ما هو دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية ؟ |
دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية :
إن عملية التنشئة الاجتماعية تبدأ من الطفولة وتستمر مع الإنسان طوال حياته لذلك إن مسؤولية التنشئة الاجتماعية لا تقع علي مؤسسة بذاتها بل تساهم العديد من الوسائط أو الوكالات في هذه العملية ومن هذه الوسائط الأسرة ، الروضة ، المدرسة والرفاق ، دور العبادة ، النادي ووسائل الإعلام وغيرها من الوسائط التي يتفاعل معها الإنسان ويكتسب منها المهارات والمعارف والقيم ، ويتعلم من خلالها الأدوار الاجتماعية التي يتوقعها منه المجتمع .
وسوف نركز هنا علي المدرسة باعتبارها من الوسائط الهامة في التنشئة الاجتماعية ، فالمجال المدرسي مجال تربوي ونفسي واجتماعي حيث تلتقي فيه المتغيرات السيكولوجية الخاصة بالطفل من حاجات وأهداف ومدركات مع المتغيرات الاجتماعية من منظومات القيم الثقافية والمعايير الاجتماعية مع الظواهر التربوية التعليمية ، وإن عملية التعلم والتعليم في المدرسة لا تتم إلا من خلال عملية التفاعل الاجتماعي .
والمدرسة باعتبارها أحد الوسائط الخاصة بالتنشئة الاجتماعية ليست هي أول مؤسسة تقوم بهذا الدور بل تعتبر الأسرة هي المؤسسة الأولي التي تقوم بالتنشئة الاجتماعية للطفل منذ مولده ، ولذلك فإن المدرسة في علاقتها بالتنشئة الاجتماعية يقع عليها مسؤوليتين المسؤولية الأولي هي الاستمرار في عملية التنشئة الاجتماعية حيث تعمل علي إحلال معايير واتجاهات وقيم معينة محل معايير واتجاهات وقيم اكتسبها الطفل في مرحلة سابقة علي الالتحاق بالمدرسة .
وتلعب المدرسة دوراً بارزاً في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل ، ويتضح ذلك مما يلي :
1- تزويد الطفل أو التلميذ بالمعلومات والمعارف والخبرات والمهارات اللازمة له وتعليمه كيفية توظيفها في حياته العملية ، وكيفية استخدامها في حل مشكلاته وتنمية نفسه وشخصيته ومجتمعه ، إذ يعد هذا جزءاً مهماً في العملية التعليمية والتنشئة الاجتماعية ، وهذا ما يجعل للتعليم قيمة وأثراً في حياة الطفل وحاضرها ومستقبلها .
2- تهيئة الطفل تهيئة اجتماعية من خلال نقل ثقافة المجتمع وتبسيطها وتفسيرها إليه بعد أن تعمل علي تنقيحها وتنقية عناصرها التي يمكن تقديمها للطفل وبذلك لا تعمل المدرسة علي نقل قدر كبير من المعارف والمهارات إلى الطفل فحسب وإنما تنقل إليه أيضاً منظومة واسعة من القيم والمعايير والعادات والتقاليد ، وغيرها التي تساعده علي التكيف مع مجتمعه ، وإقامة علاقات إيجابية مع الآخرين ، كما تتضمن التهيئة الاجتماعية تعليم الطفل منهج حل المشكلات وإكسابه المهارات والوسائل ، الفنية لحل المشكلات كجزء مكمل للعملية التربوية .
3- إعداد الطفل للمستقبل ، وذلك من خلال قيام المدرسة بتعريف التاميذ بالتغيرات والمستجدات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية ، وغيرها التي تواجها مجتمعهم وتفسيرها لهم ، ونقدها ، وبيان إيجابياتها وسلبياتها ، ومساعدتهم علي فهمها وإكسابهم المرونة للتكيف معها ، ومساعدتهم علي تنمية القدرات الإبداعية الخلاقة لديهم وأساليب التفكير العلمي ، ومهارات اتخاذ القرارات والنقد والتمحيص والتمييز وأيضاً تنمية المسؤولية الخلقية والاجتماعية لديهم وتشجيعهم علي تحمل المسؤولية في مواجهة التحديات التي تواجه مجتمعهم .
