U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

البطالة ، مفهومها ، أنواعها ، طرق قياسها ( بحث كامل مع المراجع )

بحث عن البطالة doc
ما هي أنواع البطالة ؟ 

بحث عن البطالة مع المراجع :

محتويات البحث : 

(1) مفهوم البطالة . 
(2) تعريف البطالة لغة واصطلاحا . 
(3) تعريف العاطل . 
(4) أنواع البطالة . 
(5) قياس البطالة . 
(6) البطالين فئة غير متجانسة . 
(7) خاتمة عن البطالة . 

مفهوم البطالة :

البطالة واحدة من المصطلحات الاجتماعية الاقتصادية المعقدة التي لا زال تلقي عند محاولة التعريف بها الكثير من الخلاف ، وإلى الدرجة التي يمكن معها القول أن تعريفاً جامعاً مانعاً لها من الصعب الوصول إليه ، فإن عدم الاتفاق قد أتي أساساً من اختلاف وجهات النظر بين مفكري هذا المجال في أمور كثيرة تتعلق أصلاً بتوجههم نحو مفاهيم أخرى مثل العمالة ، والتشغيل الكامل ، والتشغيل الناقص ، ومدى التعطل ، أنواع التعطل ، وأنواع البطالة ، وغير ذلك من المقولات التي تدخل في صلب المشكلة . 

وانطلاقاً من هذا ، فإن الوصول إلى تعريف متفق عليه للبطالة - كما جاء بدائرة معارف العلوم الاجتماعية ، أمر صعب بعيد المنال حيث يتوقف التعريف بها علي الظروف القائمة في الزمان والمكان المعنيين ، وعلي سبيل المثال ، فإن المسح الذي أجرى علي الأسر في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1974 ، أشير إلى البطالين بأنهم كل الأفراد الذين يبلغون من العمر أربع عشر عاماً فما فوق ، والذين لا يعملون بأجر خارج الأسرة لمدة ساعة واحدة يومياً علي الأقل في هذا الوقت الذي رأت فيه كثير من الدول أنه عاماً فأكثر وأنه إذا قلت مدة عمله عن ثلاث ساعات يومياً يمكن اعتبار هذا الشخص في عداد البطالين . 

علي أي حالة ، البطالة لفظ مقابل للعمالة ومضاد له ، والعامل والعاطل يكونان علي نقيض . 

تعريف البطالة لغة : 

كما ورد في ابن منظور ، البطالة تأتي من  الفعل بطل وبَطُل ، وله معان كثيرة ومنها أنه يعني التعطل ، وأنه يقال بطل الأجير ( بالفتح ) يبطل بطالة بوطالة / أي تعطل ، فهو بطال ، وهي في معجم الرائد تدور في نفس الإطار ، حيث يذكر أيضاً أنها قد اشتقت من بطل وبطُل وبطيل ، وتعني عدم توافر العمل للراغبين فيه والقادرين عليه . 

تعريف البطالة اصطلاحاً : 

هي مصطلح يشير إلى أشخاص قادرين علي العمل ، وراغبين فيه ، وباحثين عنه ، ولكنهم لا يجدونه . 

تعريف البطالة في علم الاجتماع : 

حالة من خلو العامل مع قدرته عليه ، بسبب خارج عن إرادته كالتعطل اللاإختياري الذي يعود إلى نقل العمل . 

وهي أيضا : استلزام وجود وضعية عدم الانشغال وكذا لزومية البحث عنه ، عدم الاشتغال كشرط حالة ، أما لزومية البحث عنه كشرط سلوكي أخلاقي . 

تعريف العاطل : 

كل من هو قادر  علي العمل ، وراغب فيه ، ويبحث عنه ، ويقبله عند مستوي الأجر السائد ، ولكن دون جدوي . 

أنواع البطالة : 

إذا كانت كتلة البطالة تتفاوت من حيث الجنس والعمر والعرق ، وكذلك من حيث مدة البطالة التي تعانيها الفئات المتعطلة ، فإن ذلك كله يتفاوت أيضا بحسب نوع البطالة السائدة ، فهناك عدة أنواع من البطالة التي عرفتها البلدان الصناعية الرأسمالية ، نذكر منها ما يلي : 

(1) البطالة الدورية : 

من المعلوم أن النشاط الاقتصادي ، بجميع متغيراته في الاقتصاديات الرأسمالية ، لا يسير عبر الزمن بوتيرة واحدة منظمة بل تنتاب هذا النشاط فترات صعود وهبوط دورية أشبه بحركة " الزجزاج " ويطلق علي حركة التقلبات الصاعدة والهابطة للنشاط الاقتصادي ( الدورة الاقتصادية business cycle  ) ، التي يتراوح مداها الزمني بين ثلاث وعشرة سنين . 

