U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

نظريات الفساد الاقتصادية

نظريات الفساد الاقتصادية
ما هي النظريات الاقتصادية والمدارس الفكرية التي فسرت الفساد ؟ 

نظريات الفساد الاقتصادية :

يمكننا أن نتطرق إلى بعض الجوانب المرتبطة بالفساد في إطار النظريات الاقتصادية والمدارس الفكرية ، فعلي الرغم من الدراسات التي تناولت موضوع الفساد ، مفهوماً ، وأنواعاً ، وأشكالاً ، وأسباباً ودوافع ، إلا أن البعض منها فقط حللت هذا الموضوع من الجانب الفكري ، وأهم هذه النظريات ما يلي : 

1- نظرية الموكل / الوكيل : 

تعتمد هذه النظرية علي فكرة طرفين في المعادلة : المالك أو صاحب الحق الذي يمثل مؤسسة من مؤسسات الدولة ، أو مرفقاً عمومياً ، أو شركة ، أو مصلحة من مصالح الدولة ( ضرائب / جمارك ... إلخ ) . 

والوكيل هو المسؤول أو الموظف الذي كلفه الموكل بعملية أداء مهام نيابة عنه في إطار قواعد محددة ومعينة ( قوانين ، تنظيمات ) . 

ويصبح الوكيل فاسداً بصورة شخصية إذا ما قام عن قصد بالعمل لخدمة مصالحه الخاصة علي حساب مصالح المالك ، ويصبح الوكيل فاسداً بصورة رسمية إذا قام عن عمد خلال خدمته لمصالح المالك بخرق أي قاعدة أو قانون ، وهو ما يعني انتهاك العلاقة التعاقدية التي تجمع بينهما . 

وبالتالي يصبح الفساد في هذه النظرية هو الإضرار بمصالح الموكل علي حساب مصالح الوكيل ، وفي الوقت نفسه مخالفة القواعد التقاعدية التي تربطهما . 

2- نظرية البحث عن الريع : 

تعتبر هذه النظرية أهم النظريات المرتبطة بتحليل ممارسات الفساد وآثاره الاقتصادية ، ومفادها أن هناك ميلاً لدي الأطراف الاقتصادية للبحث عن الأنشطة الريعية عوضاً عن الأنشطة الإنتاجية ، بحيث يحاول الأفراد الحصول علي امتيازات وريوع سواء في إطار منظم أو في إطار غير مشروع . 

ويمثل الفساد كسائر أنشطة البحث عن الريع طريقة للهروب من آليات السوق والتأثير علي السياسات لتحقيق مصالح الفرد الشخصية ، بحيث يسعي الموظف العمومي مثلاً إلى وضع العراقيل أمام طالب الخدمة ، أو السلعة لإجباره علي تقديم رشوة أو عمولة لقاء تسريع الإجراءات ، أو من خلال الموافقة للحصول علي ترخيص أو قرض أو ماشابه ذلك . 

وهناك علاقة بين سلطة الموظف ومستوي الريع الذي يحصل عليه ، فكلما قويت سلطته ارتفع ريعه ، وكلما احتكرت الحكومة النشاط الاقتصادي كلما عمدت الأطراف التي ترغب في الاستفادة من هذا الريع ، من خلال التنافس غير الشريف والمتمثل في دفع العمولات والرشاوي للحصول علي معاملات تفضيلية . 

3- نظرية تكاليف المعاملات : 

كلما تعرضت أية معاملة لفساد كلما ارتفعت تكاليفها عن غيرها من المعاملات الشفافة غير الملطخة بالفساد ، ولذلك فإن الصفقات الفاسدة تتطلب تكاليف بمعاملات مرتفعة بسبب سرية هذه الصفقات ، وعدم توافر الآليات القانونية لتنفيذ العقود وفض المنازعات . 

إن مرتكبي الفساد يسعون في كل الأحوال إلى تحقيق منافع مادية أو إلى تجنب دفع نفقات تفرضها قواعد التعامل ، فكلما كانت المنافع المحققة من وراء الفساد أكبر من التكلفة المترتبة عليها لجأت الأطراف إلى التعاملات الفاسدة . 

ومن أكثر مظاهر الفساد شيوعاً في هذا المجال هو البحث عن تقليل فاتورة التكاليف إلى الحد الأدني ، وتجنب أية نفقات باستثناء ما يقدم للعون المكلف بتسهيل المعاملة من عمولة أو رشوة ، ولا يهم بعد ذلك ما تتكبده خزينة الدولة من خسائر نتيجة عدم دفع الرسوم الجمركية أو الضريبة المتطلبة . 

إذا كان الموظف المكلف بتقديم الخدمة قد عمد إلى احترام ما يفرضه القانون من رسوم وضرائب طبقها علي الطرف المعني ، ولكنه في سبيل تسريع الإجراءات وتسهيلها ، قد طالب برشوة أو عمولة نكون في هذه الحالة أمام وضعية يسميها البعض " الفساد بدون سرقة " . 

أما إذا كان الأمر مرتبطاً برشوة أو عمولة مع إعفاء الطرف الآخر من كل رسم أو ضريبة ، أو تخفيفها إلى حدودها الدنيا نكون أمام حالة فساد مصحوبة بالسرقة ، وعادة ما يلاحظ تفضيل المشتري لحالة الفساد المصحوبة بالسرقة . 

تعليقات