ما هو تعريف الانفعال ؟ وما هي النظريات المفسرة له ؟ |
بحث عن الانفعال :
محتويات البحث :
(2) تعريف الانفعالات .
(3) كيف يعمل الانفعال أو يحدث ؟
(4) لماذا ينفعل الإنسان ؟
(5) النظريات المفسرة للانفعال .
مقدمة عن الانفعالات :
تعتبر الانفعالات ركناً هاماً في حياة كل فرد ، فهي تتدخل في جميع جوانب حياة الفرد اليومية ، وتجعل من حياة الفرد اليومية شئ ممتع ومتنوع ، وبدونها تصبح الحياة بلا معني وقاحلة ، وهي جزء هام من عملية النمو الشاملة والمتكاملة ، لأنها أحد الأسس التي تعمل علي بناء الشخصية السوية ، حيث تعمل علي توجيه الفرد نحو المسار النمائي الصحيح بكل ما تحمله من نواحٍ وعواطف وسلوك وانفعالات مختلفة .
ودائما حياة الفرد لا تمضي علي وتيرة واحدة ، وإنما هي مليئة بالخبرات والتجارب المتنوعة التي تبعث فيها مختلف الانفعالات والحالات الوجدانية وهكذا نجد أن حياة الإنسان في تقلب مستمر وتغير دائم ، وهذا لاشك يضفي علي الحياة جزءاً كبيراً مما لها من قيمة وما لها من متعة فبدون هذه الحالات الوجدانية والانفعالات المختلفة تصبح حياة الفرد مملة لا متعة فيها كحياة الجماد .
فالانفعالات باعتبارها تتعلق بالمشاعر التي تنتابنا من فرح أو حزن أو غضب تعرف بأنها حالة من اللاتوازن بين العضوية والمنبهات الخارجية التي تفد بشكل مفاجئ في صورة وقتية زائلة تدفعنا للاقتراب من شئ أو الابتعاد عنه وتكون مصحوبة باضطرابات جسدية خارجية وحشوية .
فالأصل أن تتصف حياة الفرد بتوازن يقوم مطالبها الفيزيولوجية والاجتماعية من جهة والمنبهات الخارجية التي تحيط بها من جهة أخرى .
وصفوة القول وأصدقه أن حياتنا النفسية لا تسمي حياة بدون انفعالات ومن هنا كان موضوع الانفعالات في علم النفس من الموضوعات الأساسية التي تربط دائما بالدوافع النفسية والصحة النفسية والمزاج والتناغم والانسجام والعمليات المعرفية العقلية من تذكر وتفكير وتصور وتخيل وذكاء فضلاً عن العلاقة الوطيدة بين الانفعالات وصحة البدن من ناحية والانفعالات والأمراض السيكوسوماتية " النفسجسمية " من ناحية أخرى .
تعريف الانفعال :
في اللغة الانفعالات :
جمع انفعال ، والانفعال ، مأخوذ من الفعل انفعل بمعني تاثر فقد عرف مجمع اللغة العربية انفعل ومنفعل : بـ " تأثر به انبساطاً وانقباضاً " .
رغم أن مفهوم الانفعال من المفاهيم الشائعة في علم النفس ، إلا أنه لا يوجد تعريف اصطلاحي واحد يعترف به جميع المتخصصين في مجال علم النفس فهو كما يري دافيروف بأنه حالة داخلية تتصف بجوانب معرفية خاصة وإحساسات وردود أفعال فسيولوجية وسلوك تعبيري معين ، وهو ينزع للظهور فجأة ويصعب التحكم فيه .
وأيضا يعرف الانفعال علي أنه " حالة إثارة سارة أو غير سارة تحدث للكائن الحي نتيجة موقف يتضمن صراعاً أو توتراً " .
كما يعرف الانفعال بأنه شعور همجي مضطرب وخلل عام يصيب الفرد كله نفساً وجسداً ويؤثر إلى حد كبير في تصرفاته وأفعاله وخبراته الحسية والشعورية وأعضاء جسمه الحشوية الداخلية " الفسيولوجية " وتحدث الانفعالات وتحدث الانفعالات نتيجة لأسباب نفسية اجتماعية وبيئية .
ويعرف أيضا بأنه حالة تغير في الكائن الحي يصاحبها اضطراب في السلوك وهذا الاضطراب حاد بحيث يشمل الفرد كله ويؤثر في سلوكه وخبرته الشعورية ووظائفه الفسيولوجية الداخلية وهو ينشأ في الأصل عن مصدر نفسي ، ومن أمثلته الخوف والغضب الشديدين .
وكلمة انفعال ( emotion ) مشتقة من اللاتينية ( emovire ) ومعناها يتحرك إلى الخارج فالمعني اللغوي لذلك هو إخراج الأحساسيس .
