ما هي ظاهرة أطفال الشوارع ؟ وما هي أسبابها ؟ |
بحث عن أطفال الشوارع :
محتويات البحث :
(1) مفهوم أطفال الشوارع .
(2) بعض مسميات أطفال الشوارع .
(3) حاجات أطفال الشوارع .
(4) خصائص أطفال الشوارع .
(5) أسباب انتشار ظاهرة أطفال الشوارع .
(6) المخاطر التي يتعرض لها أطفال الشوارع .
(7) أهم وسائل علاج ظاهرة أطفال الشوارع .
(8) مراجع البحث .
مفهوم أطفال الشوارع :
علي الرغم من شيوع مصطلح أطفال الشوارع بسبب حداثة الظاهرة إلا أن الأكاديميين والباحثين علي اختلاف أطرهم المرجعية يختلفون في تحديدهم لهذا المفهوم ، حيث يشير في العموم إلى مجموعة الأطفال الذين لهم علاقة بالشارع والذي يعمل كعنصر تفاعلي في حياتهم ، ولم يعد البيت بالنسبة لهم هو مركز اللعب أو الثقافة أو مصدر للحياة والأنشطة اليومية .
ولقد تعددت تعاريف بعض المنظمات والهيئات الدولية ، وكذا العلماء لأطفال الشوارع نذكر منها ما يلي :
تعريف منظمة الأمل لأطفال الشوارع :
عرفت أطفال الشوارع سنة 1996 بأنهم شريحة عريضة من الأطفال تتفاوت درجات اتصالهم بأسرهم ما بين الاتصال المنظم والجزئي أو الانفصال شبه التام ، ويقيمون بالشارع أو الميادين العامة والأرصفة ، ويعتمدون علي أنفسهم غالباً في تدبير حياتهم الخاصة .
يتمركز هذا التعريف علي علاقات واتصال هذه الفئة مع أسرهم بحيث صنفت ثلاثة أنواع من اتصالهم بأسرهم فهناك الاتصال المنظم والاتصال الجزئي والانفصال شبه التام ، كما أنهم يعتمدون علي أنفسهم في رعايتهم .
تعريف الجامعة العربية لأطفال الشوارع :
تبنت الجامعة العربية التعريف الذي قدمه محمد جواد لأطفال الشوارع مؤداه " طفل الشارع هو الطفل الذي عجزت أسرته عن إشباع حاجاته الأساسية الجسمية والنفسية والاجتماعية والثقافية كنتاج لواقع اجتماعي اقتصادي تعايشه الأسرة في إطار نظام اجتماعي أشمل ودفع به إلى واقع آخر يمارس فيه أنواعاً مختلفة من النشاطات لإشباع حاجاته من أجل البقاء ، مما قد يعرضه للمساؤلة القانونية بهدف حفظ النظام الاجتماعي " .
تعريف المجلس القومي للطفولة والأمومة :
في نظر المجلس " طفل الشارع هو طفل لا مأوي له ، وهو ذلك الطفل الذي عجزت أسرته والمجتمع عن إشباع حاجاته الأساسية ( الجسمية والنفسية والاجتماعية والثقافية والصحية .... ) كنتاج لواقع اجتماعي واقتصادي تعايشه الأسرة في ظل ظروف اجتماعية أشمل فدفع الطفل للشارع معظم أو كل الوقت لمحاولة إشباع حاجاته من أجل الاستمرار في البقاء ، مما يعرضه للمخاطر المختلفة والحرمان من الحصول علي الحقول الأساسية مثل أي طفل " .
نلاحظ من خلال هذين التعريفين لأطفال الشوارع أنهم ركزوا علي عجز الأسر في تلبية احتياجات الطفل هذا ما يدفع الطفل إلى الشارع لإشباع حاجياته مما يعرضه إلى الخطر الجسدي والبعد الاجتماعي الذي يتعلق بدرجة الصلة مع الأسرة .
تعاريف بعض العلماء الغربيين والعرب :
- عرف بويدن 1996 أطفال الشوارع بأنهم " الأطفال المهضوم حقوقهم والمظلومين الذين يقيمون في الشوارع ويعلمون بها " .
