U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

النفقات العامة ، مفهومها ، تقسيماتها ، قواعدها وحدودها ( بحث كامل )

بحث عن النفقات العامة
ما هي النفقات العامة ؟ وما هي تقسيماتها ؟ 

بحث عن النفقات العامة : 

محتويات البحث : 

(1) مقدمة عن النفقات العامة . 

(2) مفهوم النفقات العامة . 

(3) تطور مفهوم النفقات العامة . 

(4) أركان النفقات العامة . 

(5) تقسيمات النفقات العمومية . 

(6) قواعد النفقات العامة . 

(7) حدود النفقات العامة . 

(8) أسباب تزايد النفقات العامة . 

مقدمة عن النفقات العامة : 

تستهدف الدول النامية من خلال نفقاتها العامة إلى تحقيق جملة من الأهداف وذلك من خلال توجيه نفقاتها العامة ، فلا شك أن نجاح الدولة في سياستها الاقتصادية يعتمد على مدى زيادة حجم النفقات العامة من ناحية ومدى ما تتميز به من إيجابية وإنتاجية وكفاءة في تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى وعليه سنتطرق فيما يلي إلى مفهوم النفقات العامة . 

مفهوم النفقات العامة : 

سنتطرف فيه لمفهوم النفقة العامة لغة واصطلاحاً . 

لغة : 

مشتقة من كلمة نفق وهي تدل علي انقطاع الشئ وذهابه ومنه نفقات الدابة أي ماتت ونفق البيع أي راج البيع وذلك أنه يمضي فلا يكسد ولا ينفق ، وسميت النفقة لأنها تمضي لوجهها ، ونقول أنفق الرجل أي ذهب ما عنده ورجل منفاق أي كثير ومنه قوله تعالي " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتوراً " ( الإسراء : الآية 100 ) ، أي لأمستكم خشية نفادها فتصبحوا فقراء . 

اصطلاحاً : 

النفقة هي تلك المبالغ المالية التي تقوم بصرفها السلطة العمومية ( الحكومة أو الجماعات المحلية ) والنفقة هي مبلغ يخرج من الذمة المالية للدولة أو أحد تنظيماتها بقصد تحقيق حاجة عامة . 

وهي أداة من أدوات تحقيق السياسة المالية من أحل إشباع الحاجات العامة وتحقيق أهداف المجتمع كما تساهم في تحقيق النهوض بالاقتصادات الوطنية ودفع عجلة التنمية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي . 

وتعرف أيضاً علي أنها مبلغ من المال يخرج من خزانة الدولة بواسطة إدارتها ومؤسساتها وهيئاتها ووزاراتها المختلفة لإشباع حاجة عامة . 

تطور مفهوم النفقات العامة : 

تعكس النفقات العامة دور الدولة وتطوره ، فمع تطور دول الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة ثم الدولة المنتجة ، تطورت النفقات العامة وتطر مفهومها الذي اختلف في ظل الدولة المنتجة . 

أولاً : المفهوم التقليدي للنفقات العامة : 

لم تنجح سياسة التدخل التي انتهجها الفكر التجاري في أواخر عهده وطالب الفكر الاقتصادي الطبيعي للدولة أن تتبع النظام الاقتصادي الطبيعي الحر وعدم التدخل في نشاطه واقتصر دور الدولة الحارسة حسب رأي الاقتصادي آدم سميث علي القيام بالوظائف التقليدية التي تتمثل في تأمين الدفاع والأمن والعدالة ، إضافة إلى بعض أوجه النشاط المحدودة التي تستهدف توفير بعض الخدمات والمرافق العامة التي لا تتعارض مع مبادئ المذهب الفردي الحر ، وقد أدى تقليص أهمية نشاط الدولة الحارسة والتمسك بحيادة نشاطها المالي حسب قانون ساي إلى نتائج عديدة أثرت في مفهوم النفقات العامة أهمها :

أ) ضرورة تقليل النفقات العامة : 

بحيث يجب أن تكون في أضيق الحدود بالقدر اللازم لتمكين الدولة من القيام بوظائفها التقليدية المحدودة لما تنطوي عليه النفقات العامة من استهلاك لجانب من ثروة المجتمع نتيجة للطابع الاستهلاكي وغير الإنتاجي لنشاط الدولة . 

