U3F1ZWV6ZTIzNTU5OTQyOTc0Njc4X0ZyZWUxNDg2MzY0OTI3Njg4Ng==

تطور ونشأة التأمين التكافلي

تطور التأمين التكافلي
نشأة وتطور التأمين التكافلي 

تطور ونشأة التأمين التكافلي :

شهد التأمين التكافلي نمواً وانتشاراً واسعاً وتوسع مفهومه في الدائرة الاقتصادية التأمينية ، الأمر الذي قدم دعماً استراتيجياً لنمو المنظومة الاقتصادية الإسلامية واتساع نطاق أعماله في بيئة أقل مخاطر وأكثر أماناً ، وفيما يلي نتعرض لتطور ونشأة التأمين التكافلي : 

تطور التأمين التكافلي : 

تطور التأمين التكافلي منذ بروز فكرة التعاون بين الأفراد والجماعات والقبائل ، وهذا يعود إلى أن الحياة لا تخلو من الكوارث الطبيعية التي تواجه الإنسان وعلي مر الأيام ، لذا يحاول الإنسان بطبيعته تخفيف المخاطر ومجابهتها بشتي الطرق ، فنجد المرء قديما تدخر ماله وطعامه من أجل المستقبل ، وقد يلجأ الإنسان أو الفرد إلى الغير من أجل طلب الحماية والأمان ، وهو مطلب مهم في كل الأزمنة والأمكنة . 

ويري بعض الباحثين ، أن فكرة التأمين قد بدأ تعاونياً ، دون النظر إلى عنصر الطمح والجشع والاستغلال ، وإنما هي فكرة في أساسها تقوم علي التعاون والتعاضد وترميم المخاطر ، وتخفيف أعبائها التي تصيب الفرد أو العائلة أو المجتمع ، وكانت الفكرة أو الصورة في بداية الأمر ، بسيطة بين أفراد أو قبائل أو مجموعة من الأفراد المعرضين لمخاطر مشتركة ومتشابهة نتيجة لكوارث طبيعية أو اجتماعية أو اقتصادية ، وتطورت بتطور الحياة والأفراد ، والحضارات المدنية ، ثم تغيرت وتبدلت بحسب العصور والأمكنة ، وصارت من العرف والعادات ، ولكن يبقى أصل الفكرة من وراء إيجاد التأمين في البحث عن الأمان . 

ويري محمد بن أحمد بن صالح ، أن فكرة التأمين التكافلي تعود إلى حكم أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ، فقد كان يعطي الناس من بيت مال المسلمين وهو عبارة عن خزينة الدولة . 

وكان الهندوس والبابليون والفينيقيون واليونان والرومان عرفوا طريقة القرض البحري ، وكان ذلك قبل 3000 سنة من الميلاد ، ولقد وجد في لندن ما بين عام ( 827-1015م ) جمعيات تقوم بتعويض السيد الذي يفقد خادمه وايضا تعويش الأموال المسروقة . 

وعمت هذه الفكرة منطقة الدول العربية والإفريقية ثم انتقلت إلى الدول الأوروبية في القرن الثاني عشر ، ويشير بعض المؤرخين أنها كانت في القرن الثالث عشر والبعض الآخر أنها كانت في القرن الرابع عشر عن طريق القرض البحري ، وانتشار التجارة البحرية بين مدن إيطاليا والمدن الواقعة في حوض البحر الأبيض المتوسط ، والمقصود بالقرض البحري ، ما يصير عنه الإقراض بضمان السفينة ودفع أجور ملاحيها . 

ويحصل بمقتضاه صاحب الشحنة تعويضاً إذا غرقت السفينة أو أصابها أي كارثة ، أما إذا وصلت سالمة فإنه يلتزم برد المبلغ الذي اقترضه مع فائدة المقرض الذي تحمل هذه المخاطر ، ويعتبر المقرض في منزلة المؤمن ومبلغ القرض بمنزلة التأمين . 

ولقد كانت المدن الشمالية بإيطاليا والمعرفة باسم " اللومبارد " ومنها " فلورانس " و " جنوا " مركزاً هاماً للتجارة ، ومع حدوث الحروف والغزوات اضطر التجار إلى النزوج مع عائلاتهم من " اللومبارد " إلى فرنسا وبلجيكا وانجلترا ونقلوا معهم فكرة التأمين ، ومعظم هذه العوائل التي نزحت إلى فرنسا وانجلترا كانوا من اليهود الذين اشتهروا بمعاملاتهم الربوية ، وكونوا من ذلك ثروات ضخمة ، وسمي شارع باسمهم ، ولا يزال حتى الآن في لندن ، وهو شارع اللومبارد . 

