U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

تعريف نظام الإفلاس

بحث عن نظام الإفلاس
ما هو نظام الإفلاس ؟ وما هو تعريفه ؟ 

بحث عن نظام الإفلاس : 

محتويات البحث : 

(1) تعريف الإفلاس . 

(2) لمحة تاريخية عن نظام الإفلاس . 

(3) تمييز الإفلاس عن بعض النظم المشابهة له . 

(4) التمييز بين الإفلاس ونظام التسوية القضائية . 

(5) تمييز الإفلاس عن التفليس . 

(6) التمييز بين الإفلاس والإعسار . 

تعريف الإفلاس : 

فالإفلاس في اللغة هو الانتقال من حالة اليسر إلى العسر ، وهو مصدر أفلس مشتق من فلس يقال : أفلس الرجل إذا صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم أو صار إلى حال ليست له فيها فلوس ، وفلسه القاضي تقليساً حكم بالإفلاس . 

ونظام الإفلاس هو عبارة عن طريق من طرق التنفيذ علي أموال المدين الذي يخضع لهذا النظام طبقاً لأحكام القانون التجاري ويتوقف عن دفع ديونه المستحقة الآجال ، فيشهر إفلاسه قصد تصفية أمواله تصفية جماعية ويوزع الناتج عنها توزيعاً عادلاً بين دائنيه لا أفضلية فيه لدائن علي أخر ما دام حقد غير مصحوب بأحد الأساليب القانونية التي تبرر الأفضلية كرهن أو امتياز . 

وعلي العموم فإن الإفلاس قانوناً معناه أخص من المعني اللغوي فهو يعبر عن الحالة التي يكون فيها التاجر متوقف عن سداد ديونه في مواعيد آجالها ، ويظهر هذا المعني علي ضوء المادة 215 ق. ت . ج والتي تنص علي أنه يتعين علي كل تاجر أو شخص معنوي خاضع للقانون الخاص ولو لم يكن تاجراً إذا توقف عن الدفع أن يدلي بإقرار في مدى خمسة عشر يوماً قصد افتتاح إجراءات التسوية القضائية أو الإفلاس . 

إن أغلب التشريعات لم تتطرق إلى تعريف نظام الإفلاس وإنما تطرقت مباشرة إلى بيان شروطه الموضوعية والشكلية وإجراءاته ، فالمشرع التونسي نص في المجلة التجارية التونسية في الفصل 413 تحت عنوان الإجراءات الجماعية " تعد إجراءات جماعية علي معني هذه المجلة إجراءات إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات والتفليس " ، وكذلك قانون التجارة الأردني لسنة 1966 الذي نص في المادة 290 منها علي أنه " يحق لكل تاجر قبل توقفه عن الدفع في خلال الأيام العشرة التي تلي هذا التوقف أن يتقدم إلى المحكمة الابتدائية فالمنطقة التي يكون فيها مركزه الرئيسية ويطلب إليها أن تدعوا دائنيه ليعرض عليهم صلحاً واقياً من الإفلاس " ، وكذلك الحال بالنسبة للمشرع المصري الذي نص في المادة 550 من القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة علي ما يلي : " يعد في حالة إفلاس كل تاجر ملزم بموجب أحكام هذا القانون بإمساك دفاتر تجارية إذا توقف عن دفع ديونه التجارية إثر اضطراب أعماله المالية ، ولا يترتب علي التوقف عن الدفع أثر قبل صدور حكم شمر الإفلاس ما لم ينص القانون علي غير ذلك " ، وكذلك الحال بالنسبة للمشرع الجزائري لم يتطرق إلى أي تعريف لنظام الإفلاس وإنما تطرق مباشرة لبيان شروطه وإجراءاته . 

لمحة تاريخية عن نظام الإفلاس : 

مر نظام الإفلاس من نشأته بعدة مراحل تاريخية شهد خلالها تطوراً هاماً ارتبط في الأساس بالظروف الاقتصادية والاجتماعية . 

