ما هو الفرق بين التأمين التكافلي ؟ والتأمين التجاري ؟ |
الفروق الجوهرية بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري :
هناك عدة اختلافات تمثل فروقاً جوهرية بين التأمين التكافلي والتأمين الجوهري وتتمثل في الاختلاف فيما بينها من الناحية الشرعية ، كذلك هناك الاختلاف من الناحية القانونية والمالية ، كما يوجد اختلاف في آلية التنفيذ ، وسوف يتم استعراض هذه الاختلافات بشئ من التفصيل خلال النقاط التالية :
أولا : الفرق بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري من الناحية الشرعية :
يتمثل الاختلاف بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري من الناحية الشرعية في الآتي :
1- إن التأمين التقليدي يغلب عليه الغرر فهو من الغرر الشديد الغالب المحرم فلا تجيزه الحاجة إلا في ظروف استثنائية ، أما التأمين التكافلي يخف فيه الغرر وذلك لعنصر التبرع القائم عليه ومحدودية المؤمنين فتجيزه الحالة .
2- إن التأمين التكافلي عقد إرفاق ومعروف ، لأنه مبني في نيته علي التعاون ولهذا يغتفر فيه الغرر ، بخلاف التأمين التقليدي فالقصد الغالب فيه التجارة وكسب الربح ولهذا لا يجوز فيه الغرر .
3- إن الغرر في التأمين التقليدي أصل لأن المؤسسة قائمة علي كسبها من الحوادث التي لم تحصل بينما الغرر في التأمين التكافلي إضافي وتبعي .
4- من حيث المرجعية النهائية : تتمثل المرجعية النهائية لجميع الأنشطة والعمليات التي تجري في شركات التأمين التكافلي في أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ، وذلك يشمل عمليات التأمين وإعادة التأمين والاستثمار والتعويضات وقواعد احتساب الفوائض التأمينية وتوزيعها وغيرها من المعاملات ، في حين أن المرجعية النهائية لشركات التأمين التجاري التقليدي تخضع إلى التشريعات والأعراف الخاصة بالتأمين في كل دولة ، والتي هي بطبيعة الحال ذات أصل تقليدي تجاري محض ، ينجسم مع فلسفة المدرسة الرأسمالية في العمل التجاري بصفة عامة .
ثانياً : الفرق بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري من الناحية القانونية والمالية :
هناك العديد من أوجه الاختلاف بين التأمين التعاوني ( التكافلي ) والتأمين التجاري تعود إلى طبيعة كل منهما والعلاقة التي تنشأ مع الغير ، وفيما يلي أهم أوجه تلك الاختلافات :
1- من حيث أطراف العقد :
إن كلاً من عقدي التأمين التكافلي والتأمين التجاري حديث النشأة في العالم ، فالتأمين التجاري ظهر بصورة عقد في القرن الرابع عشر للميلاد في إيطاليا ، وأما التأمين التكافلي فقد ظهر بصورة عقد في أول مرة في السودان عام 1979م .
وقد صنف الفقهاء عقد التأمين التجاري علي أنه من العقود الاحتمالية أو عقود الغرر ، فهو عقد غرر لأنه يؤمن خطر غير محقق الوقوع وعقد الاحتمال هو العقد الذي لا يستطيع فيه كل من المتعاقدين أو إحدامها وقت العقد معرفة قدر ما يعطي أو يأخذ من العقد .
بينما يكون أطراف العقد في عمليات التأين التكافلي هما : المستأمن وشركة التأمين بوصفها وكيلاً عن المستأمن ، فيتمثل دور شركة التأمين بتنظيم وترتيب وإدارة التعاقد بين المستأمنين أنفسهم وإدارة العمليات التأمينية وأموال التأمين المتحققة في الصندوق التأمين التكافلي بأسلوب شرعي علي أساس الوكالة بأجر معلوم ، والأقساط التي تستوفي من المستأمنين تكون ملكاً لهم .
2- من حيث التعويض :
عند حدوث ضرر لأي من المستأمنين تتم عملية التعويض وفقاً لنظام التأمين التكافلي ويصرف التعويض مجموعة الأقساط المتاحة بصندوق حملة الوثائق فإذا لم تكن الأقساط كافية في الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة الاشتراكات للوفاء بالتعويض ، فليس هناك التزام تعاقدي بالتعويض .
