U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

القيادة التحويلية ، مفهومها ، أبعادها



بحث عن القيادة التحويلية doc
بحث عن القيادة التحويلية 

المحتويات : 

أولا : المقدمة . 
ثانيا : القيادة التحويلية  Transformational Leadership
   1.  مفهوم ( تعريف ) وأهمية القيادة التحويلية . 
   2.  أبعاد القيادة التحويلية : 
        -  الكاريزما Charisma ( الجاذبية أو التأثير المثالي )
        - الاعتبارية الفردية Individualized Consideration 
        - الاستثارة الفكرية Intellectual Stimulation
        - التحفيز Motivation 
        - التمكين Empowerment 
   3. خصائص القائد التحويلي : 
        - القدرة علي التركيز والانتباه . 
        - تحمل المخاطرة 
        - الثقة بالنفس والآخرين . 
        - احترام الذات . 
        - القدرة علي الاتصال . 
        - الإحساس بالآخرين . 
   4. كيفية عمل المدخل التحويلي . 

أولا : مقدمة عن القيادة التحويلية : 

لقد حظي مفهوم القيادة التحويلية باهتمام العديد من الكتاب و المفكرين و قد نتج عن هذا الاهتمام كه من الأدب النظري . بواسطة هذا البحث سنحاول عرض جزء مما تناولته هذه الأدبيات . 

ثانيا : القيادة التحويلية Transformational Leadership 

1.  مفهوم ( تعريف ) وأهمية القيادة التحويلية  : 

يمكن تعريف القيادة التحويلية بأنها عملية يشترك فيها الفرد مع الآخرين ويكون روابط تعمل على رفع مستوى الدافعية و الأخلاق عند كل من القائد و التابع، لذ فإن القائد التحويلي يلبي حاجات الآخرين و دوافعهم في المنظمة و يحاول مساعدتهم في الوصول إلى أقصى قدراتهم مهاراتهم، و هو الذي يحاول تغيير القيم التنظيمية المشتركة لمؤسسته ليعكس معيارا أكثر إنسانية و عدالة لتميكن المدير و الأتباع من الوصول إلى مجموعة من القيم الأخلاقية أقوى و أعلى من القيم السابقة ( 188 : 2001, Northouse ) . 

تدعو القيادة التحويلية إلى التغيير والتطوير الدائمين في المنظمة لمواجهة التطورات والتحديات في البيئتين الداخلية و الخارجية، و يتطلب مثل هذا التغيير قيام القيادة التحويلية بثلاث فعاليات أساسية هي: 

1. توليد رؤية متجددة تجاه المستقبل المتوقع للمنظمة على أن تمتد هذه الرؤية إلى جميع الأجزاء و الوحدات في المنظمة. 

2. إحداث القبول الجماعي لكل ما هو جديد و حديث من قبل المعنيين في المنظمة . 

3. توفير كل ما هو مطلوب لإحداث التغيير في عموم المنظمة سواء أكان ذلك على صعيد المستلزمات التقنية أم المالية أ التسويقية أ الإدارية ( 2000 : 307 - 308 ) . 

و انطلاقا من الأفكار أعلاه يشير ( 187 : 1990 , Tichy & Devanna ) أن مفهوم القيادة التحويلية لا زال يكتنفه بعض الغموض مما جعل بعض الدراسات تحاول تعريف مفهوم القيادة التحويلية بأنها القدرة على مواءمة الوسائل مع الغايات و تشكيل و إعادة تشكيل المنظمات لتحقيق أغراض إنسانية عظيمة، ان هذا النمط القيادي يقوم على إدراك جوهر الحاجات الظاهرة و الكامنة للمرؤوسين و العمل على إشباع تلك الحاجات و استثمار أقصى طاقات المرؤوسين بهدف تحقيق تغير مقصود. 

و من هذا المنطلق. فإن القائد التحويلي يسعی  إلى زيادة وعي مرؤوسيه باحتياجاتهم، و تحويل هذا الوعي إلى آمال و توقعات.  بالتالي تتولد لديهم الدافعية لإشباع تلك الحاجات فيما يتعلق بإدراك و تحقيق الذات في حياتهم العملية . 

