U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

نشأة ومفهوم اللغة

نشأة اللغة
ما هو مفهوم اللغة ؟ وكيف كانت نشأتها ؟ 

نشأة ومفهوم اللغة : 

المحتويات : 

أولاً : نشأة اللغة . 

ثانياً : مفهوم اللغة . 

أولاً : نشأة اللغة : 

شغل الباحثين منذ القدم ، ولا يزالون ينشغلون بموضوع نشأة اللغة ، ذلك لأن اللغة إنما هي في الحق موضوع الإنسان ، ومنذ زمن بعيد والإنسان يتساءل عن نشأة هذه اللغة فيما إذا كانت وحي من عند الله أو من وضع الإنسان . 

ولقد حاول كثير من العلماء علي اختلاف تخصصاتهم ومعارفهم البحث في هذا الموضوع ، انطلاقاً من اتجاهات مختلفة سنوردها كما يلي

1- الاتجاه الأول : اللغة إلهام أو وحي أو توقيف : 

يري أصحاب هذا الاتجاه أن اللغة إلهام من الله إلى آدم أو وحي نزل عليه فعلمه النطق وأسماء الأشياء ، بدلالة قوله تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم علي الملائكة فقال أنبؤوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين " ( البقرة : 31 ) 

إن اللغة حسب هذا الاتجاه هبة من الله للإنسان بها أتم خلقه وأحسن تكوينه تكريماً له وتفضيلاً علي غيره من المخلوقات ، ونجد في هذا قوله تعالى " ولقد كرمنا بني آدم ، وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً " ( الإسراء : 70 ) 

ومن علامات هذا التفضيل العقل واللغة فهما ميزتان حباهما الله للإنسان فعن طريقها يفكر ويحيا الحياة التي أرادها له الله فهم ( أصحاب هذا الاتجاه ) يروا أن آدم علي معرفة أو بالأحرى يعرف الكلام لذا كان بمقدوره أن يتلقي كلمات من ربه . 

ونجد هذا في قوله تعالى : " فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " ( البقرة : 37 ) . 

وإذا كان البيان في اللغة يعني الإفصاح عن الآراء والمشاعر والأحاسيس فإن الله تعالى هو الذي علم الإنسان البيان ، ونجد ذلك في قوله تعالى : " الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان * " ( الرحمن :1-4 ) . والبيان بهذا المعني لا يقع إلا بلغة كاملة يعبر بها الإنسان عن آرائه وأغراضه . 

فعلي هذا الأساس يمكن القول أن اللغة وسيلة للتفكير والتعبير ، وهي أداة العقل في القدرة علي توجيه السلوك نحو ما يريد الخالق ، وذلك لا يتحقق إلا بالمعرفة ، وهذه الأخيرة لا تقوم إلا باللغة ، وعلي هذا الأساس فإن اللغة موقوفة من الله . 

إن اللغة التي تعلمها آدم من ربه هي لغة أهل الأرض لأنها هي التي تكلم بها أول مخلوق بشري علي وجه الأرض ، فهم يرون أن لغات الأمم الآن ما هي إلا لهجات تفرعت من تلك اللغة ، بدلالة قوله تعالى : " ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم " ( الروم : 22 ) . 

ومن خلال ما سبق يمكن القول أن أصحاب نظرية التوقيف يروا أن اللغة مخلوقة خلقها الله مع آدم . 

2- الاتجاه الثاني : المواضعة والاصطلاح . 

يري أصحاب هذا الاتجاه أن الاتجاه الأول ( اللغة إلهام ووحي ) يصح من وجهة ولا يصح من وجهة أخرى فوجه الصحة أن الله علم آدم اللغة لأنه الخلق الأول وليس له سابق يتلقي عنه فعلمه تعالى أسماء كي شئ في بيئته بوحي أو إلهام ، والذي لا يصح أن نزعم أننا تلقينا اللغة عن آبائنا توقيفاً أو وحياً ، فإن ذرية آدم تعاقبت في نقل لغات الأولين وتوسعت فيها ، فغيرت لغاتها بعوامل خارجية واجتماعية ، فاختلف لسانهم إلى لهجات ثم تطورت اللهجات إلى لغات . 

