U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

الانفعالات وعلاقتها ببعض المفاهيم القريبة منها

علاقة الانفعالات ببعض المفاهيم القريبة منها
الانفعالات وعلاقتها ببعض المفاهيم القريبة منها 

الانفعالات وعلاقتها ببعض المفاهيم القريبة منها : 

للتعرف علي الانفعالات بشكل أكبر ، لابد من التمييز بينها وبين بعض المفاهيم الأخرى التي يكون التشابه معها كبير ، من هذه المفاهيم ما يلي : 

(1) الانفعال وعلاقته بالدافع :

من الصعب أن نضع حداً فاصلاً بين مفهومي الدافع والانفعال فالانفعالات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسلوك المدفوع ، لأنه أي دافع أساسي غالباً ما ينطوي علي شحنة انفعالية تقترن به ، مثل دافع الاقتتال - انفعال الغضب ، دافع الهرب - انفعال الخوف ، الدافع الأمومي - انفعال الحنان . 

ورغم أن التطابق بين الانفعال والدافع ليس هكذا دائماً بسيطاً في كل الحياة اليومية ، إلا أن السلوك الانفعالي هو سلوك مدفوع بقوة ، ويتوقف نوع الانفعال علي نوع العوامل الدافعية في لحظة معينة . 

مما سبق يتضح أن هناك العديد من الظروف والمواقف التي تدفعنا للانفعال : 

- نحن ننفعل حينما تكون الدافعية قوية . 

- نحن ننفعل حينما تحبط الدوافع . 

- نحن ننفعل حينما تستبعد الدوافع فجأة . 

لذلك فالتمييز الدقيق بين الانفعالات والدوافع لا يمكن تحقيقه في كل الحالات . 

(2) الانفعال وعلاقته بالسلوك : 

الانفعال يستثير مثير خارجي ، فيستجيب الدماغ والجسم باستجابة انفعالية . فماذا يحدث عندئذ ؟ الأمر يتطلب التصرف ! وسلوك الشخص يتأثر ، كذلك قد يكون من الممكن أن الانفعالات لها آثار تنظيمية أو آثار مفسدة للتنظيم . 

فالناس في حياتهم اليومية العادية يرون في الانفعال شيئاً مناقضاً للتعقل ، فمثلاً السابق الماهر قد يتحول إلى سائق خطر لو أنه اعتراه " الانفعال " . 

ولعله من النصائح الطبية ألا يتخذ المرء قراراً رئيسياً في حياته إلا وهو هادئ غير مستثار . 

ولكن روبرت ليبر كان ممن عارضوا بشدة الفكرة القائلة بأن الانفعالات تؤدى بالضرورة إلى الاضطراب ، وهو يري أن الانفعالات إنما تنظم السلوك وهو يضرب علي ذلك الأمثلة بأسرة عادت من رحلة ، فعلمت أن بالمدينة مجرما مولعاً بإشعال الحرائق تمكن من تدمير عدة منازل في المنطقة ، وأدي سماع هذا الخبر إلى ارتفاع مستوي القلق عندهم طبعاً ، ولكن ماذا يكون له من أثر علي السلوك ؟ أو شئ يسهل عملية الإدراك الحسي - فقد رأوا أن غرفة أطفالهم بمثابة مصيدة للحريق . 

ثم نجد القلق يؤثر في السلوك اللفظي وفي العمليات الرمزية - وإذ بهم لا يكادون يتحدثون عن شئ آخر أو يفكرون فيه ، ثم إن القلق يزيد كذلك من التعلم - فتراهم يطالعون الكتالوجات ويتعرفون علي أنظمة استشعار الحرائق ، ثم نجد بعض العادات الجيدة مثل شراء صفارات الإنذار ، وأخيراً ، تجد القلق يعمل علي تحديد أهداف الأفراد تحديداً قوياً - فهم لا يتحدثون عن الأشياء السارة وإنما عن المجرم المولع بإشعال الحرائق . 

ونجمل القول بقول نجاتي أن الانفعال يؤدى إلى تنظيم السلوك أو إلى اضطرابه ، وهو قد يؤدى إلى اضطراب السلوك الراهن ، ولكنه مع ذلك قد يؤدى إلى خلق صورة جديدة من السلوك تكون موجهة نحو الأهداف ، والمستويات الطفيفة من الانفعال تؤدى عادة إلى التسهيل ، بينما الانفعال العنيف يؤدى إلى الاضطراب . 

ويتصل الانفعال بالغرائز ، فالغريزة لا تتحقق كاملة إلا عند ظهور الانفعال ، فأنت إذا لم تشعر بالخوف فسوف لا تهرب وهذا الانفعال يتفق وطبيعة الموقف الخارجي ، فإذا هددت مصالحك شعرب بالغضب الذي يزودك بطاقة من النشاط تساعدك علي مواجهة الموقف والتغلب عليه . 