أولاً : الإفلاس في القوانين القديمة . 

1- الإفلاس عند الرومان : 

وترجع فكرة الإفلاس بأصلها إلى العهد الروماني حيث كان التشريع لديهم يجيز في البداية ممارسة الإكراه البدر ، كوسيلة للتنفيذ علي المدين متى عجز عن سداد ديونه ثم ما لبث أن ألغى هذا النظام ليحل محله نظام للتصفية الجماعية وقوامه التنفيذ علي أموال المدين دون المساس بشخصية ومما كان يلاحظ في ذلك الحين أن إجراءات التصفية الجماعية لم تكن تفرق عند اتخاذها بين المدين التجار وغير التاجر فكلاهما يخضع لذات الإجراءات حال تخلفه عن الوفاء بديوني فلا شك أن هذا النظام قد شكل في ذاته البنية الاساسية التي قامت بالتمهيد لبناء أحكام نظام الإفلاس بمفهومه الحالي . 

فقاعدة غل يد المدين المفلس عن إدارة أمواله والتصرف التي تعرفها التشريعات الحديثة مستوحات أساساً من التشريع الروماني فهذا الأخير كان يجيز للقاضي نقل حيازة أموال المدين إلى ويل عن الدائنين يدعي وكيل التصفية curatur brenurum ليتولي جمعها والحفاظ عليها تمهيداً لبيعها وتوزيع ثمنها علي الدائنين كل بنسبة دينه ليس هذا فقط بل إن القواعد الخاصة بحكم الإفلاس وإجراءات شهود وبطلانه تصرفات المفلس وسقوط بعض حقوقه المدنية . 

2- الإفلاس في القانون الجرماني : 

أما نظام الإفلاس في القانون الجرماني كان يتميز بالخصوصية الفردية للمدين ، أي يحتفظ فيه بحيازة أمواله والتصرف فيها ، ويجوز للدائن أن يحجز علي أي مال من أموال المدين ، بحيث يكون له امتياز علي هذا المال المحجوز يخول له أن يستوفي حقه من ثمنه بالأولوية علي من عاداة من الدائن ، ويبدوا نقص النظام الجرماني القديم وقصوره من النواحي الآتية فمن الخطر أن يظل المدين علي رأس أمواله يديرها كما يشاء ويهوي ويأتي من التصرفات ما ينتقص من حقوق الدائنين ويلحق بهم أشد الاضرار كما أن هذا النظام لا يحقق المساواة بين الدائنين بل الوفاء فيه هو جائزة السبق لمن يعلم من الدائنين باضطراب أحوال المدين ويسارع علي التنفيذ علي أمواله فسيتوفي حقه كاملاً بينما تظل حقوق باقي الدائنين بغير وفاء ، علي أن ضرر هذا النظام لا يقتصر علي الدائنين وحدهم بل يتجاوزهم إلى المدين نفسه ذلك أن مبادرة الدائن بتوقيع حاجز علي أموال المدين بمجرد علمه بالصعوبات التي تحيط به يمنع المدين من الوقوف علي قدميه والنهوض من كبوته فهذا النظام يتضمن ضرراً بالائتمان لأن عدم تكافئ فرص الدائنين في استيفاء حقوقهم من المدين يحمل الدائن علي قبض يده أو التشدد في منح الائتمان للمدين بعكس الأم ، فيما لو كان الدائن متأكداً من استيفاء ما يستحقه كاملاً أو أقصي قدر منه . 