و يرى ( 233 : 2000 , Trafino ) أن القيادة التحويلية تهتم بمدى سعي القائد التحويلي إلى الارتقاء بمستوى مرؤوسيه من أجل الإنجاز و التطوير الذاتي و العمل على تنمية و تطوير الجماعات و المنظمة ككل . و هناك من يرى القيادة التحويلية بأنها التفاعل بين القادة والمرؤوسين المؤدي إلى رفع التحفيز و الارتقاء إلى أعلى المستويات و تجاوز المصلحة الشخصية إلى المصلحة العامة ( Kark, et al. ,2003:247 ) 

و تعني القيادة التحويلية من وجهة نظر( 330 : 2004 , afferty & Griffin ) استخدام القائد العنصر الجاذبية والصفات الشخصية ذات العلاقة ليرع من التطلعات و يحول الأفراد والنظم الأنماط من الأداء ذي المستوى العالي . 

ومن جانب أخر، يميل المفكرون إلى اعتبار القيادة التحويلية نتيجة للتطور و الممارسات القيادية التي أدت إلى تطوير القائد الإداري لذاته و أدائه و تعامله مع التغيرات العالمية المعاصرة، إلى أن أطلق عليه القائد التحويلي ، و هو ذلك الذي يرفع من مستوى العاملين لتحقيق الإنجاز و التنمية الذاتية و يروج لعملية تنمية و تطوير المجموعات و المنظمات و يستثير في أتباعه الهمم العالية و الوعي بالقضايا العالمية الرئيسة في الوقت الذي يعمل فيه على زيادة ثقتهم بأنفسهم ( الهواري ، 1999 : 147 ) . 

و أخيرا ، ينظر ( 47 : 2002 , Conger ) للقيادة التحويلية على أنها تلك القيادة التي تتجاوز تقديم الحوافز مقابل الأداء المرغوب إلى تطوير و تشجيع المرؤوسين فكريا و إبداعيا تحويل اهتماماتهم الذاتية لتكون جزءا أساسيا من الرسالة العليا للمنظمة . 

إن القيادة التحويلية تدعم و تضع قيما للمنظمة ، و تحدث تغييرات في ثقافتها و معتقداتها و تسهم في وضع معايير للأداء ضمن نسق متكامل و مترابط يجعلها قادرة على الاستجابة الفاعلة للتغيرات الداخلية و الخارجية ( 9 : 1991 , Avolio ). 

فالمنظمات المعاصرة ديناميكية في جوهرها ، فحاجات و رغبات العاملين و المتعاملين فيها متجددة و متغيرة مما يستدعي وجود قيادات تمتلك خصائص و قيما و معتقدات تختلف جذريا عن خصائص القيادة التقليدية بحيث تكون قادرة على التوظيف الفاعل للموارد والتقنيات و نظم المعلومات و قيادة المنظمة في ظروف و مناخات تنافسية ، فالمنظمات الفاعلة هي المنظمات التي تتحلى بالمرونة و الابتكار و تعتمد استراتيجيات واضحة للتغيير ( 22 : 1992, Bass & Avolio ) . 

قدم (1985, Bass ) في منتصف الثمانينيات نسخة موسعة و منقحة للقيادة التحويلية تعتمد على الأعمال السابقة التي قدمها ( House , 1976 ) , ( Burns, 1978 ) و لكنها لا تنسجم تماما معهما، فقد وسع ( 1985,Bass ) في مدخله من عمل ( 1978,Burns )  حيث أعطى المزيد من الاهتمام لحاجات الأتباع و ليس لحاجات القادة، و ذلك من خلال اقتراح أن القيادة التحويلية يمكن أن تنطبق على المواقف التي ليست مخرجاتها إيجابية. 