أما التأمين التجاري فهناك التزام بالتعويض مقابل أقساط التأمين ، ويترتب علي هذا الالتزام تحمل الشركة لمخاطرة الأصل المؤمن عليه دون سائر المستأمنين لذا كان الهدف من العقد هو المعاوضة ، ولكن هذه المعاوضة لا تسمح بربح الطرفين ، بل إن ربحت الشركة خسر المستأمن وإن ربح المستأمن خسرت الشركة ، فهي معاوضة تتضمن ربح أحد الطرفين مقابل خسارة الآخر .
3- من حيث طبيعة العقد :
إن العقد بين المشتركين في شركات التأمين التكافلي عقد تبرع وتكافل لا يقصد به الربح ، والعقد بين المشتركين والمساهمين عقد مضاربة .
بينما العقد في شركات التأمين التجاري فهو عقد معاوضة بين المشترك والشركاء المساهمين بقصد الربح ، في الوقت الذي يشتمل فيه العقد في التأمين التجاري التقليدي علي الربا والغرر والجهالة فإن التأمين التكافلي لا يوجد فيه من ذلك ، وعلي فرض وجود الغرر والجهالة ، فلا يؤثر فيه جهالة أو غرر لأن عقود التبرعات تجوز حتي مع الجهالة والغرر .
4- من حيث العلاقات المالية :
يقوم الهيكل المالي لشركة التأمين التكافلي علي قسمين مختلفين من الحسابات هما : حساب المساهمين حملة الأسهم ويمثل نظام رأس مال الشركة ، وحساب المشتركين المؤمن عليهم حملة الوثائق ويمثل نظامياً صندوق التأمين التكافلي ، وقد يعبر عنه بصندوق المساهمين وصندوق المشتركين .
بينما في شركات التأمين التجاري فإنه لا يوجد فرق بين أموال اشتراكات التأمين وأموال المساهمين كل في صندوق واحد ، وذلك لأن كافة الأموال تصبح ملكاً للشركة .
5- من حيث هدف التأمين :
يهدف التأمين التكافلي إلى تحقيق التعاون فيما بين المشتركين ، فليس غرض الشركة تحقيق أي ربح من التأمين نفسه ، لأن الأقساط لا تدخل في ملكيتها أبداً ، ولا يستفيد مما تبقي منها مهما بلغ ، لأن الأقساط تبقي خاصة بحساب التأمين ، وما تبقي فهو له وليس للشركة ، ولذلك لا تبالغ في الأقساط ، لأنها لا تستفيد منها .
لكن الأهداف من التأمين التجاري هو الربح من التأمين نفسه ، وتحقيق الربح من عمليات التأمين بحيث إذا زادت عمليات أقساط التأمين عن المصاريف والتعويضات فإن هذه الزيادة تبقي للشركة وتعتبرها ربحاً ، ولذلك كلما زادت في تقدير الأقساط كانت لمصلحتها .
6- من حيث عوائد استثمار الأقساط :
إن عوائد النشاطات الاستثمارية التي تقوم بها إدارة شركات التأمين التكافلي والخاصة بصندوق المشتركين تعود إلى حساب التأمين بعد استقطاع حصة الشركة مضارب ، بينما أي عوائد قد تحققها شركة التأمين التجاري التقليدي تعود إلى الشركة التجارية فقط .
7- من حيث الفائض التأميني والربح التأميني :
إن ما يسمي بالفائض في التأمين التكافلي ليس له اسم ولا حقيقة في التأمين التجاري والفائض هو الفرق المتبقي من الأقساط وعوائدها بعد التعويضات والمصاريف والمخصصات ، حيث يصرف كله ، أو بعضه علي المشتركين حملة الوثائق ، وما يسمي بالفائض في التأمين التكافلي الذي يعد ملكاً لحساب التأمين ويصرف للمشتركين .
ويطلق عليه في التأمين التجاري ربحاً تأمينياً وإيراداً يعتبر ملكاً خاصاً للشركة ، ويدخل ضمن أرباحها .
8- من حيث الاحتياطات :
يوجد حسابان منفصلان للاحتياطات والمخصصات للتأمين التكافلي ، أحدهما خاص بحملة الوثائق والآخر خاص بالمساهمين ، فإن أخذت هذه الاحتياطات والمخصصات من أموال المساهمين فهي لهم ، وإن أخذت من حملة الوثائق فهي لصالحهم ، وذلك خلافاً للاحتياطات والمخصصات في التأمين التجاري حيث لا يوجد فصل بينهما لأنها جميعاً لصالح الشركة .