وعليه لا نسمي اللغات التي نتكلمها وحياً أو توقيفاً لأنها لو كانت اللغة نفسها لما اختلفت ولظلت لغة واحدة بالإضافة إلى أنهم يروا أنه إذا كان الله هو خالق كل هذه الأسماء وهو من أطلقها علي مسمياتها والله جل جلاله منزه عن الخطأ فما هو مصدر هذه الأخطاء الناجمة عن الاختلاف بين اللفظ وما يشير إليه من معني . 

وعلي هذا الأساس يري أصحاب هذا الاتجاه أن اللغة ابتدت واستحدثت بالتواضع والاتفاق وارتجال ألفاظها ارتجالاً وقد قام الإنسان بوضعها علي مراحل ومن بين الباحثين الذين أيدوا هذا التجاه " ابن جني " فيري أن أصل اللغة لابد فيه من المواضعة ، وذلك كان يجتمع حكيمان أو ثلاثة فيحتاجون إلى الإبانة عن الأشياء ، فيضعوا لكل منهم لفظاً أو تسمية يدل عليه . 

فهم يرون أن اللغة محاكاة واصطلاح وتواضع بمعني أنها بدأت أصواتاً تعارف عليها الأفراد ثم تواضعوا عليها ووضعوا لها نظاماً خاصاً ، فقد نشأت مع نشوء المجتمعات الإنسانية وأخذت تتطور بتطورها ، أي العامل الأساسي في نشأتها هو المجتمع فلولا تحاور الناس واجتماعهم وحاجتهم للتعاون والتفاهم والتعبير عن مشاعرهم لما نشأت هذه اللغة ، فقد أتفقوا علي رموزها ودلالة هذه الرموز من أجل التخاطب . 

وهذا ما ذهب إليه " ابن جني " عندما قال " أما حد اللغة فهي أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " . فاللغة عنده نظام صوتي اصطلاحي موضوع متعارف عليه ويرد معارضوا هذا الرأي بأن التواضع والاصطلاح به حاجة إلى قدرات عالية ومستوي راقٍ من أهل الشأن ، وهذا ما قد لا يكون متوافراً منذ بدء الخليقة لأن مبدأ التواضع والاصطلاح يقتضي أن يتفق الناس علي وضع الاصطلاحات الصوتية ، وهذا لا يتم إلا بأن يقترح البعض أسماء للمسميات ويوافق الآخرون عليها ، وهذا يقتضي وجود وسيلة يتفاهمون بها . 

وفي هذا الصدد يقول ابن جني فبأي وسيلة يتم التفاهم بين الناس إذا كان أصل اللغة محاكات أصوات الطبيعة ، ومن أصحاب هذا الاتجاه " أرسطو " الذي يري أن اللغة من صنع الإنسان وأنها نظام لفظي وأنه مكون من أسماء وأفعال وحروف . 

3- الاتجاه الثالث : الاتجاه التوفيقي أو نظرية محاكاة أصوات الطبيعة : 

فمن خلال تسمية هذا الاتجاه نستنتج أنه اتجاه يجمع بين الاتجاهين السابقي الذكر ويوفق بينهما . 

فأصحاب هذ الاتجاه يرون أن أصل اللغة إلهام واصطلاح ، فمن جهة اللغة هي إلهام من الله تعالى خص بها الإنسان عن سائر مخلوقاته ، إذ علمها آدم عليه السلام فنقلت عنه إلى أبنائه ، وهي اصطلاح ووضع فيما سيحدث بين الناس ، فهم يرون أن اللغة نشأت عن إلهام ثم الاصطلاح والوضع اقتضته الحاجة ، فالإنسان هو من يضفي الأسماء علي المسميات وفق لحاجاته والتعبير عن أفكاره . 

بالإضافة إلى ذلك فأصحاب هذا الاتجاه يروا أن اللغة الإنسانية نشأت من محاكاة الأصوات التي نسمعها ، أي أن الإنسان احتاج إلى اللغة لتعبير ، فأنشأها عن طريق تقليده للأصوات التي كان يسمعها حوله في الطبيعة مثل أصوات الرياح ، خرير المياه ، ودوي البحر ، حنين الرعد . 