و من خلال النظر إلى القيادة التبادلية التحويلية كسلسلة متصلة واحدة و ليست كسلسلتين منفصلتين ( 379 - 382 :1993 , Yammarino) . و لقد وسع ( 1985,Bass ) أيضا من عمل ( 1976 ,House ) بإعطاء مزيد من الاهتمام للعناصر العاطفية و الأصول الكاريزمية من خلال القول : الكاريزما تعد شرطا ضروريا و لكن ليس كافيا للقيادة التحويلية . ( Yammarino , 1993 ) 

و يفيد ( 1985 , Bass ) بأن القيادة التحويلية تحفز الأتباع على بذل أكثر مما هو متوقع  من خلال القيام بما يأتي : 

1. رفع مستوى وعي الأتباع بأهمية و قيمة الأهداف المحددة و المثالية . 
2. حث الأتباع على تغليب مصلحة الفريق أو المنظمة على مصالحهم الشخصية. 
3. تحفيز الأتباع للاهتمام بالحاجات ذات المستوى الأعلى. 

اهداف القيادة التحويلية : 

 يورد ( 21-17 : 1992 ,Leithwood ) أن القيادة التحويلية تعمل على : 

1. تطوير أداء العاملين بالمنظمة، و تحسين مهاراتهم بصورة مستمرة، و تشجيعهم على العمل الجماعي التعاوني، و التقليل من عزلتهم المهنية، و تدعم التغيرات الثقافية تضع معايير موضوعية لقياس الأداء، و ترسخ الثقافة المهنية. 

2. تجعل من العاملين يقدمون حلولا إبداعية للمشكلات التنظيمية، و تحفزهم على الانخراط في أنشطة جديدة و بذل الجهود الإضافية لتحقيق رسالة المنظمة و أهدافها. 

3. تشرك العاملين في وضع الأهداف و الرؤية المستقبلية للمنظمة، و تساعدهم على اعتماد التفكير الإبداعي لتقديم حلول متعددة لإنجاز الأهداف، و تجنبهم الالتزام بالحلول المنمطة أو اعتماد السرعة في إصدار الأحكام. 

4. تشكل من العاملين في المنظمة فريق عمل واحد يتقاسم المسؤوليات و الصلاحيات و تضع مهامهم آمالا واسعة ممكنة التحقق، و ترسخ مناخا تعاونيا باعثا على التميز و الإبداع. 

5. تقدم توضیحات مفصلة لواجبات و مهمات كافة العاملين في المنظمة و تشركهم في صناعة القرارات التنظيمية، و تقيم ورش عمل لتنمية مواهبهم و ميولهم و قدراتهم. 

6. تتحسس حاجات العاملين و المتعاملين و تسعى جاهدة لإشباعها، و تستجيب بفاعلية الحاجات المجتمع المحلي دائمة التغيير. 

إن القادة التحوليين يمتلكون رؤية جماعية واضحة يعملون على تحقيقها من خلال تواصلهم مع العاملين، ويتصرفون كنماذج يحتذى بها، و يلهمون تابعيهم ليضعوا المصالح العامة فوق مصالحهم الشخصية، كما أنهم يحفرون العاملين و يشجعونهم على الإبداع و هم بذلك يتحملون المسؤولية و المخاطر الناشئة عن إنجاز المهمات، فالقائد التحويلي يحفز العاملين على تباع الطرق المناسبة لإنجاز المهمات الوظيفية، و يشركهم في صناعة القرارات و يمكنهم من مزاولة بعض الصلاحيات لتدريبهم على القيادة. 

في هذا الصدد يؤكد ( Junga et. al. 2003 : 526  ) أن القائد التحويلي يوزع الصلاحيات و يتصرف بوصفه قائدا لفريق عمل متناغم يسعى جاهدا للإبداع لتحقيق مستويات أداء تفوق التوقعات . 

 أبعاد القيادة التحويلية : 

اشتملت استبانة القيادة متعددة العوامل MLQ - Multifactor Leadership Questionnaire التي وضعها ( 1985 , Bass ) على خمسة أبعاد للقيادة التحويلية على النحو الآتي : 

1. الكاريزما Charisma ( الجاذبية أو التأثير المثالي )،

 حيث يقوم القائد بغرس الكبرياء في نفوس العاملين، و ترتيب أولويات المهمات و تحديد الواجبات الأكثر أهمية، و نشر الإحساس برسالة المنظمة. 

