U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

الكتابة ، مفهومها ، أنواعها ، مراحلها ، خصائصها وشروطها ( بحث كامل )

مفهوم الكتابة
ما هو مفهوم الكتابة وما هي أنواعها ؟ 

بحث عن الكتابة : 

محتويات البحث : 

(1) المفهوم اللغوي والاصطلاحي للكتابة . 

(2) أنواع الكتابة . 

(3) مراحل تطور الكتابة . 

(4) خصائص وعناصر الكتابة . 

(5) شروط الكتابة . 

المفهوم اللغوي والاصطلاحي للكتابة : 

إذا كانت القراءة إحدى نوافذ المعرفة ، وأداة من أهم أدوات التثقيف التي يقف بها الإنسان علي نتاج الفكر البشري ، فإن الكتابة ، تعتبر في الواقع مفخرة العقل الإنساني ، بل إنها أعظم ما أنتجه العقل ، ولقد ذكر علماء الأنثروبولوجيا أن الإنسان حينما اخترع الكتابة بدأ تاريخه الحقيقي . 

فهي تعتبر شكل من أشكال اللغة التي عن طريقها يستطيع الفرد التعبير عن أفكاره وأن يتعرف علي أفكار غيره وأن يظهر ما عنده من مفاهيم ومشاعر وتسجيل ما يريد من وقائع وأحداث فمن هذا المنطلق يمكن القول أن لفظ الكتابة ورد في تعريفات لغوية : 

التعريف اللغوي للكتابة : 

لقد ورد في لسان العرب " لابن منظور " : ( كَتَبَ الكِتَابَ وكَتَبَ الشَئ يَكْتُبُهُ كَتباً وكِتاباً وكِتَابةً ، وكَتَبَهُ يَعْني خَطَّهُ ، وقيل اكْتَتَبهُ ، أي أملا عليه أو استملاه ) . 

وجاء في معجم " متن اللغة : ( كتبه ، كتباً ، وكتابة وكتبه خطه فهو كاتب، وكتبه الصبي علمه الكتابة وأكتبه القصيدة ، أملاها عليه ) . 

وقد عرفت أيضاً علي أنها " الكتابة في اللغة مصدر كتب ويقال كَتَبَ يَكْتُبُ كَتباً وكتَاباً وكتابَةٌ وَمكْتَبة وكتبة ، فهو كاتب ومعناها الجمع ، يقال تكتب القوم إذا اجتمعوا ومنه قيل لجماعة الخيل كتيبة ، ومن ثم سمي الخط كتابة لجمع الحروف بعضها إلى بعض ، وقد تطلق الكتابة علي العلم " . 

التعريف الاصطلاحي للكتابة : 

يعرفها " زين كامل الخويسكي " بأنها " أداة لغوية رمزية تعطي دلالات متعددة وتراعي فيها القواعد النحوية ، يعبر بها الإنسان عن فكره ومشاعره ، وتكون دليلاً علي وجهة نظره وسبباً في حكم الناس عليه " . 

ونجد أن " ابن خلدون " قد نهي إلى نفس المنحي عندما عرف الكتابة " أن الخط والكتابة من صنع الإنسان وهي رسوم وأشكال حرفية تدل الكلمات المسموعة الدالة علي ما في النسف فهي ثاني رتبة من الدلالة اللغوية ، وتعتبر الكتابة من خواص الإنسان التي تميز الإنسان عن الحيوان ، فهي تطلع علي ما في الضمائر وتتأدي بها الأغراض ، فتقضي الحاجات ، مضيفاً أن الكتابة هي انعكاس لشخصية الكاتب فهي صورة تفكيره وسلوكه " . 

أما " حسني عبد الباري " فيري الكتابة هي القدرة علي تصور الأفكار وكتابتها ضمن تراكيب صحيحة وأساليب متنوعة المدى ، ومراعاة الوضوح ، والتسلسل في عرض الأفكار ثم تنقيحها بهدف الضبط ، وتعميق الفكر " . 

أما " محمود شكر الجبوري " فيري أنها ظاهرة إنسانية عامة قديمة لجأ إليها الإنسان منذ أن عرف إنسانيته للتعبير عن احتياجاته والتعبير عن أفكاره ، فهو يري أنها من أعظم المبتكرات الحضارية في تاريخ البشرية ، نقلت المجتمعات القديمة من ظلام عصور ما قبل التاريخ إلى عصور فجر التاريخ . 