ويعرف ميلفن ماركس الانفعال بأنه اضطراب حاد يشمل الفرد كله ، ويؤثر في سلوكه ، وخبرته الشعورية ووظائفه الفسيولوجية الداخلية ، وينشأ في الأصل عن مصدر نفسي .
ويري وورتمان وآخرون Wortman et al أن الانفعال هو ردود لا إرادية إلى حد كبير تشمل تغيرات عميقة سواء منظورة أو غير منظورة .
مما سبق يمكننا تعريف الانفعال بأنه :
حالة تغيير أو تأثير نفسي يتعرض لها الفرد تؤثر إلى حد كبير في تصرفااته وأفعاله وخبراته الحسية والشعورية وأعضاء جسمه الداخلية تعتري المنفعل بفعل مثيرات نفسية أو اجتماعية أو بيئية .
كيف يعمل الانفعال أو يحدث ؟
يبدأ المثير الذي يسبب الانفعال سواء كان داخلياً كتذكر شئ مؤلم أو خارجياً مثل رؤية وحش هائج . يتبعه خلل شعوري شخصي حيث يشعر الشخص باضطراب انفعالي .
ما سبق يولد تعبيراً ظاهرياً خارجياً مما يصدر عن المنفعل من حركات وألفاظ وقسمات الوجه .
وفي نفس الوقت يحدث تغير عضوي داخلي في الأحشاء وفي نشاط القلب والضغط والتنفس والغدد ، بمعني إثارة جهازه العصبي لاتخاذ التصرف المناسب .
ويمكن توضيح ذلك كما يلي :
م ( مثير ) - ن ( إنسان ) - ( تغيرات فسيولوجية ، ناحية شعورية ، تغيرات حركية ) .
لكن لماذا ينفعل الإنسان ؟
في الواقع أن أسباب الانفعالات متعددة ولكن يمكن أن نحصرها في أسباب ثلاثة هي :
1- عند إعاقة دافع أساسي من دوافعنا : كالطالب الذكي المجتهد عندما لا يستطيع دخول الاختبار رغم أنه مؤهل للنجاح .
2- عند استثارة دافع فينا : كأن نعلم بغتة بوفاة إنسان عزيز علينا وأنه كان في صحة جيدة قبلها .
3- عند إشباع دوافعنا بشكل غير متوقع ، أو تتحقق آمالنا بغتة : كحال مريض كان لا يرجو شفاءً عاجلاً فإذا به تزول علته فجأة بعد أن يأس .
نظريات الانفعال :
لإبراز مفهوم الانفعال بصورة أكبر وأوضح لابد من التطرق إلى نظريات الانفعال ، حيث أنه لا توجد هناك نظرية جامعة مانعة للإنفعال ، فكلما جاء عالم بنظرية حسب تصوره نقدها الآخرون ومن هنا تعدد النظريات ومن أهم هذه النظريات ما يلي :
أولا : النظريات الفسيولوجية :
1- نظرية جيمس ولانك James and lange :
تؤكد هذه النظرية علي أن الانفعال هو مجموعة إحساسات مختلفة تتسبب عن التغيرات العضوية وتختلف الانفعالات بعضها عن بعض باختلاف هذه الإحساسات العضوية ، وذهبت هذه النظرية إلى أبعد من هذا عندما أشارت إلى أن المظاهر الجسمية والعضوية هي ليست نتيجة الانفعال وإنما هي السبب في الظهور .
إدراك للمنبه المثير للانفعال - إثارة استجابات حشوية وهيكلية - تغذية راجعة من الاستجابات الجسمية تنتج الخبرة الانفعالية .
وقد نقد العلماء هذه النظرية واعتبروها شبيه بوضع العربة أمام الحصان ، لأنه من الصعب الجزم بأن التغيرات الجسدية هي العلة الوحيدة للانفعال .
2- نظرية كانون - بارد ( Canon - Bard ) :
لقد صدمت النظرية الأولي عالم النفس الأمريكي كانون فذهب إلى أو ردود فعل الجسم الفسيولوجية لا تتمايز تمايزاً كافياً لاستثارة الانفعالات المختلفة .
فليس هناك فارق زمني بين الخبرة الانفعالية والتغيرات الفسيولوجية يمكننا من أن نرتب الواحد منها علي الآخر كما فعل جيمس ولانج .
بل كلاهما يحدث في نفس الوقت ويفسران ذلك بكون المثير الانفعالي يتوجه نحو القشرة الدماغية مسبباً الوعي الذاتي بالخبرة الانفعالية وفي نفس اللحظة يتوجه نحو الجهاز العصبي السمبثاوي متسبباً في الاستثارة الجسمية الفسيولوجية .