4- تزويد الطفل بالمعلومات الصحيحة والهادفة بما يساعده علي فهم نفسه والبيئة المحيطة وما يجري من حوله علي نحو سليم ، وبما ينعكس إيجاباً علي نموه العقلي والنفسي والاجتماعي .
5- توسيع الدائرة الاجتماعية للطفل ، حيث يلتقي الطفل لدي التحاقه بالمدرسة والانخراط في نشاطاتها بجماعات جديدة من الرفاق ، وفيها يكتسب المزيد من المعايير الاجتماعية علي نحو منظم ، ويتعلم أدواراً اجتماعية جديدة ، حيث يعرف بحقوقه وواجباته ، وأساليب ضبط انفعالاته ، والتوفيق بين حاجاته وحاجات الآخرين ، والتعاون مع الآخرين .
6- تعليم الطفل المعلومات والمهارات المتعلقة بالطريقة التي يعمل بها المجتمع أو التي ينبغي أن يعمل بها ، مما يؤدى إلى إعداد الطفل للتصرف وفقاً للأدوار التي يقوم بها العضو الراشد في المجتمع ، فعن طريق توسيع دائرة الطفل يتعلم إعداد نفسه للقيام بمختلف الأدوار التي يقوم بها الراشد ، كما يعرف ما ينتظر من الأشخاص الذين يشغلون مراكز مختلفة في المجتمع .
7- مساعدة الطفل علي اكتساب الاتجاهات والمعارف والأنماط السلوكية التي تشعره بأن هوية واحدة تجمعه مع أقرانه في المدرسة بخاصة وافراد مجتمعه بعامة .
8- مساعدة الطفل علي التكيف السليم مع بيئته ومجتمعه ، إذ تعمل الملدرسة علي مساعدة التلاميذ علي اكتساب المهارات الاساسية اللازمة لهم للتعامل السليم مع بيئتهم الطبيعية والاجتماعية والتكنولوجية والتكيف معها بفاعلية ، ويري العلماء والباحثون في هذا المجال أن الأطفال يجب أن يحققوا أمرين رئيسيين في المدرسة وهما التعلم والتكيف ، لأن التكيف الاجتماعي المدرسي يعد متغيراً مهماً من متغيرات الشخصية ، ويؤكدون أيضاً علي الخبرات التربوية التي يكتسبها التلميذ تعد إحدي المصادر المهمة في تكيفه وتنمية قدراته علي إقامة علاقات إيجابية ناجحة في المواقف الاجتماعية المختلفة ، وتشير الدراسات المنشورة أن هناك عوامل ثلاث ذات علاقة بتكيف الطفل أو عدمه في المدرسة وهي علاقة التلميذ بمدرسيه ، علاقته بزملائه وعلاقته بمواد دراسته وموضوعاته ( المنهاج المدرسي ) .
9- توفير بيئة تنافسية للطفل مع اقرانه ، يحاول فيها إبراز نفسه وشخصيته لينال مركزاً مرموقاً بينهم .
10- إزالة الفوارق الاجتماعية بين الطفل وأقرانه بجلوسه معهم في الصف الدراسي نفسه وعلي مقاعد الدراسة نفسها ، مما يؤدى إلى التخفيف من درجة الاختلاف بينهم فيما يتعلق بأنماط سلوكهم واتجاهاتهم وقيمهم .
11- الاهتمام بميول الأطفال ورغباتهم وحاجاتهم وقدراتهم واستعداداتهم ، وبالفروق الفردية بينهم ، والعمل علي اكتشاف الموهوبين والمبدعين ، فتقوم برعايتهم أو تحويلهم إلى مراكز خاصة برعاية الموهبة والإبداع ، وعلي اكتشاف المختلفين وتحويلهم إلى مراكز خاصة بهم .
تعليقات