3- الإفلاس بالشريعة الإسلامية : 

من بين مميزات المجتمع العربي قبل ظهور الإسلام أنه كان غارقاً في الجاهلية وقد عرف بفضاعة الطباع إذا طغي عليه مبدأ الغلبة والقوة وبعد ظهور الإسلام قضي علي كل أشكال العبودية وتوارث الديون فعلي العموم فإن الشريعة الإسلامية لا تميز بين التاجر وغير التاجر فلا يوجد قانون خاص بالمعاملات التجارية ، ولقد روي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لأصحابه " أتدرون من المفلس ، قالوا يا رسول الله ، المفلس فينا من لا دراهم له ولا دينار ، قال ليس ذلك المفلس ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ويأتي وقد ظلام هذا وظلم هذا وأكل مال هذا أو أخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي عليه شئ أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم صك له في النار " ، فمن خلال هذا الحديث النبوي الشريف استدل الفقهاء علي وجود الإفلاس في الشريعة الإسلامية وهناك من عرف الإفلاس بأنه هو الانتقال من حالة يسر إلى حالة العسر ، وهناك من عرف المفلس بأنه من دينة أكثر من ماله وخرجه أكثر من دخله وهناك من عرف الإفلاس بأنه هو حالة يستنزف فيها الدين مال المدين فلا يكون في ماله وفاء بدينه وقد يطلق الإفلاس علي من لا يكون له ما معلوم أصلاً . 

ثانياً : الإفلاس في القوانين الحديثة : 

لقد عرف للمرة الأولي في أمرين ملكيين صدراً في 1556 و 1560 يعقبان المفلس بالتدليس بمحاكمته محاكمة غير عادية لا يكفيه من قسوتها إلا أن يتنازل عن كل أمواله لتباع ويوزع ثمنها علي دائنيه ، أما بالحديث عن المرسوم الذي أصدره coulbert سنة 1673 فلم يشتمل إلا علي القليل من أحكام الإفلاس وقد نقل القانون التجاري الفرنسي أحكام الإفلاس من القانون الفرنسي القديم فقضي بأنه علي من يتوقف عن دفع ديونه أن يقدم ميزانية في خلال 3 أيام من توقفه عن الدفع واعتبر كل تصرفاته التي تتم بعد توقفه عن الدفع باطلة ، وتصرفاته التي تمت خلال 10 أيام قبل توقفه عن الدفع يفترض أنها تمت علي سبيل الغش لذلك تعرضت أحكام الإفلاس في القانون التجاري لنقد شديد من طرف الفقه فاضطر المشرع الفرنسي أن يدخل عليها بعض التعديلات سنة 1939 فخففت هذه التعديلات بعض الشئ من قسوة القانون التجاري علي المفلس ، وظل هذا العمل بهذا القانون سارياً نحو قرن من الزمن ، وإن كانت قد أدخلت عليه بعض التعديلات في سنة 1889 إذ صدر قانون أدخل التصفية القضائية في باب الإفلاس ( la liquidation judiciaire ) كما صدرت تشريعات أخرى في 1902 ، 1906 ، 1908 يسرت رد الاعتبار للمفلس . 

2- الإفلاس في القانون المصري : 

فقبل التشريعات الحديثة كانت أحكام الإفلاس مستمدة من الفقه الإسلامي حيث كان قانوناً أخلاقياً يحترم إنسانية المدين ويحافظ علي كرامته علي خلاف ما كان ينص عليه القانون الروماني ، فلم يجعل للدائنين سبيلاً علي شخص المدين ، ولم يسمح بحبسه أو القبض عليه ، حيث هذه الأحكام لم تكن تفرق بين المدين التاجر وغير التاجر ، فبالنسبة للقانون المصري الحديث فقد نقل المشرع أحكام الإفلاس كما وردت بحالتها في القانون الفرنسي الصادر عام 1838م والتعديلات التي طرأت عليه ، حيث صدرت المجموعة التجراية المصرية في 13 / 11 / 1883م ولم تطرأ علي القانون أية تعديلات سوي بعض التعديلات الطفيفة ، وأهمها القانون رقم 12 لسنة 1944م الخاص بتقرير ميعاد التوقف عن الدفع فجعله خمسة عشر يوماً بدلاً من ثلاثة أيام والذي كان منصوصاً عليه في المادة 198 من القانون التجاري ثم أصدر المشرع القانون رقم 56 لسنة 1945م بشأن الصلح الواقي من الإفلاس . 