وقد تطورت هذه الأصوات ، وارتقت في ظل المجتمع ثم التصرف فيها في الاستعمال وأصبحت تحاكي بعض الألفاظ معانيها ، أو ما تدل عليه ، ولكنها لا تشكل معظم اللغة لأنها تكون في مجال محاكات الأصوات فقط ، فمن وجهة نظرهم نشأة اللغة الإنسانية ترجع إلى الملاحظة الخارجية الموضوعية ، أي ملاحظة مظاهر الطبيعة ومحاكاتها في ابتكار الأسماء الدالة عليها . 

فمن خلال ما سبق يمكن القول أن محاولة التوصل إلى نشأة اللغة قد اختذ عند اللغويين العرب اتجاهات مختلفة ، اتجاهاً غيبياً ، يري أن اللغة وحي من عند الله ، وذلك علي النحو الذي قدمه " ابن فارس" ، واتجاهاً أقرب إلى الواقع اللغوي ، حيث يري أن اللغة م وضع الإنسان كما يري " ابن جني " ، أما الاتجاه الثالث تقليدي أو بالأحرى محاكاتي ، حيث يروا أن اللغة يكتسبها الإنسان انطلاقاً من تقليده لبعض الأصوات التي طور فيها لسد احتياجاته . 

مفهوم اللغة : 

لقد قدم العلماء تعريفات متعددة للغة منها ما هو متقارب ومنها ما هو متباين ، منها ما هو قديم ومنها ما هو حديث ، ولكن قبل الخوض في هذه التعريفات سنتطرق إلى مفهوم اللغة من الجانب اللغوي ، ومن خلال بعض معاجم اللغة والموسوعات والمعاجم الفلسفية : 

أولاً : المعني اللغوي للغة : 

1- معاجم اللغة : 

لغة : أصلها لغو ، لامها واو ، وقيل لغي ، لامها ياء ومصدرها اللغو واللغا وجاء في لسان العرب أصلها لغوة ، وقيل أصلها لغي أو لغو . 

وقال " الكفوي " " اللغة أصلها ( لغي ) أو ( لغو ) جمعها ( لغي ) ولغات " . 

ونقل " السيوطي " عن إمام الحرمين " اللغة من لغي ، يلغي من باب رضي إذا لجج بالكلام وقيل من لغي لغي يلغي " . 

وقال " ابن جني " " وأما تصريفها ومعرفة حروفها ، فإنها فعله من لاغوت ، أي تكلمت " . 

ولقد استخدم لفظ " اللغة " بمعني لهجة فلغات العرب وكلام القدماء ، يعني لهجاتهم . 

ولقد ورد في القرآن الكريم معني " اللغة " بلفظ اللسان . 

جاء في كتاب العين اللغة واللغات و " اللغون " اختلاف الكلام في معني واحد ولغا يلغوا لغوا يعني اختلاف الكلام في الباطل . 

وفي الصحاح اللغة أصلها لُغَي أو لُغَوا وجمعها لُغَي مثل برة وبري ولغات أيضاً ، قال بعضهم سمعت لغاتهم بفتح التاء شبهها بالتاب التي يوقف عليها بالهاء النسبة إليها لُغويُّ ولا تقل لَغويُّ ولا تقل لَغَوي . 

ونجد هذا في قوله تعالى : " وما أرسلنا من رسول إلى بلسان قومه ليبين لهم " ( إبراهيم : 4 ) 

وفي هذا الصدد يري بعض المحدثين أن كلمة اللسان استخدمت قبل اللغة فهي لاحقة أو بالأحرى جاءت بعد كلمة اللسان بدليل أن لفظ اللسان جاء في القرآن الكريم . 

وفي بعض السياقات وردت كلمة اللسان في القرآن الكريم ويراد بها اللغة ونجد هذا في قوله تعالى : " بلسان عربي مبين " ( الشعراء : 195 ) 

وتعد كلمة اللغة عربية أصيلة ذات جذور عربية وتجري في اشتقاقها ودلالاتها علي سنن الكلم العربية ، وذهب فريق من التابعين إلى أن اللغة منقولة من اللغة اليونانية ، حيث أخذها العرب من كلمة " Logos " اليونانية ، ومعناها الكلام أو اللغة وعربوها إلى " لوغوس " ثم عملوا فيها من الإعلال والإبدال وغيرهما من الظواهر الصرفية . 

