ما هو تعريف علم النفس التربوي ؟ وما هي أهدافه ؟ |
تعريف علم النفس التربوي :
دون الاسترسال في عرض مختلف المحاولات التي تطرقت إلى تعريف علم النفس التربوي ، وإبراز ما بينها من اختلافات ، التي تصل في بعض الأحيان إلى حد التناقض ، والتي قد تكون عائقاً أمام الطالب وتحول بينه وبين استيعاب هذا المفهوم .
فإننا نقول بأن علم النفس التربوي هو الدراسة العلمية لسلوك طرفي العلملية التعلمية ( المعلم ، المتعلم ) ، وما حولهما من عوامل تأثير وتأثر وتفيد عبارة الدراسة العلمية إتباعه المنهج العلمي بمختلف تجلياته ( تجريبي ، وصفي ، تاريخي ) ، كما يفيد مفهوم السلوك مظهرية ، السوي أو العادي ، واللاسوي أو الشاذ ومختلف تجلياته ( المعرفية ، الوجدانية ، الحس حركية ).
ونكون هنا أما الاهتمام ودراسة السلوك بصورة شاملة ، أما اقتصار علم النفس التربوي علي المعلم والمتعلم فيفيد بأن هذا العلم تخصص في اقتصار علي النفس التربوي علي المعلم والمتعلم فيفيد بأن هذا العلم تخصص في الظاهرة السلوكية داخل محيط المدرسة ، بطبيعة الحال دون إعفاله ما يحيط بالمعلم والمتعلم من عوامل تؤدى إلى نجاحهما في تأدية مهامها .
فإذا كانت طرق التدريس أساسية لنجاح العملية التعلمية فهي من اهتمامات هذا العلم ، وكذلك هو شأن الوسائل التعليمية ، وأساليب التقويم ، أيضاً قد تذهب الدراسات والاهتمامات السيكوتربوية بقضايا من خارج المدرسة كالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، للمعلم والتلميذ ، واساليب وسياسات إعداد المعلمين وما إلى ذلك من العوامل ذات الصلة بفاعلية العملية التعليمية ، كذل ذلك له علاقة بتشكيل سلوك كل من المعلم والمتعلم .
أهداف علم النفس التربوي :
يهدف علم النفس التربوي كغيره من العلوم الأخرى إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية وهي المعرفة والتفسير والتنبؤ والتحكم ، ولكن يتميز عن غيره من العلوم كونه ينشد أهدافاص خاصة نوجزها في مجموعتين كما يلي :
أولاً : مجموعة الأهداف النظرية لعلم النفس التربوي :
1- توليد المعرفة أو إنتاج المعرفة :
عالم النفس التربوي يبحث الجوانب النفسية لمختلف أطراف العملية التعليمية وما يتعلق بها من مشكلات تحد من فعالية كل واحد منها ، بحثاً مستقلاً عن بقية العلوم النفسية الأخرى ، مستخدماً في ذلك كافة الأساليب والتقنيات والطرق المتعارف عليها ، وبذلك فهو لا ينتظر ما تفسر عليه نتائج الدراسات في المجالات الحياتية الأخرى ، ينتج ما تحتاجه المنظومة التربوية من المعرفة ومن القوانين التي تساعد علي نجاح العملية .
2- تنظيم المعرفة من أجل تهيئتها للتطبيق :
فضلاً علي ما يقوم به علماء النفس التربوي من جهود بحثية غرضها فهم وتفسير الظواهر النفسية أو السلوكية في الوسط المدرسي وبالتالي التنبؤ بها والتحكم فيها ، فهم يقومون أيضاً بجهود موازية ترمي إلى تحضير المادة العلمية وتنظيمها سواء تلك التي توصل إليها العلماء من مختلف التخصصات كعلوم النفس ( علم نفس التنظيم والعمل ، علم النفس الاجتماعي ، علم نفس النمو ، علم النفس الإرشادي ... إلخ ) ، وعلوم التربية ( التربية المقارنة ، تكنولوجيا التربية ، التربية الخاصة ... إلخ ) وعلوم الاجتماع ، وعلوم الاجتماع وعلوم الإدارة ، وما إلى ذلك من العلوم التي تشترك مع علم النفس التربوي في الموضوع وهو الإنسان .