مصطلح الدورة الاقتصادية يتصف بخاصية التكرار والدورية ، وتتكون الدورة الاقتصادية من مرحلتين ومن نقطتين تحول turning points ، والمرحلة الأولي هي مرحلة الرواج أو التوسع Expansion يتجه فيها حجم الدخل والناتج والتوظف نحو التزايد ، إلى أن يصل التوسع منتهاه بالوصول إلى نقطة الذروة Peak أو قمة الرواج ، وعندها تحدث الأزمة وبعدها يتجه النشاط الاقتصادي بجميع مكوناته نحو الهبوط الدوري ، ليدخل الاقتصاد القومي مرحلة الانكماش Trough إلى أن يبلغ الهبوط منتهاه بالوصول إلى نقطة قاع الانكماش ، وبعدها مباشرة يبدأ الانتعاش فيتجه بعدها حجم النشاط الاقتصادي نحو التوسع مرة أخرى ... وهكذا . 

وهذا ما ينعكس سلبا علي العمالة من حيث : 

1- هبوط المشتريات السلعية الاستهلاكية بشكل واضح وتزايد المخزونات غير المرغوب فيها من السلع الاستهلاكية الدائمة . 

2- انخفاض الطلب علي العمالة ، حيث يأخذ هذا الانخفاض في البداية شكل خفض ساعات العمل ، ثم يليه في المرحلة الثانية تسريح العمال ، وبالتالي ارتفاع معدل البطالة . 

3- مع هبوط حجم الإنتاج ، سيهبط بالتبعية الطلب علي المواد الخام والوسيطة ، وسينخفض نتيجة لذلك أسعار كثير من السلع ، علي أن الأجور وأسعار منتجات الصناعات التحويلية لن تهبط بسرعة في بداية الكساد . 

4- تتدهور معدلات الأرباح في قطاع الأعمال بسرعة في بداية الكساد ، وسيهبط معها أسعار الأسهم في سوق الأوراق المالية ، وسيسيطر التشاؤم علي المستثمرين ، وسينخفض أيضاً الطلب علي القروض من الجهاز المصرفي وتنخفض نتيجة لذلك أسعار الفائدة . 

فمن أهم سمات مرحلة الكساد ارتفاع معدل البطالة ، وأن من أهم سمات مرحلة التوسع انخفاض معدل البطالة ، وهذا هو المقصود بالبطالة الدورية . 

(2) البطالة الاحتكاكية : 

البطالة الاحتكاكية ، هي البطالة التي تحدث بسبب التنقلات المستمرة للعاملين بين المناطق والمهن المختلفة ، وتنشأ بسبب نقص المعلومات لدي الباحثين عن العمل ، ولدي أصحاب الأعمال الذين تتوافر لديهم فرص العمل ، فحينما ينتقل عامل من منطقة جغرافية لأخرى ، أو يغير مهنته إلى مهنة أخرى ن أو حينما تقرر ربة المنزل الخروج إلى سوق العمل ، بعد أن تجاوزت مرحلة تربية الأطفال ورعايتهم ، فإن الحصول علي فرصة عمل تحتاج بلا شك إلي وقت يتم فيه البحث عن الإمكانات المتاحة والمفاضلة بينها . 

والمشكلة الأساسية هنا هي أن الباحثين عن العمل وأصحاب الأعمال الذين تتوافر لديهم فرص العمل ، يبحث كل منهم عن الآخر ( الإعلانات ، الصحف ، الاتصالات المباشرة ، مكاتب التوظيف ... ) ، وقد تطول فترة البحث عن العمل نتيجة لعدم توفر المعلومات الكافية أو لنقصها لدي الطرفين . 