فالقائد يضع المعنى أو المغزى من خلال الفهم و التواصل المستمر مع العاملين، كما أنه يمتلك مقدرة عالية على الإقناع و يطرح رؤى و أفكارا عن مستقبل المنظمة. 

فالقادة الكاريزميون يمكن تمييزهم عن غيرهم من القادة من حيث استخدامهم لممارسات إدارية مهنية مصقولة تحدث تأثيرا و تترك انطباعا واضحا لدى العاملين . 

و يصف ( 193 : 2001, Northouse ) الكاريزما بالتأثير المثالي، فهو يصف القادة الذين تمثل تصرفاتهم أدوارا نموذجية لأتباعهم، و يرغبون في محاكاتهم بدرجة كبيرة، و عادة ما يكون لدى هؤلاء القادة معايير عالية جدا للسلوك الأخلاقي، و يمكن الاعتماد عليه للقيام بالشيء الصحيح يكن لهم الأتباع احتراما عظيما، و غالبا ما يثقون فيهم إلى حد بعيد و يزود هؤلاء القادة الأتباع برؤية و شعور بالرسالة، إذ يصف عامل الكاريزما الأفراد الخاصين الذين يجعلون الآخرين يرغبون تباع الرؤى التي يطرحونها. 

يعرف ( avolio, et . al, 1991 : 10 ) التأثير المثالي بأنه "إظهار مشاعر الاحترام للآخرين، و بناء الثقة المتبادلة و الثقة في رسالة المنظمة، حيث يستطيع القائد التحويلي أن يجعل العاملين يتأثرون بممارساته، و ذلك عندما يتحسس العاملون معه مقدرته على تحقيق أهداف المنظمة و رسالتها "" 

كما يعتقد ( 23 : 1992 , Bass& Avolio ) أن التأثير المثالي خاصية ملحوظة لدى القادة الذين يمتلكون البصيرة و الإحساس برسالة المنظمة، و الذين يحظون بالاحترام و الثقة و التقدير من قبل العاملين. و هذا النوع من القادة يجعل العاملين يقدمون جهوها إضافية لتحقيق مستويات أداء تفوق التوقعات. 

و يشير ( 2003 , Woods ) أن التأثير المثالي يحدث عندما يتصرف القادة كأنماط رموز للدور أو المنصب الذي يشغلونه، حيث ينظر العاملون لهم على أنهم مثال للأخلاق ولقيم ويبدون مشاعر الإعجاب و الاحترام و الثقة تجاههم، كذلك فإن سلوك القائد ممارسته التي تجسد الحرص على المصالح العامة تجعله أكثر تأثيرا على العاملين معه . 

2. الاعتبارية الفردية Individualized Consideration ، 

و ذلك بتفويض الصلاحيات لهم وتمكينهم من ممارساتها و تحفيزهم على اكتشاف خبرات و تجارب تعليمية و العمل على تدريبهم و تطوير مهاراتهم و مراعاة الفروق الفردية بينهم. 

و يضيف : ( Northhouse, 2001 : 194 ) أن هذا العامل يمثل القادة الذين يوفرون المناخ المساند الذي ينصتون فيه بعناية الحاجات الأتباع الفردية، و يتصرف القادة كالمدربين و المستشارين في أثناء محاولتهم مساعدة الأفراد في أن يحققوا ذاتهم فهؤلاء القادة ربما يستخدمون التفويض وسيلة لمساعدة الأتباع على النمو من خلال التحديات الشخصية. 

و يرى ( 27-21 : 1998 , Krishnan ) أن كثيرا من القادة لا يؤثرون على الآخرين بهدف تغيير سلوكهم فحسب بل لأسباب محددة لديهم بهدف دفعهم لإنجاز الأدوار المنوطة بهم بشكل أفضل . 

وقد حاول بعض الباحثين تصنيف التأثير إلى مستويات بناء على مقدرة القائد و دوره في إقناع و استرضاء العاملين معه، فقد يكون التأثير باستخدام الأسلوب الاستقرائي القائم على تعرف حاجات العاملين وقد يتم باستخدام إستراتيجية التحكم القائم على الانصياع للأوامر وضع معايير و مواعيد صارمة لإنجاز المهمات و الضغط المستمر على العاملين لتحقيق الأ المطلوب.