واستمر العمل بهذه القواعد حتى صدر قانون التجارة الحالي رقم 17 لسنة 1999 ، والذي نظم أحكام الإفلاس في الباب الخامس منه بدأ المادة رقم ( 550 ) وانتهاء بالمادة رقم ( 772 ) وباستقراء هاته المواد والتي يبلغ عددها ( 222 ) مادة . 

يتضح لنا أن الاختلافات بين التشريع القديم والجديد تكاد تكون طفيفة إلى حد ما ، بل يم يغير المشرع من وجهة نظرته للإفلاس باعتباره جريمة تقتضي معاملة التاجر بشدة وصرامة ، تصل إلى حد حرمانه من بعض حقوقه السياسية ، ولم يواكب النظم القانونية المتقدمة والتي عملت على إقالة المشروعات من عثرتها والمحافظة عليها ، كوحدات تساهم في بناء الاقتصاد القومي ، بدلاً من القضاء عليها بما سيتبعه ذلك من انعكاسات علي المستوي الاجتماعي . 

3- الإفلاس في التشريع الإيطالي : 

لقد أخذت قوانين المدن الإيطالية ( كجنوة ، فلورنسا ، ميلان والبندقية ) في العصور الوسطي بنظام التصفية الجماعي الروماني وأدخلت عليه بعض التعديلات التي استجوبت حاجات العمل والعصر منها أنظمة مستحدثة مثل غل يد المدين عن إدارة أمواله والتصرف فيها وحلوة أجل الديون بالإفلاس وقواعد الربا ، وتحقيق الديون ، وقد تربت أنظمة الإفلاس الماخوذ بها في المدن التجارية الإيطالية إلى كثير من مدن جنوب فرنسا وعلي رأسها مدينة ليون ، إذ هاجر إلى هذه المدينة كثيراً من تجار مدينة فلورنسا الإيطالية وأقاموا بها مؤسسات تجارية كبيرة ونقلوا معهم تقاليدهم التجارية ومنها نظام الإفلاس . 

فعلي العموم فإن أحكام الشريعة الإسلامية لم تصل إلى حد استرقاق المدين أو قتله بل تضمنت علي الأحكام التي نظمت العلاقة بين الدائن والمدين والذي امتنع عن الوفاء بديونه في مواعيد استحقاقها ، فيتم حجز أموال المدين وبيعها وتقسيم الناتج عن ذلك بين الدائنين اعتماداً علي قسمة الغرماء فلا يجوز للمدين التصرف في أمواله إضراراً بالدائن وهو ما يعرف حالياً بكل يد المدين عن التصرف في أمواله . 

4- الإفلاس في التشريع الجزائري : 

فقبل الاستقلال كان يطبق في الجزائر ما كان يطبق في النظام الفرنسي من قوانين من بينها القانون التجاري الفرنسي ، الذي كان يتضمن نظام الإفلاس، وبقي القانون التجاري الفرنسي مطبقاً إلى أن صدر الأمر رقم 75 - 59 بتاريخ 26 - 09 - 1975 متضمن القانون التجاري الجزائري وقد احتوي هذا القانون الكتاب الثالث من نظام الإفلاس والتسوية الفضائية ورد الاعتبار والتفليس وما عاداه من جرائم الإفلاس وجرت عليه عدة تعديلات بموجب المرسوم التشريعي رقم 93 - 08 / المؤرخ في 25 / 04 / 1993 . والأمر رقم 96 - 23 المؤرخ في 09 / 07 / 1996 . 

تمييز الإفلاس عن بعض النظم المشابهة : 

فالإفلاس قد يتشابه مع العديد من الأنظمة التي تصف حالة توقف التاجر عن دفع ديونه ، وفيما يلي سنحاول تمييز الإفلاس عن بعض الأنظمة المشابهة له . 

