بعدة خصائص تميزها عن الشخصية المرضية، وفيما يلي أهم هذه الخصائص : 
(1) التوافق : 
وهو تلك العملية الديناميكية المستمرة التي يهدف بها الشخص إلى أن يغير سلوكه ليحدث علاقة أكثر توافق بينه وبين البيئة . 
(2) الشعور بالسعادة مع النفس : 
أي الراحة النفسية من ماض نظيف وحاضر سعيد ومستقبل مشرق والاستفادة من مسرات الحياة اليومية ، واشباع الحاجات والدوافع الأساسية ، والشعور بالأمن والطمأنينة والثقة ووجود اتجاه متسامح نحو الذات ، واحترام النفس والثقة بها . 
(3) الشعور بالسعادة مع الآخرين : 
حب الآخرين والثقة فيهم واحترامهم وتقبلهم ، ووجود اتجاه متسامح نحو الآخرين ، والقدرة على إقامة علاقات اجتماعية سليمة ودائمة والانتماء للجماعة وخدمة الآخرين وتحمل المسؤولية والاجتماعية والاندماج في المجتمع . 
(4) تحقيق الذات واستغلال القدرات : 
فهم النفس والتقييم والواقعي وتقبل الحقائق المتعلقة بالقدرات موضوعيا وتقبل مبدأ الفرق الفردية واحترام الفروق بين الأفراد،  وتقدير الذات حق قدرها واستغلال القدرات والإمكانيات . ( الزبيدي ، 2007 : 5 ) 
(5) القدرة على مواجهة مطالب الحياة ومشكلاتها : 
من خلال النظرة السليمة للحياة ومشكلاتها اليومية ،وتقبل الواقع والبصيرة والمرونة والايجابية والقدرة على مواجهة احباطات الحياة اليومية ، والترحيب بالخبرات والأفكار الجديدة والقدرة على تحسس المشاكل واكتشاف القضايا ليجد لها حلا يرتاح إليه ويستفيد منه ، لذا على كل فرد أن يأخذ فيه زمام المبادرة بمجابهة المشكلات التي تعترضه ويقوم بتحديدها ويحاول اكتشاف الحلول . 
فالصحة النفسية هدف كبير يسعى الأفراد جميعهم إلى الحفاظ عليه ، وزاد اهتمام الأفراد في العصر الحديث بصحتهم النفسية نتيجة لتعقد الحياة الحديثة وتعدد مجالات الضغوط ومصادرها ، هذا فضلا عن ارتفاع مستوى النمو الفكري والحضاري الذي جعل الإفراد يدركون إن المتعة في الحياة لا تتوقف على صحتهم الجسمية فحسب بل تتعداها إلى صحتهم النفسية . 

العوامل المؤثرة في الصحة النفسية : 

تتأثر الصحة النفسية بالعديد من العوامل ، من ابرزها ما يلي : 

(1) الحاجات الايمانية : 

تنمو هذه الحاجات مع الفرد منذ طفولته ، حيث ان اشباع هذه الحاجة ، تقي الفرد من الاضطرابات النفسية ، والانحرافات السلوكية ، فالفرد المتدين المعتدل ، قريب من الله تعالى ، يشعر بسلام مع نفسه ، ومتفاءل بمستقبله ، مما يجلعه متمتعا بصحة نفسية جيدة . 

(2) الحاجات الفسيولوجية : 

وتتعلق بينية الجسم حيث يعتبر اشباع الحاجات الاساسية للفرد من العوامل المؤثرة في الصحة النفسية ، لأنها ضرورية لبقائه علي قيد الحياة ، كحاجته الي الطعام والشراب ، وحاجته الي النوم والراحة . 

(3) القيم المرتبطة بالعمل ل: 

ان اتجاهات الفرد نحو عمل معين له تأثيره القوي علي سلوك الفرد فيه وعلي صحته النفسية ، فالفرد الذي يجد في عمله الاحترام وتقدير الاخرين يسعد بهذا العمل ويشعر بالرضا الوظيفي ، اما الذين يعمل بأعمال لا تقابل بالتقدير والاحترام ، فإن هذا ما يجعله غير سعيد بهذا العمل مما يؤثر تأثيرا سلبيا علي تكيفه وصحته النفسية . 

(4) ظروف العمل : 

لكل عمل ظروفه الخاصة به ن فإذا كانت ضغوط العمل صعبة وغير مناسبة لحالة الفرد الصحية ، فإن هذا سيؤدى الي عدم الارتباط بهذا العمل وعدم حبه له مما يؤثر تأثيرا سلبيا علي سلوكه وصحته النفسية والعكس صحيح . 