فالكتابة هي تعبير عن تجربة شعورية يعبر بها الفرد عن رأيه مستخدماً بذلك اللغة السليمة والأداء الواضح من أجل إيصال أفكاره إلى الشخص الآخر بوضوح . 

في حين يري باحثون آخرون أن الكتابة هي نتيجة تفكير ومعاناة ومكابدة ومعرفة وثقافة وعمليات صهر وتكرير وتقطير وتصفية وهي خلق مطلق ومنح الحياة لكلمات ميتة كانت مسجونة في القواميس والمعاجم والضمائر قبل أن تنضد علي الورق ، بحيث يمكن لمسها وتحسسها وضمها ولثمها . 

يمكن القول من خلال التعاريف السابقة أن لكتابة هي القدرة علي إيصال مجموعة من الأفكار عن طريق الخط المكتوب إلى ذهن القارئ معتمداً في ذلك علي اختيار الألفاظ المناسبة التي تؤدى المعاني المقصودة بأسلوب يفهمه القارئ . 

وفي هذا الصدد يقول " جاك دريدا " أن الكتابة ليست فقط مجرد وسيلة مساعدة في خدمة العلم وبالتالي في خدمة موضوعه ، فالتاريخ نفسه مرتبط بإمكانية الكتابة والتي بإسمها تحدثنا طويلاً عن شعوب بلا كتابة وبلا تاريخ ، إن الكتابة قبل أن تكون موضوعاً للتاريخ ، نجدها تفتخ مجالاً للصيرورة التاريخية . 

أنواع الكتابة : 

تقسم الكتابة وفقاً لأسلوبها ومجالاتها إلى ثلاثة أقسام هي : 

1- الكتابة الإبداعية : 

يقوم هذا النوع من الكتابة علي كشف المشاعر والأحاسيس والعواطف الإنسانية والابتكار في الفكرة ، فضلاً عن تخيل المعاني والتحليق بها ، فهي تعبر عن رؤية شخصية بأبعاد شعورية نفسية فكرية ، فهي تختلف من فرد إلى آخر ، بحيث تلزم هذه الكتابة صاحبها بمهارات خاصة فهي كتابة يبني من خلالها الكاتب أفكاره وينسقها وينظمها في موضوع معين بطريقة تسمح للقارئ أن يمر بالخبرة نفسها التي مر بها كاتب الرسالة .

لذا فهو تعبير إبداعي ذاتي ، يفصح عما في داخل المرسل من عواطف عن طريق عبارات منتقاه مستوفية الصحة والسلامة النحوية واللغوية ، فهي تستند إلى الابتكار في الكلمات والكتابات من أجل التأثير . 

2- الكتابة الاقناعية : 

هي الكتابة التي يستخدم من خلالها مرسل الرسالة ( الكاتب ) أساليب ووسائل إقناعية لإقناع المستقبل بوجهة نظره ، فعن طريقها تنقل المعلومات بطريقة تؤثر لصالح موقف معين ، واستخدام الأسلوب الأخلاقي ، فهو يلجأ إلى المنطق والعاطفة والأخلاق وربما إلى الدين لإقناع القارئ بآرائه . 

3- الكتابة الوظيفية : 

هي نوع من التعبير غرضها اتصال الناس ببعضهم البعض لقضاء حاجاتهم وتنظيم شؤونهم ، وهي لا تخضع لأساليب التجميل اللفظي والخيال بل أن لها مجالات محددة وكل مجال له استخداماته الخاصة فهي نوع يرتبط بمواقف اجتماعية معينة ، بحيث لا تتسم بالإسهاب في العرض أو محاولة تكرار الأفكار والمعلومات لتأكيدها وإنما لها غاية محددة تسعي لتحقيقها من أقر الطرق . 

وهذا النوع من الكتابة له أنماطه المتعارف عليها كما أنه له طريقته الخاصة ، ومهاراته النوعية المميزة له عن سواه فهي تحتاج إلى أسلوب موضوعي واضح مباشر  . 

فالكتابة الوظيفية يحتاجها كل فرد عادي لقضاء حاجاته اليومية سواء في مقر عمله أو في مكان آخر يحتاجها لييسر أموره ويقضي مصالحه . 