ب) ضرورة التمسك بجياد النفقات العامة واقتصارها علي الفرض المالي فقط : 

الذي أبعدها علي أن تكون لها آثار اقتصادية واجتماعية وفي واقع الأمر فإن النفقات العامة في ظل الدولة الحارسة لم تتخلص كلياً من إحداث بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية ولو كان ذلك بصورة غير مباشرة رغم طابعها الغير المنتج ، الأمر الذي جعل الاقتصاديين التقليديين يشرعون في الحد من النفقات العامة لضمان حيادها أو علي الأقل لتضييق نطاق آثارها الاقتصادية والاجتماعية . 

ثانياً : المفهوم الحديث للنفقات العمومية : 

اتضح مع تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ضرورة التخلي عن مفهوم الدولة الحارسة وانتشر بدلاً منه مفهوم الدولة المتدخلة خاصة بعد أن ساد العالم الكساد العالمي الكبير في 1929 وفي الوقت ذاته برزت أفكار النظرية الكينزية للاقتصادي الإنجليزي جون مينارد كينز ، خلال الثلاثينات من القرن الماضي والتي قامت علي تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي من خلال الانفاق باعتباره المضخة التي تنشط الدورة الدموية للنشاط الاقتصادي والتخلي عن الحياد المالي واحلال محله المالية الوظيفية والذي يقرر بتحديد الانفاق العام المطلوب أولاً ولا مانع أن يتحدد انفاق عام أكبر من الإيرادات . 

وفي ظل الدولة الاشتراكية أو المنتجة التي تتحمل مسؤولية النشاط الاقتصادي في المجموعة نتيجة لسيطرتها الفعلية علي وسائل الإنتاج إزداد حجم النفقات العامة وبخاصة الاقتصادية والاجتماعية وذلك لاتساع نطاق نشاط الدولة الذي يهدف إلى توزيع موارد الدولة بين الإنتاج والاستهلاك وفقاً لخطة وطنية شاملة تملك الدولة سلطات مطلقة في تنفيذها . 

وفي ظل الدولة النامية تتحمل الدولة مسؤولية إحداث تغيرات هيكلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإقامة المشروعات اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية لعملية التحول الاقتصادي والتي يطلق عليها مشروعات البنية التحتية والاقتصادية والاجتماعية ولا شك أن نجاح الدولة في سياستها الاقتصادية يعتمد علي مدى التخصيص الأمثل للموارد والتوزيع العادل للدخل والاستقرار والنمو الاقتصادي . 

ومع اتساع دور الدولة زاد الاهتمام بالنفقات العامة واحتلت مكاناً بارزاً في الدراسات المالية وذلك بتحديد وتحليل المكونات ، أنواعها ، آثارها الاقتصادية والاجتماعية في الاقتصاد وأصبحت أداة في توجيه السياسة المالية لتحقيق الأهداف المسطرة . 

أركان النفقات العامة : 

1- استعمال مبلغ نقدي : 

فليس من المنطق أن تكون النفقة العامة علي شكل عيني علماً أن هذا الشكل قد وجد في العصور القديمة ، إذ كانت النفقة إما أن تكون علي شكل نقدي أو علي شكل عيني ، ولكن مع تطور الدولة وتعدد مؤسساتها وكثرة حاجات الأفراد أصبحت النفقة العامة تحمل الشكل المالي النقدي ، لأن النقد أصبح وسيلة تبادل ، ومن السهل علي السلطة التشريعية أن تراقب الإنفاق النقدي . 

2- صدور النفقة من شخص معنوي عام : 

لكي تكون النفقة عامة يجب أن تصدر من شخص معنوي عام ، والأشخاص المعنوية هي تلك التي تنظم قواعد القانون العام علاقتها بغيرها وتتمتع بالشخصية القانونية المستقلة . 

والأشخاص المعنوية هي الدولة والولاية والبلدية والمؤسسات والهيئات العامة وتبعاً لذلك لا يعتبر المال الذي يخرج من ذمة شخص طبيعي نفقة عامة وإن كان هدفه تحقيق مصلحة عامة كبناء مدرسة أو مستشفي فلابد لإبقاء النفقة أن تخرج من ذمة شخص معنوي عام بقصد تحقيق مصلحة عامة . 