عوامل تدهور الصحة النفسية : 

(1) الإحباط : Frustration 
الاحباط حالة يشعر فيها الفرد بعدم إشباع دوافعه بسبب عوائق قائمة أم محتملة ذاتية أو خارجية . ( عوض ، د.ت : 69) 
يؤدي الاحباط إلى اختلال الصحة النفسية للفرد وذلك نتيجة شعوره بحالة من عدم الإشباع لحاجة من حاجاته أو حل مشكلة من مشكلاته ، وتؤكد على أن استمرارية هذا الشعور يؤثر على الأداء الفعلي ويؤدي إلى نشوء مشكلات وصراعات داخل الفرد . ( العناني ، 2003 ) 
فالإحباط يؤدي إلى الشعور بالضيق والتوتر والغضب والقلق وهو من أهم العوامل التي تؤثر على توافق الفرد وصحته النفسية ، فمسببات الإحباط إما أن تكون عوامل بيئية ( خارجية ) أو عوامل شخصية ( داخلية ) . 
(2)  الصراع  : Conflict 
هو حالة نفسية مؤلمة يشعر بها الفرد حين لا يستطيع إرضاء دافعين معا في وقت واحد لتساويهما في القوة ، ومصادر الصراع إما داخلية ذاتية ترجع لدوافع الفرد التي يريد إشباعها وإما خارجية مادية أو اجتماعية أو جسمية تعوق إرضاء الفرد لدوافعه . 
أنواع الصراع : 
1- صراع إقدام إقدام Approach - Approach 
ويحدث عندما يكون أمام الفرد هدفان إيجابيان لابد أن يختار واحدا منهما . 
2- صراع إحجام إحجام Avoidance - Avoidance 
ويحدث عندما يكون أمام الفرد هدفان لهما نفس المساوئ المشتركة وعليه أن يحجم عن أحدهما . 
3- صراع إقدام إحجام Approach - Avoidance : 
ويحدث عندما يكون الهدف إيجابية وسلبيا في آن واحد فإما أن يختار الأقدام عليه وإما أن يختار الإحجام عنه . 
(3) القلق Anxiety
 القلق  حالة من التوتر Tension الشامل الذي ينشأ خلال صراعات الدوافع ومحاولات الفرد للتكيف . 
وهو حالة من التوتر الانفعالي تشير إلى وجود مظهر خارجي أو داخلي يهدد الذات . (العبيدي ، 2004 : 49 )  
أنواع القلق :
1- القلق الواقعي Reality Anxiety : 
ويسمى كذلك الموضوعي أو الشعوري وهو ما كان مصدره معروفا . 
2- القلق الخلقي أو الذاتي Moral Anxiety : 
وهو الإحساس بالذنب أو الخوف من تأنيب الضمير عند القيام بعمل يخالف العرف أو الأخلاق وهو خوف داخلي ينبع من داخل الفرد نفسه . 
3- القلق العصابي Neurotic Anxiety : 
وهو لا شعوري ، أي أن مصدره غير معروف لدى الفرد كما أنه لا يستطيع أن يجد له مبررا أو سببا صريحا واضحا وهو القلق المرضي .

أهداف ومناهج الصحة النفسية : 

هناك ثلاثة مناهج اساسية في الصحة النفسية تتمثل في : 

(1) المنهج الوقائي : 

يتضمن الجهود المبذولة للوقاية من الوقوع في المشكلات والامراض النفسية من خلال اكتشافها وكيفية معالجتها من اجل التغلب عليها قبل تعقدها وتأزمها . 

(2) المنهج النمائي : 

يعمل علي زيادة السعادة والكفاءة والرضا عن الذات والآخرين ، والتوافق مع الاسوياء عن طريق دراسة امكانيات الافراد والتعرف علي قدراتهم وميولهم . 

(3) المنهج العلاجي : 

يتضمن توفير الامكانات والخدمات العلاجية المناسبة التي تساعد الفرد علي تنمية قدراته واستعداداته من خلال توفير المعالجين والمرشدين النفسيين بهدف التقليل من الآثار السيئة المترتبة ، والوصول الي التوافق النفسي والصحة النفسية . ( العناني ، 2005 ) 

وجهات نظر في تفسيرالصحة النفسية : 