مراحل تطور الكتابة : 

في الحقيقة أصل هذا الشكل من أشكال الكتابة لا يزال يشوبه بعض الغموض ولكن هناك اتفاق شامل علي أن الكتابة مرت بالعديد من المراحل ، إلى أن أصبحت علي ما هي عليه الآن وهناك اتفاقاً علي أن العصر الأول للكتابة هي عصر : 

1- مرحلة الكتابة بالصور : 

هو عصر الكتابة بالصور التي ظهرت أول ما ظهرت علي أدوات الاستعمال اليومي وعلي جدران كهوف المراحل المتوسطة والمتأخرة في العصر الحجرى القديم ، وقبل أن تصبح هذه الصور كتابة حقيقية ، كان عليها أن تمر بمراحل ثلاث : ففي المرحلة الأولي كان من الضروي التوصل إلى اتفاق عام في استخدام الصور ، بحيث تدل كل صورة علي شئ معين لا يتغير شكلها ، أما المرحلة الثانية ، فكانت إيجاد تعابير عن المفاهيم المعنوية إلى جانب ما وجد فعلاً من رسوم تدل علي الأشياء المادية والمحسوسة ، وأخيراً كان ضرورياً الربط بين هذه الصور والرموز من ناحية ، وبين صوت الإنسان من ناحية أخرى . 

أي في هذه المرحلة يمكن القول أن الإنسان أخذ بالاعتماد علي رسم الأشياء في التعبير عما يريد أن يعبر عنه ، أو يروي حوادثه ووقائعه الكبري . 

2- مرحلة الكتابة بالرمز : 

حيث توصل الإنسان إلى استنباط صورة ، ترمز إلى المعني الذي يريده " قصورة الشمس مثلاً ترمز للنها " ، وبالتدرج بدأت الرموز تعبر عن وقائع وليس كلمات بأكلمها وأمكن بعد ذلك بكثير من الوقت تحليل أصوات الإنسان ومن ثم تمثيلها برموز أو حروف معينة وقد سميت المرحلة أيضاً بالمرحلة الصورية المعنوية ، حيث كانوا يرسمون الدواة والقلم للدلالة علي الكتابة ، ورسموا الجسم الضخم لدلالة علي الرجل الغني وهكذا . 

3- المرحلة المقطعية : 

في هذه المرحلة ظهر اتخاذ صورة الشئ للدلالة علي أول مقطع من اسمه ، كاستخدام صورة العدو للدلالة علي أول مقطع من ( عدو ) وهي العين المفتوحة ، وفي هذه المرحلة نجد أن الرمز المستعمل لنطق أجزاء من كلمة يمثل تجمعاً صامتاً وصائتاً ، وهذا التجمع نوع من المقاطع ، فعندما ،يقتضي نظام الكتابة مجموعة من الرموز التي تمثل منطوقات مقاطعها فإن هذا يسمي الكتابة المقطعية ، أي في هذه المرحلة تتحول الأشكال الصورية من الدلالة علي أسمائها كاملة إلى الدلالة علي أقل مقطع من مقاطعها . 

4- المرحلة الهجائية : 

عندما اشتدت الحاجة البشرية إلى تعلم الكتابة ابتدع الإنسان علامات تشبه المسامير الرأسية المائلة والأفقية واعتبرواها حروفاً ، واعتبر المجموعات التي تشكلها كلمات كالكتابة المسامرية وهي الكتابة التي توافق صوتاً محدداً ، وهذ الكتابة استخدمت الرمز بحيث يمكن تفسيره علي النحو الذي يقع في الكلمة ، ويمكن القول أن هذه االكتابة تعد كتابة مبتكرة لا يمكن إرجاعها إلى أية كتابات أخرى لأنها تطورت برموزها الخاصة بها . 

5- مرحلة الخط : 

تمكن العرب بفضل جهودهم التي بذلوها في خدمة لغتهم من إدخال إصلاحات علي حروف الخط وأهم هذه الإصلاحات ، زيادة الأحرف حيث كانت الحروف ( 22 ) " اثنين وعشرون " حرفاً ، وكانت مرتبة علي النحو التالي : أ ، ب ، ج ، د ، هـ ، و ، ز  ، ح ، ط ، ك ، ل ، م  ، ن ، س ، ع ، ف ، ص ، ق ، ر ، ش ، ت ، فوجدوا في لغتهم أحرفاً ليست ضمن هذه الحروف فأضيفت إليها الحروف التالية : ث ، خ ، ذ ، ض ، ظ ، غ ، وبهذه أصبحت الحروف ثمانية وعشرون حرفاً . 