الانفعال الهادئ المعتدي يساعد علي تأدية الوظائف العقلية بنظام وتنسيق . فهو يمهد لتغلب العقل والروية علي النزوات والاندفاعات والتهور ، أي يساعد علي ضبط النفس وكبح جماحها والحد من شططها . 

وهكذا ، يكون الشخص أكثر اتزانا في تفكيره وتصرفاته وأقل تحيزاً في أحكامه ، فكان هناك تضاد بين الانفعال الحاد وكل ما ينتمي إلى دائرة العقل والمعرفة . 

وبالتالي ، يسوء فهم الفرد للموقف ويفتقد القدرة علي حل المشكلات ، وتصبح أحكامه فاسدة حيث يعمي عن رؤية الكثير من الحقائق ، فلا يري الشخص الغاضب من عدوه سوي عيوبه ونقائصه . 

فالانفعال الحاد يعني فقدان التوازن ويبدو كاختلال في السلوك أو اضطراب في النشاط . 

فالانفعال الثائر لا يعطل قوانا العقلية فحسب بل يبدد طاقاتنا ، ويؤدى إلى التهور والاندفاع والخروج عن الاعتدال والاتزان في سلوكنا وتعاملنا مع الآخرين مما يفسد العلاقات الإنسانية ويؤدى إلى سوء التوافق الجتماعي . 

وبالتالي يؤدى إلى عجز الشخص من حيث كفاءته الإنتاجية ومستوي الأداء . ولذا ينبغي أن نذكر دائما ، أن ضبط النفس أو القدرة علي التحكم في الانفعالات من اهم عوامل النجاح . 

(3) الانفعال وعلاقته بالعاطفة :

الانفعالات والعواطف جانب اساسي من الحياة النفسية الإنسانية ، بدونها تكون الحياة كئيبة باردة وآلية ، لا حراك فيها . 

فالعاطفة " استعداد نفسي ينشأ عن تركيز مجموعة من الانفعالات حول موضوع معين وهي عبارة عن اتجاه وجداني نحو موضوع معين ، مكتشبة بالخبرة والتعلم . 

والفرق كبير بين العاطفة والانفعال ، فبينما يكون الانفعال تجربة عابرة ، إذ بالعاطفة نزعة مكتسبة تكونت بالتدريج بعد أن مرت خلال تجارب وجدانية وأعمال عدة . 

والعاطفة تتميز عن الانفعال بأنها ذات ثبات نسبي واستقرار إلى حد كبير مما يجعلنا قادرين علي التنبؤ بالسلوك القادم لإنسان إذا عرفنا عواطفه . 

ولكن ليس معني ذلك أن العواطف كلها مستمرة إذ أنها تزول العاطفة أصلا وقد تتحول إلى نقضيها إذا اختلفت التجارب والخبرات والعواطف ذات أهمية كبري في حياة الإنسان فهي تساعده علي تنظيم انفعالاته ، وما يتصل بها من أنماط سلوكية نحو موضوع ما وتنسيقها بشكل متوازن ، وتسهم بتزويده بالتعليل المنطقي والتبرير الفكري لانفعالاته المتكررة ولذلك يطلق عليها أحيانا في علم النفس بالعادات الانفعالية . 

(4) الانفعال وعلاقته بالتفكير : 

الانفعال هو طاقة مخزونة تندفع في توتر نحو إشباع حاجة عاجلة تناله ، وهذه الطاقة قوة عمياء لا تريد إلا التحرك والإشباع العاجل وبأقصر طريق . 

ولهذا الاندفاع الأعمي الأهوج أثره البعيد في شتى العمليات العقلية من إدراك واستقرار وتفكير واستدلال أو محاكمة ، وكلما كان الانفعال أكثر هيجاناً كان مستوي التفكير أكثر بدائية وضعيفاً . 

فالانفعال والتفكير هما كفتاً ميزان كلما ارتفاع أحدهما هبط الآخر ، ولذا كان في الأثر " لا يحكم القاضي وهو غضبان أو خائف " . 

(5) الانفعال وعلاقته بالثقافة : 

يؤكد علم النفس الاجتماعي أن الانفعالات ليست مجرد حالات فسيولجية بل تتأثر إلى حد كبير بالثقافة والتعلم ، فالثقافة تؤثر في الانفعالات من حيث الموقف التي تبعث علي الانفعال ، ومن حيث الطريقة التي يعبر بها . وأن مظاهر الحالة الانفعالية تتحدد بثلاثة مظاهر هي : 

1- وجود موقف معين يفسره الفرد بشكل خاص تبعاً لخبراته . 