من خلال الاطلاع على الأدبيات التي تناولت مفهوم الصحة النفسية ، توصل الباحث إلى أن هذه الآراء ووجهات النظر لا تستند إلى أطر نظرية وإنما استندت إلى مدارس علم النفس ونظريات الشخصية والنظريات التي تفسر السلوك ، وربما يعود السبب إلى أن علماء النفس والطب النفسي والعلوم الأخرى جميعهم قد اهتموا بها . 
مدرسة التحليل النفسي : 
يرى فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي أن العناصر الأساسية التي يتكون منها البناء النظري للتحليل النفسي هي نظريات المقاومة والكبت واللاشعور ، فهي تقوم على بعض الأسس التي تعد بمثابة مسلمات لتفسيرالسلوك ، منها الحتمية النفسية والطاقة الجنسية والثبات والاتزان ومبدأ اللذة . 
ويتوقف تحقيق الصحة النفسية على مقدرة الأنا على التوفيق بين أجهزة الشخصية ومطالب الواقع ، أي أن الاضطراب يحدث عندما لا تتمكن الأنا من الموازنة بين الهو الغريزية والانا العليا المثالية . 
ويرى فرويد أن عودة الخبرات المكبوتة يؤثر تأثيرا رئيسا في تكوين الأمراض العصابية وان الفرد الذي يتمتع بصحة نفسية هو من يستطيع إشباع المتطلبات الضرورية للهو بوسائل مقبولة اجتماعية . 
المدرسة السلوكية : 
ترى بأن التعلم هو المحور الرئيس وان السلوك المرضي يمكن اكتسابه كما يمكن التخلص منه ، فالعملية الرئيسة هي عملية تعلم إذ تتكون الارتباطات بين مثيرات واستجابات ، ومن هنا فإن الصحة النفسية تعد نتاجا لعملية التعلم والتنشئة ، واكتساب عادات مناسبة وفعالة تساعد الفرد على التعاون مع الآخرين في مواجهة المواقف التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات ، فإذا اكتسب الفرد عادات تتناسب مع ثقافة مجتمعه النفسية هو محك اجتماعي ومن مؤيدي هذا المنهج ( سکنر ) الذي يقول إن سوء الصحة النفسية يعود إلى أخطاء في التعلم الشرطي . 
الاتجاه الإنساني : 
يرى الصحة النفسية تتمثل في تحقيق الفرد لإنسانيته تحقيقا كاملا ، وأن الطبيعة البشرية خيرة بالطبع أو في الأقل محايدة وان الظاهرة السلوكية السيئة بمثابة أعراض ، ويؤكدون الصحة النفسية ، وان الدراسة النفسية يجب ان تتوجه إلى الكائن الإنساني السليم وليس الافراد العصابيين ، ويؤكد روجرز إن هنالك اتصالا وثيقا بين مفهوم تقبل الذات وتحقيقها وبين الصحة النفسية . 
حيث يري روجرز أن الإنسان كائن عقلاني اجتماعي متعاون ، ويمكن الوثوق به ، وان الأفراد لديهم إمكانية أن يتعايشوا ويخبروا عن وعي العوامل التي تسهم في عدم توافقهم 
وأنه من الضروري الإيمان بقيمة الإنسان ، وقدرته على مواصلة النمو والتطور الذاتي ، فالإنسان مسؤول عن تقرير مصيره ورعاية مصالحه بطريقته الخاصة دون المساس بحرية الآخرين . ( الزعبي ، ۲۰۰۹) 
نظرية الجشطالت : 
تؤكد أن الفرد يدرك الموقف كلا من دون تجزئة ، وتركز الاهتمام على الإدراك الحسي ، وأن الإدراك ليس إدراكا لكليات ثم تأخذ الجزيئات تتمايز وتتضح داخل هذا الكل الذي ينتمي إليه ، وإنما الكل يختلف عن مجموع أجزائه ، وان الفرد يعيش في مجال سلوكي ، وان المجال يعتمد على عدد من العوامل الداخلية في الفرد نفسه والخارجية في مجال الفرد ، ومن هنا تنشأ التوترات التي تبقى مستمرة إلى إن تنتهي بإكمال أو اشباع حاجات هذه التوترات ، وذلك يعني النظرة الكلية لسلوك الإنسان وليس جزء من سلوكه . 
علم النفس السريري والطب النفسي :
يقتربان في تفسيرهما للصحة النفسية من تفسيرات الصحة الجسمية العامة ، إذ يعد إن الفرد السليم هو الذي يخلو من الاضطرابات النفسية والانفعالية والنفسجسمية والذهانية ، ويمكن عد الحياة سلسة من الصراعات فإذا نجح الفرد في التغلب تكون الصحة النفسية ، وإذا فشل يكون المرض النفسي . 
ويرى الطب النفسي إن اضطرابات الصحة النفسية ناتجة عن أسباب كثيرة بعضها يعود إلى الفرد والأخر للبيئة ، وتشخص اضطرابات الصحة النفسية باعتماد مجموعة من الأعراض والعلامات والحدة والشدة ، الصادرة عن منظمة الصحة العالمية . ( الزبيدي ، 2007 ، 12-15 ) ( القريطي والشخص ، 1992 ، 3 - 6 ) 

تعليقات