يلاحظ أن هذه النظرية تفترض أن التيارات العصبية التي يثيرها مصدر الانفعال في حزم عصبية تنقسم إلى قسمين :
تنبيه حسي لإحداث التغير الوجداني ويستمر في هذه الطريقة بعد ذلك إلى اللحاء لإحداث الشعور بالانفعال وفي نفس الوقت المهاد والمهاد التحتاني تحت تأثير متبادل مع اللحاء إذ تتجه حزمة عصبية من اللحاء مع هاتين النقطتين تحمل تنبيها حركياً إرادياً يؤدى إلى خفض آثار الانفعال وتعديلها أو منعها .
ويؤخذ علي هذه النظرية أنها مجرد افتراضات ولا يوجد برهان علمي أو ثبات يبين أن الشعور بالانفعال يصدر من المهاد وأن المهاد لا يخدم إلا الشعور الحساسية الأولية .
3- نظرية جانيه ( P . ganet ) :
تقوم نظريته علي اساس افتراض مؤداه تحلل الجهاز العصبي وضعف اتصالاته يؤدى إلى انفصال النشاطات الوجدانية ، ويترتب علي انفصال النشاطات الوجدانية انعزال بعضها عن بعض فيبقي منها جانباً مستبعداً عن الحياة الشعورية ويصبح حبيس الفرد لعدم إمكان الجهاز العصبي القيام بمهمته .
مما يضطرها إلى إتخاذ مسارات خاطئة تظهر في شكل انفعال مضطرب .
ومن عيوب هذه النظرية أنها مجرد افتراض لتحلل الجهاز العصبي يفتقر إلى الثبات . فالإنسان عرضة للانفعال في ظروف خاصة يبدو فيها أن تحلل الجهاز العصبي أبعد من أن يفسر لنا ظاهرة ، كذلك قد يكون هناك ما يدل علي اختلال في الجهاز العصبي دون أن يترتب علي ذلك اضطراب انفعالي ذي شأن كبير .
4- نظرية فالون ( H . Walloon ) :
تفترض هذه النظرية أن الإنسان في بداية حياته يستجيب وفق دائرة عصبية بدائية وهي التي تكون عند الوليد منذ ولادته ، والتي تميز انفعالاته ، ولكن بنمو المستويات العليا من اجلهاز العصبي وسيطرته علي النشاطات الأدني يدخل الإنسان في دورة عصبية أرقي .
فالانفعال هو نكوص في الاستجابة تحت ظروف معينة من الدورة العصبية إلى الدورة العصبية البدائية فتصبح استجابة انفعالية .
ولكن من الانتقادات علي هذه النظرية أنها لم تبين لنا كيف ولماذا تحدث الردة المسببة للانفعال .
ثانياً : النظرية المعرفية :
نظرية سكاكتر ( Schachter ) :
تبحث هذه النظرية بين ما نفكر به وبين ما نشر به ، وتسمي بالنظرية الفيزيولوجية للانفعال والتي تعرف كذلك بنظرية العاملين ، ومؤدي هذه النظرية أن الاثارة الحشوية جزء هام من الانفعال ، إلا أن النمط الانفعالي يعتمد علي الطريقة التي يدرك بها الفرد الموقف ، أو بعبارة أخرى يعتمد الانفعال علي عنصري الإثارة الجسدية والتصنيف المعرفي .
وبهذا يمكن ملاحظة أن سكاكتر يفترض مثل جيمس أن خبرتنا بالانفعالات تنمو من وعينا علي استثاراتنا الجسدية ، ولكنه يعتمد بنفس الوقت مشبها في ذلك كنون ، أن الانفعالات متشابهة من الناحية الفيزيولوجية ، وعلي هذا فهو يؤكد أن الخبرة الانفعالية تستدعي تفسيراً لما نشعر به أو لما يدعو للاستثارة .
فالتغذية الراجعة للدماغ من النشاط الفيزيولوجي تثير حالة غير متميزة من التهيج ، وتبدأ هذه الحالة من اللاتميز بالتميز وذلك بتحديد الفرد للحالة المثارة وتمييزه لها ، وهذه العملية التمييزية عملية معرفية يستخدم فيها الفرد من خبراته الماضية ومستوي إدراكه لما يجري حوله ليصل بذلك إلى تفسير لمشاعره ، ويقرر في ضوء هذا التفسير كيف يتصرف والنمط الذي يستخدمه لتمييز حالته الانفعالية .
تقييم نظرية سكاكتر :
جرت دراسات متعددة حول نظرية سكاكتر انتهي الكثير منها إلى القول بأنه ليس صحيحاً ما حسبه سكاكتر من أن الاستثارة الفيزيولوجية هي نفسها في مختلف المواقف الانفعالية ولكنها يمكن أن تنتقل إلى موقف آخر فتضخم من الحالة الانفعالية التي تستثيرها .