وفي نفس الوقت كان تجار آخرون يمارسون نفس الدور ، ومنهم الألمان ، فابتدعوا فكرة التأمين البحري ، ولكن لم تسن أي قوانين قبل عام 1602م ، اذ في ذلك العام بدأ الاهتمام بالتأمين ، واعترفت به القوانين الانجليزية ، ثم كثرت عقود التأمين البحري ، وتفرغ لها بعض التجار ، وكانت التعاقدات تعقد في مقهي يملكه " ادوارد لويدز " ، وهو نواة مؤسسة لويدز ، أشهر مؤسسات التأمين في عصرنا الحاضر . 

ثم ظهر بعذ ذلك التأمين البري ، وكانت أولي صوره ما حدث في القرن السابع عشر ، عندما شب حريق في لندن سنة 1666م والذي استدعي تأسيس التأمين علي الممتلكات ثم انتقلت الفكرة إلى بلاد أخرى في ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية . 

بعد عصر النهضة في أوروبا وظهور الاختراعات مثل البخار توسع العمل التجاري ، والتبادل بين الأمم والشعوب بنطاق أوسع وأشمل وأكبر عما كان عليه في الوقت السابق ، فأصبح هناك معامل تنتج السلع ومبالغ ضخمة تصرف في إنشاء المصانع وازداد النشاط التجاري " السوكرة " ، ثم انتقل إلى الديار الإسلامية ، ورغم توسع وانتشار التأمين التجاري علي نطاق واسع في الغرب إلا أن هناك جمعيات تعاونية متعددة تباشر فكرة التأمين التكافلي ، وأيضاً في سويسرا وانجلترا وغيرها من بلدان أوروبا . 

ولقد أوصي المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بمدينة بلنسية بشرق أسبانيا مسلمي أوروبا بإنشاء شركات ومؤسسات مالية في مجال التأمين التكافلي ، وذلك عن طريق الاتصال بشركات التأمين الموجودة في الغرب للاتفاق معها علي إزالة المحظورات الشرعية . 

نشأة التأمين التكافلي : 

إن سبب نشأة شركات التأمين التكافلي يعود إلى نزوح شركات التأمين التجاري من الغرب إلى البلدان الإسلامية التي تقوم علي مبدأ الربح والطمع والجشع ، واستغلال الموارد الإنسانية والطاقات البشرية ، وتزيين مبدأ التعاون والتكافل في مواجهة الأخطار والمصائب التي تحل علي المسلم والمجتمع ، وغيرها من الدعايات البراقة التي اجتاحت بعض الدول الإسلامية لتحقيق غرضهم المادي والذي يقوم علي تجميع رؤوس الأموال لفئة قليلة من الناس فأخذ الفقهاء والباحثون بدراسة التأمين التجاري ، فعقدت الندوات والمؤتمرات ، واستقر الأمر علي تحريم التأمين التجاري مع إيجاد البديل الشرعي ، وهو شرعية التأمين التكافلي . 

ولقد تقدم الاستاذ محب الدين الخطيب - رحمه الله - عام 1934 باقتراح لذوي الصنعة الواحدة وأهل حرفة واحدة ، كالناشرين وأصحاب المكتبات ، بتكوين لجنة خاصة فيما بينهم من أهل الثقة والأمانة ، تقوم بجمع الأموال التي تدفع لشركات التأمين تحت صندون واحد ، يتعاونون ويتكاتفون علي مجابهة المصائب والمخاطر التي تصيبهم من الحرائق ونحوه . ثم تلاه مشروع وزارة الأوقاف المصية عام 1954 بإنشاء صندوق تأمين علي العمارات التابعة لها ، يكون شخصية معنوية . 

وتعتبر هذه الخطوتان العمليتان بداية في التطبيق الفعلي للنظريات والدراسات والحملات التي قامت ضد التأمين التجاري ، وتعتبر أيضاً خطوات إيجابية نحو تحقيق هدف التأمين والذي من أجله تبني معظم الكتاب والفقهاء إيجاد البديل الشرعي للتأمين التجاري . 

وقد دفع ذلك إلى تطوير فكرة إنشاء شركة التأمين التكافلي والارتقاء بها إلى مستوي شركات التأمين التجاري من حيث التنظيم والإدارة إن لم يكن قد تفوقت عليها ملبية حاجة الأفراد والشركات والمجتمع إلى التأمين التكافلي ليكون بديلاً عن المحرم . 

وكان الدافع أيضاً إلى ظهور شركات التأمين التكافلي الإسلامي الازدياد الواضح لعدد المشتركين في التأمين التكافلي الذي فاق الآلاف ، فلا يمكن لجميعة التأمين التكافلي أن تقوم بتنظيم وترتيب وإدارة هذا الكم الهائل من المستأمنين والمشتركين لنظام التعاون ، لذلك استدعي الأمر وجود هيئة أو جهة تقوم بإدارة التأمين التكافلي بصفة الوكالة ، وهذه الجهة تمثل شركة التأمين التكافلي . 