- ويعرف أجنل 1974 أطفال الشوارع بأنهم " الأطفال الذين يعملون ويقيمون في الشوارع كل أو بعض الوقت دون رعاية من أسرهم " .
- ويعرفهم فلسان بأنهم " الأطفال الذين يعيشون في الشوارع والذين تتم تنشئتتهم الاجتماعية خارج الأسرة والمدرسة ، ولهم قليل من الاتصالات مع الكبار " .
ونلاحظ من خلال هذه التعريفات بأنهم ركزو علي أن أطفال الشوارع هم جماعة أطفال يعيشون ويعملون في الشارع .
- تعريف مدحت أبو النصر : يعرف أطفال الشوارع " أطفال ذكور كانوا أم إناثاً والذين يقل عمرهم عن 18 سنة وينامون ويأكلون ويلعبون في الشارع ، منهم من لا يعمل والبعض الآخر يعمل في الشوارع بشكل غير رسمي وغير مرخص وعلاقاتهم بأسرهم غالباً متقطعة " .
- تعريف مجدي حرس : يشير مفهوم طفل الشارع " كل طفل يعيش بدون منزل أو بعيد عن أسرته حراً طليقاً ويمثل الشارع بالنسبة له المأوي أو المرجع " .
نلاحظ من خلال التعاريف السابقة بأنهم يشيررون أن أطفال الشوارع هم الأطفال الأقل من 18 سنة ويتخذون من من الشارع مأوي ومكان للعمل .
بعض مسميات أطفال الشوارع :
يطلق علي أطفال الشوارع العديد من المسميات منها :
- أطفال بلا مأوي وأطفال بلا أسر وأطفال معرضين للخطر ، والأحداث المشردين .
- أن الأغلبية العظمي لهؤلاء الأطفال يأتون من بيئات وثقافات فرعية تتسم بالتخلف الفكري والثقافي وتدني أوضاعها المعيشية .
- غالبية الأطفال بلا مأوي يرتكبون أعمالاً يعاقب عليها القانون .
ويختلف أطفال الشوارع علي اساس اختلاف المتغيرات والمعايير المرتبطة بظروفهم الذاتية والموضوعية ، وظروف تواجدهم في الشارع بحسب المعايير التالية :
1- من حيث سبب التواجد في الشارع قد يكون البعض مطرودا من أبويه بسبب الفقر أو التفكك الأسري ، وقد يكون مدفوعاً من أبويه ليعمل في الشارع للحصول علي الدخل للأسرة ، وقد يهرب البعض إلى الشارع بسبب إساءة معاملة الأهل لهم .
2- أما من حيث الأعمال التي يقومون بها ، فقد يعمل بعضهم في أعمال هامشية في القطاع الغير رسمي لحساب نفسه أو لحساب غيره من الكبار مثل مسح العربات وجمل البلاستيك أو الكرتون من القمام وبيعه ، أو حرق البخور أو التسول .
3- أما من حيث البقاء في الشراع والعلاقة بالأسرة ، فإن بعض الأطفال يعيش وينام في الشارع طوال الوقت ، ومن ثم تضعف علاقته بالأسرة والبعض الآخر ينام في الشارع أو يبقى في الشارع طوال اليوم ثم يذهب إلى بيته للنوم ، وبذلك تستمر علاقته بالأسرة وإن كان بعيداً عن رعايتها معظم الوقت ، مما يعرضه لأخطار الشارع .
4- من حيث الحالة التعليمية فإن بعضهم ترك المدرسة أو لم يدخلها على الإطلاق ، والبعض الآخر يخرج إلى الشارع ليساعد نفسه أثناء فترة الدراسة .
5- أما من حيث قدرات هؤلاء الأطفال فإن بعض منهم شديد الذكاء وسريع التصرف والبعض الآخر يتسم بانخفاض قدراته العقلية ، ويضطر الأطفال إلى الخروج للشارع لإحساسهم بالرفض وسوء المعاملة ، إلى الخروج للعمل أو الهروب إلى الشارع في معظم الأحيان ، خاصة وأنهم كثيراً ما يعانون من سوء المعاملة في مكان العمل .
6- من حيث المكان الذي يأتون منه فإن بعضهم يعيش في الحضر سواء من أسر حضرية أو ريفية فقيرة مازالت تعيش في الريف .