 كما توجد إستراتيجية التألف التي تشير إلى محاولات القائد بناء تحالف مع العاملين وإشعارهم بأهميتهم و تأسیس روابط صداقة معهم و الثناء على جهدهم، كما قد يطبق القائد إستراتيجية المنطق التي تعتمد على استخدام العقل و التفكير لإقناع الآخرين بأهمية إنجازهم الأدوارهم الوظيفية . 

3. الاستثارة الفكرية Intellectual Stimulation 

تعني إثارة العاملين للتفكير بطرق جديدة في حل المشكلات ، و استخدام التفكير المنطقي قبل الإقدام على أية ممارسة أو تصرف ( 695 - 702 : 1988 , Hater & Bass ) . 

وقد أطلق ( 193- : -2001 , Northouse) على هذا البعد " الدافعية الإلهامية "، فيصف هذا البعد القادة الذين يوحدون الأتباع بتوقعات عالية و يلهمونهم من خلال تحفيزهم ليلتزموا بالرؤية المشتركة للمنظمة، فعند تطبيق هذه الرؤية يستخدم القادة الرموز و التودد العاطفي لتركيز جهود الأتباع من أجل تحقيق أكثر مما يحققون من خلال اهتمامهم الذاتي.

و هذا النوع من القيادة يعزز روح الفريق، و من الأمثلة على هذا البعد مدير المبيعات و ذلك من خلال تحفيزه لموظفيه من خلال الكلمات و العبارات التشجيعية التطوير مستقبل شركتهم. و أيضا يقصد بها إثارة العاملين لجعلهم أكثر وعيا بالمشاكل التي تعترض تحقيق الأداءات التي تفوق التوقعات و يظهر دور القائد من خلال التعاطف مع الآخرين و الاستماع لأفكارهم ومقترحاتهم و مشاركتهم في أحاسيسهم ومشاعرهم. 

هذا يعني أن القائد يمارس من خلال هذا البعد أساليب التقمص العاطفي لتحفيز العاملين على  إيجاد حلول إبداعية لمشكلات المنظمة ( 27-21 : 1998 ,Krishnan ). 

فالقائد التحويلی يجب أن يعمل على إيجاد مبررات قوية تدعو العاملين إلى إعادة النظر في طرق تفكيرهم تجاه مشكلات العمل التقنية و الإنسانية و قيمهم الشخصية، و أن يساعدهم على حل المشكلات بطرق جديدة من خلال الحوار و تقديم الأدلة والبراهين الداعمة للحلول الإبداعية.

 فالقائد التحويلي يقيم التوازن بين قيم العاملين و قيم المنظمة للوصول إلى نوع من التوحيد القيمي الشخصي والمنظمي. إن التحفيز الفكري يعد ضروريا و خاصة إذا كانت خبرة القائد ومعلوماته عن المشكلة محدودة كما أنه يعد ضروريا في الحالات التي يكون فيها أغلب العاملين من المتعلمين تعليما عاليا 

حيث أشارت نتائج البحوث إلى أن هذه المجموعات من العاملين تحرص على المشاركة و المساهمة الفاعلة في حل المشكلات التي تعاني منها منظماتهم فمشاركة العاملين ومساهمتهم و الأخذ بآرائهم و مقترحاتهم تشعرهم بالرضا الوظيفي و تعمق التزامهم و ولاءهم للمنظمة ( avolio , et. al , 1991: 9-16 ) 

4. التحفيز Motivation 

لقد تم تطوير هذه الأبعاد من خلال توسيع المؤشرات الدالة على كل بعد ،  فقد عمل ( 1991 , Avolio ) على إضافة بعد آخر جديد للأبعاد التي أشار إليه ا(1985 , Bass ) و هو بعد التحفيز، حيث يعرف ( 2003 , Woods ) التحفيز بأنه " إثارة المشاعر والعواطف لدى العاملين للعمل و الحركة ، و القيادة الإلهامية و الرؤيوية و الروحية و عقيدة القائد و إيمانه ". 