6- مرحلة الكتابة الآلية أو الرقمية : 

في خضم هذا الزخم الإلكتروني الذي تعيشه الإنسانية في العصر الحالي ورغم الاختلاف في الطبيعة بين التكنولوجيا والكتابة ، إلا أن هذه الأخيرة أوجدت لنفسها مكاناً ضمن هذا العصر ، وذلك حينما اعتمدت في بنائها علي الرقمنة والتي تقوم علي مفهوم مفاده إمكانية تحويل جميع أنواع المعلومات إلى مقابل رقمي ، فحروف الألفباء التي تصاغ بها الكلمات والنصوص أصبح يعبر عنها بأكواد رقمية تناظر هذه الحروف رقماً بحرف ، والأشكال والصور يتم مسحها إلكترونياً للتحول إلى مجموعة هائلة من النقاط المتراصة المتلاحقة يمكن تمثيل كل نقطة من هذه النقط رقمياً سواء بالنسبة إلى مواضعها أو لونها أو درجة هذا اللون . 

فتخرج الكلمة والصورة واللون عن طبيعتها الورقية لتغدو أرقاماً ورموزاً في فضاء إفتراضي واجهته شاشات الحواسيب . 

خصائص وعناصر الكتابة : 

1- الكتابة فن اتصالي : 

نحن نعلم أن الاتصال هو العملية التي تتم عن طريقها انتقال المعرفة والمعلومات من شخص " المرسل " الكاتب إلى شخص آخر " مستقبل " قارئ ولقد لجأ إلإنسان إلى الكتابة عندما احتاج لنقل معانيه ونقل ما يجول في فكره وخاطره من مشاعر وأحاسيس ، وما شابه ذلك من كتابات تتصل اتصالاً وثيقاً بحياة الأفراد . 

وكما هو معلوم الكتابة نشاط اتصالي تنتمي للمهارات المكتوبة والمهارات الإنتاجية ، وهي تستدعي من الكاتب تحويل الرموز من خطاب شفوي إلى نص مكتوب مطبوع ، فهي تركيب للرموز " Encoding " بهدف توصيل الرسالة إلى قارئ يبعد عن الكاتب مكاناً وزماناً . 

وعلي هذا الأساس يمكن القول أن الكاتب ( المرسل ) لابد أن يكون خبيراً وبصيراً بمواضع الكتابة كالدقة اللغوية وتجنب الأخطاء ... إلخ ، وبهذا تعد الكتابة فناً اتصالياً . 

2- الكتابة عملية معقدة : 

إن الكتابة عملية إنشاء لموضوع عن طريق تحويل الأفكار والمعلومات الموجودة في الذهن إلى عمل مكتوب يترجم الأفكار ويعكس المعلومات في صورة مرئية فهي عملية عقلية معقدة ، تتم عن طريق مجموعة من المراحل للوصول إلى الصورة النهائية الكتابية ، فالكاتب لابد أن يقوم بعملية ذهنية تستدعي استمطار الأفكار والحوار والمناقشة مع استدعاء اللغة المناسبة وصياغتها صياغة مؤثرة عن طريق انتقاء الألفاظ وصياغة الجمل والكلمات الدالة علي الفكرة المقصودة ومن ثم إنتاج النص المطلوب . 

3- الكتابة عملية تفكير : 

إن الكتابة أساسها عملية تفكير ، فالفرد يفكر بقلمه والمرسل " الكاتب " يفكر في كل مرحلة من مراحل الكتابة فهي " الكتابة " نابعة من الفكر معبرة عن الإنسان وقدرته وطاقته ، وهي في هذا تشبه الكلام فإذا كان الكلام دالاً علي صاحبه فإن الكتابة دالية علي الكاتب فكراً وعلماً ، وعلي هذا الأساس يقال " إذا أردت أن تكتب كلاماً فاختار معانيه ببالك ، وتتوق له كرائم اللفظ واجعلها علي ذكر منها ليقرب عليك تناولها ولا يتعبك تطلبها . 

وعلي هذا الأساس يمكن القول أن الإنسان في أي موضوع لابد أن يفكر فيه وفي ومعانيه وألفاظه ، ويقول في هذا الصدد " أحمد السيد الهاشمي " : " إذا عٌّنَّ لك أو اُقترح عليك كتابة موضوع فأنت منوط إذاً بأمرين التفكير أولاً والكتابة ثانياً . 