حاجات وخصائص أطفال الشوارع :
هنا نذكر مجموعة الحاجات والخصائص التي يمكن أن يحتاجها أي طفل بصفة عامة وأطفال الشوارع بصفة خاصة والتي نذكر منها :
أولاً : حاجات أطفال الشوارع :
1- الحاجة للتقدير الاجتماعي :
هنا طفل الشارع يحتاج إلى الشعور بحب وإعجاء الآخرين ، وخاصة الأقرب إليه الأم والأب ، فهذا يحقق له نوع من الإشباع للاحتياجات الاجتماعية .
2- الحاجات التعليمية :
في العادة هناك ارتباط بين النمو الجسمي للطفل والنمو النفسي والعقلي والذي يحاول البحث فيه عن المعرفة واكتشاف كل ما يدور حوله وطفل الشارع يكتسب معلومات ومعارفه عن طريق خبراته التي يمارسها بنفسه في الشارع ، وبالتالي هو يفتقد إلى الحاجات التعليمية التي تساعده في النمو العقلي .
3- الحاجات الصحية :
هنا نجد معظم أطفال الشوارع يعانون جسمانياً ، نتيجة لعدم توافر شروط السلامة والصحة المهنية . رغم أن الضمان الاجتماعي يتعهد لأفراده بحمايتهم وقائياً وعلاجياً ضد آفات الجهل والمرض ، بأن يقدم لهم عن الاقتضاء شروط معينة الخدمات والإعانات الصحية ، والطبية ، والاقتصادية والمعايشية ليضمن لهم القدرة الجسمية والعملية علي الإبداع والإنتاج بسمتويات رفيعة حتى يحصلوا جميعهم علي الدرجة الأولي علي إشباع حاجاتهم المختلفة في مجالات النشاط الاقتصادي والعيش براحة واطمئنان .
4- الحاجات النفسية :
نجد أن الحاجات النفسية تتعدد بالنسبة لطفل الشارع لتشمل حاجاته بالشعور بالأمن والاطمئنان وذلك بانتمائه إلى جماعة تشعره بقيمته وأهميته ، وكذلك الحاجة إلى النجاح والتقدير الذي يظهر فخره واعتزازه . إذا استطاع عمل شئ ، يشعر أنه له أهمية ، والحاجة إلى تأكيد ذاته والحاجة إلى السلطة الضابطة ، والتي تظهل في حالة أطفال الشوارع ، حيث يفتقدون إلى السطة التي تشعرهم بالرقابة التوجيه خاصة داخل المنزل مما يشعرهم بعدم الأمان .
ثانياً : خصائص أطفال الشوارع :
يتسم أطفال الشوارع بجملة من الخصائص والتي يمكن أن نوجزها فيما يلي :
1- من الناحية الجسمية هم يعانون من بعض الأمراض الجلدية نظراً لتعرضهم للغبار والمبيدات ، وأيضاً نقس في السمع أو البصر .
2- من الناحية المعرفية نظراً لأن أطفال الشارع يقضون جل وقتهم في الشارع ، وبالتالي يفقدون العقدرة علي التخيل والتفكير روتوسيع مداركهم .
3- من الناحية العاطفية الشعور بالنقص وفقدان احترام الذات .
4- من الناحية الاجتماعية والأخلاقية طفل الشارع قد يفقد العلاقات الاجتماعية ، وذلك راجع إلى أنه في العادة يتعامل مع أشخاص هم أكبر سناً منه ، وبالتالي علاقته مع أقرانه تذهب .
أسباب انتشار ظاهرة أطفال الشوارع :
من أهم أسباب الانتشار لهذه الظاهرة نذكر ما يلي :
1- الفقر :
والذي يجعل الأسر تدفع بأبنائها إلى ممارسة أعمال التسول والتجارة من بعض السلع الهامشية مما يعرضهم لانحرافات ومخاطر الشارع .
2- الأوضاع الأسرية :
تلعب الظروف الأسرية دوراً أساساً في انتشار ظاهرة أطفال الشوارع تلك العوامل هي :
- تفكك الأسر كالطلاق أو الهجر أو وفاة أحد الوالدين .