أولاً : التمييز بين الإفلاس ونظام التسوية القضائية : 

فالإفلاس هو الوضعية القانونية لتجار توقف عن الوفاء بديونه ليعلن عنه بمقتضي حكم ، والتاجر المفلس تغل يده عن إدارة ذمته المالية وتنزع منه بعض الحقوق ، والإفلاس هو إجراء تنفيذي يؤدى إلى الموت التجاري للمفلس وتصفية مؤسسته وبيع كل أمواله الأخرى ، أما التسوية القضائية فتهدف إلى إعادة المدين علي رأس عماله بعد اتخاذه بعض الاحتياطات الواجبة . 

فقد تناول المشرع الجزائري نظام التسوية القضائية من خلال المادة 226 والتي تغلت يقتضي بالتسوية القضائية إن كان اليمين قد قام بالالتزامات المتقدمة عليها في المواد 215 - 216 - 217 - 218 . المتقدمة .

فإذا كان الإفلاس طريق من طرق التنفيذ علي أموال التاجر الذي توقف عن دفع ديونه المستحقة الأجل واقتسامها بين دائنيه ، فإن التسوية القضائية هي طريق لمنه التنفيذ علي أموال هذا التاجر في حالة ما إذا كان حسن النية سئ الحظ وعلي عكس الإفلاس فإن التسوية القضاية يجب أن تتم بتقديم المدين التاجر . 

طلباً إلى المحكمة بذلك خلال ( 15 يوماً ) من توقفه عن الدفع ولهذا الأخير صلاحية قبول الطلب بعد موافقة الدائنين علي ذلك والحكم بشهر الإفلاس يؤدى إلى غل يد المفلس فيحرمه من التصرف في أمواله الحاضرة والمستقبلية لأنها تصبح من حق الدائنين في حين يمنح الحكم والتسوية القضاية الحق في فرصة ثانية للممارسة التجارة وتحقيق الأرباح لسداد الديون بعد موافقة دائنيه علي إبرام عقد الصلح معه . 

ثانياً : تمييز الإفلاس عن التفليس : 

فالأصل أن الإفلاس هو عبارة عن حالة قانونية التي ينتهي إليها التجار الذي توقف عن دفع ديونه أو هو طريق للتنفيذ الجماعي علي أموال المدين التاجر الذي توقف عن سداد ديونه في ميعاد استحقاقها مما يؤدى إلى تصفية أمواله ويبيعها تمهيداً لتوزيع ثمنها علي الدائنين قسمة غرماء والإفلاس في حد ذاته ليس بجريمة وفقط يترتب عليه الحرمان من بعض الحقوق ولكن يفترض في عدم مسؤولية المفلس جنائياً أن إفلاسه يرجع إلى سوء الحظ أو إلى خط أيسر أما إن اقترن الإفلاس بخطأ فاحش أو تدليس فالقانون يعاقب عليه تحت اسم التفليس . 

والجرائم التي يرتكبها المفلس نوعان : ما يعرف بالتفليس بالتدليس من جهة وما يعرف بالتفليس بالتقصير من جهة أخرى . 

فبينما يمثل الإفلاس نظاماً قانونياً ينتمي إلى القانوني التجاري فإن التفليس يعاقب عليه قانون العقوبات حتى وإن كان المشرع الجزائري قد نص علي تجريمه في القانون التجاري وذلك في الباب الثالث من الكتاب الثالث تحت عنوان " في التفليس والجرائم الأخرى في مادة الإفلاس " حيث يتخذ التفليس صورتين : 

التفليس بالتقصير والتفليس بالتدليس " المواد من 396 إلى 388 من القانون التجاري الجزائري " . 

أما بالنسبة للمشرع المصري فقد استعمل مصطلح التفالس بدلاً من التفليس ونظم أحكام الإفلاس كنظام تجاري في المواد من 550 إلى 782 من قانون التجارة المصري ، بينما تضمن قانون العقوبات ، التفالس من حيث التجريم والعقاب في المواد من 328 إلى 353 من قانون العقوبات المصري ، والإفلاس وجد كنظام يطبق علي التجار المتوقف عن الدفع وإن كان العدل والمنطق يقتضيات عدم العقاب عليه متى كان وليد ظروف لا دخل لإرادة التاجر عند وقوعها فالعقاب متعين متى اقترنت بالإفلاس ، أفعال تنطوي علي غش أو تدليس أو خطا جسيم ، حيث نكون هنا أمام إفلاس بالتقصير وإفلاس بالتدليس وهي الجريمة يعاقب عليها القانون " . 

