 |
| ما هو مفهوم الاحتراق النفسي ؟ |
مفهوم الاحتراق النفسي :
محتويات البحث :
(1) مفهوم الاحتراق النفسي .
(2) تعريف الاحتراق النفسي .
(3) النماذج المفسرة للاحتراق النفسي .
مفهوم الاحتراق النفسي :
تعود البدايات الأولي للإشارة إلى مفهوم الاحتراق النفسي إلى الأبحاث التي قام بها الطبيب Selye Hans الذي أشار في مقال كتبه في مجلة " nature " سنة 1936 إلى مصطلح الإجهاد stress والذي فسره علي أنه مجموعة من الاستجابات العصبية والهرمونية الموجودة عند كل كائن حي يواجه اعتداء والتي تهدف إلى الحفاظ علي وحدته النفسية والجسدية والعودة مرة ثانية للانجسام ، حيث أطلق عليه بعد ذلك مصطلح أعراض التكيف العام ( Syndrome general d'adaptation ) .
ليتوصل هذا العالم بعد ذلك أن الإجهاد استجابة جسدية غير محدد لأي مطلب بيئي ، تتم هذه الاستجابة علي ثلاثة مراحل وهي مرحلة الإنذار ، المقاومة ثم الاستنفاذ والذي اصطلح علي تسميته بعد ذلك بالاحتراق النفسي .
تطورت الدراسات بعد ذلك إلى شرح مفهوم الإجهاد وعلاقته ببعض المهن حيث فسر العالم CANNON BRADFORD WALTER سنة 1942 الحالات المرضية التي تتولد في سياق العمل خاصة عند الممرضات وسماه ( قلق الممرضات ) وفي سنة 1959 وصف الطبيب الفرنسي الأخصائي في الأمراض العقلية Veil Claude بطريقة علمية حالات الإنهاك المهني الناتجة عن الإجهاد النفسي المستمر ليتوصل في الأخير أن الإنهاك في العمل يظهر مباشرة بعد قيام الشخص بمجهود معتبر لمواجهة معوقات أو عقبات نابعة من الشخص نفسه أو من العالم الخارجي وقد كتب في مجلة ( le medical concour ) مقالاً عن الإنهاك المهني قائلاً " هو نتيجة لقاء الفرد بوضعية يتسمان كلاهما بالتعقيد " .
لكن أول من وصف الاحتراق النفسي هو الطبيب المختص في الأمراض العقلية والمحلل النفساني الأمريكي Freudenberger Herbert سنة 1970 والذي وظفه للتعبير عن الحالة النفسية لمجموعة من المتطوعين الشباب العاملين معه في عيادته ( free clinic ) للتكفل بالمدمنين ، حيث لاحظ بأن تصرفاتهم أصبحت أسوأ من سلوك المرضي ، وفي سنة 1974م قدم Freudenberger أول بحث وصف فيه الاحتراق النفسي من خلال مقاله ( burnout staff ) واستعمل لأول مرة مفهوم متلازمة الاحتراق النفسي للتعبير عن فقدان الفرد الدافعية للعمل ، خاصة إذا كان الدافع قوي ولم تتحقق النتائج المرجوة والمنتظرة .
وقد كتب هذا الطبيب في إحدى مقالاته سنة 1980 " لقد أدركت من خلال ممارستي العيادية أن الأفراد قد يكونون أحياناً ضحايا حرائق مثلهم مثل البنايات ، فتحت تأثير الضغط الناجم عن الحياة في عالم معقد تلتهب طاقتهم ومواردتهم الداخلية وكأنها تحت فعل النيران ولا يبقى إلا فراغاً شاسعاً يحتل دواخل أنفسهم ، حتى ولو بدت هيأتهم الخارجية سليمة نوعاً ما " .
ومنذ سنة 1976 قامت كل من Maslach christina و Jackson Susane و Pines Alaya بعدة دراسات حول بعض المهن وخاصة في ميدان الطب والصحة العقلية ثم المحاماة أين تم التوصل إلى أن الاحتراق النفسي يتكون من ثلاث أبعاد أساسية هي الإنهاك الانفعالي ، تبلد الشخصية والنقص في الإنجاز الشخصي .
وفي سنة 1977 قدمت Maslach. C أول محاضرة عن الموضوع وكتبت مقالاً عن الأشخاص ذوي المهن الاجتماعية أو المهن التي ترتكز مهامهم علي علاقة المساعدة وأوضحت أن الاحتراق النفسي يصيب هذه الفئة من العمال عندما لا يستطيعون مواجهة الإنهاك الاانفعالي .