ثانياً : مجموعة الأهداف التطبيقية لعلم النفس التربوي :
1- أهداف تتعلق بالمعلم :
يهدف علم النفس التربوي إلى مساعدة المعلم علي تخطي مختلف المشكلات التي تحد من فعالية أدائه ، كمشكلة صياغة الأهداف التعليمية واستثمارها ضمن المقاربات السابقة ، أو مشكلات بناء الكفاءات أو مشكلات التعامل مع التلاميذ أو المشكلات في الصف ، أو مشكلات توظيف وانتقاء طرق التدريس ، مشكلات التقويم وكيفيات توظيفه واستثمار نتائجه ، مشكلات التكوين والتكوين المستمر والنمو المهني ، المشكلات المتعلقة بالمتعلمين ... إلخ .
2- أهداف تتعلق بالمدرسة والإدارة المدرسية :
طالما أن المدرسة والإدارة المدرسية موجودة عموماً للمساهمة في صناعة النجاح المدرسي ، فإن علم النفس التربوي يهدف إلى دعم جهودها بما يقومون به من دراسات وما يجمعونه وينظمونه من معارف لخدمة المدرسة والإدارة المدرسية .
ويمكننا إيجاز هذه المساعدة فيما يلي :
- رفع التعليمية وحل المشكلات التي تنتج في الوسط التعليمي .
- تحديد حجم التخلف المدرسي والكشف عن ضعاف العقول وما إلى ذلك من السمات الهامة للنجاح المدرسي .
- يقيس نتائج العمل المدرسي ، وبالتالي تزويد المشتغلين بذلك بتغذية راجعة .
3- أهداف متعلقة بالوصاية التربوية ( التخطيط التربوي ) :
التخطيط التربوي منه يبدأ وإليه ينتهي ، علم النفس التربوي يهدف أولاً إلى تزويد لجان التخطيط التربوي علي مستوي تحديد الاستراتيجيات ووضع البرامج بالمعارف ذات العلاقة بمجال اختصاصه ، كما يهدف إلى تزويده بالمعارف التي تغذيه بالمعلومات التي من شأنها تساهم في إعادة النظر فيما هو كائن .
أهمية علم النفس التربوي :
يمكن إبراز أهمية علم النفس التربوي فيما يلي :
1- تزايد أهمية التعلم المدرسي .
2- الاهتمام بالإنسان وطرق تعليمه وتربيته .
3- توفير البدائل للتعامل مع التلاميذ .
4- حاجة العملية التعليمية إلى المزيد من المعرفة التي تستجيب لمقتضيات العصر .
مناهج البحث في علم النفس التربوي :
علم النفس التربوي علم له منهجه ، بل له مناهجه ، فكما لعلم النفس بصورة عامة مناهج بحث عامة ، كذلك فإنه لعلم النفس التربوي ثلاثة مناهج عامة وهي :
1- المنهج التجريبي .
2- المنهج الوصفي .
3- المنهج التاريخي .
علاقة علم النفس التربوي بالعلوم الأخرى :
يستمد علم النفس التربوي أهدافه من الكثير مما توصلت إليه علوم أخرى والتي تتخذ الإنسان موضوعاً لها ، ومن تلك العلوم ما يلي :
1- علم النفس بمختلف فروعه :
علاقة علم النفس التربوي بعلوم النفس التربوي يمكن رصدها من خلال معطيين هامين ، يتمثل المعطي الأول في التداخل الكبير بينها ، إذ أن الكثير من المواضيع التي تدرسها تلك العلوم تدخل في مجال اهتمام علم النفس التربوي .