وقد استند الفكر المالي لتحديد طبيعة هذا الانفاق إلى معيارين إحداهما قانوني والآخر وظيفي : 

- المعيار القانوني : ويستمد هذا المعيار علي الطبيعة القانونية للشخص القائم بالإنفاق فإن كان من أشخاص القانون العام فإن النفقة تعد عامة مهما كان الغرض منها ، أما إن كان من أشخاص القانون الخاص فإن النفقة تعد خاصة حتى إذا كان الغرض منها تحقيق منفعة عامة . 

- المعيار الوظيفي : ويستمد هذا المعيار علي الطبيعة الوظيفية والاقتصادية للشخص القائم بالإنفاق وليس علي الطبيعة القانونية له وبناء علي ذلك فلا تعتبر جميع النفقات العامة التي تصدر عن الأشخاص العامة نفقات عامة ، بل يعد كذلك فقط تلك التي تقوم بها الدولة أو الأشخاص العامة ووتماثل نفقات الأفراد فإنها تعتبر نفقة خاصة وعلي العكس من ذلك تعتبر النفقات التي يقوم بها الأشخاص العامة الذين فوضتهم الدولة في استخدام سلطتها الآمرة نفقات عامة بشرط أن تكون هذه النفقات العامة نتيجة استخدام سلطتها السيادية . 

تقسيمات النفقات العمومية : 

هناك أنواع مختلفة ومتنوعة للنفقات العامة من بينهم ما يلي : 

أولاً : نفقات التسيير ونفقات الاستثمار : 

1- نفقات التسيير : 

يقصد بها تلك النفقات الضرورية لتسيير أجهزة الدولة الإدارية والمتكونة أساساً من أجور الموظفين ومصاريف صيانة البنايات الحكومية ومعدات المكاتب .... إلخ ، ومنه لا يمكننا ملاحظة أية قيمة مضافة منتجة تحملها هذه النفقات للاقتصاد الوطني أي أنها لم تقم بعملية إنتاج أي سلعة حقيقية فهذا النوع من النفقات موجه أساساً لإمداد هياكل الدولة بما تحتاجه من أموال حتى تتمكن من تسيير دواليب المجتمع علي مختلف أوجهه . 

حيث توزع حسب الدوائر الوزارية في الميزانية العامة وهي تعبير يتطابق إلى حد كبير مع دور الدولة ما دام أنها لا تهدف إلى التأثير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وكل ما تحدثه من آثار فهو غير مباشر لذلك تسحب كذلك النفقات الاستهلاكية . 

تجمع النفقات التسيير إلى أرربع أبواب وهي : 

- أعباء الدين العمومي والنفقات المحسوبة من الإيرادات . 

- تخصيصات السلطات العمومية . 

- النفقات الخاصة بوسائل المصالح . 

- التدخلات العمومية . 

2- نفقات الاستثمار : 

يتم توزيع هذه النفقات حسب الخطة الإنمائية السنوية للدولة وتتفرع إلى ثلاث أبواب ، الاستثمارات المنفذة من طرف الدولة لإعانة الاستثمارات الممنوحة من قبل الدولة ، النفقات الأخرى برأس المال . 

يتسم هذا النوع من النفقات بإنتاجيتها الكبيرة ما دامت أنها تقوم بزيادة حجم التجهيزات الموجودة بحوزة الدولة ، فالشهرة التي تحظي بها هذه النفقات تجد جذورها في تحاليل الاقتصادي البريطاني " جون مينارد كينز " الذي برهن أن في فترة الركود الاقتصادي تقوم نفقات الاستثمار بإعادة التوازن الاقتصادي العام من خلال الدور الذي يقوم به " مضاعف الاستثمار " . 

فلو افترضنا قيام الدولة بإنجاز استثمار معين ( بناء طريق سريع ) خلال فترة أزمة اقتصادية فالنفقة العامة الاستثمارية ستسمح بتوزيع الأجور علي العمال والقيام بطلبات المواد الأولية لدي الموردين . 

