U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

تعريف التنمية المستدامة وتطور مفهومها وأبعادها

تعريف التنمية المستدامة
ما هو تعريف التنمية المستدامة ؟ وما هي أبعادها ؟ 

تعريف التنمية المستدامة وتطور مفهومها : 

محتويات البحث : 

(1) ما هي التنمية المستدامة ؟ . 

(2) تطور مفهوم التنمية المستدامة . 

(3) أبعاد التنمية المستدامة . 

ما هي التنمية المستدامة ؟ : 

تبلور مفهوم التنمية المستدامة خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي ، خاصة مع مطلع السبعينات ، الذي شهد ارتفاعاً في مستوي الوعي البيئي وزيادة التوجهات نحو المحافظة علي الموارد الطبيعية ومحاربة التلوث وتجنب الإخلال الذي من شأنه أن يقلل أو يعدم إمكانات الأجيال المقبلة من العيش في ظروف مرضية ، حيث أدركت حكومات العالم أن قضايا البيئة لا يمكن فصلها عن قضايا التنمية الاقتصادية ، مما يستدعي الحفاظ علي التوازن ما بين الاقتصاد والنظام البيئي . 

تطور مفهوم التنمية المستدامة : 

يعود اهتمام الدول بالبيئة والتنمية المستدامة بعد نشر تقرير نادي روما سنة 1972 حول المجتمع البشري وعلاقته باستغلال الموارد الاقتصادية ، ثم نشر تقرير حدود للنمو الذي يحذر من عدم استمرار التنمية الاقتصادية بسبب نفاد الموارد كنتيجة للزيادة السكانية المتسارعة ، ليتم في نفس السنة انعقاد مؤتمر ستوكهولم حول البيئة الإنسانية ، الذي نظمته الأمم المتحدة ، بمثابة خطوة نحو توجيه الاهتمام العالمي بالبيئة ، ولقد ناقش هذا المؤتمر للمرة الأولي القضايا البيئية ولعلاقتها بواقع الفقر وغياب التنمية في العالم كما دعا حكومات الدول لضرورة عدم تجاهل البيئة عند التخطيط . 

وفي سنة 1987 ، أصدرت اللجنة العالمية للتنمية والبيئة تحت رئاسة وزية البيئة للنرويج آنذاك " Brundtland Gro Harlem " كتاب بعنوان ( مستقبلنا المشترك ) الذي وضع أول سند لمفهوم التنمية المستدامة ، ويعتبر هذا الكتاب أول من جعل التنمية المستدامة قضية إنسانية بقدر ما هي قضية تنموية وبيئية تستوجب اهتمام وتظاهر جهود كل فئات المجتمع أفراد ومؤسسات وحكومات . 

وفي عام 1992 ، اجتمع المجتمع الدولي في ريو دي جانيرو بالبرازيل في إطار مؤتمر قمة الأرض تحت إشراف الأمم المتحدة لمناقشة تدابير وبل تفعيل التنمية المستدامة علي المستويات الوطنية والإقليمية والدولية ، كما تم في شهر ديسمبر 1997 إقرار بروتوكول " كيوتو " الذي يهدف إلى الحد من انبعاث الغازات الدفيئة والتحكم في كفاءة استخدام الطاقة في القطاعات الاقتصادية المختلفة وزيادة استخدام الطاقة المتجددة . 

ليتم بعد ذلك عقد مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة بجوهانسبرغ بجنوب أفريقيا في أبريل 2002 لاعتماد خطة التنفيذ بناء علي التقدم المحرز والدروس المستفادة منذ انعقاد قمة الأرض ونصت علي اتباع نهج أكثر تركيزاً ، مع خطوات ملموسة وقابلة للقياس وأهداف وغايات محددة زمنياً . 

وفيما يلي سنتطرق لأهم تعريفات التنمية المستدامة بدءاً من التعريف الأكثر اقتباساً ضمن تقرير بونتلاند : 

1- هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة علي تلبية احتياجاتها الخاصة ، وتدعو التنمية المستدامة إلى تظافر الجهود من أجل بناء مستقبل للناس ولكوكب الأرض بحيث يكون شاملاً للجميع ومستداماص وقادراً علي الصمود ، وأهم ما يميز هذا التعريف هو احتواؤه علي مفهومين أساسيين هما : 

- مفهوم الاحتياجات ، ولاسيما الاحتياجات الأساسية لفقراء العالم ، التي ينبغي أن تعطي الأولوية القصوي لها . 

- فكرة القيود التي تفرضها حالة التكنولوجيا والتنظيم الاجتماعي علي قدرة البيئة علي تلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية . 

2- التنمية المستدامة هي التنمية التي تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والبيئية إلى جانب الأبعاد الاقتصادية لحسن استغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجيات الأفراد مع عدم التخلي عن المساواة والعدل الاجتماعي والاحتفاظ بحق الأجيال القادمة ، ومواجهة خطورة التدهور البيئي . 