كما صممت سنة 1981 رفقة تلميذاتها Jackson. S أداة لقياس الاحتراق النفسي في البداية وجهت هذه الأداة إلى المهن الاجتماعية ثم صمما سنة 1986 أداة قياس ثانية تتوافق مع كل المهن .
توالت بعدها الدراسات حول مختلف المهن ، حيث قام Cherniss Cary بعدة أبحاث حول الاحتراق النفسي عند عمال القطاع العمومي أما كل من Edelwiche و Brodesky فقدما أبحاث حول عمال المهن الاجتماعية وعلاقة المساعدة .
ويعتبر المؤتمر الدولي الأول حول الاحتراق النفسي الذي عقد بفيلاديلفيا الأمريكية بشهر نوفمبر 1981 البداية الحقيقة للاهتمام بهذا الموضوع وذلك بحضور كل من Cheriniss و Jackson و Maslach و Freudenberger ولازالت الدراسات والأبحاث مستمرة عن ظاهرة الاحتراق النفسي لحد الساعة والتي لاقت اهتمام الأخصائيين والمؤسسات والهيئات العالمية خاصة المنظمة العالمية للصحة .
تعريف الاحتراق النفسي :
التعريف اللغوي :
Burnout : مصطلح ينتمي إلى اللغة الإنجليزية مشتق من فعل ( out burn to ) و معناه تآكل ( user's ) ، أنهك ( epuise devenir ) وذلك من خلال الإفراط في استهلاك الموارد والطاقة .
Burnout : اسم معناه الانطفاء ، الاستهلاك ، وظف في علم النفس للتعبير عن الشعور بالإحباط عند المهنيين الاجتماعيين ، تظهر عليهم أعراض العزلة ، انعدام الالتزام والشك في قدراتهم وكفاءتهم .
التعريف الاصطلاحي :
وهو مصطلح خاص بعالم الفضاء يشير إلى الحالة التي يتم فيها استنفاذ الوقود في الصاروخ ما ينتج ارتفاع كبير في درجة الحرارة به واحتمال تحطمه .
ومن هذا التعريف استوحت الأخصائية في علم النفس Lidvan - Girault Noelle ترجمة لمصطلح ( Burnout ) أين أوضحت أن الأشخاص يصابون بالاحتراق وعبرت عنه باستعمال لفظ ( psychologique carbonisation ) في اللغة الفرنسية لا توجد ترجمة مقبولة لهذا المفهوم ، فقد ترجم إلى المفاهيم التالية : usure professionnelle أو epuisement professionelle .
وفي اليابان يعبر عنه باستعمال مفهوم : Karo ( Karoshi ) ( الموت ) ، Shi ( تعب العمل ) ، ويعني الموت من شدة التعب في العمل .
أما في اللغة العربية فتقابله المصطلحات التالية : الاحتراق النفسي ، الاحتراق الوظيفي ، الضغوط المهنية والإنهاك المهني .
وقد تم تعريف هذا المفهوم من طرف المنظمة العالمية للصحة علي أنه " إحساس بالتعب الشديد وفقدان التحكم في القدرات للوصول إلى نتائج محسوسة في العمل " .
ويعتبر الطبيب ( Freudenberger , 1974 ) أول من عرف الاحتراق النفسي علي أنه " حالة ناجمة من الاستعمال المفرط لدي الفرد لطاقته موارده مما يولد لديه الإحساس بالفشل والإنهاك والانطفاء .
وعرفته ( Maslach Christina , 1976 ) علي أنه " عدم القدرة علي التكيف مع الضغط النفسي المستمر النابع من محيط العمل .
ثم عرفه Freudenberger ثانية رفقة ( Richerlson , 1980 ) علي أنه " حالة من التعب الشديد أو الإحباط تصيب الفرد الذي يبدي الإخلاص والتفاني لوضعية أو نمط حياة أو علاقة ولم يتوصل فيها إلى النتائج المتوقعة ، كون مستوي توقعات الشخص تتعارض جذرياً مع الواقع .
أما ( Cherniss Cary , 1980 ) فعرفه علي أنه " نتاج لتفاعل الفرد مع بيئته ، هذين العاملين يشكلان سيرورة وعملية تطورية تتفاعل مع بعضها البعض وبشكل مستمر .