و يؤكد ( avolio , et. al , 1991: 12 ) أن بعض الباحثين ينظرون للقيادة المحفزة كشيء غير قابل للبحث، باعتبار أن التحفيز هو من خصائص القائد الفطرية، بمعنى أن الكاريزما هي نوع من الموهبة التي لا يتم اكتسابها أو تغييرها، لذلك كان الاتجاه السائد يقضي بضرورة التعامل مع خصائص القائد الأكثر واقعية . 

إن التركيز المعاصر على القيادة التحويلية يعاني من مشكلات ذات صلة بالتحفيز، ففي الوقت الذي يكون فيه التحفيز ملحوظا و شائعا في مستويات الإدارة العليا للمنظمة، فإن قيادات القاعدة قد تكون لديهم درجات معينة من التحفيز الملهم من وجهة نظر العاملين لهم بعكس الاعتقاد الذي كان سائدا و الذي يقتصر عملية التحفيز في مستويات الإدارة العليا.

 فقد يعمل قادة المستويات الوسطى على تحفيز العاملين و تطوير مهاراتهم، و تحديد أدوارهم و تنميط الأدوار لقادة ملهمين آخرين، و هذه الإجراءات تعمل على إلهام العاملين و إمكانية تحقيق ذلك تحدث و لو جزئيا من خلال الاهتمام المزدوج بتقدير الأفراد و تحفيزهم، و هذا السلوك يدعم المقدرة الإلهامية لدى القائد لكونه يجعل العاملين يشعرون بقيمتهم و يدعم ثقتهم بأنفسهم و إحساسهم بأن قائدهم يستطيع التغلب على العقبات، و بوسعه تقديم العون والمساعدة لهم لمواجهة تحديات العمل المتوقعة. 

ويطلق ( 194 : 2001 , Northouse ) على هذا البعد " الحفز الذهني " و يشير إلى القيادة التي تعمل على تحفيز الأتباع ليكونوا مبدعين و مبتكرين ومتحدين لمعتقداتهم و لقيمهم للمعتقدات التي يتبناها القائد و المنظمة، و هذا النوع من القيادة يساند الموظفين في محاولتهم التبني أساليب و طرق جديدة، و يطور أساليب مبتكرة للتعامل مع القضايا التنظيمية، و ينمي تفكير الأتباع للاعتماد على أنفسهم لحل المشكلات التي يواجهونها . 

5. التمكين Empowerment 

هو أحد الأبعاد الجوهرية للقيادة التحويلية التي أضافها (1999 ,Avolio)،  و الافتراض الرئيس في فكرة التمكين أن سلطة اتخاذ القرار من المفترض أن يتم تفويضها للموظفين في الصفوف الأمامية لكي يمكن تمكينهم للاستجابة بصورة مباشرة الطلبات العملاء و مشاكلهم و احتياجاتهم و يتضح أن فكرة التمكين تتطلب التخلي عن النموذج التقليدي للقيادة الذي يركز على التوجه إلى قيادة تؤمن بالمشاركة والتشاور . 

إن القائد التحويلي يعمل على تمكين الآخرين لمساعدتهم على تحويل رؤيتهم إلى حقيقة و المحافظة عليها .. يؤكد أن القادة الذين يتمتعون بسلوك تحويلي لديهم القدرة على إمداد مرؤوسيهم بالطاقة و الإلهام لتمكينهم من التصرف عن طريق إمدادهم برؤية للمستقبل بدلا من الاعتماد على أسلوب العقاب و المكافآت.

 فالقيادات التي تمتلك الرؤية يمكن أن تخلق مناخ المشاركة و تهيئ الظروف المساعدة للتمكين التي عن طريقها يستطيع الموظفون أن يأخذوا على عاتقهم السلطة  لاتخاذ القرارات التي تعمل على تحقيق تلك الرؤى بجانب إمداد الموظفين بالرؤية، فالقيادة التحويلية تتميز بقدرتها على خلق السلوك الإلهامي الذي يعزز الفاعلية الذاتية للعاملين للوصول إلى الهدف ( 52-49 : 1993 , Bass & Avolio ) 

و تتميز القيادات التي لديها توقعات و طموحات عالية بقدرتها على تعزيز الفاعلية الذاتية للموظفين و تحفيزهم لبناء المبادرة الفردية التحقيق الهدف. 