يوجه عندها الزبائن والموردون المداخيل المحققة لشراء سلعة استهلاكية أو تحديد مخزوناتهم فيمنحون بالتالي مداخيل جديدة للتجار والمنتجين الصناعيين الذين بدورهم سوف يستعملون هذه المداخيل . 

ثانياً : تقسيم النفقات حسب دوريتها : 

من خلال هذا التقسيم نميزها إلى : 

1- النفقات العامة العادية : 

وهي تلك النفقات العادية التي تنفق بشكل دوري ومنتظم سنوي دون أن يعني هذا الانتظام والتكرار ثبات مقدار النفقة أو تكرارها بالحجم ذاته . 

2- النفقات العامة غير العادية ( الاستثنائية ) : 

وهي التي لا تتكرر بانتظام ولا تتميز بالدورية ، فهي تحدث في فترات متباعدة وبصورة غير منتظمة . 

ثالثاً : التقسيم الوظيفي للنفقات : 

نميزها إلى : 

1- النفقات العامة الاقتصادية : 

وتشمل الأموال المخصصة للقيام بخدمات تهدف إلى تحقيق هدف اقتصادي مثل : الاستثمارات في المشاريع الاقتصادية المتنوعة . 

2- النفقات العامة الإدارية : 

وهي تتضمن النفقات العامة المخصصة لتسيير المرافق العامة من مرتبات الموظفين ، أجور العمال ، ومستلزمات الإدارات الحكومية لكي تكون قادرة على أداء الخدمات العامة علي أكمل وجه . 

3- النفقات العامة الاجتماعية : 

وهي تلك النفقات العامة اللازمة للقيام بالخدمات الاجتماعية كالمبالغ المخصصة للخدمات الصحية ، الضمان الاجتماعي .... إلخ. 

رابعاً : تقسيم النفقات العامة حسب نطاق سيرانها : 

نقسمها إلى : 

1- النفقات العامة المركزية الوطنية : 

تكون النفقات وطنية إذا وردت في مزانية الدولة وتولت الحكومة القيام بها ، أو هي النفقات التي من شأنها أن تخدم المرافق العامة التي يعم نفعها علي جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن الموقع الجغرافي الذي يعيشون فيه في حدود الدولة المعنية . 

2- النفقات المحلية ( الإقليمية ) : 

وهي التي تقوم بها الولايات ومجالس الحكم كمجالس المحافظات ، المدن والقري التي ترد في ميزانية هذه الهيئات . 

خامساً : تقسيم النفقات تبعاً لتأثيرها في الاقتصاد الوطني : 

1- النفقات الحقيقية : 

وهي تمثل المشتريات الحكومية من سلع وخدمات إنتاجية ( الأرض ، العمل، رأس المال ) وهي ضرورية لقيام الحكومة بوظائفها التقليدية من أمن ، دفاع عدالة ، بالإضافة إلى القيام بالدور الحديث للدولة في النشاط الاقتصادي فكافة المشتريات الحكومية من سلع وخدمات لازمة لإعداد وتجهيز جيش قوي . 

2- النفقات التحويلية : 

هي تلك النفقات التي تقوم بها الدولة بهدف توزيع الدخل الوطني دون أن يكون هناك مقابل من آداء الخدمة لها أو زيادة في الثروة الوطنية كالإعانات الاجتماعية ومعاشات الضمان الاجتماعي . 

قواعد النفقات العامة : 

إن تحديد الدولة للنفقات العامة وإنفاقها من أجل إشباع الحاجات العامة يتأسس علي ضوابط وقواعد يجب أخذها بعين الاعتبار وهذه الأخيرة تتأثر بشكل كبير بالنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة وتتمثل تلك القواعد في : 

ضوابط النفقة العامة : 

أولاً : ضابط المنفعة : 

بين بعض الكتاب أن الحد الأمثل للإنفاق يتحقق حيث تتعادل المنفعة الحدية للنفقات مع المنفعة الحدية لهذه النفقة إذا ما بقيت في يد الأفراد وأنفقت كدخول لهم ويتحقق المستوي الأمثل للمجتمع من مجموعة المستويات الفردية وهذا المبدأ سمح بتحديد حجم الانفاق العام وذلك بالتوسع في الانفاق إلى الحد الذي لا تتجاوز في الأضرار الحدية المترتبة علي الضرائب المنافع الحية المترتبة علي الخدمة ، كما يبرر هذا المبدأ فرض ضرائب بنسب أعلى علي الأفراد الذين يعود عليهم نفع أكبر من مشروع معين من مشروعات الدولة . 