وفي ضوء ما تقدم ، يعتقد عدد من الاقتصاديين أن البطالة الاحتكاكية وإن كانت تنشأ بسب تنقلات الأفراد بين المهن والمناطق المختلفة ، فإن السبب الرئيسي لها هو نقص المعلومات ، ولهذا ينادي هؤلاء بأن فرض الضرائب علي الدخل ، يعين علي البطالة ويقلل المدة الزمنية التي تعطي فيها هذه الإعانة من شأنها أن يقللا من هذا النوع من البطالة . 

(3) البطالة الهيكلية : 

يقصد بالبطالة الهيكلية ، ذلك النوع من التعطل الذي يصيب جانباً من قوة العمل ، بسبب تغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد القومي ، وتؤدي إلى إيجاد حالة من عدم التوافق بين فرص التوظيف المتاحة ومؤهلات وخبرات العمال العاطلين الراغبين في العمل والباحثين عنه . 

أما عن طبيعة هذه المتغيرات الهيكلية فهي إما أن تكون راجعة إلى حدوث تغير في هيكل الطلب علي المنتجات ، أو راجعة إلى تغير أساسي في الفن التكنولوجي المستخدم ، أو إلى تغيرات هيكلية في سوق العمل نفسه ، أو بسبب انتقال الصناعات إلى أماكن توطين جديدة . 

فهذا النوع من البطالة يمكن أن يحدث نتيجة لانخفاض الطلب علي نوعيات معينة من العمالة ، بسبب الكساد الذي لحق بالصناعات التي كانوا يعملون بها وظهور طلب علي نوعيات معينة من المهارات التي تلزم لإنتاج سلع معينة لصناعات رفيعة النوعية ، فهنا تحدث البطالة بسبب التغيرات الهيكلية الطارئة علي الطلب ، وفي هذه الحالة يصعب علي العمال العاطلين أن يجدوا بسهولة فرصة للشغل ، لأن مستويات الخبرة والمهارة المطلوبة للوظائف الشاغرة المتاحة غير متوافرة لديهم ، وفي الوقت نفسه ، يصعب علي رجال الأعمال أن يحصلوا علي حاجاتهم من العمالة المطلوبة بسبب نقص عرض هذا النوع من العمالية ، أي أننا نواجه حالة فارض عرض excess supply في سوق عمل ما وفائض طلب excess demand في سوق عمل آخر . 

ويظل هذا الاختلال قائماً إلى أن تتوافق قوي العرض مع قوي الطلب ، مثال دقيق علي طبيعة البطالة الهيكية الناجمة عن تغير هيكل الطلب ، ففي هذه الفترة أغلقت كثير من مناجم الفحم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بسبب إحلال النفط محل الفحم كمصدر للطاقة ، مما أدى إلى ظهور جيش من بطالة عمال المناجم في هذه الآونة ، في الوقت الذي لم يكن من الممكن إجبارهم علي ترك هذه الإماكن والرحيل إلى أماكن أخرى بحثاً عن عمل أو لتعلم مهارات جديدة . 

كذلك من الممكن للتكنولوجيا أن تؤدي إلى بطالة هيكلية ، والمثال الواسع علي ذلك هو أن ارتفاع ردجة " ميكنة " العمليات الإنتاجية Automization وظهور الآلة ، أو الإنسان الآلي في صناعة السيارات ، قد أدى إلى الاستغناء عن عدد كبير من العمالة التي كانت تعمل علي خطوط الإنتاج ، فمثل هذا النوع يعتبر هيكلياً . 

كما أن البطالة الهيكلية من من الممكن أن تحدث بسبب وقوع تغيرات محسوسة في وقة العمل ، ومن أمثلة هذه الحالة قد لا يوجد توافق بين مؤهلاتهم وخبراتهم من ناحية ، وما تتطلبة الوظائف المتاحة في السوق من ناحية أخرى ، وهنا نخض بالذكر كدخول المراهقين والشباب إلى سوق العمل بأعداد كبيرة ، حيث عرفت أخيراً البلدان الصناعية المستقدمة نوعاً جديداً من البطالة الهيكلية نجم عن تعاظم ظاهرة العولمة Mondialisation في ربع القرن الأخير والتي لجأت إلى فكرة التشديد علي الشركات المتعددة الجنسيات . 