2- الموسوعات والمعاجم الفلسفية : 

ورد في المعجم الفلسفي أن اللغة هي كل وسيلة لتبادل المشاعر والأفكار كالإشارات والأصوات والألفاظ وهي ضربان ، طبيعية ، كبعض حركات الجسم والأصوات ، ووصفية وهي مجموعة رموز أو إشارات أو ألفاظ متفق عليها ، لأداء المشاعر والأفكار . من خلال هذا التعريف نستنتج حصر ماهية اللغة في كونها إشارة يتم من خلالها تبليغ الرسائل ، فحركات الجسم مثلاً تعد لغة في ذاتها باعتبارها تنقل إلينا رسائل . 

أما في موسوعة " لالاند " " Lalande " فاللغة نظام تعبير لفظي عن الفكر يتضمن مصطلحاً ونحوا محددين ثابتين نسبياً يشكلان مؤسسة اجتماعية مستديمة تفرض نفسها علي سكان بلد ، وتظل شبه مستقلة عن إرادتهم الفردية . 

من خلال هذين التعريفين نستنتج أن اللغة عبارة عن أصوات مركبة من مقاطع تعبر عن معانٍ ، إضافة إلى أنها تشتمل علي رموز وإشارات وحركات جسمية تهدف كلها إلى تحقيق الغرض ذاته وهو التعبير عن المشاعر والأفكار ، بالإضافة إلى ارتباطها بالمجتمع باعتبار أنها وليدة المجتمع الذي نشأت وترعرعت فيه ، واستخدمها الإنسان أو بالأحرى أفراد المجتمع للتعبير عن أغراضهم والإفصاح عما يدور في أذهانهم . 

ثانياً : المعني الاصطلاح للغة : 

فمن الجانب الاصطلاحي لعل أقدم التعريفات التي وردت عن اللغة هو ما ذكره " ابن جني " الذي يري أن اللغة " أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " ، فهذا التعريف معتمد عند كثير من الباحثين والعلماء لأنه يشمل جوانب كثيرة أساسية للغة ، كالطبيعة الصوتية ، واعتبارها ظاهرة اجتماعية . 

فمن خلال هذا التعريف نستنتج أن ابن جني لم يقل أن اللغة ألفاظاً أو كلمات وإنما ركز علي الصوت ، أما الشق الثاني من التعريف " يعبر بها قوم عن أغراضهم " ، يشير إلى أن الفرد يستعمل اللغة في كل ما يرمي إليه أو يسعي إليه بالإضافة إلى أنه ركز علي وظيفة أساسية ، وهي الوظيفة التعبيرية ، أي يعبر بها كل شخص عن أفكاره وأحاسيسه ، كما ركز علي المشاركة في وضع هذه اللغة في قوله " كل قوم " . 

أما السويسري الفرنسي " فرديناند دي سوسير " Ferdinand De Saussure  يري أن اللغة نظام من العلامات أو الإشارات للتعبير عن الأفكار وهي ظاهرة أو حقيقة اجتماعية " Social fact " ، يجب أن تخضع للبحث والتحليل ، فهو يري أن اللغة لا توجد كاملة إلا في إطار الجماعة ، فهي نتاج جماعي ملزم للفرد الذي يكتسبها أو يتعلمها من المجتمع ولا يملك إيجادها أو تغييرها من نفسه ، فاللغة عنده نظام System له مكوناته المتكاملة وعلاقاته المترابطة يعكس قدرة الإنسان علي استخدام اللغة في المجتمع . 

أما اللغوي الأمريكي " نعوم تشومسكي " Noom Chomsky فتعريفه للغة ينبثق من نظريته " النحو التوليدي التحويلي " ، حيث يري أن " اللغة قدرة كامنة في الذهن وقادرة علي إنتاج عدد لا متناه من الجمل التي يمكن توليدها من الأنماط والتراكيب اللغوية ، هذه المقدرة اللغوية أطلق عليها " تشومسكي " مصطلح الكفاية اللغوية " Competence " في مقابل الأداء Performance الذي يعكس التطبيقات الكلامية الفعلية التي تنتجها أو تولدها تلك المقدرة العقلية ويقول أيضاً " أن اللغة ملكة فطرية عند المتكلمين بلغة ما لفهم وتكوين جمل لغوية " . 