كما عرفه كل من ( Brodsky Archie , Edelwich Jerry , 1980 ) بنفس السنة علي أنه " الانخفاض التدريجي للطاقة ، الطموح والمشاركة نتيجة لظروف العمل " .
لتعرفه ثانية كل من ( Maslach. C , Jackson. S , 1981 )علي أنه " متلازمة إنهك انفعالي وتبلد الشخصية وانخفاض الانجاز الشخصي ، يحدث عند الأفراد الذين يعملون في بعض المهن .
النماذج المفسرة للاحتراق النفسي :
1- نموذج Cherniss ( 1980 ) :
بالنسبة لـ Cherniss فإن الاحتراق النفسي ينتج حين يحدث اختلال في التوازن بين موارد الشخصية من عوامل فردية ( تقدير الذات ، الكفاءة ... إلخ ) أو عوامل تنظيمية ومتطلبات العمل ( دعم الزملاء ، تقدير الرؤساء في العمل ... إلخ ) .
هذا الاختلال يظهر في وجود فرق بين التوقعات والحقيقة المرجوة في الواقع ، ففي هذه الحالة ينتج الإجهاد ثم الاحتراق النفسي .
وفي العوامل الفردية ، أضاف Cherniss ثلاثة محددات هي التوقعات المرجوة من العمل التوجيه المهني واستراتيجية مواجهة الإجهاد .
وبالنسبة إلى هذا الأخصائي أيضا الاحتراق النفسي هو عبارة عن سيرورة تتكون من عدة مراحل هي : إدراك الإجهاد ، الاستجابات الانفعالية للإجهاد والتغيير في السلوك والمواقف ليتوصل في الأخير أن الاحتراق النفسي هو استراتيجية مواجهة دفاعية ضد الإجهاد .
وقد قدم سنة ( 1980 ) النموذج الشامل للاحتراق النفسي ، حيث قابل مع معاونيه سبعة وعشرون مهنياً مبتدئاً في أربعة مجالات : الصحة ، القانون ، التمريض ومجال التدريس في المدارس الثانوية ، وتمت مقابلة كل المفحوصين عدة مرات خلال فترة تتراوح من سنة إلى سنتين .
2- نموذج Jackson , Maslach ( 1981 ) :
لقد سبق التطرق إلى أن كل من Maslach و Jackson أوردتا من خلال دراستهما حول الاحتراق النفسي أنه متلازمة إنهاك انفعالي وتبلد الشخصية وانخفاض الإنجاز الشخصي ، يحدث عند الأفراد الذين هم في احتكاك دائم مع الآخرين في بعض المهن الخاصة الاجتماعية منها وحسب نفس العالمتين فإن أبعاد الاحتراق النفسي تعرف علي النحو التالي :
الانهاك الانفعالي ( emotionnel epuisement ) :
هو قلب الاحتراق النفسي يتلخص في الشعور بانعدام الطاقة واستنزاف للموارد الشخصية ، مصدر هذا الاختلال هو عبء العمل والصراعات الشخصية في محيط العمل ، يظهر في الأخير علي شكل تعب شديد ، إضافة إلى الشعور بالإحباط والتوتر وبذلك الإنهاك الانفعالي هو استجابة قاعدية في متلازمة الاحتراق النفسي .
تبلد الشخصية ( depersonalisation ) :
وهو البعد الثاني في الاحتراق النفسي أو البعد الشخصي .
ويعبر عنه بشعور الفرد بالبرودة في التعامل مع من يتلقون منه الخدمة وانفصال في العلاقة التي تربطهما ، حيث يطور هذا الأخير مواقف السخرية واللامبالاة تجاههم وتجاه العمل والزملاء .
ورغم أن مفهوم ( depersonalisation ) ينتمي إلى الاضطرابات الذهانية إلا أن الكثير من الباحثين يفضلون استعمال المفردات التالية : cynisme أي مواقف السخرية واللامبالاة أو ( aide'd relation la de deshumanisation la ) أي التعامل الغير إنساني والقاسي مع من يتلقون من الخدمة .
نقص الإنجاز الشخصي ( La diminution de l' accomplissement personnel ) :
وهو البعد التقييمي للذات في متلازمة الاحتراق النفسي وآخر مراحله ( la dimension auto-evaluative du burnout ) يلخص في شعور المهني بانخفاض في كفاءته المهنية وفي أدائه المهني .
تعليقات