ثانياً : ضابط الاقتصاد : 

ويعني تجنب الدولة وهيئاتها الإسراف والتبذير في الانفاق فلا مبرر له ولا نفع يرجي منه وتكمن أهمية هذه القاعدة في كون أن المال المقصود يقومون عليه أفراد لا يملكونه وبالتالي فإنهم لا يحرصون عليه بالقدر الذي يحرصون علي أموالهم مما يدفعهم للبذخ والتبذير واللامبالاة في عملية الإنفاق . 

إن الاقتصاد في الإنفاق العام لا يعني الشح وادخار المال أو الأحجام في الإنفاق من الأمور التي لا يتضح من ورائها تحقيق منافع اجتماعية كبيرة فهذا بدوره يتنافي مع القاعدة بعينها . 

ويتوجب علي الدولة توفير رقابة مالية جيدة تشمل كل بنود النفقات العامة مدعمة برأي عام واعى وساهر علي المصلحة العامة بالإضافة إلى جهاز إداري عالى الكفاة وواعي بمسؤوليته وحدودها زيادة علي ذلك تعاون جهود الرقابة الإدارية والتشريعية في كشف أوجه الإسراف والتبذير ومعاقبة مرتكبيها . 

ثالثاً : ضابط الترخيص : 

تخضع النفقة لإذن مسبق من الجهة المختصة وهذا الاذن يختصر بتقريره البرلمان علي النطاق المركزي أو الهيئات المحلية ضمن حدود اختصاصها الزماني والمكاني ، وتعد قاعدة الترخيص مظهراً من مظاهر الاختلاف بين النفقات العامة والنفقات الخاصة وذلك لأن الأولي هي الوحيدة التي تخضع للإذن المسبق من الجهات المعنية ، ويتم الحصول علي هذا الترخيص وفقاً لإجراءات معينة أما النفقات الخاصة فيكفي أن تصدر ممن يملك حق الانفاق فيها ( فرد أو شركة خاصة ) دون الحاجة إلى إذن مسبق . 

رابعاً : ضابط ضمان استمرار المنفعة والاقتصاد : 

لكي يكون ضابطي المنفعة العامة والاقتصاد في النفقة مجديين لا بد من القيام بعملية الرقابة في النفقات العامة رقابة قبلية وبعدية ، فقبل اعتماد الميزانية يقوم البرلمان بمراقبة البرنامج والخطط الحكومية في المجالات المختلفة من خلال مناقشة بنودها وهذا يخول لهم الإفصاح عن سقم أو أعوجاج في ذلك البرنامج الذي من شأنه أن يبدد الأموال وبعد ذلك الاعتماد تقوم الهيئات التي يخول لها القانون بالمراقبة البعدية أي بعد صرف الاعتمادات المالية الموزعة حسب كل قطاع . 

وبالتالي فإن كل نفقة تنفقها الدولة أو أحد الهيئات الممثلة لها يجب أن ترخص من طرف الآمر بالصرف ويؤشر عليها الآمر بالصرف قبل أن يقوم المحاسب العمومي بأدائها لتقوم المفتشية العامة ومجلس المحاسبة وبالرقابة للتأكد من مدى صرف الاعتمادات علي الوجه التي نص عليها ومدى التسيير العقلاني للأموال العامة ، وإذا تبين وجود مساس بتلك الأموال فتتحرك المسؤولية اتجاه المخالفين . 

حدود النفقات العامة : 

الغرض من الانفاق هو قضاء الحاجات العامة فالدولة كما نعلم تقوم بأداء خدمات عامة مختلفة وهذا يستلزم إنفاقاً من جانبها ولكن السؤال الذي يطرح علينا بإلحاح هو إلى أي مدى يجب أن يتسع نشاط الدولة وما هو نظام الإنفاق الحكومي ؟ 

فيتطلب الإجابة عن هذا السؤال ناحيتين : 

1- الناحية السياسية . 

2- الناحية المالية . 