وقد جرت دراسات أخرى لمعرفة ما إذا كان يجب أن تسبق الخبرة الانفعالية بتصنيف معرفي للدافع ويجيب زانيس علي ذلك بالنفي حيث يري بأن ردود فعلنا الانفعالية تكون أحياناً أسرع من تفسيرنا للموقف ، بمعني أننا ننفعل بالموقف قبل أن نفكر فيه ، ويؤيد البحث في العمليات العصبية فكرة إمكان الانفعال قبل المعرفة والتفسير .
ثالثاً : النظرية السلوكية :
ينشأ الانفعال من وجهة نظر بعض السلوكيين نتيجة الصراع المستثار لدي الكائن الحي ، والذي يؤدى به للقيام باستجابات غير متسقة ، كما يفسر البعض الآخر الانفعالات في ضوء اضطراب السلوك .
ويؤخذ علي هذه النظريات - فيما يري مليفن ماركس - أن هناك صعوبات في تحديد التعريفات الإجرائية الدقيقة لمعني الصراع باعتباره أساس الانفعالات .
وقد تعامل واطسون مع الانفعال علي أنه نمط وراثي من الاستجابة تتضمن تغيرات جسمية في جسم الكائن ككل ، وقد عالج واطسون الانفعالات بنفس الطريقة التي تعامل بها مع الاستجابات غير الشرطية التي تحدث بشكل متسق لمنبهات معينة ، ولم يهتم بالتحليل الفسيولوجي للانفعال ، أو بدور الجهاز العصبي .
رابعاً : نظرية مدرسة الجشتالط :
تتميز نظرية الجشتالط في الانفعال بكشفهاه عن الرباط القائم بين الإنسان المنفعل وسبب الانفعال ، وأهم من ذلك كشفها عن الدور الشخصي الذي يلعبه الإنسان المنفعل في انفعاله ، ولتوضيح ذلك نأخذ انفعال المرح - الذي تثيره برقية - حيث يظهر علي الفرد عندما ينقل إليه خبر سار ، إن أفعال السرور والفرح بعد قراءة البرقية سيظهر في شكله الخارجي وقد يصل إلى تقبيل البرقية وفي هذا السلوك يمكن أن نكشف هذه الأمور :
- أن تغير طرأ علي الشخص فأصبح في غير ما كان عليه .
- أن تغيراً قد حدث للعالم أيضاً فأصبح ليس مجرد ما كان عليه .
- أن تغيراً يريد الشخص أن يفرضه علي العالم حتى لا يضل علي ما كان عليه .
- أن تغيراً قد أحدثه العلم في الشخص فلم يعد كما كان عليه وهكذا تدخل في دورة الانفعال .
هذه النقاط توضح أن لحظة الانفعال هي لحظة تغيير في الشخص وفي العالم كذلك ومحاولة من الشخص لتغيير العالم واستجابته لتغيير العالم له ، ذلك ما يعبر عنه الجشتالطيون بانهيار الحدود الفاصلة بين العالم الداخلي للمنفعل والعالم الخارجي ، والانفعال عند الجشتالطيين موقف كلي من العالم .
خامساً : نظرية التحليل النفسي :
يهتم بعض المحللون النفسيون للانفعالات علي المفاهيم مثل القلق ، والعدوان فعلي الرغم من أن فرويد قد اهتم في كتاباته بالقلق والعمليات اللاشعورية إلا أنه أهمل الانفعالات ، واعتبرها عملية استجابة ، ففي مقالة سنة 1915 عن اللاشعور كتب يقول : هناك ثقة بأن الانفعالات تدخل ضمن الشعور أو الوعي .
حيث اعتبر فرويد أن الطاقة الجنسية ( الليبدو ) عندما تعاق عن بلوغ هدفها تتحول إلى شحنة انفعالية تبغي التصريف وتتحين الفرص للانطلاق ، وفي المرحلة الأولي من العمر - حيث لا يكون الوعي بالعالم قد نمي - تتميز بتركيز الليبدو علي الجسم ، وهي ما أطلق عليها فرويد بمرحلة ( الليبدو النرجسية ) ونتيجة احتكاك الطفل بالعالم وتزايد وعيه به يطلق قدراً من هذا الليبدو علي موضوعاته ، يتزايد باستمرار .
وقد أطلق علي هذا الليبدو تعبير ( الليبدو الموضوعي ) ونتيجة لكبت الليبدو الموضوعي يصبح انطلاق الانفعال تعبيراً عن الليبدو النرجسي بطريقة مخفاة وإشباعاً له بأسلوب تخييلي وتصوير لحالة الحرمان القديمة بشكل مفاجئ غامض .
تعليقات