أما " دائرة المعارف البريطانية " فتعرف " اللغة نظام من الرموز اللفظية الاعتباطية التي يتم عن طريقها التعاون بين أفراد الجماعة الاجتماعية " . 

أما " سبير " Sapir فيري أن اللغة " طريقة إنسانية لإيصال الأفكار والإنفعالات والرغبات بواسطة نظام معين من الرموز اختاره أفراد مجتمع معين واتفقوا عليه " . كما يري " أنها منهج بشري صرف غير عريزي لإبلاغ الأفكار والعواطف والرغبات بواسطة نظام من الرموز المحدثة اختياراً " . 

أي يري أن اللغة ليست غريزية بل ينبغي تعلمها باعتبارها نظاماً من الرموز الاعتباطية ، وهو يركز علي الوظيفة الإبلاغية عكس تعريف دائرة المعارف البريطانية ويختلف هذا التعريف أيضاً ( تعريف المعارف البريطانية ) عن تعريف " سايبر " من جهة كونه يستحضر خاصية الاعتباطية ويركز علي لغة الحديث ، وهو ما نلاحظه من خلال الرموز اللفظية . 

وفي نفس السياق يقول " هول " Hall أن اللغة " هي المؤسسة الاجتماعية التي بها يبلغ الناس بعضهم بعضاً ، ويتفاعلون عن طريق الرموز الاعتباطية الشفهية سمعية Oral-auditory اختيارية يستخدمونها بحكم العادة ، بالإضافة إلى أنها نمط سلوك جماعي يقوم بنو البشر بواسطتها بالاتصال والتفاعل " . 

نلاحظ من خلال التعريف أنه استعمل مصطلح شفهية سمعية بدلاً من لفظية وهو يوافق تعريف " سايبر " تقريباً إلا أنه يختلف عنه في أن المصطلح المستخدم يجعل الإشارة إلى السامع علاوة علي المتكلم ، أما استخدامه لمصطلح " المؤسسة الاجتماعية " يفيد أن اللغة التي يستخدمها مجتمع معين إنما هي جزء من ثقافته . 

أما " هنري سويت " Henry Sweet  " فقد نص أن اللغة " تعبير عن أفكار جزئية بواسطة أصوات كلامية مؤلفة من كلمات مؤلفة في جمل ، وهذا التأليف منطبق علي الأفكار الجزئية المندرجة في أفكار شاملة " . 

نلاحظ من خلال هذا التعريف أنه أشار إلى نقطة مهمة في اللغة ، وهي قابليتها للتجزئة Segmentation معني ذلك أنه لا يمكن فهم المعني ككل إلا بالرجوع إلى الجزء ، أي الكلمة إلى حروفها الصغري المكونة منها ، كما ركز علي وظيفة التعبير عن الأفكار . 

من خلال التعاريف السابقة يمكن القول أن اللغة بجميع أشكالها خاصية إنسانية ، يتميز بها الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى ، استناداً علي أن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر علي تكوين أفكار عن الأشياء . 

وانطلاقاً من هذا نجد أن الباحث " لوك " يعرف اللغة فيقول : " لو لم تكن هناك لغة ولا رمز لما فكر الإنسان في التجريد " . 

أما " هيدجر " فينظر إلى اللغة علي أنها هي الأساس والمساهم الأول في حل المشكلات والإشكاليات ، وهو يري أن " أن اللغة هي أولاً وعموماً  ما يضمن إمكان الوقوف وسط موجود ، هو موجود منكشف " .

علي ضوء ما تقدم يمكن القول أن اللغة هي الكلام ، وبعد أن عرف الإنسان الكتابة صارت للغة صورتان ، الصورة الصوتية ( المنطوقة ) وهي التي تستعمل فيها اللغة مشافهة وهذه الصورة هي الأسبق للغة ، وهي الأكثر شيوعاً بين الأفراد . الصورة المكتوبة وهي التي تستعمل فيها اللغة مكتوبة وتأتي بعد الصورة الصوتية . وتسمي أيضاً الصورة البصرية أي يستطيع من خلالها الفرد رؤية وقراءة النص والرسالة المكتوبة له . 

تعليقات