إن تحديد طبيعة الحاجة إا كان عامة هي مسألة سياسية من جانب آخر فإن قدرة الدولة علي التوسع بالإنفاق تتوقف في قدرتها علي الحصول علي الموارد الضرورية وهذه مسألة مالية ولمناقشة هذا الموضوع من الناحية السياسية فهناك نظريتان متعارضتان : 

أولاً : النظرية الفردية ( الكلاسيكية ) : 

التي تري ألا يلقي علي عاتق الدولة إلا الخدمات العامة التي يقتضيها الدفاع الخارجي وحفظ الأمن والقضاء وبعض الأشغال العامة ، حيث من وجهة أصحاب هذه النظرية فإن إفساح المجال أما الأفراد وتركهم أحرار أدى إلى زيادة إنتاجيتهم ورفاهيتهم ولم يكتفي الكتاب الكلاسيك بتحديد أوجه الانفاق الحكومي في أضيق الحدود بل نادوا بأن تكون النفقة محايدة فلا يجوز أن تتأثر السياسة الإنفاقية للدولة بالمتغيرات الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية . 

ثانياً : النظرية الاجتماعية ( الاشتراكية ) : 

مع تطور الفكر الاقتصادي وتأكيد الاقتصاديين المعاصرين لحتمية وقوع الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لأي نوع من أنواع النفقات العامة علي أوجه النشاط الاقتصادي استناداً إلى آراء المدرسة الكينزية بحتمية تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي عن طريق سياستها الاقتصادية لتحقيق أهداف المجتمع ومع تطور دور الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة ثم الدولة المنتجة ، بعد انتشار الفكر الاشتراكي تطورت النفقات العامة بحيث أصبحت بالإضافة إلى مالها من أغراض مالية أداة من أدوات السياسة الاقتصادية ويعتقد أصحاب هذا النظرية أن الدولة أقدر علي زيادة رفاهية المجتمع من أفرادها . 

ويري الاقتصاديون أنه يمكن تبرير التوسع في الإنفاق أو عدم التوسع فيه بالمقارنة مع التضحيات التي يتحملها المجتمع بدفع الضرائب وبين المنافع الحدية التي تعود علي المجتمع من الخدمات التي تقوم بها الدولة ويطلق علي هذا المبدأ ( مبدأ المنفعة الاجتماعية القصوي ) ، وتتوقف رفاهية المجتمع الاقتصادية تحقيق أقصي منفعة اجتماعية علي عدة عوامل منها : 

1- استقرار مستوي الأسعار . 

2- نمط ومستوي الاستهلاك . 

3- نمط توزيع الدخل بين أفراد المجتمع . 

حيث تزداد رفاهية المجتمع كلما استقرت الأسعار وتضاعف الإشباع الاستهلاكي وزاد الناتج القومي وقل التفاوت بين الدخول وهكذا يمكن الحكم علي مدى سلامة الإنفاق الحكومي بتتبع آثاره علي ما ذكرناه أعلاه . 

ومن الواضح أن تحديد أولويات الإنفاق الحكومي هو جزء لا يتجزأ من برامج الانفاق ويمكن تحديد أولويات الانفاق في ضوء المعايير التالية : 

1- الضرورة الاقتصادية والاجتماعية للمشروع المقترح . 

2- مدى تكامل المشروع مع المشروعات الأخرى . 

3- مدى توافر الموارد والمعدات والخبرات الفنية والإدارية . 

4- ملائمة المشروع من النواحي القانونية والفنية والمالية . 

5- الزيادة الكلية في الدخل القومي والعمالية التي سيحققها المشروع . 

أسباب تزايد النفقات العامة : 

باعتبار أن تزايد النفقات العامة من أهم الظواهر الاقتصادية التي استدعت انتباه الاقتصاديين من خلال التفسيرات المتعددة لهذه الظاهرة التي سبق وتطرقنا إليها ، كما حاول هؤلاء الاقتصاديين من خلال نظرياتهم الوقوف علي أسباب هذه الظاهرة سواء كانت أسباب حقيقية أو ظاهرية وسنتناول فيما يلي شرح هذه الأسباب علي التوالي : 

 الأسباب الحقيقية لتزايد النفقات العامة : 