ومن جهة فقد تسوء نية التاجر بقصد الإضرار بدائنيه فيعمد إلى إخفاء أمواله أو اختلاسها أو تبديلها أو تهريبها عن متناول أيدي دائنيه وقد يلجا إلى إخفاء دفاترها التجارية أو طمس معالمها أو تشويه محتوياتها وقد يختلق نفسه ديوناً وهمية أو يبالغ فيما عليه من ديون في زيادة كبيرة ، وقد يأتي تصرفاً مقروناً بالتدليس أو الاحتيال بقصد الإضرار بكتلة الدائنين ، فهو يأتي فعلاً علي خطورة بينا مع علمه بطبيعة نشاطه ونتائجه الضارة ومع ذلك يتعمد إتيان أحد الأفعال التي سبق ذكرها بقصد الوصول إلى حالة الإفلاس وبالتالي الاضرار بدائنيه . 

ثالثاً : التمييز بين الإفلاس والإعسار : 

يعتبر الإفلاس في معناه اللغوي دلالة العسر والعجز المالي لكنه كنظام قانوني يتضمنه القانوني التجاري ، يختلف عن أي نظام آخر يطبق علي حالات العجز المالي ، التي يقع فيها المدينون من غير التجار أي المدنيين وهو المعروف بنظام الإعسار deconfiture ، فالإعسار هنا هو نظام خاص بالمدنيين من غير التجار وينشأ عن زيادة ديون المدين المستحقة الأداء علي أمواله أي أنه وبصيغة أدق " يجوز أن يشهر إعسار المدين إذا كانت أمواله لا تكفي لوفاء ديونه المستحقة الأداء ) وارتباطاً بهذا التميو فقد جري العرف القانوني علي التخصيص في معني التعبيرين فيقال أن التجار قد أفلس ولا يقال قد أعسر وعلي العكس يقال أن الشخص المدني أعسر ولا يقال أنه أفلس . 

وفي الإفلاس يجوز للمحكمة أن تشهره من تلقاء نفسها وهذا لأنه من النظام العام ، أو أن تطلبه النيابة العامة ، ولا يجوز ذلك في الإعسار ، إذ يتعين لشهر الإعسار أن يطلبه من المحكمة المدين أو أحد دائنيه أو من له مصلحة في ذلك ، وعلي عكس الحكم بشهر الإفلاس الذي يتميز بأنه حكم مقرر ، فإن الحكم الصادر بشهر الإعسار هو حكم منشأ لحالة قانونية جديدة . 

في حين يكون نشر الإفلاس في جلسات المحكمة وفي الصحف المختصة بالاعلانات القانونية ولكن لم يوجب ذلك في الإعسار إشفاقاً منه علي مسعة المدين من أن يضره هذا الإجراء ، وبعد ما تطرقنا إلى وجه الاختلاف بين الإفلاس والإعسار ، تبين لنا اختلاف نظرة المشرع : 

حيث اعتبر نظام الإفلاس مسلحاً قاسياص يسلكه الدائن للتنفيذ علي أموال مدينه ، لذا اعتبر أن شهر الإفلاس التاجر يعني ، أن وصمة عار قد أصابته فلوثت سمعته وأسقطت عنه اعتباره التجاري ، وذلك بخلاف نظرته عن الإعسار المدني حيث اعتبره المشرع أمراً عارضاً وحالة طارئة من الضيق والعجز المالي ، ومن ثم جعل المحكمة سلطة تقديرية في الحكم به من عدمه ، مع مراعاة الظروف التي أحاطت بالمدين المعسر ، حتى تستطيع الترفق به ما وجدت إلى ذلك سبيلاً . 

تعليقات