ولعل أقدم شركة تعمل في مجال التأمين التكافلي الإسلامي شركة التأمين الإسلامية السودانية أولي شركات التأمين الإسلامي في حيز الوجود ، وكان ذلك في عام 1399هـ الموافق 1979 في الخرطوم ، واعتبرت هذه الفترة نقلة كبيرة وحقيقية للفكر الاقتصادي الإسلامي من المجال النظري إلى المجال التطبيقي والعملي ، وذلك من خلال المباحثات وتداول الآراء في المجامع الفقهية والندوات العلمية والمؤتمرات العالمية حول شرعية التأمين التجاري ، مما استدعي إلى غيجاد البديل الشرعي له ، وذلك بإنشاء شركات إسلامية تقوم مقام التأمين التجاري . 

ولقد كان للمصارف الإسلامية دور هام وبارز علي صعيد العالم الإسلامي ، والتي تبنت فكرة إنشاء شركات للتأمين التكافلي أو الإسلامي ، وقد كان لبنك فيصل الإسلامي السوداني السبق والدور الفعال والرائد في دعم شركة التأمين الإسلامية بالسودان ، مما فتح مجالاً أكبر لبنوك إسلامية أخرى لدعم مسيرة الشركات الإسلامية للتأمين نحو التقدم والتطور . 

وتعتبر المؤسسات الإسلامية العاملة في السوق التأميني اليوم في الحقيقة شركات التأمين التكافلي الربحي ، ولقد ظهرت وانتشرت في البلاد الإسلامية بفعل العوامل التي ذكرناها . 

فهي إلى حد ما تشبه شركات التأمين التجاري من حيث وجود أصحاب رؤوس أموال وهم حملة الأسهم ، ووجود عنصر الالتزام بالتعويض أو التغطية لمخاطر ، بالإضافة إلى ذلك تسعي شركات التأمين التكافلي إلى البرح من خلال الاستثمارات والحصول علي نسبة من الفائض التأميني ، وإجراء الوكالة والذي يزيد مع ازدياد المشتركين . 

غير أن الفروق بين شركات التأمين التكافلي وشركات التأمين التجاري فالأولي تقوم بتوزيع الفائض التأميني علي المشتركين بخلاف الثانية فإن الفائض التأميني ينحصر في ملاك الشركة أو أصحاب رؤوس الأموال ، ومن جهة أخرى فالأولي تقوم باستثمار أموال التأمين في طرق مشروعة والثانية تستثمر أموالها غالباً في سندات الديون الربوية ، والفرق الأخير نجد شركات التأمين التكافلي تقوم علي مبدأ التبرع بين المشتركين ، وهذا بدوره يحدد العلاقة بين الشركة والمشتركين والثانية تقوم علي مبدأ الربح . 

ويبلغ عدد شركات التأمين التكافلي أو شركات التكافل في العالم حوالي سبعة وسبعة شركة إسلامية موزعة في ثلاث عشرون دولة ، ويبلغ عدد شركات إعادة التأمين التكافلي أو شركات إعادة التكافل في العالم ثماني شركات موزعة في سبع دول . 

وهذه قائمة بأشهر شركات التأمين الإسلامية وأسبقها تأسيساً : 

1- شركة التأمين الإسلامية السودانية ، أنشئت عام 1979م ، في الخرطوم من قبل بنك فيصل الإسلامي بالسودان . 

2- الشركة الإسلامية العربية للتأمين ( إياك ) ، أنشئت سنة 1399هـ - 1979م في دبي من قبل بنك دبي الإسلامي . 

3- شركة التكافل الإسلامية بالبحرين ، أنشئت عام 1983م . 

4- شركة التكافل الإسلامية بلكسمبورغ ( luxembourg )، أنشئت عام 1983م . 

5- الشركة الوطنية للتأمين والتكافل ، أنشئت في الرياض في المملكة العربية السعودية سنة 1405هـ - 1985م بموجب مرسوم ملكي ، وهي شركة حكومية بالكامل . 

6- شركة التكافل الماليزية ، أنشئت عام 1984 ، من قبل البنك الإسلامي الماليزي . 

7- الشركة الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين أنشئت سنة 1412هـ - 1992م في البحرين ، وكان لبنك البحرين الإسلامي دور مهم في إنشاءها واستثمار أموالها . 

8- شركة التأمين الإسلامية المساهمة العامة المحدودة ، أنشئت سنة 1416هـ - 1996م في الأردن من قبل البنك الإسلامي الأردني . 

9- شركة التكافل الوطنية بماليزيا ، أنشئت عام 1993 م . 

10- شركة التكافل الأندونيسية ، أنشئت عام 1994م . 

11- شركة التكافل السنغافورية ، أنشئت عام 1995م . 

12- شركة التعاون الإسلامية بقطر ، أنشئت عام 1995م . 

13- مجموعة آسيان للتكافل ، أنشئت عام 1996م . 

14- شركة التكافل ببنك الجزيرة ، أنشئت عام 2001م . 

15- شركة الإخلاص للتكافل بماليزيا ، أنشئت عام 2003م . 

تعليقات