- كبر حجم الأسرة عن الحد الذي يعجز فيه الآباء عن توجيههم وتلبية احتياجاتهم .
- ارتفاع كثافة المنزل إلى درجة نوم الأبناء مع الوالدين في حجرة واحدة .
- الخلافات والمشاحنات المستمرة بين الزوجين .
3- الطلاق :
- أطفال يعيشون في البيت والشارع .
- أطفال يعملون في الشارع ويحصلون علي دخل لا بأس به .
- أطفال يستغلون وخاصة الاستغلال الجسدي وقسوة الوالدين علي الأبناء يدفعهم إلى الهروب من المنزل والانضمام إلى أصدقاء السوء .
4- العوامل المجتمعية :
- نمو انتشار التجمعات العشوائية التي تمثل البؤر الأولي والأساسية المستقبلية لأطفال الشوارع .
- التسرب من التعليم ودفع الأطفال إلى سوق العمل والشارع .
- قلة مدارس التعليم الإلزامي ونقص الأندية والأبنية فيلجأ الطفل إلى الشارع .
- تفاقم حدة مشكلة الإسكان وعدم توفر المسكن الصحي وعدم تناسب السكن مع حجم الأسرة .
- ارتفاع نسبة البطالة بين أرباب الأسر التي تدفع بأطفالها إلى الخروج للشارع ، بعد ترك المدارس والتعليم يسعون للحصول علي رزقهم ومساعدة آبائهم .
ظاهرة أطفال الشوارع وتطورها :
وضعت مشكلة أطفال الشوارع علي نطاق واسع محلياً وحتى دوليا وذلك في إطار موضوع الفئات الصعبة المحرومة أو ذات الظروف الصعبة ، المقصود بها الفئات التي لا تحصل علي نصيب عادل من عائد عمليات التنمية أو أن الأخيرة لا توجد بالأساس لإشباع احتياجاتها الأساسية والأخطر تلك التي تعجز عن الرزق أو الحصول علي حاجياتها أي التي ليس لها القدرة علي الحصول علي حقوقها أو ممتلكاتها وعادة ما تتعرض لهذا الحرمان الفئات المستضعفة في المجتمع خاصة الأطفال وهم الأكثر تعرضاً لعدم إشباع حاجياتهم وذلك نظراً لانخفاض مستوي الرعاية المادية أو المعنوية من طرف الأسرة أو المجتمع .
وإذا ما دققنا الملاحظة فنجد أغلبهم لقطاء أو معاقين أو ضعاف العقول ، وكذا بالنسبة للأطفال الفقراء والعاملين والجانحين وأولاد الشوارع الذين يدفعهم الآباء إلى طلب الرزق في الأسواق العشوائية والطرقات نظراً لعجزهم عن توفير ما هو واجب عليهم أمام أبنائهم .
لقد تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بقضية الطفل واعتبرت من القضايا القومية الحضرية المساهمة في المستقبل ، هذا الذي ينعكس لنا من خلال البرامج التي تسطرها الدولة وأحسن دليل علي ذلك توفير التعليم بمجمل مستلزماته مجاناً وتحفيز الآباء كمنطلق أو علي تعليم أبنائهم ووضع ذلك من ضمن الواجبات اللازمة عليهم .
وينعكس ذلك أيضاً علي تطوير مناهج التعليم وتطوير المدارس ببنائها وفقاً لنماذج متطورة وإدخال عدة إحداثيات مرافقة للتطوير والعصرنة ، ومن جهة أخرى تنظر لهم حقوق الطفل في الحياة هو حق الرعاية الصحية والتي توفرها الدولة مجاناً أيضاً بإنشاء أقسام برعاية الأمومة والطفولة في جميع المراكز الصحية الخاصة بالدولة .
لكن ورغم كل هذه الجهود تبقي هذه الفئة تعاني من ارتفاع نسبة من يعيشون الظروف ويتعرضون الحرمان سواء الجزئي أو حتى الكلي ويتعرضون للعديد من الأوضاع المستغلة داخل المجتمع .