(4) البطالة الموسمية : 

البطالة الموسمية أو ما يعرف أيضا بالبطالة المؤقتة ( Temporary Unemployment ) ، وهي ذلك النوع من البطالة التي يكون الأفراد بمقتضاها يعملون فترات ولا يعملون فترات أخرى ، وذلك مثلما يحدث في معظم الأرياف العربية ، حيث يشتد دوران عجلة العمل في فترات ويهبط في غيرها وقد ينتفي في ثالثه ، كأن يعمل الطلبة مثلا في فصل الصيف فقط ولا يعملون في بقية فصول السنة ، هذا وجدير بالذكر أن هذا النوع يتداخل مع ما يعرف بالبطالة الجزئية . 

(5) البطالة الجزئية : 

رغم التداخل الكائن بين البطالة الموسمية والبطالة الجزئية ، فإن هذه الأخيرة توجد إذا كانت القوي العاملة المتاحة غير مستخدمة استخداماً تاماً ، أي أن يعمل الأفراد ساعات عمل أقل من ساعات العمل العادية . 

(6) البطالة السافرة : 

وتسمي بالبطالة الظاهرة أو المسجلة والتي يمكن قياسها رغم بعض المشاكل أو الصعوبات ، إذا سجل العاطلون أنفسهم في مكاتب التوظيف أو غيرها من الإدارات التي تخصصها الدولة ، لذلك اصبحت البطالة الظاهرة أو المسجلة معروفة العدد ، ومدي تسجيل البطالين . 

وفي الدول المتقدمة التي تكفل للعاطل إعانة بطالة ، فإن أرقام البطالة الظاهرة أو المسجلة تكون متقاربة جداً بحيث تؤخذ أرقام البطالة المسجلة كمقياس للبطالة في القطر أو المنطقة . 

أما في الدول النامية ونتيجة لأنه لا يوجد إعانات بطالة مع ضعف إمكانيات وكفاءة مكاتب التوظيف وبالبطالين أنفسهم لا يشعرون بأهمية التسجيل ، فإن أرقام البطالة المسجلة تقل كثيراً عن حقيقة البطالة بالرغم من أن من يجد عملاً ويكون مسجلاً يعوض عن بعض النقص ، إلا أن الاعتقاد السائد هو أن أرقام البطالة المسجلة تقل كثيراً عن أرقام البطالة الفعلية . 

وعلي هذا الأساس يمكن النظر إلى أرقام البطالة المسجلة كمجرد مؤشر للتغيرات لا كأعداد فعلية ، بالإضافة إلى أنها صورة أدق عن بطالة المتعلمين ، أي خريجي المدارس العليا والجامعات ، فالعمال عادة لا يذهبون إلى مكاتب التوظيف وربما لا يعرفون عنها أي شئ . 

خلاصة القول أن التعامل مع أرقام البطالة المسجلة في البلاد العربية ( إن توفرت ) يجب أن تؤخذ بحذر شديد . 

(7) البطالة المقنعة أو المستترة : 

تحدث عندما يكون عدد الأيدي العاملة أو حجم العمل ( كعنصر انتاج متغير ) في ازدياد مستمر بينما عناصرالانتاج الأخرى كرأس المال أو الأرض أو التنظيم ثابتة وبالتالي يتفاعل عنصر العمل المتزايد مع كميات أقل من العناصر الثابتة ونتيجة لانخفاض نصيبه من العناصر الثابتة ، يتناقص الناتج الحدي حتى يصبح صفراً وربما سالباً ، وفي الانتاج التجاري الذ يهدف إلى تحقيق أقصي ربح لا يمكن أن يدفع كأجر للعامل تكون انتاجيته صفراً أو سالبة لكن في الانتاج الأسري الذي تترابط فيه علاقات أفراده بعضهم البعض خاصة في الانتاج الزراعي قد يظل الابن أو الأخ يعمل ويحصل علي أجر أو دخل رغم أن انتاجه الحدي يساوي صفراً ، ويحدث هذا أحيانا في القطاع العام خصوصاً عندما تلتزم الدولة بتوظيف خريجي المدارس العليا والمعاهد والجامعات وغيرها ، ويفيض عدد المعين عن حاجة العمل ، فينخفض الناتج الحدي جداً ، وتحدث بطالة مقنعة أو المستترة في القطاع العام ، وهي مستترة لأن الشخص يحصل علي أجر أو راتب ويعمل ظاهرياً أو موسمياً ولكنه لا ينتج شيئاً حقيقياً في أمر الواقع . 