المقصود بالأسباب الحقيقية تلك الأسباب التي تؤدى إلى زيادة رقم النفقات العامة الناتجة عن زيادة حجم أو عدد الحاجات العامة ، بالإضافة إلى زيادة عبئ التكاليف العامة بنسبة معينة أي أن هذه الزيادة في النفقات العامة تؤدى إلى الزيادة في كمية الخدمات العامة المقدمة إلى الأفراد وإلى تحسين نوعية تلك الخدمات ويمكن إجمال هذه الأسباب الحقيقية فيما يلي : 

أولاً : الأسباب الاقتصادية : 

لقد ساهمت الأسباب الاقتصادية إلى حد كبير في زيادة النفقات العامة حتى تحقق الخطط والأهداف التنمية الاقتصادية الطموحة لحكومات الدول لأن هناك علاقة وثيقة بين التنوع في حجم الإنفاق الحكومي وبين عمليات استحداث التنمية الاقتصادية وتحفيز النمو الاقتصادي المنشود ومن الأسباب الاقتصادية ما يلي : 

1- زيادة الدخل القومي : 

الذي يتطلب تحقيقه مضاعفة حجم النفقات العمومية وذلك لتحقيق الاقتصاد الوطني والقطاعات الإنتاجية المختلفة لمزيد من المال حتى تستطيع الدول تنفيذ مشروعاتها ومضاعفة انتاجها علي اعتبار أن الزيادة في الدخل القومي تعتبر زيادة في النمو الاقتصادي . 

2- رفع مستوي الإنتاج : 

وهو الآخر يتطلب تحقيقه مضاعفة حجم النفقات العمومية وخاصة بالنسبة إلى اقتصاديات الدول المتخلفة التي تتميز قطاعاتها الإنتاجية بضعف في الإنتاج ويعود هذا الانخفاض إلى عدة أسباب منها : ضعف البنية التحتية وقلة المهارات العلمية والفنية والتكنولوجية والصناعية ومن ثم قلة مصادر التمويل الرأسمالي الوطنية والأجنبية . 

3- لبناء قاعدة صنعية تكنولوجية : 

يتطلب تحقيقه مضاعفة حجم النفقات العمومية وذلك عن طريق توظيف رؤوس الأموال المحلية والأجنبية وزيادة الكفاءات الإنتاجية للموارد البشرية واستيعاب هاته الموارد في القطاعات الإنتاجية والصناعية وتكوينهم علي الفنون والأساليب التكنولوجية الحديثة والمتطورة ، وتوفير المهارات والخبرات الفنية والعلمية ومن ثم إحداث تغيرات في التركيب الاقتصادي للقطاعات الإنتاجية بتطويرها صناعياً وتكنولوجياً . 

4- تحسين وتطوير الهياكل الإنتاجية : 

يتطلب تحقيقه كذلك الزيادة في حجم النفقات العمومية بواسطة تعديل التركيب النسبي لهياكل الاقتصاد القومي ، وتغيير طابعه التقليدي ، فاقتصاديات الدول المتخلفة يغلب علي هياكلها الاقتصادية الإنتاجية الزراعية والإنتاج الأولي . 

ومن أجل ذلك يستوجب التوسع في الإنفاق النقدي العمومي لتحسين وتطوير الهياكل الإنتاجية بتنوعها ورفع طاقتها الإنتاجية وتحسين أداء الموارد البشرية والمادية وبالتالي دعمها بمزيد من النفقات النقدية التمويلية لتلعب دوراً مميزاً في مجالات استحداث التنمية وتحقيق النمو الاقتصادي وتحقيق الأمن . 

ثانياً : الأسباب الإدارية : 

كلما اتسعت أعمال الدولة زاد حجم إنفاقها لتوفير ما يلزم للقيام بالأعمال الإدارية من أجور ولوازم وأثاث وغيره ، غير أن هذه النفقات قد تستغل بسبب انتشار الفساد الإداري وسوء التنظيم والبطالة المقنعة خاصة في الدول النامية . 

ثالثاً : الأسباب الاجتماعية : 

تتمثل هذه الأسباب في الزيادة في معدل النمو الديموغرافي وكذا تركز السكان في المدن والمراكز الصناعية ، كل هذه الأسباب تؤدى إلى زيادة حجم النفقات العامة لتغطية الطلب العام علي الخدمات التعليمية ، الصحية الثقافية ، خدمات النقل ... إلخ . 