خصائص القائد التحويلي : 

و يحدد ( Hetland & Sandal, 2003: 147-170 ) ست خصائص للقائد التحويلي و ذلك على النحو الآتي : 

1. القدرة على التركيز و الانتباه :

 يتمتع القائد التحويلي بقدرته على الإصغاء و الانتباه لما يقوله الآخرون بالإضافة إلى التركيز الكبير على الأمور المهمة في المواقف التي يواجهها من خلال تحديد الأولويات التي يقوم بها، ليس هذا فحسب بل إنه يعمل على جعل الآخرين يتبنوها، و في مجال التغيير يمثل هذا الشخص داعية التغيير الأول و أحد أبرز رموزه، فهو يعمل على شرح أهدافه و توضيح غاياته لإقناع الآخرين بأهمية الأخذ به، إضافة إلى ذلك فهو يمتلك القدرة على التعامل مع المواقف الغامضة و تلك التي يصعب التنبؤ بها . 

2. تحمل المخاطرة : 

يتسم القائد التحويلي بالشجاعة و تحمل المخاطرة، و التي لا تعني البلاهة و الغباء كما قد يتبادر للذهن، فالشجاعة هنا تعني أن يكون للشخص موقف واضح يتحمل من أجله المخاطرة المحسوبة و يرفض الوضع القائم غير الملائم، كما أنه يواجه الحقيقة حتى لو كانت مؤلمة، و يكشف الحقيقة للآخرين حتى و لو لم يريدوا سماعها و لا يسعى إلى حماية نفسه من الفشل لأن الفشل بالنسبة له عملية تعليمية يحاول الاستفادة منها مستقبلا . 

3. الثقة بالنفس و الآخرين :

 يتسم القائد التحويلي بأنه يثق بالآخرين و يثق الآخرون به بعيدا عن التسلط و الديكتاتورية، فسعيه الحثيث نحو تحقيق الأهداف التي يؤمن بها لا ينسيه إحساسه بالآخرين و العمل على تمكينهم Empowerment عن طريق تفويض بعض الصلاحيات لهم مشاركتهم في عملية صنع القرارات، و غالبا ما يضع القائد التحويلي أو قائد التغيير الحقيقي لنفسه مجموعة من المبادئ التي يسترشد بها في أعماله، و يتعامل مع الجانب العاطفي عن طريق الأخلاق العالية في التعامل و المثل العليا و الحوافز و العقوبات . 

4. احترام الذات :

 يحمل القائد التحويلي مجموعة من القيم و المثل الأساسية و التي في ضوئها تتشكل أقواله و سلوكه و تصرفاته، و يؤمن دائما بأن الفعل أبلغ من القول، كما أنه يدرك أن انسجام الأقوال مع الأفعال يولد الثقة و الاحترام و التقدير و الولاء عند الآخرين و هو ما يحتاجه القائد عندما يريد أن يقوم بعملية التغيير، بل إن كثيرا من جهوده تضيع بسبب عدم ثقة المرؤوسين بالقائد. 

5. القدرة على الاتصال : 

يتمتع القائد التحويلي بالقدرة على التصور لما ينبغي أن تكون عليه الأمور، و يعمل على ترجمة تصوراته إلى واقع، و بذلك فإنه يتمتع بقدرة على الاتصال وإيصال المعنى للآخرين مستندا في ذلك على الرؤية الواضحة لما يريد أن يفعله . 

6. الإحساس بالآخرين: 

يسعى القائد التحويلي إلى جعل أعمال موظفيه أكثر قيمة و معنی من خلال العمل على الارتقاء بمستوى كفاءتهم و فعاليتهم في أداء أعمالهم، كما أنه يعمل على إيجاد درجة عالية من الانسجام و التعاون بين الأفراد و الجماعة و رفع الروح المعنوية بين أعضائها. 