وغالباً ما يرجع ذلك إلى الاهتمام بقضايا واحتياجات الطفولة مازالت تحتل مكان الصدارة في خطط التنمية العامة فهذه الأخيرة ليست مجرد مشروعات اجتماعية او اقتصادية أي أنها لم تبدأ من الخطوات الأولي أي الأسرة فهي أولم مؤسسة تربوية اجتماعية يتعرف عليها الطفل في أول مراحل حياته أي أن المشكل يكمن في البدء .
وسنتعرض لهذه الظاهرة وتطورها علي الصعيد العالمي والعربي فيما يلي :
1- ظاهرة أطفال الشوارع علي المستوي العالمي :
لا يوجد تقدير دقيق لأطفال الشوارع ، وقد اختلفت التقديرات وتباينت ولكن الذي يلاحظ الظاهرة عن كثب يجد أن هناك نمواً مذهلاً في العدد والانتشار ، حيث أوضح " سامي عصر ، 1999 " أن التقدرات عام 1987 ذركت أن عدد أطفال الشوارع ييبلغ 30 مليون طفل علي الصعيد العالمي , وجاءت تقديرات 1995 لتعلن أن العدد يزيد عن 30 مليون طفل موزعين حسب النسب التالية :
20% في الدول المتقدمة ، 40% في أمريكا اللاتينية ، 30% في آسيا ، 10% في إفريقيا ، وهناك تقديرات تجازوت هذه الأرقام فذكرت أن أمريكا اللاتينية وحدها 50% مليون طفل شارع بينهم 30 مليون بالبرازيل .
ومن حيث التحقيق الميداني الذي أنجزته " برينك . 2002 " فإن هؤلاء الاطفال خاصة الموزعين منهم في شرواع البرازيل والهند والفلبين يعانون من العمالة والاستغلال بشكل رهيب ومن مختلف المخاطر الجسدية ( سواء التغذية ، المرض ... ) وأشكال العنف والاعتداءات إضافة إلى الاضطرابات النفسية والاجتماعية ( الحرمان ، انعدام الترفيه ) .
ويتوزع هذا العدد بين أمريكا اللاتينية وإفريقيا وباقي العالم ومما يؤسف له حسب ما ذكرت " لورابوباك ، 1996 " أن التقارير الدولة أشارت إلى نسبة النصف من أطفال الشوارع علي الأقل معرضون للاستغلال الجنسي وتعاطي المخدرات وأن شبكات الدعارة العالمية تنقل الأطفال من أمريكا اللاتينية وآسيا شمال أوروبا .
2- ظاهرة أطفال الشوارع علي مستوي العالم العربي :
وعلى الرغم من وجود أدلة تشير إلى وجود ظاهرة أطفال الشوارع في خلال فترات سابقة إلا أن مصطلح أطفال الشوارع يعد أحد المصطلحات حديثة التناول علي الساحة العربية .
ويرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب المختلفة ، وأهمها ندرة استخدام المصطلح علي المستوي الأكاديمي العربي وبالتالي ندرة الدراسات والبحوث السابقة في هذا المجال والاعتماد علي مجموعة من المصطلحات ( قانونية الطبع ) مثل الأحداث المشردين والأحداث المنحرفين ، والأحداث الجانحين وحالات التعرض للانحراف .
ومن جهة أخرى يصعب الضبط الكمي للظاهرة ، بحيث أوضح المجلس العربي للطفولة والتنمية 2000 أن المشكلة في سوريا ما تزال حديثة ولا تشكل ظاهرة ، حيث قدر 277 طفل مشرد عولج وضعهم علي مستوي دور الرعاية الاجتماعية ، وهو نفس الوضع نجده في الأردن .
في حين برزت الظاهرة في اليمن خلال العقود الثلاثة الأخيرة . إذا حدد عدد الأطفال المتسولين والمتشردين في صنعاء 7000 طفل . بينما انتشرت الظاهرة في مصر بشكل مذهل خاصة في المدن الكبري .
أكدت الدراسات الميدانية التي تناولت بالدراسة ظاهرة أطفال الشوارع سواء في المغرب أو باقي دول العالم الثالث أن غالبيتهم إما أميين أو انقطعوا عن الدراسة سن مبكرة . ففي الدراسة التي قامت بها الجمعية المغربية لمساعدة الطفولة في وضعية هشة بمدينات الرباط .