9- من حيث الربح :
من المعلوم أن التأمين التكافلي لا يهدف إلى تحقيق أرباح حيث يعاد توزيع فائض التأمين بعد خصم الاحتياطات فقط ، واجبة علي المشتركين في حين أن التأمين التجاري يعود صافي ربحه علي المؤسسين المساهمين .
رأس المال في التأمين التكافلي هو عبارة عن حسابين وذمتين ماليتين مستقلتين هما : الأول : ذمة شركة المساهمين التي تتكون من رأس المال المدفوع وعوائده المشروعة إضافة إلى المخصصات والاحتياطات التي تؤخذ من عوائد أموال المساهمين والأجر التي تحصل عليها الشركة في مقابل إدارتها لحساب التأمين إذا كانت الوكالة بأجر ، وإذا لم تكن بأجر فتتحصل الشركة علي نسبة من الربح المحقق عن طريق عقد المضاربة بين الشركة وحساب التأمين .
والثاني: الذمة المالية لحساب التأمين التي تتكون من أقساط التأمين وعوائدها وأرباحها من الاستثمارات والاحتياطات والمخصصات الفنية التي أخذت من حساب التأمين ، بينما تكون الذمة المالية في التأمين التجاري مكونة من حساب واحد ويشتمل رأل الماس المدفوع وعوائد رأس المال وفوائده والأرباح التأمينية المتبقية بعد خصم التعويضات وهذه الذمة المالية هي المسؤولة عن كل التزامات الشركة سواء كانت تخص النشاط التأميني أو غيره من المصاريف .
10- من حيث عجز حساب المشتركين :
عند وقوع عجز في حساب المشتركين فإن مجموعة المشتركين في التأمين التكافلي يتحملون هذا العجز عن طريق الأقساط المستقبلية ، أو عن طريق تكوين احتياطات أو عن طريق القرض الحسن من حساب المساهمين .
أما العجز المالي في التأمين التجاري فيتحمله مساهمو الشركة .
ثالثاً : الفرق بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري من ناحية التطبيق :
يتمثل الاختلاف فيما بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري من ناحية آلية التطبيق في الآتي :
1- التأمين التكافلي لا يستهدف الربح إلا عرضاً ، علي عكس الحال في التأمين التجاري الذي انحرف عن غايته التأمينية الأصلية .
2- المؤمنون في التأمين التكافلي هم المستأمنون أنفسهم فلا تعارض في المصلحة بينهم ، بخلاف الحال في التأمين التجاري ، حيث يوجد انفصام تام بين الطرفين تختلف به مصالحهما ، ويكون نفع أحدهما مضاداً لمصلحة الآخر فتنعدم فرص التعاون بينهما .
3- من نتائج نظام التأمين التكافلي تقديم الخبرة التأمينية للمستأمنين بأقل تكلفة وفي حال تحقيق أرباح من استثمار الفوائض يعود نفعها علي المشتركين جميعاً ، بينما تزيد تكلفة الخدمة التأمينية في التأمين التجاري بسبب الرغبة المستمرة للشركة المؤمنة في الكسب ، ويستفيد أصحاب الشركة بالأرباح من دون المستأمنين .
4- إداة التأمين التكافلي نابعة من المشتركين أنفسهم ، وهم المستأمنون جميعاً الذين ينتخبون من بينهم مجلساً للإدارة ويشتركون في مراقبته ، بينما الإدارة في التأمين التجاري حكر علي أصحاب الشركة المساهمين في رأس المال وليس للمستأمنين حقوق في الإدارة أو الرقابة أو الملكية .
5- في التأمين التكافلي وعلي وجه الخصوص في الصيغة الإسلامية المطلوبة له ، يتبرع الأعضاء المشرتكون بمساهمتهم وأقساطهم من أجل تحقيق الغاية التأمينية ، وتصبح هذه الأموال المقدمة منهم ملكاً للشخصية الاعتبارية للجميعة التي يمتلكونها جميعاً ، ويتمتعون بما تقدمه من خدمات لجميع أعضائها .
بينما المستأمنون في التأمين التجاري لا يدفعون الأقساط علي سبيل التبرع بل شراء للخدمة التأمينية التي تزينها لهم شركات التأمين ، وهي شركات مساهمة ملك لأصحابها ، لم ينشئوها إلا طلباً للربح ، وفي حالة التعويض المالي عن الحادث المحتمل إذا وقع يأخذ التعامل شكل المعاوضة ويشوش عليه بتلك الصورة الربوية المنهي عنها شرعاً .
تعليقات