4- الكتابة فن محكوم بقواعد : 

للكتابة مجموعة من القواعد التي ينبغي علي المرسل أن يلتزم بها ومن هذه القواعد ما يرتبط بتنظيم العمل الكتابي ، بداية من الحرف ، فالكلمة ، فالجملة ، فالفقرة ، ومنها ما يتصل بآليات الكتابة ككتابة الحرف ، بما يتوافق ونطقه ولفظه ، ووضع الكلمة في مكانها المناسب ... إلخ ، وقواعد استخدام أدوات الربط بين الجمل والكلمات والفقرات كما أن هذه القواعد تنطبق علي كل أنواع الكتابة ، سواء كانت وظيفية أو إبداعية ، وعليه فالكتابة ليست فناً عفوياً ولكنه فن منظم محكوم بقواعد وأصول . 

عناصر الكتابة : 

تعد الكتابة من طرق الاتصال الإنساني الرئيسية ، وأداة من أهم أدواته ومن الوسائل المهمة والضرورية لمواصلة الحياة ، تعبر عن حاجات النفس ومشاعرها وما تكنه من أفكار ومعاني ، والتعبير عن أفكاره وآرائه بلغة سليمة واضحة صحيحة بما لديه من رصيد لغوي فالكتابة فعل يعكس تفكير الفرد وسماته وقدراته في تحويل الأفكار إلى كلمات وجمل مكتوبة . 

يمكن القول من هذا المنطلق أن الكتابة تحتوي علي عناصر ضرورية لا بد من أخذها بعين الاعتبار لأنها أساس العملية الكتابية ، وهذه العناصر هي كالآتي : 

1- الحروف : 

من خلال التعاريف السابقة للكتابة ، تتحدد علي أنها رموز مرئية للأصوات اللغوية المسموعة ، والحرف هو تصوير اللفظ بحروف هجائية وعلي هذا الأساس فالكتابة إذاً هي مجموع صور تتم بحروف ، فعن طريق الحرف يتم رسم اللفظ أو بالأحري كتابة اللفظ الذي يدل علي الكلمة الدالة علي ما في النفس ، لقد استوحي الإنسان معاني هذه الحروف من أصواتها بوسيط من مشاعره وذلك بانعكاس شعورنا علي المشاعر والأحاسيس التي تثيرها أصوات هذه الحروف . 

إن العناية بنطق وكتابة الحرف المكون للكلمة والتأكيد علي هذا النطق ليس أقل أهمية من ضبطها والعناية بكتابتها ، ورسم حروفها فكل ذلك يمكن أن يؤثر علي الدلالة والمعني . 

2- الكلمة : 

إن الكتابة تتحقق بدءاً من أصغر وحدة ( الحرف ) إلى أعلى تركيب ، والكلمة من جهة شكلها المفرد يدل علي معني معين ، ولهذا نجد أن " سيبويه " يري أن الكلمة أساس الجملة والكلام وهي لفظ دال علي معني مفرد باعتبار أقسامها ، اسم وحرف . 

والكلمة باعتبارها مفرد لها دلالة كتابية وصوتية معاً ، وما تتركه من أثر في ذهن القارئ يجعلها بحاجة إلى معاينة شديدة وهذا ما جعل " سيبويه " يقف أمام ماهية الكلمة وهذا لما تحمله من خصائص بنائية تعبيرية . 

وتوظيف الكلمة في الكتابة شد انتباه العديد من علماء البلاغة ، حيث يروا أن جوهر الكلمة في اللفظ المفرد مضيفين أن الكلام يقابل الكلمة وبهذا أدركوا ما تختزنه الكلمة من عجيب التأليف وبديع التصوير . 

وبهذا يمكن القول أن بنية الكلمة تفضي بنا للوصول إلى حقيقتها ومعرفة دلالاتها وتأليفها الصحيح له أثر قوي للمعني إذا أحسن الكاتب ( المرسل ) توظيفها في سياقها ، بالإضافة إلى تلاؤمها والواقع . 

وقد ذكر " يلمسلف Hjelmslev " فيما يخص دلالة الكلمة قائلاً ، أن للغة سننها في التركيب والبناء ، وهي متجددة في بنائها وتنتظم مع عناصر التركيب ، قد تتحقق دلالاتها من الكلمات المركبة لعناصرها وقد لا يكون لها ذلك . 