رابعاً : أسباب مذهبية : 

يقصد بها الأسباب التي ترتبط بالتطور التاريخي لدور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية من الدولة الحارسة التي سادت فيها المالية العامة الحيادية إلى الدولة المتدخلة التي سادت فيها المالية العامة الوظيفية أو التدخلية إلى مرحلة الدولة المنتجة التي أصبحت فيها المالية العامة جزء لا يتجزأ من الخطة القومية الشاملة ، حيث أنه كلما زاد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية كلما زادت النفقات العامة . 

خامساً : الأسباب السياسية : 

تؤدى بعض الأسباب السياسية إلى زيادة النفقات العامة مثل انتشار مبادئ الديمقراطية والحرية وأياً كانت الفلسفة التي يقوم عليها نظام الدولة فقد أصبح الإنفاق علي التنظيمات السياسية المختلفة والمجالس المحلية والانتخابات والدعوة إلى المشاركة الشعبية في صناعة القرار السياسي يؤثر  بشكل كبير علي مستوي الإنفاق العام . 

كما أن التوسع في العلاقات الدولية يؤدى إلى زيادة النفقات العامة للبعثات والممثليات الدبلوماسية بالإضافة إلى نفقات أشكال أخرى من التعاون الدولي ( إعانات ومساعدات لمعالجة كوارث وأزمات ) . 

سادساً : الأسباب العسكرية : 

تعتبر النفقات العسكرية من الأعباء المالية المهمة التي تطورت بشكل ملفت مع انتشار الحروب والنزاعات وتفاقم التوتر الدولي وهو ما ساهم في تسارع وتيرة صناعة الأسلحة وتطوير وتدعيم القدرات العسكرية للدول ، لهذا فإن النفقات العسكرية تتسبب في ارتفاع مستوي الإنفاق العام . 

الأسباب الظاهرة لتزايد النفقات العامة : 

أولاً : تدهور قيمة النقود : 

ويقصد بها انخفاض القدرة الشرائية لوحدة النقد من السلع والخدمات والمتأتي من ارتفاع المستوي العام للأسعار ، مما يدفع هذا الأخير الدولة إلى زيادة النفقات العامة للحفاظ علي مستوي خدماتها لإشباع الحاجات العامة . 

ثانياً : اختلاف الطرق المحاسبية : 

تعبر طرق المحاسبة العامة ويمكن أن تظهر زيادات كبيرة في حجم الانفاق العام ، فاستخدام أسلوب صافي الحسابات عند اعداد ميزانيات الهيئات والمؤسسات العامة المستقلة يظهر حجم الانفاق العام صغيراً نسبياً . 

فوفقاً لهذا الأسلوب يتم خصم إجمالي الإيرادات من إجمالي النفقات العامة لمثل هاته الهيئات أو المؤسسات أما إذا طلب من هذه المؤسسات تعديل الطريقة السابقة في استخدام أسلوب إجمالي الحسابات لديها فإن كل ما يتم إنفاقه أو تحصيله مهما كان صغيراص سوف يتم إدراجه في حسابات هذه المؤسسة أو الهيئات العامة ومن ثم يظهر رقم إجمالي الانفاق العام أكبر نسبياً مما كان عليه في السابق وهذه الزيادة في رقم الانفاق لا تدل علي زيادة في حجم الخدمات المقدمة من قبل الحكومة . 

ثالثاً : اتساع إقليم الدولة : 

قد ترجع الزيادة الظاهرة في النفقات العامة إلى اتساع إقليم الدولة نتيجة وحدتها مع دولة أخرى أو نتيجة ضم مساحات أخرى إليها ، وبطبيعة الحال فإن الإقليم الجديد يضاف نصيبه من النفقات العامة علي نفقات إقليم الدولة السابق الأمر الذي تبدو فيه أرقام النفقات العامة قد زادت عما كانت عليه من قبل وليست الزيادة في الواقع إلا زيادة ظاهرية ، كذلك يترتب علي زيادة السكان زيادة ظاهرية في النفقات العامة .

تعليقات