توصلت إلى أن أعمارهم تتراوح بين 11 و 12 سنة وأن 46% منهم لم يسبق لهم أن دخلو المدرسة وأن 54% تركوا المدرسة في السنوات الأولي من الدراسة ، بحيث لم يتعدوا مستوي الثالثة ابتدائي .
وتبلغ الظاهرة ذروتها في جمهورية مصر العربية ، حيث قدر " أحمد صديق . 1995 " أن عدد أطفال الشوارع في مصر 93500 طفل وأنه من بين هؤلاء يوجد 31.5 ألف من الذكور و62 ألفاً من الإناث .
وارتفعت أعداد هؤلاء الأطفال حسب الكثير من التقديرات التي تفيد بزيادة الأعداد في العقود الثلاثة الأخيرة وأن الظاهرة تعدت القاهرة الاسكندرية إلى المدن الأخرى في الدلتا والصعيد ، وأن محافظة أسيوط بصفة خاصة بها 3000 طفل ، وذلك وفق تقرير ميداني .
وأضافت " سامية شوشان 2010 " أنه جاء في تقرير أعدته منظمة اليونيسيف أن 60% من أطفال الشوارع يوجدون في شوارع الدقي ، والجيزة قادمون من محافظات خارج القاهرة ، وبعض هؤلاء الأطفال يبيعون في الشارع .
المخاطر التي يتعرض لها أطفال الشوارع :
ظاهرة أطفال الشوارع خطيرة وتترك آثاراً علي شخص الطفل والمجتمع ، إن إبقاء الطفل بعيدا عن أسرته وخروجه للشارع يعرضه لعواقف وخيمة تتمثل في :
(1) التسرب وعدم الالتحاق بالتعليم .
مما لاشك فيه أن من أكثر الآثار وضوحاً التي تقع علي هؤلاء الأطفال باختلاف أنماطهم هي حصرهم في مجال الأمية أو التعليم المنخفض ، فعادة ما يفتقد هؤلاء الأطفال الرعاية الأسرية المشجعة للاستمرار في التعليم ، وبذلك يحكم عليهم بالحرمان من حقهم الأساسي في التعليم والرقي في المستوي الاجتماعي والاقتصادي علي المدى البعيد .
(2) الفقر والمكانة المهنية المنخفضة :
غالباً ما ينتمي هؤلاء إلى أسر الفئة الاقتصادية المهنية المنخفضة ، حيث عادة ما يورثون الفقر والمهنة التي نشأوا عليها في أسرهم ، وبذلك يصبح مجالهم في الترقي الاقتصادي والاجتماعي ضعيف ، وينحصر طموحهم في حدود متدنية .
(3) الإصابة بالأمراض العضوية والنفسية :
أطفال الشوارع يتعرضون للعديد من الأمراض مما يجعلهم يعيشون آلام مستمرة دون علاج حتى يصلوا إلى الموت ... وتتلخص هذه الأمراض في التالي :
1- التسمم الغذائي :
يحدث نتيجة تناول أطعمة فاسدة انتهت مدة صلاحيتها ويجمعها هؤلاء الأطفال من صناديق القمامة .
2- الجرب :
يصيب معظم أطفال الشوارع لعدم استحمامهم ، وتواجدهم في أماكن قذرة بها العديد من المواد الملوثة .
3- التيفويد :
يحدث نتيجة تناول خضراوات غير نظيفة يجمعها الأطفال أو يحصلونع عليها من القمامة .
4- الأنيميا :
عادة ما يأكل هؤلاء الأطفال وجبات غير كاملة وتفتقر إلى البروتينات والفيتامينات .
5- السعال :
نظراً لعدم توفر ملبس أو أغطية كافية أثناء البرد أو لتدخينهم السجائر .
6- تقيحات الجروح :
كثيراً ما يتعرض أطفال الشوارع إلى إصابة بالجروح نتيجة القفزة من الأماكن المرتفعة كالأسوار من أجل السرقة أو الهروب من الشرطة ، أثناء جمعهم للحديد وبقايا القمامة لإعادة بيعها .
7- مخاطر الطريق :
يتعرض هؤلاء الأطفال إلى حوادث الطرقات المستمرة مما يتسبب لهم في إعاقات .