3- الجملة : 

إن الجملة هي ألفاظ وكلمات دالة علي معان مفيدة ، فالبنية التركيبية لعديد من الكلمات تتكون هي الأساس في تمثيل وتشكيل الجملة ، فهي قائمة علي ركنين  ( مسند ومسند إليه ) وهو يعرف بالحد الأدني من الجملة التامة وهو ما يطلق عليه بدرجة الصفر النحوية . 

ولقد اهتم الباحثون القدماء بدراسة الجملة ، وأدركوا قيمتها في اللغة ، واهتدوا إلى أن دراسة التركيب الشكلي لعناصر الجملة وسيلة للتعبير عن معني ، ومن ثم يعد المعني عنصراً مهماً في دراسة بناء الجملة مضيفين إلى أن الجملة تقوم علي قمسين مهمين : 

القسم الأول تركيبي ، أي الجملة تتركب من حروف فكلمات فجمل ، والقسم الثاني بلاغي يتعلق بالمعني أو بالأحرى المضمون الذي تحمله الجملة . 

وبالتالي فالجملة لابد أن تفيد معني ما وإلا كانت عبثاً ، فلو رتبت كلمات ليس بينهما ترابط فلا يؤدى إلى إفادة معني ما ، لا يكن للكتابة كذلك معني . 

فمن خلال ما سبق يمكن القول أنه كلما تفنن الكاتب ( المرسل ) في اختيار مادة ألفاظه وأحسن توظيفها فهذا سيعطي الجملة دلالة واضحة باعتبار أنها أساس النص المكتوب ، لما تتميز به من تركيب في بنيتها . 

4- الفقرة : 

هي مجموع الجمل المترابطة التي تكون فكرة واحدة أو تدور حولها أو تعالجها ، فهي التي تبين كل العناصر السابقة الذكر وهناك معايير لابد علي المرسل مراعاتها عند اختيار الفقرة الكتابية ، كالتناسق والانسجام بين الفقرة والفكرة المراد معالجتها داخل سياق محدد بعيداً عن كثيرة التشعب الذي بإمكانه أن يبعد القارئ عن المعني الأصلي ، ويؤدي إلى غموض الفكرة . وأن يكون الهدف من تتابع الجمل في الفقرة الواحدة تطوير الفكرة وإثرائها . 

شروط الكتابة : 

1- التماسك الدلالي : 

ويعني أن تكون جميع حروف وكلمات وجمل النص في جميع فقراته مترابطة متماسكة تدعم الفكرة التي يريد الكاتب ( المرسل ) إرسالها وتضبط المعني ، دون غيرها ، أي دون الخروج عنها ، لأن كل ما يخالف ذلك يشوش القارئ ، ويشتت ذهنه ، وبالتالي يضعف النص المكتوب باعتبار أن النص الذي يكتبه المرسل ويكون متماسكاً يجعله أقرب إلى الفهم ، لأنه يوضع العلاقة بين الأفكار في الجملة الواحدة وسننها وبين الجمل الأخرى . 

من خلال هذا يمكن القول أن المرسل عند إرسال رسالته لابد أن يحرص كل الحرص علي وضع حروفه وكلماته وجمله داخل تناسق منطقي ، بحيث لا يجب كتابة حروفه وكلماته أو جمله بصورة اعتباطية ، بل عبر روابط لغوية مفهومة وواضحة . 

2- توافق كتابة الحرف واللفظ مع المعني : 

إذا كانت اللغة عبارة عن نظام من العلاقات ، فإنه يمكن القول بأن الكتابة تقع ضمن الإطار العالم لعلم الرمز العام ، وقد أسس " دي سوسير " لذلك عندما تكلم عن ثنائية الرمز والمدلول ، بحيث الرمز هو الجانب المادي من العلامة والمدلول المفهوم الذهني وفي الكتابة هناك مثال علي دال مكتوب . 

فالكتابة تهدف إلى ترميز اللغة في شكل خطي ، ويتم ذلك من خلال ترابط مجموعة من الحروف بحيث يكون لكل حرف دلالة كتابية تتوافق مع معني وصوت لغوي يدل عليه بهدف تقديم رسالة من مرسل وهو الكاتب بعد أن يقوم بتركيب الرسالة في صورة أفكار وألفاظ وجمل إلى مستقبل وهو القارئ بغية تحقيق تواصل جيد بينهما . 