(8) البطالة الاختيارية والإجبارية : 

الاختيارية : هي حالة يتعطل فيها العامل بمحض اختياره وإرادته ، حينما يقدم استقالته عن العمل الذي كان يعمل به ، إما لعزوفه عن العمل وتفضيله لوقت الفراغ ( مع وجود مصدر آخر للدخل والإعاشة ) ، أو لأنه يبحث عن عمل آخر أفضل يوفر له أجراً أعلى وظروف أحسن ، فالعطالة هنا اختيارية وليست إجبارية . 

أما الإجبارية : فهي الحالة التي يتعطل فيها العامل بشكل جبري أي من غير إرادته أو أختياره ، وهي تحدث عن طريق تسريح العمال ، أي الطرد من العمل بشكل قسري ، رغم أن العامل راغب في العمل وقادر عليه وقابل لمستوي الأجر السائد ، وقد تحدث البطالة الإجبارية عندما لا يجد الداخلون الجدد لسوق العمل فرصاً للتوظيف ، رغم بحثهم الجدي عنه وقدرتهم عليه وقبولهم لمستوي الاجر السائد ، وهذا النوع من البطالة يسود بشكل واضح في مراحل الكساد الدوري في البلدان الصناعية . 

(9) التوظيف الكامل : 

قد يبدو لأول وهلة ، أن مصطلح التوظيف ، أو العمالة الكاملة Full Emloyment ، يعني اختفاء البطالة تماما ، أي الوصول إلى معدل بطالة مساوٍ للصفر ، لكن ذلك غير صحيح ، فهناك دوماً معدل من البطالة يسود في الاقتصاد القومي في أي فترة من الفترات ، وهو القدر الذي ينجم عن البطالة الاحتكاكية والبطالة الهيكلية ، وهذان النوعان من البطالة لا يمكن القضاء عليهما أو تجنبهما ، لأنهما ينتجان عن التغيرات الديناميكية والظروف الهيكلية للبناء الاقتصادي . 

ولهذا يجمع الاقتصاديون والخبرات علي أن حالة التوظيف الكامل لا تعني أبداً أن يكون معدل عمالة هو 100% ، بل أقل من ذلك بقدر ما ، وهذا القدر يحدده حجم البطالة الاحتكاكية والهيكلية . 

وبعبارة أخرى ، يمكن القول أنه عند مستوي التوظيف الكامل يكون معدل البطالة السائد هو حاصل جمع معدل البطالة الاحتكاكية والهيكلية ، وهو ما يطلق عليه أحياناً معدل البطالة الطبيعي ، كما أنه يمكن القول ، إن التوظيف الكامل يتحقق إذا ما كان معدل البطالة الدورية مساوياً للصفر . 

وعندما يصل اقتصاد ما إلى مستوي التوظيف الكامل ، فإنه يحقق عند هذا المستوي وفي ضوء موارده المتاحة وإستغلالها الأمثل ، ما يسمي بالناتج القومي الإجمالي الممكن GNP الذي يمثل أفضل مستوي يمكن بلوغه من الناتج القومي ، يتناسب مع حجم موارده المتاحة عن طريق التكنولوجيا المستخدمة وحجم قوة العمل الإنساني وإنتاجيته والمعدل العادي أو الطبيعي للبطالة ، في مرحلة زمنية معينة ، وعليه نستنتج أن التحقيق للتوظيف الكامل هدفاً عزيزاً سعت إليه مختلف بلدان العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية . 

قياس البطالة : 

تقاس البطالة عن طريق نسبي أو معدلات وقد جري العرف بأن يعتبر الاقتصاد القومي في حالة تشغيل كامل إذا كان معدل البطالة حوالي 3% من العمال ، فتكون هذه البطالة مؤقتة أو غير عرضية Frichonol unemployment . 

إن التغيرات العادية التي تحدث في وسائل الإنتاج والقوة العاملة لابد من أن تحدث قليلاً من البطالة ، حتى ولو كان الاقتصاد الوطني في حالة رواج وإزدهار ، ولأن الاقتصاد بدافع من قوته الذاتية يمنع هذا المعدل من البطالة من الزيادة ، وأن هذا المعدل من البطالة قد يمثل مشكلة من الناحية الاقتصادية ، ولكن حتى هذا القدر من البطالة مجموعة من العمال . 