ومن خلال المراجعة والبحث لمجموعة من الكتاب المتخصصين بعلم المنظمة و السلوك التنظيمي، فقد لاحظ أن أغلب الكتاب ركزوا على الأبعاد التالية للقيادة التحويلية التي اعتمدت عليها الدراسة الحالية كما يبين الجدول التالي : 

أبعاد القيادة التحويلية كما وردت لدي العديد من الكتاب 

الأبعاد

الكاتب

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Bass

1985م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Avolio

1991م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Geijsel & Berg

1999م

الجاذبية والتأثير المثال ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية ، التمكين .

Avolio

1999م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Trofino

2000م

التأثير المثالي أو الكاريزما ، الدافعية الإلهامية ، الحفز الذهني ، الاهتمام الفردي .

Peter G. Northouse

2001م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Mackenzie

2001م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Kent

2001م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Hetland & Sandal

2003م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Judge & Piccolo

2004م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Piccolo & Colquitt

2006م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Lale Gumusluoglu

2007م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Arzu Ilsev

2007م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Victor J. Garcia-morals

2008م

الجاذبية والتأثير المثالي ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Francisco Javier Liorens-Montes

2008م

الجاذبية والتأثير ، التحفيز ، الاعتبار الفردي ، الاستثارة الفكرية .

Antonio J. Verdu-Jover

2008م


كيفية عمل المدخل التحويلي  : 

يعد المدخل التحويلي للقيادة منظورا يقوم على أساس يشتمل على العديد من الأوجه الأبعاد لعملية القيادة، و بصورة عامة يصف المدخل التحويلي كيف يمكن للقادة القيام بتطوير و تنفيذ التغييرات المهمة في المنظمات.

 و تتخذ الخطوات التي يتبعها القادة التحويليون الشكل التالي : 

يقوم القادة التحويليون بمساعدة الأتباع و تمكينهم من إحداث التغيير من خلال رفع الوعي لدى الأفراد، و جعلهم يتعدون اهتماماتهم الخاصة لصالح الآخرين، و لكي يحدث القادة  التحويليون التغيير فإنهم يصبحون نماذج قوية بالنسبة لموظفيهم، فهم يملكون منظومة متطورة من القيم الأخلاقية و شعورا قويا بالهوية ( 308-267 : 1988, Avolio& Gibbons ) واثقون بأنفسهم و يصغون لتابعيهم و يتسامحون مع وجهات النظر المعارضة ونتيجة لذلك تنمو روح التعاون بين القادة و تابعيهم، فيرغب الأتباع بتقليدهم لأنهم يتعلمون أن يثقوا بهم ويؤمنوا بالأفكار التي يتبنونها ( 200 - 199 : 2001 , Northouse ). 

يمتلك القادة التحويليون رؤية مستقبلية تظهر من مختلف الأفراد و الوحدات داخل المنظمة فالرؤية المستقبلية هي النقطة المحورية للقيادة التحويلية، فهي توضح الاتجاه الذي تسير نحوه قيادة المنظمة، و إضافة لذلك فإن الرؤية المستقبلية تعطي الأتباع إحساسا بالهوية داخل المنظمة و شعورا بالفعالية الذاتية ( 594 - 577 : 1993 -Shamir , House & Arthur). 

يبدأ القادة التحويليون عملية التغييرعادة كما أنهم يقومون بتنفيذه و يستمعون لوجهات النظر المعارضة داخل المنظمات، و إلى التهديدات التي قد تنشأ خارج المنظمة، و أحيانا يولد القادة أنفسهم حالة من عدم الاستقرار من خلال تشجيع التعبير عن وجهات النظر أو القضايا المعارضة.

 و من خلال هذه الحالة يقوم القادة التحويليون بإحداث التغيير، و يتطلب المدخل التحويلي أن يصبح القادة مهندسين اجتماعيين ، فهم يقومون بتوضيح القيم و الأعراف الناشئة في المنظمة و ينخرطون في ثقافتها و يساعدون في تشكيل معناها، فالناس بحاجة إلى معرفة أدوارهم و إلى أن يفهموا كيف يكونون مساهمين في الأهداف الكبرى للمنظمة (Northouse ,2001 : 200 ) .
تعليقات