2- استجابة داخلية لهذا الموقف . وتتضمن هذه الاستجابة تغيرات جسمانية وفسيولوجية وعمليات عقلية . 

3- تغيرات جسمانية خارجية مكتسبة من الثقافة للتعبير عن هذا الانفعال وهذه قد تكون تعبيرات لغوية أو تعبيرات في ملامح الوجه أو حركات جسمانية أو كلها مجتمعة ففي حالة الانفعال إذن لابد أن يفسر الفرد الموقف تفسيراً خاصا مستمداً من خبرته . 

(6) الانفعال وعلاقته بالتعلم : 

تكتسب الانفعالات بثلاث طرق هي : 

التقليد ، الإشراط ، الفهم . 

1- التقليد : 

نلاحظ أهمية التقليد في تعلم الانفعالات عند الأطفال الصغار فمعظم الأطفال في سن الثانوية تقريباً يقلدون سلوك من يحيطون بهم . 

ويبدو أنهم يتعلمون علي نحو مباشر وسريع للحكم علي الحالات الانفعالية لأمهاتهم ويستجيبون للمواقف بنفس الطريقة . فإذا عنفت الأم القطة وهي غاضبة فإن الطفل يعمل بنفس الأسلوب . 

2- الإشراط : 

ومن أمثلته تلك التجربة التي أجراها واطسن علي الطفل ألبرت . كان هذا الطفل سليم الجسد والنفس معاً ، ليس لديه مخاوف اللهم إلا خوفه كغيره من الأطفال من الأصوات العالية المفاجئة ومن فقد السند ، فجئ بفأر أبيض لم يكن يخاف منه ، وبينما الفأر يقترب منه أحدث المجرب صوتاً مرتفعاً عالياً " وهو مثير مناسب لإثارة الخوف " وبعد تكرار هذا مرات معينة " ، أظهر ألبرت خوفاً ملحوظاً من الفأر الأبض ومن الحيوانات الأخرى التي لها فراء شبيه بالفأر . 

3- الفهم : 

يقصد بكلمة فهم في هذا المجال وصف للعوامل المعقدة التي تدخل في عملية تلقي المعلومات وتفسيرها تلك التي تثير انفعالات الفرد . 

ويمكن اعتبار بعض المخاوف مخاوف عقلانية أي أن معرفة عواقف ونتائج موقف معين معين يكفي لإثارة استجابة الخوف ، كالخوف من الصعود إلى مكان مرتفع خشية السقوط . 

(7) الانفعال وعلاقته بالمزاج : 

إن الانفعال حالة طارئة مؤقتة غير مقيدة بموضوع معين ، ثم إن الإنفعال ليس كالمزاج الذي يعد حالة انفعالية ثابتة ومعتدلة نسبياً تنتاب الفرد فترة من الزمن تطول أو تقصر أو تعاوده بين حين وآخر ، ويعد خلفية أو مهيئاً لحالات انفعالية إذا استثير الفرد خلالها انطلق انفعاله قوياً عنيفاً . 

فضلاً عنه أنه يعتمد علي عوامل وراثية أبرزها حالة الجهاز العصبي والجهاز الغدي والحالة الصحية العامة للفرد . 

موجز القول إن الحالة المزاجية أقل عنفاً وأطول بقاء من الانفعال ، فالفرد حين يسمع خبراً قد يشعر بالحزن ، وهذا انفعال عابر ، فإن لازمه الحزن يوماً أو عدة أسابيع سمي " أسي " والأسي حالة مزاجية . 

(8) الانفعال والصحة النفسية : 

هناك غير قليل من الأمراض النفسية إنما مصدره انفعالات أصابها أحد عاملين هامين ... إما أنها انفعالات متطرفة أرهقت أعصاب صاحبها ، ولم يحاول أن يقوم بعملية ضبط نفسي متوازن لها . فالخوف إذا اشتد فإنه قد يتعدي إلى مخاوف وهمية أو أن يصل إلى مرحلة " القلق المرضي " أو " وسوسة فكرية مستعصية " . 

والعامل الثاني : هو محاولة كبت الانفعالات الصحية الفطرية الهامة . فالكبت الصارم لا يميت هذه الانفعالات الفطرية في الإنسان بل يحولها إلى هم أو غم أو اكتئاب وقد ينتهي ذلك إلى نقمة علي النفس . ثم إلى الانتحار كما هو الحال في بيئات غير مؤمنة . فالغضب أصلا كنافعال لا يجوز كبته اصلاً بل ينبغي تحويل طاقته إلى تنافس الخير ، أو حب الجهاد . 