فالكلمة المكتوبة هي أداة التعبير وبذلك يتم تبين الكلمة وحقيقتها الدالة عليها ، أي بين الدال والمدلول أو الشكل والمعني متي يكون هناك تلاؤم طبيعي ولعل من الرواد الأوائل لعلم العلامات هو " أفلاطون " الذي تناول في محاوره أصل اللغة ، وتكلم عن الكلمة " Semiatics " التي تعني مؤول العلامات . 

فالكتابة ما هي إلا علامات ترمز إلى دلالات أو معان مقصودة ومحددة لأن الغاية من الكتابة هي تواصل الفرد مع الآخرين من أجل إيصال أفكاره إلى طرف آخر يشاركه من خلالها أحاسيسه وهمومه وانشغالاته . 

ولقد ورد أن الكلام كله ثلاثة أنواع فمنها ما هي سمات دالات علي الأعيان ويسميها المنطقيون الأسماء ، ومنها ما هي سيمات دالات علي تأثير العيان بعضها في بعض ويسميها المنطقيون الكلمات ، ومنها ما هي سيمات دالات علي معاني فإنها أدوات للمتكلمين تربط بعضها ببعض في شكل كتابة كالأسماء بالأفعال والأسماء بالأفعال ، وغيرها . 

من خلال هذا الطرح يمكن القول أن الشئ المكتوب يضم أربعة عناصر : 

أولاً : مشاهدة الحرف أو اللفظ المكتوب . 

ثانياً : تصور عقلي لهذا الحرف أو اللفظ المكتوب . 

ثالثاً : هل هو لفظ يعبر عن معني معين . 

رابعاً : ترجمة اللفظ إلى كتابة . 

3- مراعاة سياق النص المكتوب : 

من المعروف أن الكلمة هي ذخيرة المرسل وعدته وثرواته التي يعبر بها عن نفسه وبها ينشئ نصه وبها يخاطب الناس ، ولولا الكلمات لما كانت ثمة وسيلة للتعبير ويعتبر السياق مهم لهذه الكلمات أو بالأحرى الكتابة ، لأن الكلمة التي تحسن في سياق قد لا تحسن في سياق آخر ، بمعني أن قيمة اللفظة معنوياً وأسلوبياً مستمدة من السياق ، حيث أن الألفاظ تتغير معانيها من عصر إلى عصر ومن سياق إلى سياق . 

فكتابة الأشكال اللغوية والكلمات والجمل ، تفهم من السياق وينبغي أن يشرحها اللغوي في هذا الإطار ، فعلاقة المعني لا ينبغي أن تفهم علي أنها علاقة ثنائية بين اللفظ وما يشير إليه ، بل علي أنها مجموعة من العلاقات المتعددة الأبعاد وهي أساس العلاقات بين اللفظة في الجملة وسياقات حدوثها وقد أشار " مالينوفكسي " إلى ذلك في قوله أن معني اللفظ يتحدد بالإشارة إلى السياق الثقافي . 

4- ربط الصوت بالرمز المكتوب : 

إن العناية بنطق الحرف من مخرجه وتكيون الكلمة من مناطقها الصوتية والتأكيد علي هذا النطق ، ليس أقل أهمية من ضبطها والعناية بكتابتها ورسم حروفها ، فكل ذلك يمكن أن يؤثر علي الدلالة ويؤدى إلى خطأ جسيم في معاني المفردات والحروف ، حيث أن التهاون في ربط الصوت بالرمز المكتوب يؤدى بدوره إلى التهاون في نطق الكلمة وعدم إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة بما يخل بالدلالة بصفة عامة ودلالة الكلمة بصفة خاصة . 

فكثيراً ما نلاحظ عدم نطق وكتابة الحروف نطقاً وكتابة صحيحة خاصة حيث يتم نطق بعض الحروف بحروف أخرى كحرف الطاء الذي ينطق " تاء " خاصة في أجهزة الإعلام . فالصوت اللغوي يصدر عن الإنسان وهو يختلف عن سائر الأصوات الأخرى فهو يمثل مادة اللغة ومظهرها الواقعي . 

فعلي هذا الأساس وما من شك فإن التعرف علي مواضع نطق الحرف يقدم عوناً كبيراً ويؤثر تأثيراً بالغاً في تحديد دلالة الكلمة وتوصيلها للمتلقي بالمعني المقصود دون خلل أو حيرة في معرفة المعني . 

تعليقات