تسعي التنمية المستدامة إلى تحقيق التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للتنمية في منظور طويل الأجلي وعالمي ، وتؤدى إلى تعظيم الرفاهية للجيل الحالي دون تخفيض مستوي تلك الرفاهية في المستقبل ، ولتحقيق ذلك يتطلب المشاركة الكاملة للمجتمع للوصول إلى حلول قابلة للتطبيق لإزالة الآثار السلبية الناتجة عن استنافد الموارد الطبيعية والتدهور البيئي ، كما يتطلب أيضاً حماية السلع والخدمات العامة التي تكون ضرورية لتحقيق النمو الاقتصادي في ظل نظام بيئي سليم وصحي ومجتمع متماسك . 

وعليه ، فالتنمية المستدامة هي تنمية مستمرة ومتوازنة تقوم علي تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والبيئية في منظور طويل الأجل وعالمي وتعني بالحفاظ علي الموارد الطبيعية للأجيال القادمة . 

أبعاد التنمية المستدامة : 

تتطلب التنمية المستدامة استراتيجية هيكلية طويلة الأجل للأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في العالم فهي تهدف إلى تقليل العبء علي البيئة والموارد الطبيعية مع الحفاظ علي النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ، بالتالي نجاح عملية التنمية واستمراريتها علي المدي الطويل مرتبط بمدى تمكنها من تحقيق التوازن بين هذه الأبعاد الثلاثة الاقتصادية الاجتماعية والبيئية والتي سنتطرق إليها فيما يلي : 

أولاً : البعد الاقتصادي : 

يتعلق البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة بزيادة واستمرار النمو الاقتصادي من خلال الاستغلال الأمثل لموارد الطبيعية أي دون تبديدها ، بالإضافة إلى تحسين مستوي معيشة أفراد المجتمع وتحسين دخولهم من خلال تخفيض تكاليف الاستثمارات وتوسيع الأسواق وزيادة التنافسية والقضاء علي مشاكل التضخم وغيره من المشاكل الاقتصادية والمالية . 

ثانياً : البعد الاجتماعي : 

يعني البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة في المقام الأول بالحد من القر ، فوفقاً لتحذيرات الأمم المتحدة يعتبر الفقر أكبر تهديد للاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي والصحة البيئية للكوكب . 

ويمكن مساعدة المجتمع في الحد من الفقر بعدة طرق ، من خلال تلبية الاحتياجات الأساسية لأفرادها كضمان الغذاء والسكن ، دفع أجور مناسبة وتقديم المزايا المرتبطة بها كالمعاشات التقاعدية ، تخفيض ضرائب الدخل وزيادة التحويلات بهدف تضييق الفجوة بين أرباح الأغنياء والفقراء . 

كما يمكن معالجة الفقر من خلال الاستثمار الاجتماعي في مجال الصحة والتعليم وذلك عن طريق دعم نظام الرعاية الطبية في القطاع العام وإقامة الاستثمارات ، ضمان التعليم من خلال تكثيف الاستثمار في التعليم والتدريب وبناء المهارات اللغوية والتعليمية . 

ثالثاً : البعد البيئي : 

يعكس البعد البيئي لأداء الاستدامة تظافر جهود الحكومات والشركات والمجتمع المدني في ترك بيئة أفضل للأجيال القادمة من خلال الحفاظ علي النظام البيئي وتحسين جودة الماء والهواء والحد من البصمة الكربونية في الجو . 

فالبعد البيئي يتعلق أساساً بالتأثيرات علي الموارد الطبيعية والبيئية التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر علي الظروف المعيشية لأفراد المجتمع ، وتشمل نقاط القوة البيئية المجالات الآتية : المنتجات والخدمات المفيدة ، سياسات مكافحة التلوث ، إعادة التدوير ، الطاقة النظيفة ، وغيرها من نقاط القوة البيئية الأخرى ، أما المخاوف البيئية فتشمل : النفايات الخطرة ، المواد الكيميائية المستنفدة لطبقة الأوزون ، الانبعاثات الكبيرة ، المواد الكيميائية الزراعية ، التغيرات المناخية والمخاوف البيئية الأخرى . 

ومع اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ، والتي تهدف إلى تعزيز السلام العالمي بالإضافة إلى الأهداف الأخرى ، اتخذ مفهوم التنمية المستدامة معني أكثر ثراءاً من خلال إضافة بعدين حاسمين هما الشراكة والسلام العالمي : 

- السلام العالمي : يرمي إلى استتباب الأمن وتعزيز السلام العالمي وضمان رعاية مجتمعات سلمية عادلة وخالية من الخوف والعنف . 

- الشراكة : من خلال حشد الوسائل اللازمة لتنفيذ جدول أعمال خطة التنمية المستدامة وذلك من خلال إقامة شراكات عالمية تقوم علي روح التضامن العالمي المعزز ، والتي تركز بشكل خاص علي احتياجات أشد الناس فقراً وضعفاً وبمشاركة جميع البلدان وجميع أصحاب المصلحة . 

من خلال ما سبق ، نستنتج أن الاستدامة الحقيقية تقوم في صميم هذه الأبعاد الخمسة وذلك باعتبار أن هذه الأبعاد مترابطة بشكل وثيق وتعتمد علي بعضها البعض في ضمان تحقيق أغراض خطة التنمية المستدامة في القضاء علي الفقر والازدهار وحماية النظام البيئي والموارد الطبيعية في جميع أنحاء العالم . 

تعليقات