ولكي يتمتع الفرد الصحة النفسية يجب توجيهه توجيهاً بناءً ، ومن هذه التوجيهات ما يلي : 

1- التمتع بالصحة البدنية يساعد الفرد علي تحقيق قدر من الصحة الانفعالية حيث لوحظ أن الأفراد الذين يعاون من أوجاع وأمراض جسدية عادة ما يجدون صعوبة كبيرة في التحكم في انفعالاتهم . 

2- اختيار المهنة المناسبة ضروري لكي يحقق الفرد فيها ذاته ويساعد ذلك الفرد علي الاستقرار والتمتع بالصحة الانفعالية . 

3- الاستقرار الأسري ضروري لكي يشعر الفرد بهدوء العيش والمطمأنينة التي تؤدى به إلى الصحة الانفعالية . 

4- الحصول علي قدر كاف من الراحة ، ذلك لأن العمل الشاق المستمر كثيراً ما يؤدى إلى التوتر والاضطراب الانفعالي . 

5- تجنب الضغوط غير الضرورية أو محاولة أن يعيش عيشة بسيطة في ظل أهداف واقعية يمكنه تحقيقها دون جهد كبير أو عناء عظيم . 

6- مساعدة الفرد علي حل المشكلات المحيطة به ، ذلك لأن تراكم المشكلات وتركها دون حل عادة ما يؤدى إلى الاضطرابات الانفعالية . 

7- تهيئة الفرص التي تمكن الفرد من التنفيس عن ضيقه ومتاعبه وذلك عن طريق ممارسة الهوايات المفيدة والأنشطة المحببة إلى النفس . 

(9) الانفعال والأمراض النفس جسمية : 

هناك من الذين يترددون علي المصحات والعيادات لا يعانون من أمراض جسمية واضحة . رغم أعراضها البدنية العضوية ، وهذا ما جعل المستشفيات الحديثة تفتتح أقساماً خاصة بالطب النفسي وأصبحت العناية الصحية تشمل المريض كله من حيث هو " إنسان " لا من حيث مجرد مجموعة من الأعضاء والأجهزة الجسدية . 

فإن للإنفعالات الشديدة نصيباً كبيراً فيما يصاب به الفرد من أمراض نفسجسمية سيكوسوماتية " أي أمراض جسمية ذات أصول نفسية مثل قرحة المعدة وقرحة الاثنا عشر وضغط الدم العالي وغيرها من الأمراض " . 

إن الانفعال يتطلب دائماً قدراً من التنفيس أو التصريف بهدف انسياب الطاقات الحشوية الداخلية والتغيرات الفسيولوجية الخارجية لتؤدى وظائفها المنوط بهاه في يسر وانسجام ، أما إذا تعطلت هذه الطاقات الحشوية والتغيرات الفسيولوجية عن عملها بسبب العوائق والسدود والحواجز ، كأن يكف الإنسان عن أذي أو ضرر أصابه من شخص آخر ، كما أن مثل هذه الأسباب المثيرة للانفعال قد تستمر ردحا طويلاً من الزمن في حالة إعاقة وكف سبب الكبت أو القمع فتصبح " مزمنة " مما يحدو بها إلى ظهور الأمراض السيكوسوماتية . 

والواقع الأكيد أننا إذا أغلقنا الباب في وجه انفعالاتنا لن نسمح لها بالتعبير الحركي والسلوك الواقي لأنفسنا وحياتنا ، ما لم نفعل ذلك فإن جسدنا يقوم بمهمة التعبير المطلوب من هذه الانفعالات ، ولكن بعد دفع الثمن الباهظ في صورة خلل أو اضطراب وأمراض عضوية كثيرة ، إن هذه الأمراض بمثابة المترجم عن حياتنا الانفعالية اللاشعورية . 

ويمكن القول أن : الإصابة بالأمراض السيكوسوماتية تكثر لدي الرجال وتقل كثيراً لدي النساء ، وإنها كثيرة في محيط رجال الأعمال ورجال المهمات الصعبة والإداريين وبعض المفكرين والعلماء . 

ولقد ذكر القرآن الكريم الكثير من الأمراض النفس جسمية حيث إنه سبق علم النفس الحديث في ذلك : 

ومن أمثلة الأمراض النفس جسمية ما حدث ليعقوب عليه السلام حيث قال تعالي : " ..... وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ " ( يوسف : 84 ) . 

وعندما زال عنه الحزن بعودة ولده يوسف قال تعالي : " فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَي وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصيرا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لَا تَعْلَمُون " ( يوسف : 96 ) . 

تعليقات