8- الانحرافات الجنسية :
أخطر ما يتعرض له أطفال الشوارع هو الاستغلال الجنسي سواء العصابات أو الأفراد المستغلين وصغر سنهم ، وعدم قدتهم علي مواجهة الإساءة الجنسية .
وأهم الصور التي تأخذها الانحرافات الجنسية ، ما يلي :
* البغاء : قد تلجأ الفتاة إلى البغاء انتقاماً من الرجال ، أو لأنها مجردة من كل شئ وقد تلجأ إلى ذلك ايضاً بعد تعرضها لعملية اغتصاب ، وتتبرأ منها الأسرة وتجد نفسها دون مأوي ، وأخيراً تهرب من العقاب والعار .
* الجنسية المثلية : تعتبر جنوح جنسي ، فكثير من الشبان يبيعون محاسنهم إلى الراشدين لكسب المال .
تؤدى الممارسات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال إلى العديد من المخاطر الصحية كالإصابة بنقص المناعة المكتسبة ( السيد ) والأمراض التناسلية وحالات الحمل غير الشرعي . كما يستفيد من استخدام هؤلاء الأطفال المجرمون في تجارة الجنس بتنظيم عصابات تستغلهم .
9- الجنوح والجريمة :
- الجنوح :
قام كل من " هيلي وبرونر " بتصنيف بواعث الجنوح عند أطفال الشوارع فنجد أنه إما محاولة لتحقيق إشباع أو تعويض بديل بارتكاب المغامرات والشغب ، وإما محاولة لتقوية الأنا التي جرحت ، وتؤدى مشاعر الدونية أو عدم الكفاءة إلى الانضمام إلى الجماعات المنحرفة ، أو بأن يقوم الطفل لوحده البرهنة لنفسه علي شجاعته وقيمته ، وإما محاولة لتحقيق الإشباع بالانتقام عن وعي أو عن غير وعي .
أو ربما كان محاولة تدفعها رغبة خفية لعقاب الأبوين بإتباع سلوك يؤذيهما ، وينغص حياتهما ، وإما محاولة لإرضاء وتضخيم ذاته بإتباع سلوك معادٍ للمجتمع .
- الجريمة :
الجريمة تأخذ عدة أشكال منها :
* السرقة : تكون السرقة فردية أو جماعية ، ونجد أيضاً السرقة تحت تأثير سيادة أو تأثير الراشدين ، وللسرقة معاني حسب ظروف السارق وشخصيته .
وهناك سرقة التعويضية ناتجة عن الحرمان العاطفي فيسرق الطفل أو المراهق لتهدئة شعوره بالقلق أو شعور بالوحدة .
وهناك سرقة الحاجة فأطفال الشوارع يعيشون في حالة فقر لا تطالق فيسرقون ليقتاتوا وليلبسوا ويتخلي الطفل عن هذا السلوك عندما يجل عمل .
* القتل : جرائم القتل نادرة عند الأطفال قبل 13 سنة لكنها تكثر عند الفئة ما بين 16-20 سنة وترجع أسبابها إلى الانفعال المفرط في حالة الغضب الشديد .
كثير من الأطفال المراهقين يقومون بجرائم القتل ضد زملائهم في الشارع ، كي يشعر بكامل السلطة دون أن يراعي النتائج لأن مرحلة المراهقة تمتاز بالتوتر الذي يعطي طابع حقيقي للخيال والأوهام خاصة إذا كان طفل تحت تأثير أفلام العنف .
* تعاطي المخدرات والإدمان : تمثل جنوحاً موجهاً نحو الذات ، إن تعاطي المخدرات اضطراب خاص بالمراهقين يستدعي المساعدة والعلاج دون عقاء والشئ الخيف هو أن عدد كبير من أطفال الشوارع إن لم نقل كلهم يستخدمون عدداً من المحاليل واللصاق " غراء " واستنشاق دخانها ، وأكبل حبر بقي في المدخنة مدة طويلة إضافة إلى الأنواع المعروفة الأخري من المخدرات التي يتحصلون عليها بشتي الطرق .
* التعرض لخبرات قضائية مع القانون : الأطفال الذين تعثر عليه الشرطة يتم سؤالهم عن هويتهم ومقر سكناهم ، إذا كانوا بدون مأوي يتم إرسالهم إلى مراكز الرعاية ، ويحولون إلى قاضي الأحداث للبحث في أمرهم .