أما المعطي الثاني ، فيتمثل في أن علم النفس التربوي ومختلف علوم النفس التربوي وعلم النفس العام ، علم نفس النمو ، علم النفس الاجتماعي ، علم النفس التجريبي ، القياس النفسي ، الإرشاد النفسي والتربوي .
كل هذه العلوم تربطها بهذا العلم رابطة أخذ وعطاء ، فكما تم ذكره في شأن أهدافه فإن توليده للمعرفة بفضل ما يقوم به من بحوث ودراسات لا تعنيه لوحده ، بل علي العكس من ذلك تستفيد منها كل تلك العلوم ، كما أنه يستفيد من نتائج بحوثها ومن نظرياتها .
2- علم الاجتماع بمختلف فروعه :
أفاد علم الاجتماع علم النفس التربوي في دراسة وحل العديد من المشكلات التربوية ذات الطابع الاجتماعي ، فالمدرسة كما يقال هي مجتمع مصغر ، يصدق عليه كل ما يصدق علي المجتمع العام ، من علاقات ومتعلقات بين أفرادها أو مجموعاتها .
3- علوم الاتصال :
العملية التعليمية من بدايتها إلى نهايتها أصبح ينظر إليها علي أنها عملية اتصال ، والمعلم الذي لا يحسن فن الاتصال لا يمكن له أن يتجاوب معهم ولا يمكنه أن يبني علاقات فعالة معهم ، لذلك فعلم النفس التربوي يستفيد كثيراً مما تنتجه علوم الاتصال علي اختلاف مواضيعها .
4- علوم الإدارة :
لم تعد نتاجات علماء الإدارة تهمت فقط بالعاملين في ميدان المؤسسات الإدارية والصناعية ، ولكنها أصبحت تكتسي طابعاً استثمارياً علي مستوي كافة تواجد العنصر البشري .
والمؤسسة التربوية لم تعد المؤسسة التي مارس الفعل التعليمي بالشكل التقليدي ولكنها تطورت بالشكل الذي يتطلب حنكة في التسيير ، إضافة إلى أن مهام المعلم لم تعد تلك المهام التقليدية والمجسدة في تلقين التلاميذ .
ولكن التوجه الجديد لتلك الممارسة تطلب منه أن يكون إدارياً داخل فصله إضافة إلى مهماته التعليمية ، لأن لقاءاته مع التلاميذ أصبحت تطرح الكثير من المشكلات والمهمات التي تفرض أن يكون المعلم إدارياً في جزء من عمله ، لذلك فالضروري لعلم النفس التربوي أن يستقي بعض تكوينه من منتجات علماء الإدارة .
5- الفيزيولوجيا والبيولوجيا :
علي الرغم من الاختلاف الكبير بين ما تدرسه هذه العلوم وبين علم النفس التربوي إلا أنه من غير الممكن أن تدرس العديد من الظواهر التي تعتبر جوهرية بالنسبة للتربية وعلم النفس في غياب توفر المعطيات الفسيولوجية والبيولوجي .
ومن الممكن أن نتكلم علي سبيل المثال لا الحصر عن نمو الفرد في غياب العديد من المعطيات المتعلقة بتأثير الغدد الصماء علي الحالة المزاجية للفرد ، وهكذا هو شأن الحالة العصبية للفرد وعلاقته بالدافعية ، وكذلك إشباع الحاجات البيولوجية وعلاقتها بالعمل علي التطلع لإشباع الحاجات العليا .
كل هذه القضايا تهم علم النفس التربوي ، لذلك الفسيولوجيا والبيولوجيا يرتبطان ارتباطاً قوياً بالتربية وعلم النفس ، وهذه الأمور علم النفس لا يملك القدرة علي دراسة الكثير من الظواهر ذات العلاقة بهذه المسائل بل عليه أن يستقيها من نتائج أبحاث هذه العلوم .
تعليقات