وتقاس البطالة كمعدل للعمال العاطلين نسبة للسكان في بلاد معينة ، وفي بلاد أخرى يستخرج المعدل بالنسبة للقوة العاملة ، وبالطبع إذا نسب نفس العدد من العاطلين إلى السكان لكان المعدل أقل مما نسب إلى القوة العاملة تمثل جزءاً فقط من السكان ، ونلاحظ أن كثيراً من الدول النامية ، ولعدم توفر الإحصائيات الدقيقة عن السكان والقوة العاملة ، تقاس حجم البطالة عن طريق الأرقام المطلقة أو تنسب الزيادة إلى حجم البطالة الكلي ، وإذا كانت أرقام البطالة المسجلة وعدد السكان والقوة العاملة غير دقيقة ، فإنه لا يهم كثيراً إن قيست البطالة بطريقة أو بأخرى . 

فمدة البطالة قد تطور لعدة سنوات وتسمي في هذه الحالة البطالة طويلة الأجل ، وقد تقصر مدتها فيطلق عليها البطالة قصيرة الأجل ، لأن النتائج التي قد تترتب علي ظاهرة البطالة والسياسات المطلوبة لعلاجها تعتمد كثيراً علي الفترة التي يظل فيها الشخص عاطلاً عن العمل ، وهل هي فترة طويلة أم قصيرة المدي . 

وعليه ، يحب معدل البطالة بالإحاطة بحجم وأبعاد مشكلة البطالة ، يتطلب الأمر حساب معدل البطالة ، أي حساب نسبة الأفراد العاطلين إلى قوة العمل المتاحة ، ورغم بساطة هذا العمل ، فإن حسابه يواجه صعوبات كبيرة ، ليس أقلها الصعوبات المفاهيمية التي تتعلق بتحديد ما المقصود بالعاطل ، وما يشير إليه المصطلح من مجموعة مركبة من اختيارات الأفراد والظروف الخاصة بكل اقتصاد ، من حيث الأطر والمؤسسات التنظيمية والقانونية وحالة عرض العمل والطلب عليه في أسواق العمل المختلفة ، كما هناك صعوبات إحصائية لا يستهان بها تتعلق بالحصر الدقيق للعاطلين عن العمل ، بعد تعريفهم ، وأيضاً بشأن حصر قوة العمل . 

البطالين فئة غير متجانسة : 

إذا كان التعريف الشائع للبطال هو ذلك الفرد القادر علي العمل والراغب فيه والباحث عنه عند مستوي الأجر السائد دون جدوي ، فإن البطالين عن العمل ، مع ذلك ، لا يشكلون فئة متجانسة ، بل عدة فئات ، تتفاوت فيما بينها من حيث مدى ارتفاع معدل البطالة وطول فترة البطالة ومدى المعاناة من البطالة نفسها . 

وهناك أسس عديدة يمكن الاستناد عليها لتقسيم البطالين ، فقد يحسب معدل البطالة علي أساس النسبة إلى الجنس ، أو علي أساس الريف والحضر أو علي أساس العمر أو علي أساس العرق ، وغير ذلك من أسس ، وحساب معدل البطالة علي هذه التقسيمات يعطي نتائج مختلفة تماماً عن المعدل الإجمالي للبطالة . 

وليس كلما زادت الإمكانات البشرية والإحصائية والمادية ، أمكن نشر تفاصيل متعددة عن كتلة البطالة ، لكن درجة التفصيل وطبيعة التقسيم تعتمدان علي الغرض من اعداد البيانات ، عموماً ، عادة ما تكون معدلات البطالة بين العمال ذوي الياقات الزرقاء ، أعلى منها عند النساء علي الرجال ، كما أن معدلات البطالة بين المراهقين والشباب أعلى منها بين البالغين . 

وفي الولايات المتحدة الأمريكية يرتفع معدل البطالة بين السود أكثر من معدل البطالة بين البيض ( Whites ) كذلك من الملاحظ أن معدلات البطالة في الريف تختلف عنها في المدن . 

كذلك يتفاوت هيكل البطالة من حيث طبيعة الفئات العاطلة بين بلد وآخر ، فهناك العاطلون الذين سرحوا من أعمالهم ، كذلك تتفاوت الفئات العاطلة عن العمل من حيث طول المدة الزمنية للبطالة ، فهناك بطالة قصيرة الأجل ، متوسطة الأجل ، طويلة الأجل ( أكثر من سنة ) .