* الانتماء إلى عصابات منظمة : ثبت أن أطفال الشوارع يتبعون وينتمون إلى عصابات المنظمة المتخصصة في التسول والتهريب .
أهم وسائل علاج ظاهرة أطفال الشوارع :
يتحتم علي المسؤولين والمهتمين بعلاج هذه الظاهرة والتعامل معها بإتباع العديد من الطرق والأساليب الخاصة والتي من شأنها أن تؤتي ثمارها في علاج ظاهرة أطفال الشوارع .
ومن هذه الأساليب والوسائل ما يأتي :
1- توفير نظام اجتماعي يهتم بتفعيل آلية لرصد أطفال الشوارع المعرضين للخطر وضبطهم .
2- إنشاء مؤسسات اجتماعية ، تهتم بالتدخل المبكر لحماية الأطفال وأسرتهم من أنواع العنف والاستغلال المختلفة ، ومن الضروري أيضاً التدخل لحماية ضحايا الأسر المفككة ، والأطفال العاملين في بيئات ضارة وغير آمنة ومن سن مبكرة .
3- تطوير براماج مكافحة الفقر ، وزيادة أعداد مكاتب الاستشارات الأسرية ، وتفعيل دورها وتحسينها .
4- انتشار مراكز مهمتها تأهيل أطفال الشوارع نفسياً ومهنياً .
5- تفعيل دور الإعلام بوسائله المختلفة ، لزيادة وعي المجتمع وتحريك الرأي العام حول هذه الظاهرة وأهمية مكافحتها .
6- إنشاء أماكن رعاية خاصة بهم ، فمن المهم أن يتم توفير هذه الأماكن لتلبية احتياجاتهم الأساسية .
7- تعيين أخصائيين اجتماعيين للعناية بهم ومناقشة مشاكلهم وحلها .
8- دمج أطفال الشوارع مع غيرهم من أبناء المجتمع حتى لا يشعروا كأنهم مهمشين مع ضرورة نشر الوعي في المدارس بمصير أطفال الشوارع حتى لا يفكر أحد من الطلبة في الهروب من منزله وترك أسرته .
مراجع البحث :
بركو مزوز . ( 2014 ) . القيم وأساليب التربية الوالدية . القاهرة ، مصر : دار جوانا للنشر والتوزيع .
موسي أحمد . ( 2009 ) . أطفال الشوارع المشكلة وطرق العلاج . مصر : مكتبة المصرية .
صويلح ليليا . ( د.س.ن ) . أطفال الشوارع " رؤية إيجابية تأهيلية بنزعة شمولية تشاركية للتعامل مع الظاهرة " .
رفاعي عادل . ( 2013 ) . الخدمة الاجتماعية في مجال التأهيل ورعاية أطفال الشوارع . مصر : دار الفكر العربي .
باشا محمد فاروق . ( د.س.ن ) . التأمينات الاجتماعية ونظامها في المملكة العربية السعودية . المملكة العربية السعودية : معهد الإدارة العامة .
تمر ، عصام توفيق صحر ، فتحي مبروك . ( 2009 ) . الرعاية الاجتماعية للأسرة والطفولة . مصر : المكتبة العربية للنشر والتوزيع .
علي عبد الحميد محمد . ( 2009 ) . العنف ضد أطفال . د.ب.ن : مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع .
بلشواش مختارية . ( 2011-2012 ) . ظاهرة أطفال الشوارع وانعكاساتها علي المجتمع - دراسة ميدانية لعينة من الأطفال بمركز التكافل وإعادة التبيرة الأبيار - رسالة مجاستير . الجزائر : جامعة الجزائر .
قويدر أمينة ، فتحية كركرش . ( جويلية ، 2018 ) . أطفال الشوارع في الوطن العربي " التشخيص وسبل التدخل " . مجلة آفاق علم اجتماع ( 15 ) .
ربيعة ، لشطر . ( 2008-2009 ) . التصورات الاجتماعية لأطفال الشوارع مدينة عنابة نموذجاً رسالة ماجستير ، قالمة ، الجزائر جامعة 20 أوت 1955 .
تعليقات