 وتجدر الإشارة إلى أن مدة طول المدة الزمنية تتزايد عادة خلال فترة الكساد ، حيث يفقد كثير من الأفراد وظائفهم ، وتصبح فرصة العمل أو الحصول علي العمل عزيزة المنال ، ونظراً لأن البطالين لا يشكلون فئة غير متجانسة ، فإن هناك عدم تكافؤ في توزيع أعباء البطالة ،فلو أن معدل البطالة الكلي كان قد ارتفع علي سبيل المثال من 6% إلى 10% فإن وقع البطالة يمكن تحمله من الناحية الاجتماعية والاقتصادية ، لو أن جميع ساعات العمل ودخول جميع العاطلين قد انخفضت بنفس نسبة ارتفاع معدل البطالة ، لكن ذلك لا يحدث من الناحية العملية ، وهناك أسواق عمل يصيبها الضرر اكثر من غيرها بشكل واضح ، وهو ما يعكس عدم التكافؤ في توزيع أعباء البطالة . 

خاتمة عن البطالة : 

في الأخير نقول أنه من الصعب تفسير البطالة ، اعتماداً علي الإحصائيات الرسمية ، نظراً لاختلاف التعريفات ، فالبطالة بالمعني العام ، تعني أن يكون المرء متعطلاً عن العمل ، غير أن العمل في هذه الحالة يعني العمل المأجور وليس العمل في مهنة أو حرفة معروفة ومحددة ، فالأشخاص المسجلون رسمياً بوصفهم يعانون البطالة قد يمارسون أشكالاً عديدة من النشاط الإنتاجي مثل الأعمال الخاصة ، أو حتى عمل المرء في منزله . 

كما أن كثير من الناس المتقاعدين رسمياً أو العاملين لبعض الوقت لا يعتبرون بطالين عن العمل مع أنهم يتقاضون الأجور عن بعض الأعمال السابقة التي قاموا بها . 

فالبطالة إذن هي ظاهرة متكررة في المجتمعات العالمية ، وبما أن العمل يمثل العنصر الرئيسي في بنية الشخص النفسية ، فإن معاناة البطالة كثيراً ما تؤدي إلى الحيرة والتشتت الذهني والنفسي . 

قائمة المراجع : 

1- حويتي أحمد وآخرون ، علاقة البطالة بالجريمة والانحراف في الوطن العربي ، مركز الدراسات والبحوث ، الرياض ( السعودية ) ، 1998 ، ص 19 . 

2- رمزي زكي ، الاقتصاد السياسي للبطالة ، تحليل لأخطر مشكلات الرأسمالية المعاصرة ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد ( 226 ) ، الكويت ، أكتوبر 1998 ، ص 20 . 

3- ابن منظور ، جمال الدين محمد بن مكرم ، لسان العرب ، المجلد الأول ، بيروت ، 1988 ، ص 228 . 

4- مسعود جبران ، الرائد ، الطبعة الخامسة ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1986 ، ص 326 . 

5- عبد الوهاب محمد الوزان ، في ندوة البطالة في الكويت الواقع والمستقبل ، المنشورات الجامعية ، الكويت ، 1996 ، ص 13 . 

6- منظمة العمل الدولية ، التعطل في دول الاسكوا ، عمان ( الأردن ) ، 1993 ، ص 11 . 

7- مهنا ( ع ) ، البطالة والعمالة الكامنة ، دار الشرق ، القاهرة ، مصر ، 1950 ، ص 20 . 

8- البنك الدولي : التقرير عن التنمية في العالم ، الطبعة العربية ن 1996 ، ص 160 . 

9- جامعة الدول العربية ، التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، القاهرة ، 1996 ، ص 26 . 

10- عاطف عبد الفتاح عجوة ، البطالة في العالم العربي وعلاقتها بالجريمة ، المراكز العربي للدراسات الأمنية والتدريب ، الرياض ، السعودية ، 1985 ، ص 26 . 

11- مايكل ايدجمان ، الاقتصاد الكلي ، النظرية والسياسة ، ترجمة محمد ابراهيم منصور ، دار المريخ للنشر والتوزيع ، الرياض ( السعودية ) ، 1988 ، ص 437 . 

تعليقات